بعد سقوط نظام بشار الأسد، دخلت سوريا مرحلة انتقالية حاسمة تحمل في طياتها تحولات سياسية وإقليمية غير مسبوقة. وشهدت العاصمة السورية دمشق أخيراً حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، تمثل في زيارات متتابعة لمسؤولين عرب وغربيين، في خطوة تعكس اهتمام المجتمع الدولي بمستقبل سوريا واستقرارها. تأتي هذه التحركات ضمن إطار مساعٍ دولية لدعم الإدارة السورية الجديدة، التي تواجه تحديات كبيرة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتوحيد الصفوف عبر تشكيل حكومة شاملة تضم كافة أطياف الشعب، بهدف تحقيق الاستقرار واستعادة الأمن بعد سنوات من الصراع الذي أرهق البلاد.
في حديث خاص لـ "اندبندنت عربية"، تحدث رئيس تحرير مجلة "المجلة"، إبراهيم حميدي، عن "الحراك الدبلوماسي المكثف الذي شهدته دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري. قام العديد من المسؤولين الغربيين والعرب بزيارات هامة، كان من بينهم المستشار في الديوان الملكي السعودي والسفير السعودي المعيّن حديثاً. التقوا جميعاً بأحمد الشرع والهيئة الإدارية الجديدة، في مسعى لدعم الإدارة السورية الجديدة والمساهمة في استعادة الأمن والاستقرار".
وأوضح حميدي أن الهدف من هذه الزيارات هو دعم جهود إعادة بناء الجيش وأجهزة الأمن لتعزيز السيادة السورية ووحدة أراضيها، إضافة إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري.
وأضاف الصحافي السوري: "أغلب الدول أظهرت دعمها للتغيير الذي حدث، مع تفاوت في مستوى وحجم هذا الدعم. بينما سارعت بعض الدول إلى تقديم دعم كامل وفوري، اتخذت دول أخرى مواقف حذرة أو ما زالت في مرحلة الترقب والاستكشاف. وتهدف هذه التحركات إلى تعزيز الاستقرار ليس فقط في سوريا، بل في المنطقة بأكملها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى سلسلة اجتماعات إقليمية هامة شهدتها الفترة الأخيرة، أبرزها اجتماع في العقبة شارك فيه وزراء خارجية دول عربية رئيسية، تبعه لقاء مشترك مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وذكر أن البيان الصادر عن اجتماع العقبة أكد على توافق الدول المشاركة حول نقاط رئيسية، منها دعم التغيير في سوريا، تعزيز الاستقرار، ودعم مسار سياسي بالتعاون مع الأمم المتحدة، إلى جانب تشكيل هيئة حكم أو حكومة جامعة تمثل جميع السوريين.
كما كشف رئيس تحرير مجلة "المجلة" عن اجتماع غير معلن عُقد الخميس الماضي في القاهرة، جمع وزراء خارجية ومسؤولي أجهزة أمن من ست دول عربية إضافة إلى تركيا. كان الهدف من الاجتماع تنسيق الجهود بين هذه الدول، بما في ذلك السعودية ومصر وتركيا، لدعم الإدارة السورية الجديدة وتشجيعها على اتخاذ خطوات عملية تُعزز الاستقرار الداخلي، بما يحقق تطلعات الشعب السوري، ومعالجة قضايا رئيسية مثل مكافحة الإرهاب، وقف التهريب، محاربة تجارة المخدرات، وتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين من الدول المجاورة.
واختتم حميدي حديثه بالإشارة إلى تصريحات أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة، الذي أكد فيها على الانتقال من "عقلية الثورة" إلى "عقلية الدولة". وأوضح الشرع أن الإدارة الجديدة لا تعتزم تصدير الثورة إلى دول أخرى، وأن الثورة السورية حققت أهدافها بإسقاط النظام السابق، وليس لديها أي طموحات خارج حدود سوريا. هذه التصريحات، بحسب حميدي، تبعث برسائل طمأنة إلى دول الجوار وتفتح آفاقاً لتعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا الجديدة والدول الإقليمية، بما فيها الدول العربية ودول الخليج.