Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراما العفو والتمرد... "فلول الأسد" وأنياب سوريا الجديدة

عمليات عسكرية براً وجواً لملاحقة "الشبيحة" واتهامات لإيران بالوقوف خلف مسلسل الفوضى في البلاد

على رغم الهزيمة السريعة للنظام والموقف القوي الذي امتلكته المعارضة، فإن لغة "التسامح" كانت هي الطاغية في البداية (أ ف ب)

ملخص

تنفذ إدارة العمليات العسكرية حملة أمنية في الساحل السوري ووسط البلاد لملاحقة فلول النظام السابق بعد مكامن أوقعت ضحايا، وتمكنت العمليات من القضاء وإلقاء القبض على عدد من الضباط وقادة العصابات، ومن المقرر استمرار الحملة الأمنية لفترة أطول، وسط اتهامات لإيران بالوقوف وراء الفوضى التي حصلت.

أسرع من البرق كان هرب عناصر النظام السوري من قوات إدارة العمليات العسكرية في معركة "ردع العدوان"، وعلى رغم الهزيمة السريعة التي تعرض لها النظام والموقف القوي الذي امتلكته المعارضة السورية، فإن لغة "التسامح" كانت هي الطاغية خلال الأيام التي تزامنت مع العملية وبعدها، خصوصاً تجاه الأقلية العلوية كون بشار الأسد وكبار ضباطه ينتمون إليها، لكن ما حصل هو العكس باستثناء حوادث فردية عُولجت، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.

دراما العفو والتمرد

يرى مراقبون أن لغة العفو الشامل والتسامح المطلق تسببت في نوع من "التمرد" لدى بعض ضباط النظام السابق وبعض زعماء العصابات الذين كانوا متحالفين معه، مثل المدعو شجاع العلي في ريف حمص الغربي.

في الـ25 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري انتشر تسجيل مصور على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه المدعو شجاع يرتدي الزي العسكري ويهدد بحرق المساجد، وتلا ذلك مقتل 14 عنصراً وإصابة 10 آخرين من قوات إدارة العمليات العسكرية، وفق بيان صادر عن وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية.

وجاء في البيان أن الضحايا قتلوا "إثر تعرضهم لمكمن غادر من قبل فلول النظام المجرم بريف محافظة طرطوس، في أثناء أدائهم مهامهم في حفظ الأمن وسلامة الأهالي".

 

بيان وزارة الداخلية حمل أيضاً تهديداً صريحاً بأنها ستضرب "بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بأمن سوريا وحياة أبنائها"، تزامن ذلك مع موجة غضب واسعة انعكست على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ طالب السوريون بشن حملة أمنية لمكافحة فلول النظام السابق، والقبض على المتهمين بارتكاب جرائم حرب في سوريا، والذين يسعون إلى الفوضى على رغم لغة "التسامح" التي تحدثت بها الحكومة الجديدة، كما خرجت تظاهرة في مدينة اللاذقية تنادي بالمطالب نفسها.

ما انتشر على الإنترنت سرعان ما انعكس على أرض الميدان، وعلى وجه التحديد في الساحل السوري ومحافظتي حمص وحماة وسط البلاد، إذ شهدت محافظة اللاذقية تحليقاً للطيران المروحي السوري للمرة الأولى منذ سقوط النظام لملاحقة المتهمين بارتكاب أعمال عنف ضد السوريين خلال الأعوام الماضية.

وفي محافظة حماة شنت قوات إدارة الأمن العام في وزارة الداخلية حملات دهم استهدفت أوكاراً ومعاقل لعناصر من فلول النظام السابق، إذ نشرت وزارة الداخلية عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، صوراً لعمليات دهم أوكار فلول النظام المخلوع في مناطق عدة بمحافظة حماة، وتظهر الصور إلقاء القبض على عدد كبير منهم.

في ظل الحملة التي تجري بمحافظة حمص، تمكنت إدارة العمليات العسكرية من القضاء على المدعو شجاع العلي، الذي يقود عصابة متهمة بخطف مئات السوريين واللبنانيين على الحدود بين البلدين وفي أرياف حمص، إذ استُهدف مع عدد من أفراد عصابته بمنطقة القبو شمال غربي حمص، وحصلت "اندبندنت عربية" على صور تظهر جثة شجاع العلي مع عدد من أفراد عصابته، لكنها تعتذر عن نشرها لما تحويه من مشاهد قاسية.

من هو العلي؟

لم يكن شجاع العلي معروفاً قبل عام 2012، وهو الذي ينحدر من قرية حوش زبالة بريف حمص الشمالي، لكن اسمه انتشر بعد ارتكاب "مجزرة الحولة" الشهيرة في مايو (أيار) 2012. بعدها صدر تقرير عن الأمم المتحدة يروي فيه تفاصيل المجزرة، ويؤكد أن المسؤول عنها عناصر مقربة من النظام و"حزب الله"، ثم تبين لاحقاً أن شجاع العلي شارك شخصياً بهذه المجزرة، بعد ذلك شكل عصابة ممن يعرفون بـ"الشبيحة" تفاوتت أعدادهم خلال الأعوام الماضية من 400 إلى 500 عنصر ينشطون في أرياف حمص وقرب الحدود السورية - اللبنانية، وتربطهم علاقات وثيقة بالفرقة الرابعة في جيش النظام و"الحرس الثوري" الإيراني، ويعتمدون بصورة أساس على تمويل من خلال عمليات النهب والسلب والفدية التي يطلبونها من الأهالي مقابل إطلاق سراح المخطوفين السوريين أو اللبنانيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقرير الأمم المتحدة المتعلق بـ"مجزرة الحولة" أشار إلى مشاركة عناصر من عصابة شجاع العلي من دون تسميتهم، إذ ورد في التقرير أن "مجموعة مسلحة غير نظامية مقربة من الحكومة تعرف بـ’الشبيحة‘، حاصرت منطقة الحولة وارتكبت مجزرة مروعة في حق المدنيين استُخدمت فيها الأسلحة البيضاء والنارية، وراح ضحيتها 109 أشخاص بينهم 49 طفلاً و32 امرأة".

بحسب تقارير إعلامية أميركية فإن شجاع العلي وعصابته اعتادوا أن يطالبوا "بفدية مالية كبيرة مقابل الإفراج عن المختطفين، وصلت في بعض الأحيان إلى 50 ألف دولار، كما مارس ضغوطاً على ذوي المختطفين عبر إرسال مقاطع فيديو توثق تعذيب الضحايا، وتضمنت في بعض الحالات الاعتداء على النساء، وكذلك اختطفت مجموعته المسلحة قبل سقوط النظام نحو 15 سورياً بينهم شباب ينحدرون من السويداء أثناء توجههم من حمص إلى لبنان، كما أنشأ العلي سجناً خاصاً في قريته، إذ كانت تمارس فيه أبشع أنواع التعذيب ضد المعتقلين، ووجهت إليه اتهامات بالضلوع في اغتيال نشطاء ومعارضين خلال الثورة السورية".

 

وبحسب مصادر سورية عسكرية تحدثت لـ"اندبندنت عربية"، فإن "إدارة العمليات العسكرية تمكنت من تطويق شجاع العلي، ومع ذلك عرضت عليه الاستسلام مقابل عدم قتله ومحاكمته قانونياً، لكنه رفض الاستسلام وحاول الهرب فتمكنت القوات المهاجمة من قتله مع عدد من عناصره"، لتنتهي بذلك حقبة طويلة من جرائم الحرب التي ارتكبتها هذه الميليشيات.

وفي حمص أيضاً، أطلقت إدارة العمليات العسكرية عمليات واسعة النطاق لملاحقة فلول النظام السابق، وأوضحت مصادر عسكرية لـ"اندبندنت عربية"، أنه خلال الحملة سقط 12 عنصراً من إدارة العمليات ما بين قتيل وجريح إثر مكمن نفذه فلول النظام. مؤكدة أن "العمليات مستمرة حتى ضبط الأمن وإلقاء القبض على كل من تورط بسفك الدم السوري"، ومشيرة إلى أن "إدارة العمليات العسكرية لن تتوقف حتى تتأكد من أن سوريا آمنة، ولن تسمح بنشر الفوضى".

حدود الدور الإيراني

خلال الأيام الأولى التي تلت سقوط نظام الأسد كان الهدوء سيد الموقف باستثناء أصوات الاحتفالات، لكن بعد مرور أسبوعين بدأت تظهر حوادث اعتداءات ومكامن متفرقة ضد قوات إدارة العمليات العسكرية، ووجه مراقبون اتهامات إلى إيران بالوقوف وراء مخطط لـ"خلق فوضى في سوريا"، مستدلين بتصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي التي تحدثت عن ظهور "مجموعة شريفة في سوريا".

 

في هذا السياق يقول الباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور لـ"اندبندنت عربية"، إن "عملية (ردع العدوان) أنهت ما يسمى الخطر الإستراتيجي لإيران وميليشياتها في سوريا، واليوم لم تعد تشكل تهديداً إستراتيجياً في البلاد، لكن تهديدها لا يزال موجوداً من خلال هذه العناصر الأمنية الموجودة أو التابعة لها، وأعتقد أن الهدف الإيراني من هذه الأفعال يعود إلى أنها فشلت باستعادة علاقات طبيعية مع الحكومة الجديدة في دمشق، لذلك تريد أن تثبت للمجتمع الدولي أن حكومة دمشق الجديدة غير قادرة على ضبط الأمن أو إدارة البلاد بشكل كفء".

ويضيف قدور أن "المسؤولين الإيرانيين يريدون إثبات أن الحكومة الجديدة التي تسلمت سلطة دمشق غير قادرة على أن تكون بديلاً حقيقياً وواقعياً للنظام السابق، من خلال محاولات إغراق سوريا بالفوضى وعدم الاستقرار، لأن هذه هي البيئة الطبيعية التي يمكن للمشروع الإيراني أن ينمو فيها ويتمدد أكثر، إذ إن استقرار سوريا يعني إغلاق الباب أمام أية ميليشيات إيرانية في المنطقة"، وفق تعبيره.

بحسب مصادر لـ"اندبندنت عربية"، فإن العمليات الأمنية لملاحقة فلول النظام ستشمل كل المناطق السورية، ولاحقاً مناطق سيطرة "قسد" بعد حل قضية شمال شرقي سوريا، ومن المقرر إطلاق عملية واسعة النطاق لتمشيط البادية السورية من عناصر تنظيم "داعش"، وهذه الخطوات هي عناوين المرحلة الأمنية التي تنفذها إدارة العمليات العسكرية في البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير