ملخص
تراهن الحكومة الجزائرية على بلوغ 30 في المئة في مجال تدوير النفايات بحلول 2030، لا سيما أن المعدل السنوي للنفايات في البلاد يبلغ 0.68 كيلوغرام لكل فرد في اليوم، وبقيمة تسويقية تفوق 1.5 مليار دولار.
لا تزال النفايات مشكلة تؤرق الشعب والحكومة في الجزائر، على رغم الجهود المبذولة لتجاوز هذا الجدار الذي بات يشوه الشوارع والمحيط ويلوث الهواء والبيئة، فضلاً عن الخسائر التي تسجل بسبب ضعف التدوير، لا سيما أن البلاد تنتج نحو 13 مليون طن سنوياً من النفايات المنزلية وما شابهها.
اهتمام جدي وقانون صارم
تأخذ الجزائر ملف النفايات على محمل الجد بعدما منحته اهتماماً بالغاً ترجمه القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها الذي عرض على البرلمان، إذ ذكرت وزارة البيئة والطاقات المتجددة أن التعديلات ستضع البلاد على المسار الصحيح نحو تسيير مدمج ومتكامل للنفايات، كما أنها ستشجع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال تسيير النفايات واستحداث مناصب عمل، مشددة على أن الأمر لا يتعلق بقانون، بل هو رؤية طموحة تهدف إلى بناء اقتصاد أخضر ودعم الأجيال القادمة بأدوات فعالة تتيح لهم الحفاظ على الصحة العمومية والبيئة.
وجاء في القانون الجديد عدة تعديلات، منها تأسيس الاستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات، والتأسيس كذلك لنظام رقمنة لتسيير النفايات، إضافة إلى إدراج تعاريف جديدة مستمدة من تلك التي كرستها الأمم المتحدة لإدخال المبادئ الأساسية للاقتصاد التدويري للنفايات، إلى جانب إرساء أدوات تخطيط تشمل إعداد مخطط للتسيير المدمج للنفايات المنزلية وما شابهها والنفايات الهامدة.
وأُدخلت المبادئ الأساسية للاقتصاد الدائري في مشروع القانون، لا سيما مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج الذي يلزم كل منتج للنفايات أو حائز لها بضمان أو العمل على ضمان تثمين النفايات، وتقليل الآثار البيئية السلبية، وكذا الخروج من صفة النفاية إلى صفة المادة أو المنتج عند خضوعها لعملية التثمين، ووضع نظام ملائم من قبل المنتجين والموزعين لتحفيز المستهلكين على المساهمة في الجمع الانتقائي للنفايات، كما يشدد على ضرورة مراجعة الأحكام الجزائية والعقوبات وتعزيزها لتكون أكثر ردعاً.
أرقام ورهان
سجلت كمية النفايات المنزلية والمشابهة المنتجة خلال 2023 أكثر من 12 مليون طن، وهو المعدل السنوي في البلاد، أي بمتوسط بلغ 0.68 كيلوغرام لكل فرد في اليوم، وبقيمة تسويقية تفوق 200 مليار دينار جزائري (نحو 1.5 مليار دولار)، فيما أُحصي ما يقارب 20 ألف متعامل اقتصادي ناشطين في مجال النفايات.
وتراهن الحكومة على بلوغ 30 في المئة في مجال تدوير النفايات بحلول 2030، إذ أوضح المفتش المركزي بوزارة البيئة والطاقات المتجددة محمد موالي، أنه بات من الواجب القضاء على المفارغ العشوائية والنقاط السوداء، لافتاً إلى أنه سيجري الانتقال إلى الفرز الانتقائي للنفايات، مما يسمح برفع مستوى الاسترجاع، ورافع لمصلحة الردع ضد كل المتهاونين في مجال النفايات، وقال إن تدوير النفايات أصبح مصدراً للطاقة يسهم في رفع الناتج الداخلي الخام.
التكنولوجيا ضرورية
وفي السياق يرى رئيس جمعية البيئة والطاقات الخضراء أحمد قادري في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أنه بات من الضروري تعزيز استعمال التقنيات الحديثة لاسترجاع وتثمين النفايات الصناعية والمنزلية والزراعية، إضافة إلى تشجيع الاستثمار في إدارة النفايات لما له من دور في خلق الثروة.
ونوه رئيس جمعية البيئة والطاقات الخضراء بأهمية رفع الوعي لدى كل شرائح المجتمع بأهمية استرجاع وتثمين النفايات ودورها في تعزيز الاقتصاد الدائري وتحقيق التنمية المستدامة، وأوضح أن ما تعانيه الجزائر ليس النفايات المنزلية فقط، والتي تشوه المنظر العام، بل الصناعية أصبحت تشكل خطراً كبيراً على البيئة والصحة العمومية، وهو ما يستدعي التحرك الحكومي لمواجهة الوضع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويواصل قادري أنه نظراً إلى الحجم الهائل والمتزايد للنفايات، وشح الأوعية العقارية أصبحت مراكز الردم التقني تشهد تشبعاً يزيد من متاعب الجهات المعنية ويضع المحيط والبيئة والصحة العمومية أمام مفترق الطرق، موضحاً أنه لمواجهة الانتشار الملحوظ للمكبات الفوضوية والمفرغات العشوائية، يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعميم الاقتصاد التدويري الذي يعد أحد أهم الحلول الناجعة.
استراتيجية 2035
إلى ذلك وضعت وزارة البيئة الجزائرية استراتيجية تهدف إلى الانتقال من ردم النفايات إلى تثمينها مع آفاق 2035، إذ تطمح إلى استغلال 30 في المئة من النفايات المنزلية و30 في المئة من النفايات الخاصة، و50 في المئة من الهامدة، إضافة إلى إدماج التكنولوجيا الحديثة والرقمنة، وكذلك تطوير آليات تدوير النفايات من خلال فتح بوابات إلكترونية لرقمنة جمع النفايات القابلة لإعادة التدوير لإيصالها إلى الشركات المتخصصة.
وتعترف الوزارة بأن إدارة النفايات الحالية تواجه عديداً من التحديات والعقبات التي تؤثر سلباً في المواطنين الجزائريين واقتصاد البلاد وبيئتها، قد يزداد هذا الوضع سوءاً في المستقبل إذا لم يُتخذ اتخاذ أي إجراء، لذلك اعتمدت مخططاً بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي يسمح بتطوير إدارة متكاملة للنفايات من أجل المساهمة في تطوير المنطقة الخضراء والاقتصاد الدائري والحد من التلوث البيئي.
وسيسمح المخطط بتخفيض 10 في المئة من النفايات المنزلية وما يماثلها، أي بنحو 6 ملايين طن، وخلق 30 ألف وظيفة مباشرة و70 ألفاً أخرى غير مباشرة، وتشجيع الفرز وإعادة التدوير الانتقائي بصورة تسمح باسترداد قيمته 88 مليار دينار جزائري (651 مليون دولار)، كما سيمكن من تقليل الأخطار الصحية والبيئية للنفايات النهائية مع إغلاق 1300 مكب نفايات غير خاضع للرقابة عام 2024 وحدها، والميزان المالي بين الإيرادات والاستثمارات بمبلغ 122 مليار دينار جزائري (900 مليون دولار).
عقوبات مالية والسجن للمخالفين
وأمام الانتشار "المزعج" للنفايات التي تسببت في تشويه المدن، وفي ظل الجهود المبذولة من خلال عرض قانون تسيير ومعالجة النفايات على البرلمان، تتجه الحكومة إلى تبني خيار الردع من خلال فرض إجراءات مشددة من الضوابط الجزائية ضد المخالفين الذين يرمون النفايات المنزلية أو الصناعية، منها غرامات مالية طائلة تراوح ما بين 20 و80 ألف دينار (150 و600 دولار).
وتصل الجزاءات إلى السجن من ثلاثة أشهر حتى خمس سنوات للأشخاص الذين تثبت عليهم تهم إعادة استعمال مغلفات المواد الكيماوية لتعبئة مواد غذائية مباشرة، وفي حق كل من يقوم بخلط النفايات الخطرة مع النفايات الأخرى، ومن يسلم نفايات خاصة خطرة بغرض معالجتها إلى شخص مستغل لمنشأة غير مرخص لها بمعالجة هذا الصنف من النفايات، وضد كل من يقوم بإيداع النفايات الخاصة الخطرة أو رميها أو طمرها في مواقع غير مخصصة لهذا الغرض.