Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عام 2025 يحل بأمنيات إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية

فوز ترمب بالرئاسة الأميركية يمنح موسكو وكييف تفاؤلاً ببدء مفاوضات وقف إطلاق النار

تتزايد احتمالات التوصل إلى نوع من اتفاق ينهي القتال بين روسيا وأوكرانيا خلال الأشهر المقبلة (أ ف ب)

ملخص

يعد انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة جزءاً من هذا الاتجاه، إذ وعد بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة وتجديد العلاقات مع روسيا، حتى لو كانت مثل هذه الخطوة تتطلب ممارسة ضغوط هائلة على كييف.

اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن كل المشاركين والمراقبين للحرب الروسية مع أوكرانيا غيروا تقييماتهم لنتائجها المحتملة طوال عام 2024 بصورة متكررة، إذ تنبأ بعضهم ذات مرة بانتصار طرف، ثم انتقلوا إلى التنبؤ بانتصار الطرف الآخر، ثم غيروا رأيهم مرة أخرى.

وهذه التقييمات المتغيرة هي نتيجة للتغيرات الكبيرة في فاعلية قوة الطرفين على أرض الميدان والأوضاع الداخلية التي يجد البلدان نفسيهما فيها بسبب الحرب، وكذلك تغير ميزان القوى على الساحة الدولية، ومع اقتراب الحرب من عامها الثالث في فبراير (شباط) عام 2025، تتزايد احتمالات التوصل إلى نوع من اتفاق ينهي القتال خلال الأشهر المقبلة.

الأحلام الإمبراطورية

غير أن المتشائمين يرون أن تطور الحرب عام 2024 يشير بقوة إلى أن التوصل حتى إلى وقف بسيط لإطلاق النار سيكون أمراً بالغ الصعوبة، وبالمثل فإن أي اتفاق يتم التوصل إليه سيكون في أفضل الأحوال هدنة وليس سلاماً، وسيستخدم الجانبان وقف إطلاق النار لإعادة بناء وتوسيع قواتهما، وستفعل روسيا ذلك لأن بوتين يرى أن الحرب في أوكرانيا مجرد جزء من صراعه الأكبر مع الغرب.

أما أوكرانيا، فستتبنى هذه الفكرة، على رغم أن روسيا ستظل تشكل تهديداً وجودياً لسلامة أراضيها وسيادتها ما لم تغير موسكو طموحها الإمبراطوري جذرياً، مما قد لا يحدث في وقت قريب.

وستكون كييف مهتمة بتحقيق هدنة بسبب نقص القوات، وتردد الغرب في قبولها عضواً في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، نظراً إلى التاريخ الكئيب للضمانات الأمنية الغربية التي يعود تاريخها لمذكرة بودابست قبل أكثر من عقدين من الزمن.

من المؤكد أن موسكو وكييف ستحاولان تقديم أي اتفاق عتيد من هذا القبيل باعتباره انتصاراً لهما، مما يضمن "السلام في عصرنا"، ومن المرجح أن يدفع وقف إطلاق النار كثيرين إلى الاعتقاد بأن الصراع انتهى، وهذا الافتراض غير صحيح بالأساس لأن موسكو ستستخدم الهدنة لاختبار عزيمة الغرب، وبالمثل من المؤكد أن كييف ستقضي بعض الوقت في الاستعداد للدفاع ضد الهجمات الروسية المستقبلية، مما يصبح أكثر احتمالاً بسبب خفض المساعدات العسكرية الغربية.

التغيير الأهم عام 2024 كان تراجع مفهوم النصر لدى الجانبين، ويبدو أن بوتين أدرك استحالة الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها وأن الحصول على تنازلات من الغرب في شأن ما سيفعله وما لن يفعله بالنسبة إلى أوكرانيا، بما في ذلك الوعود بعدم تزويد كييف بالأسلحة، أو قبول انضمامها إلى "ناتو" أو تخفيف العقوبات ضد روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا، أصبح الآن أكثر أهمية بالنسبة إلى الكرملين من مجرد الحصول على تنازلات وتحقيق بعض المكاسب الإقليمية.

ومن خلال تحقيق هذه الأهداف، سيظهر بوتين للعالم والشعب الروسي أنه يمتلك القدرة على إجبار الغرب على الاستسلام، وهذا بدوره سيؤثر في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة التي يعتقد بوتين بأنها ينبغي أن تكون جزءاً من مجال النفوذ الروسي، وفي بلدان أبعد من ذلك.

عقدة الأخ الأصغر

عانت أوكرانيا على مر التاريخ عقدة الأخ الأصغر لروسيا، ويعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الآن بأن كييف لن تكون قادرة على إعادة جميع الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ عام 2014 بقوة السلاح وأنها ستحتاج في الوقت نفسه إلى وقت للتعافي من الهجوم الروسي، فقط نوع من الضمانات الأمنية من الغرب وإمكان تعزيز المجمع الدفاعي لأوكرانيا بمساعدة الغرب سيكونان بمثابة انتصار لزيلينسكي في هذه المرحلة.

 

 

إن جودة وسرعة هذه التغييرات لا يمكن التنبؤ بهما، إذ وعدت أوكرانيا بشن هجوم مضاد كبير عام 2024، لكنها لم تفعل سوى التوغل في مقاطعة كورسك الروسية، وبالتزامن مع ذلك، قامت بتوسيع هجماتها بطائرات من دون طيار بصورة جذرية على أهداف في روسيا، لكن دخولها المفاجئ إلى منطقة كورسك الروسية اضطر موسكو إلى حشد كثير من القوات على خط المواجهة لمنع التقدم الأوكراني، واستعادة نحو نصف أراضي منطقة كورسك التي تحتلها أوكرانيا ومواصلة تقدمها في المناطق الأوكرانية، لكن الهجوم الروسي يتحرك ببطء ويتكبد خسائر فادحة، وخلال هذه الأحداث، غيّر كثير من المعلقين في موسكو وكييف والغرب توقعاتهم في ما يتعلق بالتطور المستقبلي للحرب.

الظروف الدولية المتغيرة لها تأثير أكبر في مسار الأحداث، إذ يُعدّ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة جزءاً من هذا الاتجاه، فوعد بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة وتجديد العلاقات مع روسيا، حتى لو كانت مثل هذه الخطوة تتطلب ممارسة ضغوط هائلة على كييف.

وقال ترمب متحدثاً إلى أنصاره في أريزونا في الـ22 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري إن "بوتين يريد عقد لقاء معه حول أوكرانيا"، وفي وقت سابق كشف ترمب عن أن بوتين أعرب عن رغبته في عقد اجتماع معه لمناقشة الحرب في أوكرانيا، وأضاف "لذلك سيتعين علينا انتظار هذا اللقاء مع فلاديمير بوتين، لكننا بحاجة إلى إنهاء هذه الحرب الرهيبة".

وفي أوائل ديسمبر الجاري خلال زيارة إلى باريس، التقى ترمب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وانضم إليهما زيلينسكي أيضاً، ونتيجة لهذه المحادثة الثلاثية، دعا ترمب إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في أوكرانيا.

وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي الخميس الماضي إن الاتحاد الروسي سيواصل عام 2025 تحقيق "جميع أهداف" الحرب ضد أوكرانيا وأن هذه هي "المهمة رقم واحد"، لكنه أعلن أنه "يسعى جاهداً إلى إنهاء الحرب ضد أوكرانيا"، وذكر أن سلوفاكيا يمكن أن تصبح " منصة تفاوض" لأي محادثات مع أوكرانيا.

وصرّح رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي (الدوما) أندريه كارتابولوف بأنه لا يمكن استبعاد انتهاء الصراع الأوكراني عام 2025، مشيراً إلى أن "أي شيء يمكن أن يحدث".

أمن أوكرانيا

وفي الثالث من ديسمبر الجاري، ذكر راديو "ليبرتي" نقلاً عن مسؤول كبير في "ناتو" فضل عدم الكشف عن هويته، أن "فرنسا وبريطانيا تناقشان الخيارات الممكنة لضمان أمن أوكرانيا في حال إجراء مفاوضات سلام مع روسيا، وأحد هذه الخيارات نشر قوات من البلدين على خط الاتصال لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار".

وفي الـ19 من ديسمبر الجاري، أشارت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية كايا كالاس إلى أن المفاوضات المبكرة بين روسيا وأوكرانيا قد تؤدي إلى صفقة سيئة لكييف.

ووفقاً لرئيس أوكرانيا، "يجب القيام بكل شيء لضمان انتهاء الحرب خلال العام المقبل"، مضيفاً أن ذلك يجب أن يحدث عبر الوسائل الدبلوماسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الثلاثاء الماضي أن كبار المسؤولين في أوكرانيا "بدأوا يعتقدون" بأن الحرب يمكن أن تنتهي فعلياً عام 2025، مع تزايد الحديث عن اتفاق سلام بين كييف وموسكو بعد انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت الصحيفة أن الزعيم الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أظهر خلال الأسابيع الأخيرة استعداداً أكبر للمفاوضات لإنهاء الحرب، مما يمثل "تحولاً كبيراً"، وكتبت أن التغيير في خطاب زيلينسكي لاحظه المسؤولون الأوكرانيون والغربيون على حد سواء.

ضمانات أمنية

ووقعت كييف اتفاقات أمنية مع عدد من الدول لتكون بمثابة ضمانات لها تكفل دخولها في مفاوضات توصل إلى حلول وسط توقف إطلاق النار حتى لو لم تؤدِّ إلى سلام دائم، لكن السفير الأميركي السابق لدى روسيا مايكل ماكفول قال لـ"واشنطن بوست" إنها "ليست ملزمة وليست معاهدات".

وبدأت السلطات الأوكرانية، بحسب مصادر في صحيفة "وول ستريت جورنال"، مفاوضات في ديسمبر الجاري لإنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية مع فريق دونالد ترمب.

وتحظى فكرة المفاوضات مع روسيا بقبول أكبر بين السكان، ومقارنة بالعام الماضي، انخفضت نسبة أولئك الذين يعارضون ذلك بصورة قاطعة من نحو الثلث إلى 12 في المئة، وفقاً لدراسة أجرتها شركة "إنفو سابينس" في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتكليف من مركز أوروبا الجديدة.

وكما يوضح نائب مدير الخدمة الاجتماعية في مركز "رازومكوف" ميخائيل ميشينكو، فإن تصور فكرة المفاوضات يتأثر خصوصاً بالتغير في خطاب القيادة السياسية في أوكرانيا، التي لم ترفض أمر هذا السيناريو منذ صيف هذا العام.

وأوضح ميشينكو أنه "مثلما تقول السلطات إننا مستعدون للتفاوض، لكننا غير مستعدين للتخلي عن الأراضي، كذلك يفعل المواطنون، فالغالبية تنظر إلى المفاوضات ليس كوسيلة للتخلي عن شيء ما، ولكن باعتبارها طريقة لتحقيق حل مقبول لأوكرانيا"، لافتاً إلى أن نسبة الأوكرانيين المستعدين للاعتراف بالأراضي المحتلة من قبل روسيا مقابل السلام، زادت بصورة طفيفة خلال العام من خمسة إلى تسعة في المئة.

قبول التأخير

المدير التنفيذي لـمركز "رازومكوف" أنطون غروشيتسكي أكد أن "أكثر من نصف الأوكرانيين سيكونون على استعداد لقبول التأخير في تحرير الأراضي مقابل ضمانات أمنية".

وفي الوقت نفسه، لا يرى 64 في المئة من الأوكرانيين أنه من المستحسن التفاوض مع الاتحاد الروسي من دون ضمانات حقيقية من الغرب، وفقاً لدراسة أجرتها شركة "إنفو سابينس" التي ذكرت أن أفضل ضمان لأمن أوكرانيا هو عضوية "ناتو".

 

 

وفي ما يتعلق بمسألة الضمانات الأمنية، وفقاً للنائب الأول لمدير مركز أوروبا الجديدة سيرغي سولودكي، هناك خمسة طرق هي تطوير الأسلحة النووية (31 في المئة) والاندماج في "ناتو" (29 في المئة) والتحالف الدفاعي بين أوكرانيا والولايات المتحدة مع إمكان نشر قوات أميركية (نحو 11 في المئة)، في حين إرسال قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة (8.9 في المئة) وانتشار قوات أوروبية مشتركة (6.4 في المئة).

وعلى رغم عدم القدرة على التنبؤ والرسائل المتناقضة للرئيس الأميركي المنتخب في ما يتعلق بالتطور المستقبلي للأحداث في أوكرانيا، فإن أعلى مستوى من الثقة في أوروبا، كما يتضح من دراسة "إنفو سابينس"، موجود بين الأوكرانيين (ما يقارب 45 في المئة).

حصان طروادة

يعتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يشبهه الأوكرانيون بحصان طروادة الروسي داخل ملف "ناتو" والاتحاد الأوروبي، بأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ستنتهي عام 2025، إذ قال "إما أن تكون هناك مفاوضات سلمية أو سيتم تدمير أحد الطرفين".

وأضاف عالم السياسة الأوكراني إيغور رايتروفيتش، لماذا أصبحت "مبادرات السلام"، بخاصة من أوربان، بلا معنى الآن.

وطمح رئيس الوزراء المجري إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا قبل عيد الميلاد، ووفقاً له، "اتفق" بالفعل مع فلاديمير بوتين على وقف موقت لإطلاق النار خلال فترة عيد الميلاد، لكن الجانب الأوكراني رفض ذلك.

المثير للاهتمام أن الرئيس الروسي نفسه نفى هذه الرواية التي أطلقها أوربان، قائلاً إنه لن يوافق على الهدنة.

ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، يتحدث الجميع بصورة متزايدة عن إمكان وقف المرحلة الساخنة من الحرب في المستقبل القريب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير