Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تسعى لاستعادة أطبائها المهاجرين

الحكومة تتبنى برنامجاً لتحفيزهم على الرجوع

نحو 1500 طبيب تونسي غادروا البلاد للعمل في دول أوروبية وعربية (اندبندنت عربية)

ملخص

في الوقت الذي تعاني فيه المستشفيات في تونس، نقصاً حاداً في عدد الأطباء، كشفت بيانات عمادة الأطباء أن 1500 طبيب غادروا البلاد في عام 2023 للعمل في دول أوروبية وعربية، وهو ما دفع وزارة الصحة إلى العمل على وضع الآليات الملائمة لاستعادة الأطباء التونسيين من الخارج.

بينما تعاني المستشفيات في تونس وبخاصة الداخلية منها، نقصاً حاداً في عدد الأطباء، بخاصة طب الاختصاص، غادر 1500 طبيب في عام 2023 البلاد للعمل في دول أوروبية وعربية.

واقع دفع وزارة الصحة التونسية إلى التفكير في استعادة الأطباء من الخارج، عبر استراتيجية تقوم على تطوير ظروف العمل في المستشفيات في تونس، وتحسين الوضع المادي للأطباء، من أجل استقطاب الإطارات الطبية التونسية في الخارج وتشجيعهم على العودة.

ظروف العمل والوضع المادي

أسمهان بن عزيز، طبيبة تخدير تعمل في دولة قطر، منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، أكدت أنها "اختارت الهجرة لأسباب مادية بحتة، وهي أم لولد وبنتين، تركتهم في تونس مع زوجها"، مضيفة أن "وضع الطبيب المادي في تونس متدهور، مقارنة بالأطباء في أوروبا والخليج، علاوة على ظروف العمل الصعبة، والضغط والحماية القانونية المفقودة للطبيب في تونس".

وحول احتمال عودتها إلى تونس استبعدت اسمهان ذلك في الوقت الراهن، قائلة إن "العودة ستكون بعد نحو خمس أو ست سنوات، من أجل تحقيق هدفي الذي هاجرت من أجله، وهو تحسين وضعي المادي، واقتناء شقة في تونس، واستكمال المشوار الدراسي لأبنائي".

بدوره، أكد منير العوري وهو طبيب تجميل مقيم في ألمانيا منذ نحو 10 سنوات، أن "خيار الهجرة إلى أوروبا كان صعباً، لأن الظروف في تونس لم تكن ملائمة، وكلما سافرت لحضور مؤتمرات علمية تحزّ في نفسي الفوارق في القطاع الصحي بين تونس والدول الأوروبية، لذلك اتخذت قرار الهجرة الذي لم يكن سهلاً"، لافتاً إلى "صعوبة الاندماج في المجتمع الأوروبي".

 

وعلى رغم ما يحصله من أموال يفكر في العودة إلى تونس وفتح مصحة خاصة للتجميل في حال مكنته الدولة من تسهيلات وتحسنت التشريعات التي تخص مهنة الطب في تونس.

يضيف "تبقى لذة العمل في الوطن وقرب العائلة، أفضل من أموال الدنيا كلها"، داعياً إلى "وضع خطة مدروسة لاستعادة الأطباء التونسيين في الخارج"، الذي قال إن "عدداً كبيراً منهم يرغب جدياً في العودة بخاصة في ظل غلاء المعيشة في أوروبا".

78 في المئة مستعدون للعودة

 وتسعى السلطات الصحية في تونس إلى الحد من تداعيات الهجرة المسجلة في قطاع الأطباء والكوادر شبه الطبية على القطاع الصحي في البلاد، وذلك من خلال إقرار جملة من الإجراءات التي تستهدف استعادة الأطباء والممرضين الذين هاجروا في السنوات الأخيرة بحثاً عن آفاق مهنية ومالية أفضل.

وحذرت دراسة لمعهد الدراسات الاستراتيجية (مؤسسة عمومية)، من تصحر القطاع الصحي في تونس، ودعت وزارة الصحة إلى البدء في مسار يهدف إلى تشجيع الأطباء التونسيين المهاجرين على العودة والالتحاق بـالمستشفيات الحكومية، التي فقدت أكثر من خمسة آلاف طبيب في السنوات القليلة الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشفت الدراسة، التي نشرها المعهد في مارس (آذار) 2024، أن 78 في المئة من أطباء تونس في دول المهجر مستعدون للعودة إلى البلاد، شرط توفير بيئة عمل ملائمة، وإقرار حوافز مالية لفائدتهم، كما ربط هؤلاء الأطباء قرار العودة إلى تونس بتحسن الوضع الاقتصادي العام في البلاد، وتوافر ظروف تعليم جيدة لأبنائهم، مؤكدين أن قرار الهجرة ظرفي ويمكن العدول عنه.

توفير التجهيزات وتأمين المستشفيات

وتعمل وزارة الصحة على الاستئناس بتوصيات الدراسة، والبدء في مسار إصلاحي يشمل تحسين البنية التحتية الصحية، واستكمال المشاريع المعطلة وتنفيذ مشاريع جديدة تساعد على تحسين الخدمات الصحية في المستشفيات والمراكز الصحية الداخلية، إضافة إلى تحسين التشريعات لتحفيز الأداء عند تقديم الأطباء خدمات صحية إضافية في المؤسسات العمومية، وربط التحفيز المالي بجودة الأداء والخدمات.

وفي السياق، أكد وزير الصحة، مصطفى الفرجاني، في افتتاح المؤتمر الوطني للجمعية التونسية لطب الإنعاش، أن الوزارة "تعمل على استعادة الأطباء التونسيين من الخارج، من خلال تحسين ظروف العمل في المستشفيات التونسية، وستشهد السنة المقبلة نتائج هذا العمل".

من جهته، يقر رئيس لجنة الصحة في البرلمان، نبيه ثابت بـ"وجود إشكاليات عدة في القطاع الصحي في تونس، منها بخاصة ما يتعلق بالوضع المادي للأطباء"، ويعتبر أن "استعادة الأطباء التونسيين في الخارج هو برنامج رئاسي"، داعياً إياهم إلى "مراعاة الظروف الاقتصادية التي تمر بها تونس". ويلفت النائب في البرلمان إلى "وجود مشروع قانون تعمل عليه وزارة الصحة، لتشجيع الأطباء على تحسين وضعهم المادي، من خلال منح تحفيزية للعمل في الفترات المسائية في المستشفيات تتكفل بها الدولة"، إضافة إلى "مشروع قانون خاص ببعث مؤسسات صحية للتشجيع على السياحة الطبية تشمل القطاعين العام والخاص".

 

ويؤكد ثابت أهمية "التأمين الذاتي للمستشفيات، للحد من الاعتداءات التي تطاول الإطار الطبي وشبه الطبي، بخاصة في أقسام الطوارئ، وذلك من خلال التنسيق مع وزارة الداخلية لتركيز نقاط أمنية في كافة هذه الأقسام"، وداعياً إلى "تجهيز المستشفيات بالآليات الطبية الضرورية وتيسير توريدها من الخارج، عبر تحسين التشريعات".

نقص حاد في طب الاختصاص

ويواجه القطاع الصحي الذي يعد أحد أهم ركائز الدولة الاجتماعية تحديات عدة، أبرزها نزيف الكفاءات، بسبب غياب الحوافز المشجعة على تثبيت شبان المهنة في الهياكل الصحية الحكومية علاوة على تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.

وتتخوف عمادة الأطباء من أن تسجل تونس نقصاً في أطباء الاختصاص في السنوات الـ10 المقبلة، بسبب الهجرة المكثفة للأطباء الشبان، بينما تواجه المناطق الداخلية تصحراً طبياً وباتت طاردة للأطباء، نظراً لضعف البنية التحتية وغياب أبسط التجهيزات الضرورية في العمل.

وتقدر عمادة الأطباء في تونس عدد الأطباء الشباب الذين هاجروا من البلاد في السنوات الأخيرة للعمل في دول أجنبية، بنحو 80 في المئة من أطباء تونس المتخرجين، مشيرة إلى أن ألمانيا وفرنسا ودول الخليج وكندا تتصدر قائمة المناطق الجاذبة، وفقاً لإحصاءات حديثة أصدرتها الوكالة التونسية للتعاون الفني.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي