Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صرخات الرضع في مصر تقرع أبواب الحكومة

قصر صرف الألبان المدعمة على حالات محددة يحرم ملايين الأمهات منها وسط غلاء أسعار المستوردة

تعيش الأمهات أوقاتاً من الرعب والقلق خوفاً من عدم تأمين ألبان لأطفالهن في ظل قيود الحكومة (أ ف ب)

ملخص

كان نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار، أعلن مطلع ديسمبر 2024، قصر صرف الألبان المدعمة شبيهة لبن الأم على عدد من الحالات، وحدد القرار المجموعات الثلاثة المستحقة لألبان الأطفال المدعمة، وهي الفئات التي تستحق الصرف بعد التقييم، وحالات تستحق الصرف لفترة زمنية محددة مع إعادة التقييم، والمجموعة الأخيرة للأطفال الكريمي النسب.

لم تجد الأم الثلاثينية سميرة يوسف التي تقطن بإحدى قرى محافظة بني سويف في صعيد مصر، وسيلة لتهدئة صرخات رضيعها ذي الأشهر الثلاثة سوى استدانة مبلغ مالي يصل لنحو 1000 جنيه (19.66 دولار) من أحد أقاربها لشراء ثلاث علب ألبان من إحدى الصيدليات المجاورة تكفي غذاء طفلها الرضيع أسبوعاً واحداً، لا سيما عقب رفض الجهات الطبية الحكومية تسليمها حصتها المعتادة من ألبان الأطفال تطبيقاً لقرار وزارة الصحة الصادر أخيراً.

وكان نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار، أعلن مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2024، قصر صرف الألبان المدعمة شبيهة لبن الأم على عدد من الحالات، وحدد القرار المجموعات الثلاثة المستحقة لألبان الأطفال المدعمة، وهي الفئات التي تستحق الصرف بعد التقييم، وحالات تستحق الصرف لفترة زمنية محددة مع إعادة التقييم، والمجموعة الأخيرة للأطفال الكريمي النسب.

تضم حالات المجموعة الأولى المستحقة للصرف بعد التقييم "ولادة طفلين توأمين فأكثر على أن يكون الصرف كافياً لطفل واحد، ووفاة الأم أو إصابتها بالفشل الكلوي أو الكبدي، وكذلك مرض الأم مرضاً يستدعي استخدام العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، إضافة إلى إصابة الأم بنوبات صرعية تؤثر في سلامة الطفل، أو بمرض نفسي أو عقلي شديد، أو إصابتها بمرض نقص المناعة المكتسب، وأيضاً حجز الأم في الرعاية المركزة مدة لا تقل عن ثلاثة أيام".

صرخات وطوابير وزحام

اعتادت الأم الثلاثينية، وهي ربة منزل، منذ إنجاب طفلها الحصول على عبوات الألبان المدعمة من الجهات الطبية الحكومية شهرياً، لا سيما في ظل عدم قدرتها المادية على شراء عبوات الألبان المستوردة من الصيدليات، والتي تراوح كلفتها بين 250 جنيهاً (4.91 دولار) و500 جنيه (9.83 دولار)، مردفة "الظروف الاقتصادية صعبة وراتب زوجي الشهري من وظيفته كحارس أمن بإحدى الشركات الخاصة لا يمكنه من تخصيص مبلغ مالي يقارب ألفي جنيه (39.32 دولار) لشراء عبوات الألبان من الصيدليات العامة في ظل أسعارها الجنونية، مما يجعلنا نلجأ إلى الجهات الحكومية للحصول على عبوة اللبن المدعمة بسعر خمسة جنيهات (0.10 دولار)".

تعيش سميرة أوقاتاً من الرعب والقلق خوفاً من عدم قدرتها على تأمين غداء رضيعها في ظل الضوابط والقيود التي أقرتها الحكومة، قائلة "أعاني ظروفاً صحية تجعل من الصعب عليّ إرضاع طفلي بصورة طبيعية، وأخشى على حياة رضيعي ولا أستطيع مقاومة صرخاته المستمرة".

 

سميرة هي واحدة من بين ملايين الأمهات اللاتي حرمن من الألبان المدعمة التي كانت توفرها الحكومة بأسعار رمزية للفئات المستحقة بعد إجراء الفحوصات الطبية المطلوبة، وأصبح من الصعب عليهن في ظل الضغوط الاقتصادية الصعبة وأعباء الحياة اليومية تخصيص موازنة إضافية لشراء علب الألبان المستوردة.

حال ندى عبدالغني (26 سنة) لا يختلف كثيراً عن سميرة، إذ اضطرت إلى تقديم شكوى رسمية لدى وزارة الصحة بسبب رفض الجهة الطبية التابعة لها في مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة) تسليم حصتها المعتادة شهرياً (ثماني علب ألبان)، والاكتفاء فقط بتسليمها علبتين لرضيعها براء البالغ 10 أشهر.

تحكي ندى، وهي مطلقة وربة منزل، "بعد إنجاب رضيعي بأربعة أشهر قمت بإجراء فحص طبي بمركز حكومي يتبع المحافظة التي أقطن بها، وتأكدت الطبيبة عقب إجراء الفحوصات اللازمة من صعوبة إرضاع الطفل لبناً طبيعياً، وتسلمت منها إقراراً بالموافقة على الحصول على اللبن الصناعي المدعم والكميات المحددة".

وتكمل، "تسلمت 16 علبة لبن من نوع (إيجي 1) للطفل لمدة تكفيه شهرين، وكان سعر العلبة الواحدة 12 جنيهاً (0.24 دولار)، وحينما أتم الرضيع الأشهر الستة بدأت الحصول على لبن من نوع (إيجي 2)، وكنت أجلس في الشارع منذ الفجر حتى مساء اليوم التالي من أجل الحصول على حصتي المقررة من اللبن نظراً إلى التوافد والطوابير والزحام الشديد من الأمهات الراغبات في الحصول على كميات اللبن المستحقة لهم".

فوجئت ندى أثناء ذهابها إلى المركز الطبي قبل أيام قليلة برفض المركز الحكومي تسليمها حصتها المعتادة والاكتفاء بعبوتين فقط بسبب الضوابط الجديدة التي أقرتها وزارة الصحة، وقصر الفئات المستحقة للدعم على نماذج محددة، فقامت بالاتصال بوزارة الصحة وتقديم شكوى رسمية من أجل الحصول على حصتها من اللبن المدعم نظراً إلى عدم قدرتي على شرائها من الصيدليات العامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"أشعر بالصدمة من القرار وظروفي المادية تجعلني غير قادرة على تحمل نفقات ومصروفات مالية إضافية لتخصيص موازنة شهرية لألبان الأطفال المستوردة من الصيدليات، إلى جانب الـ(بامبرز) وفيتامينات الطفل والأدوية التي يحتاج إليها، علاوة على مصروفات المنزل من مأكل ومشرب"، بحسب ندى.

ويكفل الدستور المصري في مادته رقم 80 حق الطفل في الحصول على غذاء مناسب، وتنص المادة على أنه "يعد طفلاً كل من لم يبلغ الـ18 من عمره، ولكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجباري مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية".

وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة المصرية، فإن 10 في المئة فقط من المواليد يحتاجون إلى الألبان التي تصرف مدعمة من مراكز الأمومة والطفولة ووحدات الرعاية الأولية، وتبلغ الحاجات السنوية من الألبان الصناعية شبيهة لبن الأم 18.6 مليون عبوة في المتوسط، فيما تبلغ الحاجات السنوية من الألبان العلاجية 750 ألف عبوة في المتوسط.

آلاف الأمهات المحرومات

"قرار متعسف وجائر ويحرم مئات الآلاف من الأمهات من حقوقهن المشروعة"، يعقب المحامي الحقوقي ومدير مركز "الحق في الدواء" محمود فؤاد على قرار الحكومة المصرية بقصر صرف الألبان الصناعية المدعمة على فئات محددة، موضحاً أن القرار تجاهل أعداداً كبيرة من الأمهات ممن لديهن مشكلات صحية تعوق الرضاعة الطبيعية، وارتباط بعضهن بعمل لساعات طويلة يقضونها في وظائفهن، ولجوء كثيرات منهن للمبيت في مقر عملهن. مردفاً "نصف قوة العمل في مصر أصبحت محرومة من ألبان الأطفال الصناعية المدعمة بموجب هذا القرار".

ويشير فؤاد لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن هذا القرار المتعنت يخالف المادة 18 من الدستور المصري، ويزيد أعباء كثير من الأسر المطحونة، بحسب تعبيره، إذ ستحتاج كل أسرة لتخصيص مبلغ شهري يقارب 2000 جنيه (39.32 دولار) لشراء ما بين ثلاث وست علب ألبان للأطفال الرضع، إذ تكفي العلبة الواحدة لثلاثة أيام تقريباً بالنسية إلى الطفل الرضيع، لافتاً إلى أن الطبقات الفقيرة لا تستطيع شراء الألبان من الصيدليات بسبب ارتفاع أسعارها بصورة جنونية، إذ يصل سعر العلبة الواحدة لما يزيد على 250 جنيهاً (4.91 دولار)، متسائلاً "هل قصر استحقاق الألبان المدعمة على فئات محددة يتماشى مع توجهات الدولة لتقليص الإنفاق في مجال الصحة؟".

وأقرت المادة 18 من الدستور المصري، أنه "لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن ثلاثة في المئة من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجاً حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم".

 

يرى فؤاد أن هناك نوعين من الألبان الصناعية المدعمة، الأول للطفل الرضيع من سن يوم إلى 12 شهراً، ويصرف بخمسة جنيهات (0.10 دولار)، والثاني من سن 12 شهراً إلى 24 شهراً ويبلغ سعره 25 جنيهاً (0.49 دولار)، شريطة إجراء فحص طبي للأم من خلال لجان التقييم الموجودة في الوحدات الصحية لتحديد الأسباب الصحية التي قد تمنع الرضاعة الطبيعية وضرورة استخدام ألبان بديلة مشابهة للبن الأم، موضحاً أن جمعيات الأطفال أكدت أن ما يقارب من 15 إلى 20 في المئة من الأطفال يحتاجون إلى ألبان صناعية مدعمة، ولافتاً إلى أن هناك أكثر من 2400 منفذ تابع لمراكز الأمومة والطفولة بوزارة الصحة يتولون مهمة صرف تلك الألبان.

وسجلت أعداد المواليد في مصر 1.399 مليون في الفترة من الثالث من يونيو (حزيران) 2023 إلى الثامن من فبراير (شباط) بمتوسط 5599 مولوداً يومياً، و233 كل ساعة، وأربعة مواليد تقريباً في الدقيقة، بما يعني متوسط مولود كل 15.4 ثانية، بحسب ما أكدت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وعلى رغم اعتراضه على القرار، فإن مدير مركز "الحق في الدواء" يتفق مع تصريحات الحكومة المصرية بوجود فساد في توزيع الألبان على الفئات المستحقة، إذ كان يصرف لأطفال متوفين، وكذلك كان يتم تهريبه للكافيهات والمقاهي لعمل مشروبات للزبائن، مما جعل الوزارة تتدخل لميكنة وضبط المنظومة، قائلاً "أتفق مع الوزارة في إعداد ضبط المنظومة، لكنني أختلف مع آليات تحديد الفئات المستحقة وحرمان آلاف الأمهات الذين يشكلون نصف طاقة العمل في مصر من حقوقهن بإرضاع أطفالهن".

من أجل الميكنة

يتفق رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة محفوظ رمزي مع الطرح السابق، موضحاً أن منظومة صرف ألبان الأطفال الصناعية المدعمة كانت يشوبها كثير من الشبهات والخروق خلال الآونة الماضية نتيجة عمليات السرقة التي كان يقوم بها بعض ضعاف النفوس للتربح من ورائها وصرف الألبان لأطفال متوفين، مما ترتب عليه عدم وصول الدعم للفئات المستحقة، موضحاً أن تدخل وزارة الصحة لحوكمة المنظومة وضبطها هو بادرة إيجابية، لكنه سيؤدى في الوقت ذاته إلى حرمان وتعذيب ملايين الأمهات والأسر الفقيرة التي ستضرر فعلياً من الضوابط المنصوص عليها في هذا القرار.

وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية حسام عبدالغفار، أعلن في منشور توعوي مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أن الهدف من منظومة ميكنة صرف الألبان البديلة للبن الأم والألبان العلاجية هو تحقيق حوكمة شاملة وعدالة في توزيع الألبان، وضمان حصول المستحقين عليها بسهولة ويسر، والمتابعة الدقيقة لسلاسل الإمداد من أجل ضمان توفر الألبان في أماكن الصرف بصورة دائمة. كاشفاً عن أن المتابعة أثبتت قيام بعض الأمهات بصرف الألبان للطفل نفسه من أكثر من مركز أو وحدة رعاية أساسية وفي محافظات مختلفة، كما تبين استمرار الصرف لعدد يزيد على 200 طفل بعد وفاتهم.

ويضيف رمزي لـ"اندبندنت عربية" أن قرار وزارة الصحة يقتصر على الصيدليات التابعة للمراكز الطبية والمستشفيات الحكومية فقط وليس الصيدليات العامة الموجودة في مختلف شوارع مصر، موضحاً أن هناك 82 ألف صيدلية على مستوى الجمهورية تقوم ببيع ألبان الأطفال بأسعار تصل لنحو 300 جنيه (5.90 دولار) للعلبة الواحدة، ومشيراً إلى أن الطفل الرضيع في حاجة إلى ثماني علب شهرياً، وتحتاج الأم إلى شراء علبتين أسبوعياً خلال الأشهر الست الأولى.

 

ويشدد رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة على ضرورة أن يكون هناك ربط إلكتروني بين جهات الصرف لمنع عمليات التلاعب والسرقة والاحتيال، وإعادة صياغة المنظومة برمتها من أجل وصول الدعم إلى مستحقيه، علاوة على عمل أكواد لكي يتمكن كل شخص من صرف الحصة المقررة بنفسه.

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 عقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اجتماعاً لتطوير منظومة توزيع ألبان الأطفال المدعمة وزيادة الإنتاج المحلي وسد الفجوة المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مع تحسين جودة الألبان لتناسب حاجات الأطفال، واتفق خلال الاجتماع على ميكنة وحوكمة عملية صرف الألبان للأطفال، بحيث سيتم تسجيل بيانات المستحقين إلكترونياً في قاعدة بيانات مركزية، مع تتبع المخزون لضمان توفير الألبان عند الحاجة، وتم بالفعل ميكنة 251 لجنة فحص وتقييم، و1131 منفذاً في 21 محافظة، وجاري العمل على استكمال ميكنة باقي المنافذ.

المستحوذون على السوق

"أتفق مع توجهات الدولة لضبط المنظومة من أجل وصول اللبن إلى مستحقيه، ومنعاً لإساءة استغلال الدعم، لكنني كنت أؤيد شخصياً تحريك أسعار عبوات الألبان المدعمة بدلاً من تضييق الخناق والتعنت والتشدد ضد ملايين الأمهات اللاتي يعتمدن على ألبان الأطفال بصورة رئيسة ولا يمكنهن الاستغناء عنها"، هكذا يعقب رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية علي عوف، على القرار منوهاً إلى أنه كان من الأجدى على الحكومة أن تلجأ لرفع أسعار عبوات الألبان الصناعية المدعمة لـ30 جنيهاً (0.59 دولار) بدلاً من خمسة جنيهات (0.10 دولار) وليس حصر الفئات المستحقة لتلك الألبان.

ويضيف عوف أن كثيراً من الأسر الفقيرة تلجأ إلى الألبان المدعمة التي يتم صرفها من الجهات الحكومية لأنها غير قادرة على شراء عبوات ألبان الأطفال المستوردة، والتي تباع في الصيدليات بأسعار تراوح ما بين 300 جنيه (5.90 دولار) إلى 500 جنيه (9.83 دولار) للعلبة الواحدة.

وفق عوف، فإن السوق لا يعاني نقصاً في كميات عبوات ألبان الأطفال في الوقت الراهن، منوهاً بأن مصر كانت شهدت أزمة طاحنة تمثلت في نقص ألبان الأطفال في الأسواق خلال العام الماضي بسبب تغيير الشركة الأجنبية الموردة للبن الأطفال الأكثر مبيعاً والمعروف باسم "بيبيلاك" لموزعها في مصر بعد التعثر المالي لوكيلها "المتحدة للصيادلة" وتراكم الديون عليها بقيمة مليار و800 مليون جنيه، مما أدى إلى توقف الشركة عن الإنتاج وحدوث فجوة في حجم المعروض تقدر بنحو 10 ملايين علبة سنوياً لم تستطع الشركات المنافسة تغطيتها، ومن ثم لجأت الشركة إلى تغيير وكيلها ليصبح "المصرية لتجارة الأدوية" وعادت للإنتاج من جديد.

 وأوضح أن هناك ثلاث شركات كبرى تستحوذ على سوق ألبان الأطفال الصناعية المدعمة، منها شركة "بيبيلاك" التي تستحوذ على 40 في المئة من حصة السوق، والشركتان الأخريان على 60 في المئة. مضيفاً أن مصر تمتلك مصنعاً وحيداً لإنتاج ألبان الأطفال الصناعية المدعمة هو مصنع "لاكتو مصر" الذي يقوم بتوريد 25 مليون عبوة لبن أطفال سنوياً لوزارة الصحة والتأمين الصحي بسعر خمسة جنيهات (0.10 دولار) للعبوة الواحدة، لكن هذا المصنع توقف لفترات طويلة عن العمل، وبعد تدخل الدولة بمختلف أجهزتها عاد للإنتاج مجدداً عام 2016، وتحدد سعر علبة الألبان بـخمسة جنيهات، بينما كان سعر عبوة اللبن الواحدة يباع في الصيدليات العامة آنذاك بـ80 جنيهاً (1.57 دولار)، مما يعني أن الدولة تحملت فارق سعر وقتها يصل إلى 75 جنيهاً (1.47 دولار). كاشفاً عن وجود تعليمات رئاسية لهذا المصنع بضخ عبوات الألبان للقطاع الخاص بكلفة تصل إلى نصف سعر الألبان المستوردة من الخارج.

ووفق البيان المالي المقدم من وزير المالية السابق محمد معيط لمجلس النواب، بلغت تقديرات دعم الأدوية وألبان الأطفال في مشروع موازنة السنة المالية 2024- 2025 نحو 5 مليارات جنيه بزيادة قدرها مليارا جنيه عن الاعتماد المدرج بموازنة السنة المالية الجارية 2023- 2024 والبالغة 3 مليارات، وذلك بنسبة زيادة قدرها نحو 66.7 في المئة.

بحسب عوف، فإن هناك اهتماماً ملحوظاً من الدولة في الوقت الحالي بتوطين صناعة ألبان الأطفال لتوزيعها على المواطنين بأسعار رمزية، والتشجيع على الرضاعة الطبيعية كونها الوسيلة المثلي لتغذية الطفل بصورة سليمة، مؤكداً أن متوسط الاستهلاك السنوي من لبن الأطفال يصل إلى 50 مليون علبة.

وأضاف أن سوق ألبان الأطفال في مصر ينقسم بالتساوي بين وزارة الصحة وشركات القطاع الخاص، إذ تقوم وزارة الصحة بتوزيع 25 مليون علبة سنوياً على الأسر المستحقة بسعر يصل إلى خمسة جنيهات للعلبة، على رغم أن كلفة إنتاجها تتجاوز 150 جنيهاً (2.95 دولار)، بينما تستورد أربع شركات كبرى 25 مليون علبة أخرى لتوزيعها بأسعار حرة تراوح ما بين 300 جنيه (5.90 دولار) و500 جنيه (9.83 دولار) للعلبة الواحدة.

وفي أبريل (نيسان) عام 2022، وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بالتنسيق والتعاون بين جهات الاختصاص الوطنية ومصنع "لاكتو مصر" لصناعة ألبان الأطفال لتطوير الطاقة الإنتاجية المحلية من لبن الأطفال بما يواكب التكنولوجيا المتقدمة في هذا الإطار، بهدف بناء قاعدة قوية لإنتاج أفضل أنواع ألبان وأغذية الأطفال عالية الجودة لتغطية الحاجات المحلية وسد فجوة الاستيراد من هذه السلعة الاستراتيجية المهمة لتغذية الأطفال في المراحل العمرية المختلفة.

المزيد من تقارير