ملخص
يحذر مراقبون من الخلاف القائم بين مصر ومنظمة التحرير في شأن اليوم التالي للحرب في غزة ويطالبون بترتيبات أوسع تشارك فيها السعودية ودول أخرى.
"بمواقف متباعدة" اختتم اللقاء بين مسؤولين مصريين ووفد من "منظمة التحرير الفلسطينية" في القاهرة نهاية الأسبوع الماضي في شأن اليوم التالي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مع رفض المنظمة تشكيل لجنة "إسناد مجتمعي" لإدارة القطاع، وإصرار مصري على اللجنة باعتبارها حلاً وسطاً للفيتو الإسرائيلي على عودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع.
وكشف مسؤول فلسطيني رفيع في حديثه إلى "اندبندنت عربية" عن أن وفد "منظمة التحرير" أبلغ وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي بموقف المنظمة الرافض لتشكيل اللجنة، على رغم أن حركة "حماس" سلمت القاهرة قائمة بأسماء أعضائها قبل أسابيع. وبحسب المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، فإن المحادثات مع القاهرة "ستتواصل على قاعدة أن منظمة التحرير الفلسطينية لها الولاية القانونية والسياسية على قطاع غزة والضفة الغربية". وقال المسؤول إن اللجنة الإدارية "تعتبر خروجاً على تلك الولاية على رغم اعتراف مصر بمنظمة التحرير ودولة فلسطين ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني".
ووفق المسؤول فإن القاهرة "تعمل على فحص أمني للأسماء المقترحة من حركة ’حماس‘ لتشكيل اللجنة قبل إرسالها إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمصادقة عليها"، ووصف ذلك بأنه "وصاية مصرية مرفوضة واعتداء على السيادة الفلسطينية".
وأضاف أن الوفد الفلسطيني أبلغ القاهرة "بموقف حاسم وحازم بضرورة عودة الحكومة الفلسطينية لغزة لممارسة مهماتها ومسؤولياتها، وإمكان تشكيلها لجاناً حكومية من موظفيها وخبراء لمساعدتها في إعادة إعمار قطاع غزة"، مشدداً على عدم وجود "حلول وسط في شأن ذلك، فلا ثقة لنا بحركة ’حماس‘ وإسرائيل".
ورداً على أن تشكيل اللجنة يعتبر مخرجاً للرفض الإسرائيلي لعودة السلطة لغزة، أشار المسؤول إلى أن "إسرائيل وأميركا وأوروبا والعالم العربي كلهم يتعاملون مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فلماذا رفض ذلك في غزة؟".
معبر رفح
وحول إعادة فتح معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر، قال المسؤول الفلسطيني إنه "لا خلاف مع القاهرة في شأن عودة موظفي السلطة الفلسطينية له وفقاً لاتفاقية المعابر لعام 2005"، لكنه تابع أن الخلاف مع القاهرة "يتمحور حول اليوم التالي في قطاع غزة".
وخلال اللقاء، أكد عبدالعاطي "موقف مصر الداعم للقضية ودولة فلسطين، والرافض لكل المخططات العدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني"، مشدداً على ضرورة "مواجهة محاولات الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة مع ضرورة وحدة الأرض الفلسطينية". وأشار عبدالعاطي إلى "ضرورة العمل على وحدة الصف الفلسطيني وتعزيز دور السلطة الوطنية، بما يضمن تحقيق تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي البيان الرسمي الصادر عن وفد منظمة التحرير، أعرب الوفد عن "تقديره الكبير للدور المصري القيادي في دعم القضية الفلسطينية، مؤكداً أن هذا الدعم يمثل ركيزة أساسية في مواصلة النضال الفلسطيني لتحقيق حقوقه المشروعة".
في المقابل، ترد حركة "حماس" بأنها "تجاوبت مع الجهود المصرية لتشكيل حكومة توافق وطني، ومع المبادرة المصرية المدعومة عربياً وإسلامياً لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غزة بصورة موقتة". وقالت الحركة إن تلك اللجنة ستكون "مرجعيتها السياسية المرسوم الرئاسي الفلسطيني، مع التأكيد على أن قطاع غزة هو جزء أصيل من الجغرافيا السياسية الفلسطينية".
موقف مصري مضاد لأميركا
ورأى الباحث السياسي أحمد جميل عزم أن موقف منظمة التحرير بخصوص حكم قطاع غزة "سليم تماماً من الناحية النظرية، لكن المخرج العملي لمعضلة حكم القطاع يكمن في تشكيل حكومة وفاق وطني"، مستبعداً تشكيل تلك الحكومة، إضافة إلى غياب أي خطة لتفعيل منظمة التحرير لكي تتولى الإعداد للعودة لغزة. وأوضح عزم أن الاقتراح المصري لتشكيل لجنة إدارية لحكم القطاع بمرسوم رئاسي فلسطيني جاء رداً على مشروع أميركي لإقامة لجنة لإدارة القطاع تستبعد أي صلاحية لمنظمة التحرير عليها سوى إصدار مرسوم تشكيلها، على أن تتلقى الدعم المالي من جهات خارجية.
ورأى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "وضع استبعاد حركة ’حماس‘ من حكم القطاع كأحد أهداف حربه إلى جانب تدمير قدراتها العسكرية والتنظيمية"، لكنه رجح أن يوافق نتنياهو على عودة السلطة الفلسطينية لغزة "في حال وجود إرادة وضغوط أميركية حول ذلك وإذا جاء ذلك على مراحل، على أن تسبقه إصلاحات في السلطة الفلسطينية". وأوضح أن الرفض الإسرائيلي لعودة السلطة لغزة يهدف إلى "معارضة حكومة نتنياهو توحيد الضفة الغربية مع قطاع غزة والانتقال إلى الحديث عن إقامة دولة فلسطين"، مضيفاً أن الخلاف بين منظمة التحرير والقاهرة "خطر، وحله يكون بترتيبات أوسع تشارك فيها السعودية ودول أخرى"، ولفت إلى أن الرئيس محمود عباس يرفض تشكيل اللجنة "لأنها ستكون واجهة لحركة ’حماس‘".
لكن المحلل السياسي جهاد حرب قال إن مسودة اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، "تشير ضمنياً إلى عدم اعتراض نتنياهو على عودة الحركة لحكم القطاع لأن المسودة لا تتطرق إلى قضية اليوم التالي للحرب على غزة". وبحسب حرب، فإن "نتنياهو يريد عودة ’حماس‘ للحكم وهي ضعيفة وغير قادرة على إعادة بناء القطاع، مع إبقاء السيطرة الأمنية والعسكرية على المنطقة بين النهر والبحر". وأضاف أن "نتنياهو يرفض عودة السلطة الفلسطينية لغزة لأنها كيان سياسي يسعى إلى إقامة دولة فلسطينية"، وقال إن "حماس" وبسبب الرفض العالمي للتعامل معها ستفشل في إعادة إعمار القطاع، ومع ذلك فإنها ستواصل حكم القطاع بالقوة.