Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

الذكاء الاصطناعي وجه آخر للصراع

ينصح المتخصص في التصنيع الرقمي زياد الشباني حكومات مجلس التعاون بعدم التأخر عن اللحاق بالسباق التكنولوجي

نجاح "ديب سيك" يبرز قدرة الشركات الناشئة على تحدي العمالقة التكنولوجيين (اندبندنت عربية)

ملخص

ينصح الشباني بضرورة تقديم حوافز ضخمة للشركات الناشئة والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي لتشجيع الابتكار المحلي

يقف العالم اليوم على أعتاب تحول تاريخي، إذ لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية، بل ساحة لصراع عالمي على الهيمنة، فيما الدول والشركات التي تقود هذا السباق لا تسعى فقط للابتكار، بل لإعادة تشكيل الاقتصادات، وإعادة توزيع الثروات، وتحديد موازين القوى في القرن الـ21.

يتحدث المتخصص في التصنيع الرقمي زياد يوسف الشباني، حول تقديرات تقرير "برايس ووترهاوس كوبرز" بإسهام الذكاء الاصطناعي بأكثر من 15 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، ويقول في مقابلة مع "اندبندنت عربية"، إن هذا السباق يؤدي إلى احتكار التكنولوجيا، إذ تستحوذ شركات معدودة على التقنيات المتقدمة، مما يهدد الابتكار الحر ويضع الاقتصادات النامية في موقف التابع فعلى سبيل المثال، تحتكر خمس شركات كبرى أكثر من 90 في المئة من موارد الحوسبة السحابية المتاحة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، مما يضعف فرص الشركات الناشئة والدول النامية للمنافسة العادلة.

ويلفت الشباني إلى التأثيرات المتوقعة على سوق العمل، إذ إن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان أكثر من 300 مليون وظيفة بحلول عام 2030، وفقاً لدراسة بنك "غولدمان ساكس"، ومع ذلك فإن التقنية ذاتها ستخلق وظائف جديدة، لكن في قطاعات تعتمد على المعرفة المتقدمة، مما يعمق الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية.

العقوبات التكنولوجية

وفي سياق التجارة الدولية، يشير الشباني إلى إسهام العقوبات التكنولوجية في تعميق الانقسام، فالقيود الأميركية على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين، كما رأينا مع شركة "إنفيديا" لم تؤثر فقط على الصين، بل هزت السوق العالمية، ورفعت أسعار أشباه الموصلات، وأثرت في سلاسل التوريد في آسيا وأوروبا.

وينظر الشباني إلى ما أحدثه التطبيق الصيني "ديب سيك" قبل أيام من خسائر لأسهم التكنولوجيا في "وول ستريت"، مشيراً إلى أن هذا الحدث إيذاناً بتغير قواعد اللعبة، إذ إن "ديب سيك" طورت نموذجاً للذكاء الاصطناعي ينافس النماذج الأميركية الرائدة مثل "تشات جي بي تي"، وبكلفة أقل بكثير، وهذا التطور المفاجئ أدى إلى زعزعة الأسواق المالية، وانخفضت أسهم شركة "إنفيديا" بنسبة 17 في المئة، مما أدى إلى خسارة تقدر بنحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية.

ويعتقد الشباني أن نجاح "ديب سيك" يبرز قدرة الشركات الناشئة على تحدي العمالقة التكنولوجيين، ويعيد تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، مما يفتح المجال أمام مزيد من المنافسة والابتكار، وهو ما يتعين معه التعاون بدلاً من الصراع، إذ إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تكنولوجية، بل قوة استراتيجية يمكن أن تكون عامل تفوق للدول التي تمتلكها وتديرها بحكمة، لذا، نحن في حاجة إلى إطار دولي ينظم تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه، بحيث يضمن توزيعاً عادلاً للتكنولوجيا، ويمنع الاحتكار، ويحمي الاقتصادات الناشئة من التبعية المطلقة، بحسب ما يقول.

تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي

ويتابع الشباني في حديثه "يجب أيضاً أن تتخذ الحكومات والشركات الكبرى نهجاً أكثر انفتاحاً وتعاوناً من خلال تأسيس هيئات دولية متخصصة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بصورة مسؤولة وأخلاقية، على غرار ما تحقق في مجالات مثل الطاقة النووية والفضاء، وضرورة الاستثمار في بنية تحتية تكنولوجية عالمية، بحيث لا تكون مراكز الأبحاث والخدمات السحابية محتكرة من قبل عدد محدود من الدول أو الشركات، وتفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص لضمان استفادة أوسع من التكنولوجيا عبر مختلف القطاعات الاقتصادية، مع إيجاد أطر قانونية وتنظيمية لمساءلة الشركات الكبرى، بحيث لا تكون قرارات تطوير أو توظيف الذكاء الاصطناعي موجهة فقط بمصالح الشركات الخاصة بل تحقق توازناً مع المصالح الوطنية والعالمية".

ويمضي الشباني على ذكر ما يتعين على دول الخليج العربي فعله إزاء هذه التطورات، ويرى أن دول الخليج العربي تمتلك موقعاً استراتيجياً يؤهلها للعب دور قيادي في هذا المجال، نظراً إلى إمكاناتها المالية الضخمة، وقدرتها على الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة، ورغبتها المتزايدة في التحول إلى اقتصادات رقمية قائمة على المعرفة، ومن هذا المنطلق، ينبغي على دول الخليج اتخاذ خطوات جريئة واستراتيجية لمواكبة هذا الصراع التكنولوجي، منها الاستثمار في البحث والتطوير، عبر إنشاء مراكز بحثية متقدمة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، مثل مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في السعودية، ومبادرات الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031.

تطوير بنية تحتية سحابية خليجية

وينصح الشباني بضرورة تقديم حوافز ضخمة للشركات الناشئة والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي لتشجيع الابتكار المحلي، وتقليل الاعتماد على التقنيات المستوردة، وتحقيق السيادة الرقمية واستقلالية التكنولوجيا عبر تعزيز استثمارات صناديق الثروة السيادية في شركات الذكاء الاصطناعي العالمية، بهدف تحقيق استقلالية تقنية على المدى البعيد، مع تطوير بنية تحتية سحابية خليجية، بحيث لا تظل الدول معتمدة على الشركات الكبرى مثل "أمازون" و"مايكروسوفت"، و"غوغل كلاود"، بل تمتلك حلولاً محلية آمنة لحفظ البيانات وتحليلها.

اقرأ المزيد

وينظر الشباني، إلى الذكاء الاصطناعي كمصدر جديد للثروة، ويقول إن بالإمكان تحويل منطقة الخليج إلى مركز عالمي لتطوير واختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي، عبر تنظيم معارض ومؤتمرات دولية، مثل القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض، ودمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات النفط والغاز والصحة والخدمات المالية والتعليم، مما يمكن أن يحقق عوائد اقتصادية ضخمة، على غرار ما تحققه الولايات المتحدة والصين من هذه التكنولوجيا.

لكن ذلك كله لا يتحقق إلا عبر وضع أطر قانونية واضحة لتنظيم عمل الذكاء الاصطناعي، وضمان عدم وقوع الدول الخليجية تحت سيطرة أنظمة الذكاء الاصطناعي الأجنبية، سواء من حيث البيانات أو البنية التحتية، كما يضيف الشباني، موضحاً أنه يتعين العمل على تعزيز السياسات التي تدعم الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي، وتضمن حماية الخصوصية والأمن السيبراني، وتوحيد الجهود بين دول الخليج لإنشاء تحالف خليجي للذكاء الاصطناعي يعمل على تطوير تقنيات محلية، وتشارك البيانات والمواهب.

وينصح المتخصص حكومات الخليج العربي بالسعي إلى إبرام اتفاقات شراكة مع القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لضمان التوازن في الوصول إلى أحدث التقنيات، بدلاً من الاعتماد الكامل على طرف واحد، مختتماً "دول الخليج أمام فرصة تاريخية لتكون ضمن الدول القائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وليس مجرد مستهلكة له. السباق التكنولوجي لا ينتظر، ومن سيتأخر اليوم سيجد نفسه غداً في موقف التابع. لذا، فالوقت الآن هو للاستثمار، وللبحث، وللتخطيط الجريء لضمان مكانة متقدمة في الاقتصاد العالمي الجديد الذي تصنعه ثورة الذكاء الاصطناعي".

Listen to "تحالف خليجي للذكاء الاصطناعي آن موعده" on Spreaker.