Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن
0 seconds of 1 minute, 7 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:07
01:07
 

قطاع الفلاحة محروم من الدعم على رغم إسهامه في الاقتصاد التونسي

يرى رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في الحوكمة وحسن التصرف شرطين لتحقيق الأمن الغذائي في البلاد

ملخص

يقدر معز بن زغدان في حواره لـ"اندبندنت عربية" ديون الفلاحين في تونس بـ457 مليون دولار

يسهم قطاع الفلاحة بنسبة 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس ويمثل مصدراً أساساً لتوفير المواد الأولية لقطاعات عدة، إضافة إلى الأمن الغذائي، علاوة على مواطن الشغل، مع الإشارة إلى انخفاض إسهامه بعدما كان في حدود 12 في المئة من الناتج القومي عام 2006، ويعود ذلك إلى تراجع أداء عدد من القطاعات، بحسب ما ورد على لسان رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، معز بن زغدان، في حوار لـ"اندبندنت عربية " ذكر فيه أن حوكمة القطاع وحسن التصرف فيه بمراجعة وإعادة هيكلة المنظومات كفيلان بتوفير الاكتفاء الذاتي للتونسيين، بل وتحقيق السيادة الغذائية لتونس، لكن لم تمنح الحكومات المتعاقبة الأهمية اللازمة للفلاحة لتلعب دورها الريادي في التنمية وخلق الثروة والضغط على عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات.

وقال إن موازنة البحث العلمي في المجمل لا تتجاوز 0.7 في المئة في حين تزيد في بلدان قريبة من النموذج التونسي على سبعة في المئة، بل سجل تراجع في أعداد مراكز البحث والإرشاد والتكوين وهي العمود الفقري لهذا النشاط الاقتصادي المحوري، وطالب الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بالربط بين حلقات الإنتاج المتمثلة في المنتجين وأجهزة التكوين ومراكز البحث العلمي، ثم الإرشاد والتكوين الذي يمثل بوصلة التطوير، لكن للأسف يقتصر حالياً على منظومة هشة للإرشاد والتأطير لا تزيد على مرشد وحيد لكل 2500 فلاح، مقارنة بمرشد لكل 200 فلاح قبل قرابة 20 عاماً، وهو المؤشر الأوضح على التخلي عن المعرفة والابتكار الضامنين لنقل التكنولوجيا وتطوير النشاط في ظل تغييرات هائلة تشهدها الزراعة في العالم، بالتركيز على الاستدامة والتعامل مع التغيرات المناخية وتحقيق المردودية المرجوة.

ويمثل قطاع الحبوب (القمح بأنواعه) في تونس أحد أهم المؤشرات الدالة على الحاجة الملحة إلى البحث والتطوير، إذ لم تزد المساحات المزروعة في الموسم الحالي 2024-2025 على 900 ألف هكتار من الأراضي، والحال أن تونس تمتلك ما يزيد على مليون و300 ألف هكتار الملائمة لزراعة القمح، لم يتمكن أصحابها من بذرها وكذلك الحال للأراضي العمومية نتيجة التقصير في توفير البذور والمستلزمات المختلفة على غرار الأسمدة، إذ شهد التزود بالبذور تذبذباً على مستوى التوزيع وتفاوتاً بين الجهات مما أوجد حالاً من الاستياء لدى منتجي القمح، بعدما أبدوا رغبتهم في توسيع المساحات المخصصة بعد تحسن العوامل المناخية وسقوط الأمطار بكميات ملائمة عكس المواسم المنقضية.

لم تصرف تعويضات مالية للفلاحين من طرف صندوق الجوائح (صندوق التعويض للمتضررين من الجوائح الطبيعية) لجبر الأضرار الناتجة من الجفاف، واجتمعت هذه العوامل لتقف حائلاً دون الترفيع من المساحات المزروعة، وإن تظل البوادر مبشرة بموسم أفضل على خلفية تحسن الموارد المائية بفضل الأمطار، فإن عدم توفير المستلزمات وعدم العمل على تطوير البذور يظل حائلاً دون الرفع من الإنتاج بالمستوى المأمول.

وحول تأثير التغيرات المناخية على المردودية، لم ينكر بن زغدان انعكاساتها الأكيدة، لكنه أشار إلى أن الحوكمة وحسن التصرف واعتماد البحث العلمي والابتكار وإعطاء فرصة للبحث لتطوير جميع الوسائل المعتمدة في الإنتاج مثل التقنيات الزراعية اللازمة الفنية والبذور تكفل تحسين المردودية والرفع من الإنتاج بل تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، ومواجهة التغيرات المناخية، وقدم مثالاً على ذلك وهو تحقيق تونس الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب عام 2003 بفضل الاجتهاد، في حين لا يزيد معدل إنتاج تونس على 35 في المئة من استهلاكها في الأعوام الأخيرة، بتوفير 3.6 مليون طن من القمح سنوياً، إذ لا تزيد مردودية الهكتار في تونس على 10 قنطارات من القمح مقابل 70 قنطاراً في فرنسا وإيطاليا وجنوب أفريقيا، وهو يعود إلى البذور المعتمدة غير الخاضعة للتطوير العلمي والاكتفاء بها واعتمادها منذ عقود.

0 seconds of 2 minutes, 16 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
02:16
02:16
 


تداعي منظومة اللحوم وانعكاساتها

وبخصوص ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، واضطرابات الإنتاج التي عانتها السوق التونسية، أشار بن زغدان إلى ارتباط ذلك بمنظومة إنتاج الحليب وتداعياتها السلبية المباشرة، وسجلت تونس فائضاً في الإنتاج منذ عام 2017 بإنتاج مليوني ليتر يومياً، مقابل سوق استهلاك لا تزيد على 1.6 مليون ليتر، مما أدى إلى إتلاف 300 ألف ليتر يومياً، وقد أهملت مقترحات الاتحاد للضغط على وفرة الإنتاج مثل تأسيس وحدة تجفيف للحليب، وتلت هذه الوفرة سياقات عالمية أدت إلى ارتفاع أسعار الأعلاف مرافقة بموجات جفاف تسببت في ارتفاع كلفة الإنتاج مقابل عدم استجابة السلطات لنداءات متتالية للرفع في الأسعار، مما نتج منه تفويت المربين في 35 في المئة من قطيعهم للبيع والذبح على خلفية خسائرهم المتتالية، مما انعكس على إنتاج الحليب واللحوم الحمراء.

وتنتج تونس حالياً بين 1.5 مليون ليتر و1.6 مليون ليتر، مما يغطي الاستهلاك مع تسجيل نقص بعيداً من فترات الذروة، كما يعاني قطاع تربية المواشي ارتفاع أسعار الأعلاف الموردة بنسبة 40 في المئة، وانتقل سعر القنطار من 54 ديناراً (17 دولاراً) إلى 84 ديناراً (26.5 دولار)، وإضافة إلى ارتفاع الكلفة الذي أدى إلى انخفاض القطيع.

وانتشرت الأمراض بعد التفويت في السلالات المندمجة مع المناخ التونسي لفائدة سلالات موردة حديثاً، وهي عوامل تسببت في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء التي تراوح حالياً ما بين 45 ديناراً (14.19 دولار) و50 ديناراً (15.77 دولار)، في بعض الفترات من العام مقارنة بـ30 ديناراً (9.45 دولار) و32 ديناراً (10 دولارات) عام 2023، و26 ديناراً (8.2 دولار) عام 2017، وهو نسق مذهل في الزيادة في سعر اللحوم دفع إلى انخفاض الاستهلاك.

وتراجع استهلاك الفرد في تونس من اللحوم الحمراء إلى ثمانية كيلوغرامات في العام مقارنة بـ15 كيلوغراماً قبل 16 عاماً، واستفاد قطاع الدواجن من هذه الأزمة ليرتفع مستوى الاستهلاك إلى 19 كيلوغراماً سنوياً، مقارنة بتسعة كيلوغرامات في السابق، وشهد ارتفاعاً لافتاً للأسعار واضطرابات في الإنتاج في بعض الفترات وإن كانت محدودة.

وبينما تغيرت منظومة تربية الدواجن وأضحت بين أيدي الشركات الكبرى المهيمنة على السوق، دعا معز بن زغدان الدولة التونسية إلى التدخل للعب الدور التعديلي بحكم انتقال هذا القطاع إلى شركات إنتاج عملاقة لا تكتفي بتربية الدواجن، بل تسيطر على سوق الأعلاف إنتاجاً وتوريداً، مما سهل احتكارها الأسواق، ومن ثم التحكم في الأسعار في كامل سلسلة الإنتاج والتمركز مثل "لوبيات" تتحكم في الأسعار في ظل إحكام قبضتها على السوق، ويستوجب الأمر تدخل السلطات المعنية بفرض الرقابة على الأسعار.

وعن الحلول المقدمة من طرف الاتحاد، قال إن الاستراتيجية التي وضعتها المنظمة تستند إلى الإحصاء والترقيم لخلق قاعدة بيانية لحصر القطعان بأنواعها، ثم العودة لتأسيس شركات تعاونية تمكن المستفيدين من الضغط على كلفة الإنتاج، وقد انطلقت وزارة الفلاحة في عملية الإحصاء منذ فترة وجيزة بالشراكة بين المندوبيات (المكاتب التابعة للوزارة في المحافظات)، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.

وعن موقف الاتحاد من عمليات توريد اللحوم الحمراء لتعديل الأسعار في السوق، يرى رئيس المنظمة أنها حلول ظرفية غير مستدامة تضر بمنظومة اللحوم في تونس، وتدعم المربين الأجانب بدلاً من المحليين.

وفي ما يتعلق بملف الأشجار المثمرة وتراجع صادرات القوارص إلى ثلث الكميات من 26 ألف طن إلى 7 آلاف طن، أشار بن زغدان إلى ضرورة وضع استراتيجية لإنقاذ غابات الأشجار المثمرة، بخاصة القوارص التي تعاني تهرم الغابات والأمراض المستشرية ونقص مياه الري، في حين لم تخلق أسواقاً خارجية جديدة في ظل محدودية السوق المحلية وهو دور الدبلوماسية التونسية الكفيلة بإيجاد الحلول لانهيار الأسعار من طريق دفع التصدير لأسواق جديدة لتجاوز السوق الفرنسية المتآكلة.

0 seconds of 1 minute, 6 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:06
01:06
 


موانئ متهالكة

وعن قطاع الصيد البحري الذي يعاني بنية تحتية متهالكة قال زغدان إنه يحتاج إلى تغييرات جوهرية للضغط على كلفة الإنتاج، إذ لا تلائم الأداءات المرتفعة الوضعية الحالية للموانئ التونسية، وإن توفر البلاد موانئ بمعدلات تزيد على ميناءين في كل محافظة ساحلية، فإنها لا تقدم الخدمات المناسبة في ظل غياب مرافئ للمراكب الكبيرة وندرة البياطرة والموارد البشرية.

اقرأ المزيد

وتابع "دعت المنظمة إلى مراجعة منظومة لأجهزة الرقابية اللاسلكية برمتها بحكم النواقص التي لوحظت فيها والرفع من نسق التزود بالمحروقات التي إن تتوفر بمعدل دعم يساوي 45 في المئة فهي لا تغطي الحاجات، أما المعضلة الكبرى التي تهدد بتصحر الثروة البحرية فهي الصيد العشوائي، وهي متفاقمة وتنذر باتخاذ قرارات مدمرة، وأعلن الاتحاد الأوروبي عن إمكان اتخاذه إجراءات إيقاف التوريد من البلدان غير المقاومة للصيد العشوائي في صافرة إنذار لمحاربة هذه الآفة".

وبينما شهدت السدود التونسية في الأشهر الأخيرة مستويات تعبئة عند 35 في المئة، فإن الوضع المائي لم يتجاوز منطقة الخطر وفق رئيس المنظمة الذي رأى أن غالب السدود تجاوزت عمرها الافتراضي وأضحى تشييد منشآت جديدة ضرورة ملحة، لكن الأمر لا يتعلق بسدود متهاوية بقدر ما يتجاوزه إلى شبكة ري متهالكة، إذ تتسبب القنوات الحالية في ضياع ثلثي كميات المياه وهي في طريقها إلى الري.

وبخصوص الثروة المائية تدعو المنظمة الفلاحية إلى النظر في إنتاجية المياه، وهي مردودية المتر مربع من المياه بالنظر إلى صنف الزراعة وتقدير مردوديتها، ثم تحديد أولويات التزويد بمياه الري، وتدعو الوضعية الحالية المترتبة عن التغيرات المناخية واستنزاف المائدة المائية ببعض المناطق إلى مراجعة قائمة الزراعات المستهلكة للمياه، ووضع أولويات في هذا الصدد.

وخص بن زغدان بعض الزراعات المستهلكة للمياه مثل الطماطم والمرتبطة بالصناعات الغذائية الموجهة للتصدير على غرار الطماطم المركزة وهي لا تمثل غذاء أساساً للتونسيين.

457 مليون دولار من الديون المتفاقمة

وتبلغ ديون الفلاحين في تونس 1.450 مليار دينار (457 مليون دولار) وفق رئيس المنظمة، الذي أضاف أن المنظمة دعت إلى إيجاد حلول مع البنوك في هذا الصدد، بعدما تحولت الديون إلى حاجز أمام التمويل البنكي، فيما يعد مستوى المديونية المذكور نتيجة بديهية لعدم توجيه الدعم إلى مستحقيه، مشيراً إلى أن استدامة المنظومات الزراعية التي تتعلق بالأمن الغذائي التونسي رهينة منح الدعم للمزارعين مباشرة، بينما يوجه الدعم في الوقت الراهن إلى التجار والمجمعين والمصنعين، ويظل المزارع حلقة الإنتاج الأولى والأساس والمحرومة من الدعم في الوقت ذاته.

وأضاف بقوله "تحتاج منظومات الإنتاج إلى تقييم الكلفة والعمل على تغطيتها لدى الحلقة الأولى للإنتاج من دون اللجوء إلى تسعير المنتجات في السوق، وترتب عن تسعير عديد من المنتجات أخيراً تكبد الفلاحين خسائر جمة، فقد تحول الفلاح إلى صندوق دعم بذوره بطريقة غير مباشرة، وترك ليواجه مصيره بمفرده، وقدرت خسائر منتجي الحليب على سبيل المثال بـ3 مليارات دينار (946 مليون دولار)، نتج منها التفويت في القطيع وانخفاض إنتاج اللحوم وتأثر إنتاجية الحليب وتذبذب في التزويد من دون علاج بذور الأزمة وهي الأزمة المالية للمربين".

ويصعب حصر عدد الناشطين في القطاع الزراعي في تونس وفق رئيس المنظمة الذي قال إنهم منقسمون إلى مزارعين مباشرين وناشطين ممتهنين الزراعة من رجال أعمال وشركات، لكنه عاد ليكشف أنهم يتجاوزون 500 ألف شخص، في حين يبلغ عدد المنتظمين باتحاد الفلاحة والصيد البحري 350 ألف منتظم، تجاوز 65 في المئة منهم عمر 60 سنة، وهو ما يؤشر إلى تهرم القطاع وشيخوخته، وينذر بتفاقم الإشكالات العقارية في المستقبل القريب بسبب تشتت الملكية.

المزيد من حوارات