Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا شيء يخيف ترمب أكثر من ارتفاع أسعار البيض

أصبحت كلفته رمزاً للضغط على الأسر الأميركية التي وعدها الرئيس بخفض التضخم

في يناير الماضي وصل متوسط سعر دزينة من البيض الكبير إلى ما يقارب 5 دولارات (أ ف ب)

ملخص

يثير نهج ترمب تجاه الاقتصاد الأميركي الانقسام بصورة مريرة، لكن ما لا يختلف عليه أحد هو أن البيض أصبح فعلاً باهظ الثمن للغاية.

لا يبدو أن الرئيس دونالد ترمب يهتم كثيراً بغضب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ولا يبالي بتخطيط الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم للانتقام، لكنه مشغول جداً بسعر البيض، إذ يبدو أن كلفة المواد الغذائية والضرورات الأخرى هي التي قد توقف مسيرته، وليس الغضب الكندي والمكسيكي نتيجة للرسوم الجمركية التي يفرضها عليهم.

أصبح ارتفاع كلفة البيض رمزاً للضغط على الأسر الأميركية العادية، ويحمل ترمب المسؤولية على سلفه، جو بايدن، ويزعم أن سياساته الخاصة، بما في ذلك الرسوم الجمركية، ستجعل هذا العنصر الأساس في وجبة الإفطار ميسوراً مرة أخرى.

لكن الآن، ووعوده بالتعامل مع التضخم وتعزيز الاقتصاد، باتت تتعرض للاختبار، فالتحذيرات من "ركود ترمبي" من قبل الاقتصاديين – الذين ينسب معظمهم ارتفاع أسعار البيض إلى إنفلونزا الطيور وليس بايدن – أصبحت أكثر شدة في الأيام الأخيرة، وبالنسبة إلى ترمب، فإن البيانات تزداد سلبية بصورة مقلقة.

تتوقع وكالة التصنيف الائتماني "أس أند بي" أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للبلاد أقل 0.6 نقطة مئوية خلال الـ12 شهراً القادمة مقارنة بالتوقعات السابقة، إذ يعاني المستهلكون ارتفاع الأسعار، ويخلق عدم اليقين تردداً بين المستثمرين.

في وقت تعتقد البنوك الاستثمارية الكبرى في "وول ستريت" أن احتمالية حدوث ركود اقتصادي ازدادت بصورة كبيرة، يضع "جيه بي مورغان" فرصة الركود عند 31 في المئة، مقارنة بـ17 في المئة فقط في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ويقول "غولدمان ساكس" إن هناك فرصة تقارب واحد من كل أربعة حدوث ركود في الاقتصاد الأميركي، بزيادة على 14 في المئة قبل شهرين.

ويأتي هذا بعد تحذير حاد من "الاحتياطي الفيدرالي" في أتلانتا، الذي توقع أن ينكمش الاقتصاد الأميركي بنسبة 1.5 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وهو تحول جذري عن توقعه السابق بنمو قدره 2.3 في المئة في الفترة نفسها.

5 دولارات لدزينة البيض

يثير نهج ترمب تجاه الاقتصاد الأميركي الانقسام بصورة مريرة، لكن ما لا يختلف عليه أحد هو أن البيض أصبح فعلاً باهظ الثمن للغاية.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وصل متوسط سعر دزينة من البيض الكبير إلى ما يقارب 5 دولارات، وفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي، بزيادة شبه مضاعفة في غضون عام.

وبينما تشهد السلع الأساس الأخرى أيضاً زيادة، فمن المتوقع أن يستمر الألم عندما تصدر بيانات التضخم الأميركية الجديدة الأربعاء المقبل، مع توقع بعض المحللين أن تسهم التعريفات الجمركية في زيادة التضخم الأميركي بنسبة تصل إلى 0.7 نقطة مئوية، والذي بلغ في آخر قراءة له ثلاثة في المئة ليناير الماضي.

وتتوقع "أس أند بي" أن يظل التضخم قريباً من ثلاثة في المئة خلال عام 2025، مع الإشارة إلى أن هدف الاحتياطي الفيدرالي هو اثنين في المئة، وهذا يعني بدوره أن البنوك المركزية قد تحافظ على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، مما قد يؤدي إلى كبح الإنفاق والنمو الاقتصادي.

التعريفات الجمركية ترفع أسعار السلع

من المرجح أن تزيد التعريفات الجمركية - وهي ضريبة يدفعها المستوردون الأميركيون على بعض السلع القادمة من الخارج - التضخم أكثر، بحسب ما يخشى بعضهم، إذ تسعى الشركات لتمرير الكلفة إلى العملاء.

وقالت محللة كبيرة في بنك "سويسكوت"، إيبك أوزكارديسكايا، لصحيفة "ديلي ميل"، "من المتوقع أن يكون للتعريفات تأثير مباشر في زيادة التضخم الأميركي وتقليص قدرة ’الاحتياطي الفيدرالي‘ على خفض أسعار الفائدة لدعم النمو".

وكان الاقتصاد الأميركي أظهر بالفعل علامات على الضعف قبل أن يبدأ ترمب حربه التجارية بشكل جدي الأسبوع الماضي.

وتخلق السرعة التي يتخذ بها القرارات في البيت الأبيض، إضافة إلى التغييرات السريعة في الاتجاهات، حالاً من عدم اليقين وتقوض الثقة بين الشركات والمستهلكين.

الإثنين الماضي أكد الرئيس الأميركي أن التعريفات الجمركية بنسبة 25 في المئة ستفرض على الواردات من كندا والمكسيك، وهما من أكبر شركاء التجارة مع الولايات المتحدة.

وبعد أيام قليلة، أعلن ترمب أن بعض الرسوم على السلع ستعلق لمدة شهر، مما أدى إلى مزيد من عدم اليقين بين الشركات.

اقرأ المزيد

ويتفق معظم الاقتصاديين المرموقين مع وجهة نظر ترمب بأن التعريفات الجمركية هي "كلمة جميلة"، لكن الرأي العام يميل إلى القول إنه لا يوجد فائزون في حرب تجارية تعتمد على التعريفات مثل تلك التي أشعلها ترمب، لأن ذلك يؤدي إلى دوامة من الانتقام الذي يضر الجميع، وفي هذا السيناريو، الشركات والمواطنون في جميع البلدان المشاركة يتحملون في النهاية الخسائر.

ويتوقع تحليل من مختبر موازنة جامعة ييل أن التعريفات قد تضيف ما يصل إلى 2000 دولار سنوياً إلى كلفة المعيشة للأسرة الأميركية المتوسطة.

أصبحت الشركات الأميركية عرضة للمقاطعة

على رغم أن ترمب يصر على أن التعريفات ستمنح الولايات المتحدة نفوذاً في مفاوضات التجارة، فإن آخرين يرون أنها ستضر أميركا أولاً وتضر الاقتصادات الأخرى، بما في ذلك بريطانيا، على رغم أن ترمب لم يهدد مباشرة بفرض مزيد من الرسوم على صادراتنا.

وقال محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، لأعضاء البرلمان الأسبوع الماضي إن هناك "أخطاراً كبيرة" على الاقتصاد البريطاني بسبب "التغيير الكبير" في سياسة التجارة الأميركية، مضيفاً أن البنك المركزي يتعامل مع القضية "بجدية كبيرة".

ولتفاقم الأخطار أصبحت الشركات الأميركية عرضة للمقاطعة من قبل المستهلكين الذين يعارضون سياسات ترمب، وبدأت الشركات الكندية بالفعل في سحب السلع الأميركية من رفوفها، وألغت مقاطعة أونتاريو عقداً بقيمة 100 مليون دولار مع "ستارلينك"، شركة الأقمار الاصطناعية التي يملكها حليف ترمب، إيلون ماسك.

وتأثرت شركة السيارات الكهربائية "تيسلا"، التي يسيطر عليها ماسك، بانهيار المبيعات في أوروبا والصين بسبب تصاعد الغضب تجاه الروابط التي تجمعه بالحكومة الأميركية.

قد يجادل ترمب بأن إعادة ترتيب النظام الاقتصادي العالمي أمر ضروري لكي يصل الاقتصاد الأميركي إلى إمكاناته الكاملة، وأنه سيكون هناك بعض الألم على المدى القصير، لكن بالنسبة إلى الرئيس ترمب الذي ربط صدقيته كثيراً بقدراته الاقتصادية، فإن هذا بعيد من أن يكون السيناريو المثالي.