Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

"دبلوماسية الطرد المتبادل" تعقد العلاقات بين روسيا وبريطانيا

الدول الأوروبية ستتعاون مع أوكرانيا في وضع خطة من 4 مراحل لوقف الأعمال القتالية قبل تقديمها إلى الولايات المتحدة

أفاد جهاز الأمن الفيدرالي بأن الغرب يعتزم نشر ما يسمى بقوة حفظ السلام التي يبلغ قوامها نحو 100 ألف شخص في أوكرانيا (أ ف ب)

ملخص

حدد رؤساء حكومات وبلدان الاتحاد الأوروبي 4 خطوات تتمثل في استمرار المساعدة العسكرية وزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا، وضمان سيادة أوكرانيا وأمنها، ومنع استئناف الصراع الروسي- الأوكراني في المستقبل، فضلاً عن إنشاء تحالف لحماية وضمان السلام.

في تطور مفاجئ يعيد إلى الأذهان حملات تبادل "الطرد الجماعي" للدبلوماسيين بين البلدان الغربية وروسيا الاتحادية، مع أولى أيام "العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا" التي بدأت في 24 فبراير (ِشباط) 2022، أعلنت وكالة أنباء "تاس" الرسمية عن اتهام اثنين من الدبلوماسيين البريطانيين "بالقيام بنشاط استخباراتي وعمل تخريبي". ونقلت الوكالة الروسية الرسمية عن وكالة الاستخبارات الفيدرالية "أف أس بي" ما ذكرته حول أنه سيتم إبعادهما عن روسيا.

موسكو تطرد دبلوماسيين بريطانيين

وقالت وكالة الاستخبارات الفيدرالية إن الدبلوماسيين البريطانيين هما السكرتير الثاني للسفارة البريطانية في موسكو ألكيش أوديدرا ومايكل سكينر، زوج السكرتير الأول للقسم السياسي في السفارة تاباسوم رشدي. وكشفت الوكالة الروسية أن الدبلوماسيين البريطانيين "أشارا عمداً لدى تقديم استمارات تأشيرتيهما إلى بيانات خاطئة، ما يُعَد انتهاكاً للتشريعات الروسية". كما أشارت وكالة الاستخبارات الفيدرالية إلى ما سجلته حول "نشاط استخباراتي وعمل تخريبي من جانب هذين الدبلوماسيين بما يهدد أمن روسيا الاتحادية". وأعلنت وكالة أنباء "تاس" أن وزارة الخارجية الروسية قررت سحب اعتماد الدبلوماسيين البريطانيين، إلى جانب إصدارها أمر مغادرتهما روسيا في غضون أسبوعين.

ومن جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم السفارة البريطانية في موسكو إن "الاتهامات التي وجهتها السلطات الروسية ضد موظفينا وأفراد عائلتيهما لا أساس لها من الصحة على الإطلاق". وفي بيان جرى إصداره بهذا الصدد، قال "إنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها السلطات الروسية ادعاءات لا أساس لها من الصحة ضد موظفينا، فيما وعد بالرد على ذلك. وكانت وزارة الخارجية الروسية سبق وأعلنت عزمها على الرد بالمثل، تجاه طرد أحد دبلوماسييها العاملين في السفارة الروسية في العاصمة البريطانية، وهو ما أكدته في بيانها الصادر بهذا الصدد في فبراير الماضي، نشرته الوكالات الإعلامية الرسمية. وذلك بينما قالت المصادر البريطانية إن قرار سحب اعتماد الدبلوماسي الروسي الذي لم تشر إلى اسمه ووظيفته، جاء رداً على طرد أحد الدبلوماسيين البريطانيين العاملين في السفارة البريطانية في موسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. ونقلت عن وكالة أنباء "نوفوستي" ما قالته حول إن وزارة الخارجية الروسية وبعد المعلومات "الخاطئة" التي قدمها أحد العاملين في السفارة البريطانية لدى تقدمه للحصول على تأشيرة الدخول إلى روسيا، فإنه سيتم تشديد مراجعة المعلومات المطلوبة لمنح مثل هذه التأشيرات. وتعليقاً على ذلك سارعت وزارة الخارجية البريطانية إلى إعلان عدم صحة مثل هذه المعلومات، فيما توعدت باتخاذ ما وصفته "بالرد المناسب".

وكانت السلطات البريطانية أعلنت في مايو (أيار) 2024 عن طرد الملحق العسكري للسفارة الروسية في لندن بحجة "أنه ضابط استخبارات غير معلن"، وهو ما سارعت موسكو بالرد عليه بطرد الملحق العسكري لدى السفارة البريطانية في العاصمة الروسية استناداً إلى ما قالت "إنه ضابط استخبارات عسكري لم يعلن منصبه"، مبررة ذلك بقولها، إن ما اتخذته من إجراءات يستند إلى مبدأ "المعاملة بالمثل".

ومن اللافت في صدد عودة "ظاهرة الطرد الجماعي" بين روسيا والبلدان الغربية، واستمرار التوتر في العلاقات بين روسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي، أن ما يجري بين روسيا وبريطانيا يجيء مواكباً لما استهلته الولايات المتحدة وروسيا من جهود تستهدف العودة إلى تطبيع العلاقات بين البلدين في فبراير الماضي، باتفاق توصل الجانبان إليه في أول محادثات لهما منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا عقداها في الرياض في فبراير الماضي، حول عودة السفيرين الروسي والأميركي إلى مقري عملهما في العاصمتين. وذلك فضلاً عن الإعلان عن اتفاق العاصمتين الروسية والأميركية حول إعادة المقار الدبلوماسية الروسية التي كانت الإدارة الأميركية السابقة صادرتها مع بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مع الموافقة على عودة دبلوماسيي البلدين إلى مقري عملهما في كل من روسيا والولايات المتحدة.

أوروبا تبحث تعويض وقف الدعم الأميركي لأوكرانيا

وقد جاءت كل هذه التطورات التي تجري في اتجاه التصعيد بين روسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي في توقيت مواكب، لانضمام غالبية هذه البلدان إلى جانب أوكرانيا، التي تشهد علاقاتها مع الإدارة الأميركية الجديدة تراجعاً يتزايد يوماً بعد يوم، منذ المشادة الكلامية التي شهدها المكتب البيضاوي خلال أول لقاء يعقده في البيت الأبيض، الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعدد من كبار مساعديه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وكانت الأيام القليلة الماضية شهدت تجمعاً لرؤساء حكومات وبلدان الاتحاد الأوروبي غاب عنه فيكتور أوربان وروبرت فيتسو، رئيسا حكومتي المجر وسلوفاكيا، المعارضان لتوجهات هذا التجمع والرافضان لإصراره على استمرار الحرب، ونذكر بهذا الشأن ما ناقشه ممثلو البلدان الأوروبية فيما يخص الجهود الرامية إلى توفير الدعم المالي والعسكري، عوضاً عن قرار الرئيس دونالد ترمب حول وقف الدعم الأميركي العسكري والمادي واللوجيستي لأوكرانيا الذي أقره الرئيس السابق جو بايدن.

وكانت بلدان المجموعة الأوروبية عقدت في لندن اجتماعها الذي ناقش ما يمكن تقديمه من دعم عسكري ومالي إلى أوكرانيا، فضلاً عما طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول توفير الغطاء النووي الفرنسي لبلدان الاتحاد الأوروبي، وهو ما وصفته موسكو بالتهديد النووي الفرنسي الموجه إلى روسيا. وذلك فضلاً عن إرسال قوات حفظ سلام أوروبية إلى أوكرانيا التي سبق وطلبها الرئيس الأوكراني، وطرح كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني فكرة أن تكون مدعومة بقوات ومشاركة أميركية. أما عن هذه المشاركة فقد أشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن الطلبات الأوروبية بهذا الصدد تشمل الدعم اللوجيستي الاستخباراتي والمراقبة الجوية، وتوفير الغطاء الجوي والمساعدة اللازمة لحماية القوات الأوروبية في المناطق التي سوف تنتشر فيها.

رد موسكو على خطة إرسال قوات حفظ السلام

وكانت موسكو الرسمية أكدت في أكثر من مناسبة، وعلى لسان كبار مسؤوليها، موقفها من فكرة إرسال قوات حفظ السلام، التي قالت إنها مرفوضة شكلاً وموضوعاً. وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن موافقة الرئيس الروسي بوتين على قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا في إطار اتفاق لوقف الحرب، تقول المصادر الروسية إن بوتين لطالما أعلن رفضه لوجود قوات "الناتو" على مقربة مباشرة من الحدود الروسية. ولعله من الغريب أن تصدر مثل هذه المعلومات عن ترمب، في الوقت الذي يعلن فيه اتفاقه مع مطلب بوتين حول عدم انضمام أوكرانيا إلى هذا الحلف العسكري.

وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية أعلن في هذا الصدد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال النظر في أية سيناريوهات حول نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا. وأكد لافروف أن النهج الذي يريد فرضه الأوروبيون، وتحديداً فرنسا وبريطانيا، يهدف إلى زيادة تصعيد الصراع ومنع أي محاولات لتهدئته. وأضاف قوله إن "ماكرون تحدث في واشنطن عن ضرورة وقف إطلاق نار عاجل، ونشر قوات حفظ السلام هذه، وبعد ذلك سيصبح من الممكن الحديث عن الأراضي، ومصير الناس، وعن المبادئ الأخرى للتسوية. كما إنه لا يجوز قبول اتفاق يهدف إلى تحقيق هدف واحد - ضخ الأسلحة لأوكرانيا مرة أخرى". وإذ استبعد الوزير الروسي إمكانية تجميد الصراع في أوكرانيا على طول خط التماس بين الجانبين الروسي والأوكراني، قال: "هذا لن يحدث، ونحن لدينا دستور"، ما يعني رفض مثل هذه الأفكار.

كان جهاز الأمن الفيدرالي أفاد بأن الغرب يعتزم نشر ما يسمى بقوة حفظ السلام التي يبلغ قوامها نحو 100 ألف شخص في أوكرانيا بهدف منحها الوقت لإعادة تجهيز قواتها المسلحة. وننقل عن صحيفة "تليغراف" البريطانية ما نشرته نقلاً عن مصادر في الحكومة البريطانية، حول أن لندن وباريس تناقشان سراً على أعلى مستوى إرسال "قوات حفظ سلام" مشتركة إلى أوكرانيا بعد انتهاء الصراع. وأشارت هذه المصادر إلى أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "ليس مستعداً بالكامل بعد" لهذه المبادرة، بينما يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الترويج لفكرة إرسال قوات إلى أوكرانيا، والتي تمت مناقشتها سابقاً مع فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك.

الخطوات الـ4 لدعم أوروبا لكييف

وحرص المجتمعون في لقائهم الذي جرى في العاصمة البريطانية على تحديد السبل الرامية إلى دعم أوكرانيا قبيل المحادثات المرتقبة بشأن التسوية السلمية للأزمة الأوكرانية. وحدد رؤساء حكومات وبلدان الاتحاد الأوروبي هذه السبل في 4 خطوات تتمثل في استمرار المساعدة العسكرية وزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا، وضمان سيادة أوكرانيا وأمنها، ومنع استئناف الصراع الروسي- الأوكراني في المستقبل، فضلاً عن إنشاء تحالف لحماية وضمان السلام. وذلك في الوقت الذي يبدو فيه توجه الرئيس الأميركي أكثر وضوحاً تجاه ما قاله حول ضرورة أن تضطلع البلدان الأوروبية بتوفير الحماية والمساعدة المالية والدعم العسكري اللازم لأوكرانيا. وفي هذا الشأن قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الدول الأوروبية ستتعاون مع أوكرانيا في وضع خطة من 4 مراحل لوقف الأعمال العدائية قبل تقديمها إلى الولايات المتحدة. وشدد على أن أوروبا يجب أن تبذل المزيد من الجهد لتأمين ذلك، وإن عاد ليشير إلى أن الاتفاق يحتاج أيضاً إلى دعم البيت الأبيض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البدائل ومستقبل زيلينسكي

كثير من الغموض يكتنف مستقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المنتهية ولايته منذ مايو 2024. وقد زاد هذا الغموض حدة منذ تورطه في المشادة الكلامية مع ترمب، وطرده من البيت الأبيض خالي الوفاض، وهو ما أعقبته قرارات الرئيس الأميركي حول وقف الدعم العسكري الفوري إلى أوكرانيا، إلى جانب قطع الدعم اللوجيستي وما كانت القوات الأوكرانية تحصل عليه من معلومات استخباراتية وفضائية تساعدها على تحديد مواقع القوات الروسية، ومسار عملياتها وقدراتها العسكرية. ومن هذا المنظور تحول المراقبون في داخل أوكرانيا وخارجها إلى تقدير الموقف من مدى قدرة زيلينسكي على الاستمرار في موقعه في حال إجراء انتخابات رئاسية عقب التوصل إلى التسوية السلمية المنشودة التي يظل الرئيس الأميركي متمسكاً بها. وإذا كانت مطبوعة "بوليتيكو" اقتصرت في بحثها عن البدائل المتوقعة للرئيس الأوكراني زيلينسكي على أسماء يوليا تيموشينكو رئيسة الوزراء السابقة التي لقبت بـ"أميرة الانتفاضة البرتقالية"، وكذلك بيتر بوروشينكو الرئيس الأوكراني السابق، وثلاثة آخرين من المعارضة السابقة، فإن الواقع الأوكراني يشير إلى وجود آخرين يملكون القدرة والشعبية التي قد تكفل لهم الحصول على الأصوات اللازمة للفوز بالمنصب. ومن هؤلاء ميخائيل بودولياك مستشار الرئاسة الأوكرانية، وألكسي أريستوفيتش المستشار السابق في مكتب الرئيس الأوكراني الذي سبق وبادر بالانشقاق والرحيل عن أوكرانيا، إلى جانب آخرين في الخارج، ومنهم فيكتور ميدفيتشوك رئيس حركة "أوكرانيا الأخرى" المعارضة الذي يحظى بدعم موسكو التي انتزعته من محبسه في أوكرانيا في صفقة تاريخية مع السلطات الأوكرانية بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. إضافة إلى كل هؤلاء، إن لم يكن على رأس كل هذه المجموعة المعتبرة من المرشحين الافتراضيين، يقف الجنرال فاليري زالوجني القائد العام السابق للقوات الأوكرانية وصاحب الشخصية الطاغية الذي أبعده زيلينسكي عن كييف، ليشغل منصب السفير الأوكراني الحالي في لندن، وليظل أوفر المرشحين حظاً، في حال ترشحه للفوز بالمنصب.

المزيد من تقارير