Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

بريق سوق الأسهم الأميركية ينطفئ وسط مخاوف حرب التجارة

تباطأت وتيرة التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة خلال أول شهرين من 2025

بالنسبة إلى عدد من المستثمرين فإن الأسهم الأميركية تبدو جذابة للغاية بحيث لا يمكن التخلي عنها (رويترز)

ملخص

منذ بداية العام تراجع مؤشر (أس أند بي 500) 3.6 في المئة في حين ارتفع (ستوكس 600 الأوروبي) بنسبة 8.3 في المئة

ولد كيث موفات في كندا، ويقيم في هولندا، ويحمل جواز سفر إيرلندياً، لكن حتى وقت قريب كانت محفظته الاستثمارية تتركز بالكامل تقريباً في الأسهم الأميركية، في مرحلة ما كانت 90 في المئة من استثماراته في السوق الأميركية، لكنه باع جميع أسهمه هناك خلال الأسابيع الماضية، مستثمراً بدلاً من ذلك في صناديق المؤشرات التي تضم أسهم الشركات الأوروبية والدولية، إلى جانب أسهم شركات الدفاع الأوروبية، يرى موفات أن السوق الأميركية مبالغ في قيمتها، علاوة على أن تصريحات الرئيس الأميركي ترمب التي وصف فيها كندا بأنها "الولاية الـ51" كانت مزعجة بالنسبة إليه.

وقال موفات معلقاً على تصريحات ترمب في شأن كندا "جاءت الطعنة في القلب، هناك كثير من الأوروبيين الأثرياء غير راضين عما يحدث في الولايات المتحدة، فلماذا نضع أموالنا هناك؟".

 وبعد شهرين فقط من إعلان "جيه بي مورغان تشيس" أن "الاستثنائية الأميركية" ستكون الموضوع الاستثماري الأبرز عام 2025، بدأ المستثمرون حول العالم بالبحث عن بدائل أخرى، وبدلاً من الاستفادة من تفوق الأسواق الأميركية باتوا يدرسون تداعيات الحروب التجارية والتحولات الكبرى في السياسة الخارجية الأميركية، وخلال هذه الفترة المتقلبة تجاوزت الأسواق في الصين وأوروبا التوقعات.

وفي الجمعة الماضي تلقت الأسهم الأوروبية دفعة قوية، بعدما وافقت الحكومة الألمانية على خطة لضخ ما يصل إلى تريليون يورو (1.09 تريليون دولار) في الاقتصاد، مع تخصيص جزء كبير من هذه الأموال لدعم قطاع الدفاع، وارتفع مؤشر "داكس الألماني" بنحو 15 في المئة منذ بداية العام، فيما يأمل بعض المستثمرين أن يسهم هذا الإنفاق الضخم في انتشال البلاد من الركود، وعززت دول أوروبية أخرى إنفاقها العسكري المحلي، وسط إشارات متزايدة على تبني الولايات المتحدة نهجاً أكثر انعزالاً في سياستها الخارجية، مما أدى إلى ازدهار أسهم شركات الدفاع في المنطقة.

"الشركات الأوروبية ستصبح أكثر عدوانية"

ليا هولمغرين، المتداولة المقيمة في ميامي والمتحدرة من سلوفاكيا، التي شاركت في تأسيس "تريدينغ مايندسيت أند داتا" وتدرب المستثمرين المبتدئين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قالت إن أوروبا كانت "في سبات عميق" أعواماً، لكنها ترى أن مؤشر "داكس" والبنوك الأوروبية بدأوا أخيراً في إظهار بوادر انتعاش، مشيرة إلى أن أجندة "أميركا أولاً" التي يتبناها ترمب ستجبر الشركات الأوروبية على أن تصبح أكثر عدوانية، وفي فبراير (شباط) الماضي حولت هولمغرين بعض أصولها القصيرة الأجل من الولايات المتحدة إلى شركات الدفاع الأوروبية.

وقالت لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "الجميع يستثمر في الأسهم الأميركية، فهي تضم أعظم الشركات في العالم، لكن التقييمات أصبحت جنونية".

وتساءلت، "ما مستقبل هذه الشركات؟ هل يمكن لشركة (إنفيديا) أن تحقق نمواً بمقدار 10 أضعاف مرة أخرى؟ لهذا السبب أعتقد أن الناس بدأوا في البحث عن وجهات استثمارية أخرى".

وخلال الشهرين الأولين من العام ضخ المستثمرون أكثر من ملياري دولار في صناديق المؤشرات المتداولة التي تستثمر بصورة أساس في الأسهم الأوروبية، وفقاً لبيانات "مورنينغ ستار"، وهو تحول حاد مقارنة بالنصف الثاني من 2024 عندما خرج أكثر من 8.5 مليار دولار من هذه الصناديق، وفي الوقت نفسه تباطأت وتيرة تدفق الاستثمارات إلى صناديق المؤشرات المتداولة للأسهم الأميركية خلال أول شهرين من 2025 مقارنة بالشهرين الأخيرين من 2024.

ومنذ بداية العام تراجع مؤشر (S&P 500) بنسبة 3.6 في المئة، في حين ارتفع مؤشر (Stoxx 600) الأوروبي بنسبة 8.3 في المئة.

وسيحصل المستثمرون هذا الأسبوع على مزيد من المؤشرات حول الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، مع صدور بيانات جديدة حول أسعار المنتجين وطلبات السلع المعمرة ومبيعات المنازل الجديدة، إلى جانب أحدث استطلاع لثقة المستهلك.

أما المستثمرون المتمسكون بالأسهم الأميركية فلا يزالون يؤمنون بالأساسات، إذ يرون أن الشركات المحلية تتمتع بآفاق قوية وستواصل هيمنتها على الأسواق العالمية على المدى الطويل، بدعم من النمو المتسارع في قطاع الذكاء الاصطناعي.

لكنهم يلاحظون التحديات أيضاً إذ تتراجع ثقة المستهلك، والتضخم لا يزال مرتفعاً، والإنفاق الاستهلاكي يشهد تباطؤاً في مختلف القطاعات.

في حين يخشى بعض المستثمرين أن يكون الاعتماد الكلي على السوق الأميركية لم يعد الخيار الأمثل، مما يدفعهم إلى البحث عن فرص استثمارية في أسواق أخرى.

صفقات مغرية في أسواق أخرى

ويجد المستثمرون صفقات مغرية في أماكن أخرى حول العالم، فالأسواق في مختلف أنحاء العالم تتداول بأسعار منخفضة مقارنة بالولايات المتحدة، إذ يبلغ مقياس السعر إلى الأرباح للشركات في مؤشر "ستوكس أوروبا 600" خلال العام الماضي نحو 18.7، بينما يصل إلى 24.6 لمؤشر (S&P 500)، وفقاً لبيانات "داو جونز ماركت"، علاوة على أن نسبة هذا المقياس لمؤشر (Hang Seng) أقل من 13.

اقرأ المزيد

وبينما يبحث المستثمرون عن فرص أخرى، قدم بعضهم سبباً إضافياً لنقل جزء من استثماراتهم خارج الولايات المتحدة وهو علاقة إدارة ترمب مع أوروبا التي قد تستمر في التدهور.

بيتر ستيرن، الأميركي البالغ من العمر 41 سنة والمقيم في ألمانيا، كان يحتفظ بنحو 70 في المئة من محفظته في الأسهم الأميركية، يعمل في شركة تكنولوجيا أميركية ويخشى أن يفقد وظيفته وربما الوصول إلى مدخراته في حال تفاقمت الخلافات عبر الأطلسي حول السياسات. وقال ستيرن "أنا أنفق اليوروهات وأكسب اليوروهات وكل أموالي محبوسة في الولايات المتحدة، لم أعد أشعر بالأمان بترك كل أموالي في الولايات المتحدة".

يعيد بيتر ستيرن استثمار محفظته من السندات الأميركية في الأسهم والسندات الأوروبية، على أمل أن يساعد في تمويل جهود الأمن الأوروبي، لكن هناك تبعات ضريبية كبيرة عند نقل رأس المال عبر المحيط الأطلسي، لذلك يواصل الاحتفاظ بأسهمه الأميركية.

وقال توماس كوبر، رجل الأعمال البالغ من العمر 34 سنة من ولاية أوهايو، الذي يتاجر يومياً، إن هناك رهانات ذكية يمكن القيام بها في الأسواق الخارجية، لكن العثور على تلك الأسهم يتطلب وقتاً ومهارة، وبينما اشترى كوبر مزيداً من الذهب لحماية نفسه من تقلبات سوق الأسهم في فترة ترمب، إلا أنه يشعر بالتحفظ تجاه فكرة الاستثمار في الأسواق الخارجية بسبب ضيق الوقت الناتج من وظيفته.

وأضاف كوبر "ليس لدي ميزة في أسواق أوروبا وسوق الصين وجميع الأسواق الناشئة في العالم للشعور بالثقة في التداول بالمبالغ التي أتداول بها".

ومع ذلك فإن الفكرة جذابة، وقال كوبر، "لا ألوم أحداً، أرى أعلى مستويات على الإطلاق في الخارج".

وبالنسبة إلى عدد من المستثمرين فإن الأسهم الأميركية تبدو جذابة للغاية بحيث لا يمكن التخلي عنها، وأصبح أندرو بارنيت من ولاية كوينزلاند في أستراليا قلقاً في شأن ما قد تعنيه السياسات الأخيرة من واشنطن على النمو الاقتصادي، وحول أكثر من نصف محفظته إلى أسهم غير أميركية، مثل "لوي فوتون" و"علي بابا".

لكن بارنيت يعتقد أيضاً أن الولايات المتحدة تحتضن أفضل المواهب في العالم وأعلى الشركات نجاحاً، ولم يتخل عن فكرة الاستثنائية الأميركية، وقال، "لديك 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، وكل منها تمتلك ثقافتها ولغتها وأعمار التقاعد الخاصة بها، أعتقد أن الولايات المتحدة ستظل تتفوق على أوروبا، لكن خلال فترات معينة، مثل الوقت الحالي، سنرى جيوباً من الفرص".

المزيد من أسهم وبورصة