Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

غزة تحت القصف: حرب جديدة أم خطة للتهجير القسري؟

السكان يخشون هذا المخطط ويتمسكون بالأرض على رغم كل الظروف السيئة

وضع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير خطة علنية لغزة هدفها التهجير (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

تعمل إسرائيل الآن على خلق حال من الضيق واليأس لدى السكان، ودفعهم إلى التفكير في مغادرة القطاع بحثاً عن حياة أكثر استقراراً وأماناً، والهدف تغيير التركيبة الديموغرافية داخل قطاع غزة.

ربتت أمل على كتف أمها تهاني التي ترقد مريضة على سرير المستشفى، وتهمس في أذنها "سأطلب من الطبيب البدء بتجهيز أوراق التحويلة الطبية للعلاج في الخارج، في أية دولة غير غزة ستكون الإمكانات والقدرات الصحية أفضل وربما تتعافى بسرعة".

وتومئ الأم تهاني التي أتعبها المرض وأرهق جسدها برفض عرض ابنتها، وتتمتم وهي تتعذب من الوجع "لن أغادر غزة، هذه ليست رحلة علاج، بل سفر بلا عودة، هجرة من بلدي إلى الأبد، لن تسمح لي إسرائيل بعد أن أتماثل للشفاء بالرجوع إلى القطاع، دعيني أخبرك حقيقة، الجيش عاد للحرب ليجبر الغزيين على الهجرة".

مرضى لكن يرفضون التهجير

تعرف الابنة أمل أن حال أمها خطرة للغاية وتقترب من الموت، تقول "حبيبتي تهاني في حاجة إلى تحويلة طبية عاجلة للعلاج في الخارج، إنها تعاني نزفاً حاداً في دوالي المعدة والمريء، في حاجة إلى حقن وربط الأوردة بصورة عاجلة".

خلال يوم واحد نزفت الأم تهاني أمام ابنتها أكثر من 10 مرات، وسارع الأطباء لتزويدها بما يقارب 20 وحدة دم، إذ لا علاج للسيدة في غزة التي تعيش حرباً مدمرة أرهقت قطاعها الصحي، وحرمتها إسرائيل من الدواء والمعدات والأجهزة والمستلزمات الطبية.

وعلى رغم هذه الحال المرضية القاسية التي تعيشها الأم تهاني فإنها ترفض السفر للعلاج في الخارج، وتبرر ذلك قائلة "أمس سافر من غزة نحو 260 مريضاً مع عائلاتهم، غادروا القطاع عبر مطار ’رامون‘ الإسرائيلي وأثناء نقلهم أجبروا على التوقيع على مذكرة بعدم العودة إلى غزة نهائياً، سافروا إلى أوروبا التي منحتهم إقامة بكل امتيازاتها لمدة ثلاثة أعوام".

وتصمت الأم تهاني لثوان تتوجع ويعتصر قلبها ألماً ثم تواصل "هذه هجرة وليس تحويلة طبية بغرض العلاج في الخارج، أنا لا أعرف العيش خارج غزة ولا أحب غيرها، إذا مت أرغب في أن أدفن بترابها، لا أريد العيش أو العلاج أو الموت في أي مكان آخر".

حرمتنا مقومات الحياة لتهجرنا

وفي غزة، يعتقد السكان أن إسرائيل عادت للحرب مجدداً واستأنفت القتال العنيف مرة أخرى لتحقيق هدف واحد فحسب، وهو إجبار السكان على الهجرة من القطاع. ويؤمن الغزيون بأن تل أبيب لم تضع فكرة تفريغ أرض القطاع من السكان جانباً أبداً وتحاول تحقيقها بجميع الوسائل.

يتكئ ياسين أمام خيمته ينظر للبحر، ويقول "أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت الغذاء وبعدها قطعت الكهرباء لتخلق أزمة مياه ثم استأنفت الحرب، باختصار هذه خطة مدروسة لتجعل الحياة في غزة مستحيلة وغير صالحة للعيش، وتوجه تفكير الناس نحو الهجرة".

يقاطع هذا الحديث إيهاب ويرد على جاره قائلاً "لم يتبق في غزة أية مقومات للحياة، لكن يا أخي لا أعرف لماذا يرفض الناس الهجرة. وعلناً وبوضوح اعترفت إسرائيل أنها عادت للحرب من أجل ترحيل السكان، إذا راجعت آخر تصريحات الأميركيين والإسرائيليين تعرف ذلك جيداً".

تسلسل تهديدات إسرائيل

عندما عادت الطائرات الحربية المقاتلة تقصف غزة، وضع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير خطة علنية لغزة تتصاعد تدريجاً، تبدأ بضربات محدودة ثم توغل بري وصولاً إلى ترحيل جماعي طوعي.

إلى جانب ذلك، هدد وزير الدفاع يسرائيل كاتس سكان القطاع بمزيد من الدمار والتهجير، قائلاً "سنعمل على نقل سكان غزة وتنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتهجير الطوعي لسكان غزة.

وسبق تهديدات كاتس حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال فيه "لقد حان الوقت لمنح سكان غزة حرية المغادرة، إسرائيل متمسكة بتطبيق خطة ترمب في شأن غزة وتهجير الغزيين".

وتعود فكرة تهجير سكان غزة إلى الرئيس ترمب حين كشف عن عزمه الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه إلى عدد من الدول، وبدأت تل أبيب في اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ الجزء الخاص بها من خطة التهجير، إذ أنشأت مديرية الهجرة.

استئناف الحرب غرضه التهجير

ليس سكان غزة وحدهم من يعتقد أن إسرائيل عادت للحرب من أجل تهجيرهم، بل يؤكد المراقبون السياسيون والعسكريون أن استئناف القتال هدفه ترحيل الغزيين، ويقول الباحث في الأمن الاستراتيجي خالد عاشور "منذ بداية الحرب قبل 18 شهراً وإسرائيل تفكر بنقل الغزيين إلى منطقة أخرى".

ويضيف "هناك فارق كبير بين الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة قبل 18 شهراً، والحرب التي تشنها اليوم، في هذا القتال تدير تل أبيب حرباً ذات هدف استراتيجي واضح، وهو تهجير أكبر عدد ممكن من الغزيين".

ويوضح عاشور أن تصريحات إسرائيل ليس تهديدات فارغة، وتعمل الآن على خلق حال من الضيق واليأس لدى السكان، ودفعهم إلى التفكير في مغادرة القطاع بحثاً عن حياة أكثر استقراراً وأماناً. وتهدف تل أبيب إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في قطاع غزة.

اقرأ المزيد

تدرك "حماس" أن الهدف تهجيري

ويشير عاشور إلى أن مخطط التهجير مرهون بصورة أساس بتحركات القوى الفلسطينية بطريقة تضمن تفويت الفرصة على إسرائيل، وذلك إذا جرى التوصل إلى اتفاق برعاية إقليمية ودولية يحول دون تحقيق ذلك.

وانسجاماً مع مخطط التهجير، بثت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقارير تفيد بأن مصر مستعدة لنقل نصف مليون من قطاع غزة بصورة موقتة إلى مدينة مخصصة في شمال سيناء، في إطار إعادة إعمار مدينة الحرب المدمرة، لكن الهيئة العامة للاستعلامات المصرية نفت تلك المزاعم.

حركة "حماس" هي الأخرى قرأت أن إسرائيل عادت للحرب من أجل ترحيل الغزيين من القطاع، ويقول رئيس الحركة في الخارج خالد مشعل "تحاول تل أبيب تمرير خطة التهجير بحجة نقل المواطنين إلى مناطق آمنة، يجب أن تتكاتف الجهود لمحاربة هذه الخطة، وتدرك ’حماس‘ أنه يجب تقديم تنازلات وتفعل ذلك بالفعل".

المزيد من تقارير