Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

ماذا حققت الغارات الأميركية على الحوثيين حتى الآن؟

تحذيرات من تحول الميليشيات لكيان أقوى في حال عدم سحب الأرض من قبضتهم

يمنيون يتفقدون الأضرار التي لحقت بمبنى مستشفى الرسول الأعظم بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية في صعدة (أ ف ب)

ملخص

يشير تقرير نشره موقع أبحاث مركز تشاتام هاوس البريطاني إلى "عدم فاعلية الضربات الجوية والبحرية الأميركية المتجددة والواسعة النطاق في ردع الحوثيين". مرجعاً السبب لاستغلال الحوثيين "مجدداً التضاريس الجبلية في اليمن للاختباء تحت الأرض وبنيتهم ​​التحتية المتناثرة بالفعل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الحضرية الكثيفة".

تتواصل الغارات الأميركية على مواقع الحوثيين لتمتد إلى محافظة صعدة معقل الميليشيات ومركز انطلاقتها كاشفة عن إصرار أميركي على إضعاف قدرات الذراع الإيرانية في اليمن.

وتكشف الأنباء الآتية من صنعاء وصعدة وحجة وعمران والحديدة وبقية المناطق الاستراتيجية التي يسيطر عليها الحوثيون (شمال وشمال غربي البلاد) أن الأهداف التي رسمتها إحداثيات المقاتلات الأميركية أصابت سلسلة من الأهداف التابعة للمتمردين ومنها مخازن أسلحة يعتقد أنها داخل أنفاق جبلية كمؤشر على التغيير في سردية التدخل الأميركي خلافاً للتدخل السابق ضد الحوثيين في يناير (كانون الثاني) 2024 الذي لم يحدث تغييراً في قدرتهم القتالية رداً على استهدافهم السفن المارة في المياه الدولية بالبحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

ونفذت المقاتلات الأميركية فجر اليوم الأربعاء في مناطق سحار وآل سالم في مديرية كتاف بمحافظة صعدة، إضافة إلى مناطق أخرى مع تحليق مستمر للمقاتلات الأميركية في سماء المحافظة.

تصعيد متبادل

وشهدت الساعات الماضية تصعيداً متبادلاً بين القوات الأميركية والحوثيين الذين كرروا ادعائهم استهداف حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان مع اشتداد القصف الجوي ضدهم وامتداده إلى نطاق جغرافي جديد شمل المخابئ الوعرة التي تستخدمها الميليشيات في محافظة عمران المحاذية لصعدة. ووفقاً لخبراء عسكريين فإن السلاسل الجبلية في منطقة حرف سفيان التي تعد واحدة من أعتى المناطق الحوثية، تضم منشآت عسكرية ومخابئ في كهوف الجبال.

وذكر موقع "المسيرة" التابع للحوثيين أن 17 غارة على الأقل قصفت عدة مناطق في محافظتي صعدة وعمران، محملاً الولايات المتحدة "مسؤولية الهجمات".

ورداً على ذلك، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية أنهم استهدفوا حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان وعدداً من السفن الحربية "العدوة" في البحر الأحمر رداً على موجة الضربات الأميركية في حين سخر نشطاء ومراقبون من تلك الادعاءات المتكررة للحوثيين كونه الإعلان الرابع خلال أقل من أسبوع.

كما زعم ناطق الميليشيات استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية في يافا، جنوب تل أبيب، باستخدام طائرات مسيرة، "دعماً للشعب الفلسطيني رداً على قصف إسرائيل المتجدد لغزة"، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أنه لم يتلق أي تقارير عن طائرات مسيرة للحوثيين في الأراضي الإسرائيلية خلال الـ 24 ساعة الماضية.

فيما تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء الماضي، بالقضاء على الحوثيين، محذراً إيران من استمرار تقديم الدعم لهم.

ما وراء الصخور

ويرى خبراء عسكريون أن تصعيد الضربات الأميركية على محافظة صعدة ربما يستند إلى قاعدة بيانات ومعلومات استخبارية حددت بنك أهداف حيوية يقود تدميرها إلى إضعاف القدرات العسكرية الحوثية المهددة لأمن الملاحة والسفن الأميركية، فضلاً عن تعقب وضرب قادة الحوثيين الذين لجأوا إلى تحصينات بنوها في مناطقهم خلال السنوات الماضية.

وكشف سكان محليون أن الغارات تتم بدقة على رغم إحاطتها بتكتم حوثي شديد سواء من حيث الضحايا من القادة الميدانيين الذين جرى استهدافهم، أو الخسائر في العتاد العسكري والتقنية الصاروخية والجوية التي حازتها الميليشيات منذ انقلابها المدعوم من إيران في عام 2014.

وفي توضيح بشأن الاستراتيجية الأميركية في ملاحقة الأهداف الحوثية التي تتحصن تحت التضاريس الجبلية في الهضبة الشمالية لليمن عقب أكثر من أسبوع على انطلاقها، قال مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس دونالد ترمب مايك والتز يوم الأحد الماضي، إن الضربات العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة على اليمن منذ أسبوع أودت حتى الآن بحياة قادة "رئيسيين" من الحوثيين، منهم كبير خبراء الصواريخ في الجماعة.

وتناولت مصادر يمنية أمس الأحد نبأ إصابة العقل المدبر للهجمات البحرية لدى الحوثيين والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية منصور السعادي في إحدى الغارات الأميركية في مدينة الحديدة ونقله إلى صنعاء للعلاج.

اقرأ المزيد

وأكد والتز امتلاك الجيش الأميركي "تقنية متقدمة قادرة على اكتشاف مخازن الأسلحة على عمق 500 متر تحت الأرض"، من خلال "قنابل وأسلحة ذكية قادرة على الوصول إليها تحت أي ظرف مهما كانت التعقيدات، ناهيك عن بنك معلومات مكتملة عن مخازن سلاح ومنصات الصواريخ والطيران المسير ومعاقل ومخابئ قيادات الميليشيات الحوثية الإرهابية في عموم مناطق سيطرتها".

وكان تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قال إن استهداف قادة جماعة الحوثي بشكل شخصي كان أحد أهداف الضربات الأميركية على اليمن، وهو التطور اللافت في جدوى التدخل الأميركي ضد الميليشيات المدعومة من إيران.

ولم يصدر الجيش الأميركي توضيحات عن نتائج العمليات العسكرية في اليمن منذ انطلاقها رداً على توعد الحوثيين باستئناف هجماتهم على حركة الشحن الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب بعد عودة الحرب على غزة، إلا أن والتز قال لشبكة "سي بي أس نيوز": "لقد ضربنا مقراتهم وضربنا مراكز اتصالات ومصانع أسلحة بل وبعض منشآت إنتاج الطائرات المسيرة فوق الماء".

وتبنى الحوثيون فجر السبت الماضي، شن هجوم جديد باتجاه إسرائيل. وأفادت "القناة 14" الإسرائيلية برصد عملية إطلاق صاروخ من اليمن باتجاه الأراضي الإسرائيلية.

ولحظة إطلاق الحملة الجوية ضدهم منتصف الشهر الجاري، توعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ميليشيات الحوثي بـ"القضاء عليهم تماماً". وكتب على منصته "تروث سوشيال"، أن "أضراراً كبيرة لحقت بالهمجيين الحوثيين". وأضاف "راقبوا كيف سيتدهور الوضع تدريجاً هذه ليست معركة عادلة ولن تكون أبداً على هذا النحو. سيتم القضاء عليهم تماماً".

مغادرة الدفاع

وعلى رغم اتفاق المراقبين على اختلاف جدية الحملة الجوية الأميركية هذه المرة عن تلك التي أطلقتها إدارة السلف بايدن في آخر أيامه في البيت الأبيض، إلا أن ثمة إجماعاً على صعوبة تحقيق الأهداف المعلنة بإضعاف القدرات العسكرية للحوثيين وإجبارهم على وقف عملياتهم في المياه الدولية، من دون تحرك ميداني يسحب الأرض من تحت أقدام الجماعة الحوثية.

في قراءة لنتائج هذه التطورات من على الأرض، يرى الخبير السياسي خالد سلمان أن كل ما يحدث من تحركات وتصريحات، لا تؤشر إلى أن شيئاً جديداً ومختلفاً قد طرأ على سابق المواقف الرسمية تجاه التطورات الداخلية.

ويقول لـ "اندبندنت عربية" إن "لغة مجلس القيادة الرئاسي (المعترف به) حتى الآن ذات طابع في أحسن أحواله دفاعي ولم ينتقل من وضع التمترس لصد تقدمات الحوثي إلى خطة هجومية تحرر المناطق وتطوي صفحة الانقلاب إلى غير رجعة".

يستثني سلمان من جانب الشرعية "التقارب الخطابي بين طرفي المجلس الانتقالي وعضو مجلس القيادة الرئاسي قائد المقاومة الوطنية في الساحل الغربي طارق صالح، الذي سيمثل قوة صلبة ضد الحوثي ولكننا بحاجة إلى رؤية تشاركية أوسع ترسم ملامح تسوية لكل الملفات العالقة وفي القلب منها الجنوب، وهو بقواته المؤهلة المحترفة مركز ثقل قادم المواجهة ضد الحوثي".

ويعتقد أن "الخلافات الداخلية للحكومة الشرعية كما هي الحال في حضرموت، واجترار الخصومات يضعف الثقة المتبادلة ويجعل الشرعية بأطرافها المتعددة دون مستوى التحدي المصيري بإسقاط الانقلاب والاستثمار في إضعاف الحوثي جراء الضربات الأميركية المتلاحقة لفرض حالة من الاختراق يبدأ في تحرير الموانئ وينتهي بالتحرير". 

إذا كان الداخل لم يغادر مساحة الصراع البيني ولم تتوحد الإرادة القتالية وفق تفاهمات سياسية مسبقة، تجيب عن أسئلة ما بعد طي صفحة الحوثي، فإن الوضع لن يخطو إلى الأمام، وستبقى سلطة الأمر الواقع، والخلاص منها ضمن الخيارات المؤجّلة.

يرى أن "العامل الخارجي هو وحده من يمكن أن يرفع سقف الضغط على المناهضين لسلطة صنعاء الحوثية ينفتح على إعادة ترتيب أوراق السياسة بأقل قدر من التصادمية، ومن ثم إعادة تسليح الكيانات العسكرية شرعية وقوات جنوبية وحراس جمهورية وفق خطة تكاملية بين الجو والإمساك بالأرض".

الرهان على الأرض

وعلى رغم التعقب الجدي والحثيث الذي أبدته الطائرات الأميركية لملاحقة الأهداف الحوثية خلال الأسبوع الأول من الحملة التي لا يعلم مداها الزمني في حال ما كان الهدف القضاء على الجماعة الأصولية ومشروعها الطائفي، فإن مراقبين يجمعون على أن الضربات الجوية وحدها لا تكفي مع ميليشيات متحركة تتحصن بتضاريس جبلية وعرة وتقامر بالمدنيين ومقدرات البلاد.

ولطالما كررت الحكومة الشرعية مطالبها للمجتمع الدولي بإسنادها سياسياً وعسكرياً للقضاء على الحوثي من على الأرض باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء مغامراته الداخلية والخارجية.

وفي اتصال هاتفي مع السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن بحث التطورات الأخيرة في ظل الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد وكلاء إيران، جدد عضو مجلس الرئاسة وقائد المقاومة الوطنية طارق صالح مطالب الحكومة الشرعية بإسنادها برياً للسيطرة على الشريط الساحلي والمواقع الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وقال صالح إن "الشعب اليمني لديه القدرة على دحر هذا المشروع التخريبي لأن أقصر الطرق لتقويض التهديد الإيراني في اليمن يكمن في وضع استراتيجية شراكة فاعلة مع الحكومة الشرعية"، موضحاً أن مواجهة تهديد الحوثيين للأمن الوطني والإقليمي والدولي "تتطلب موقفاً دولياً موحداً ودعماً شاملاً للحكومة الشرعية لاستعادة السيطرة على البلاد وإنهاء الانقلاب والوقوف إلى جانب اليمنيين لبناء دولة قائمة على حسن الجوار والشراكة المتينة مع المجتمع الدولي".

يشير تقرير نشره موقع أبحاث مركز تشاتام هاوس البريطاني إلى "عدم فاعلية الضربات الجوية والبحرية الأميركية المتجددة والواسعة النطاق في ردع الحوثيين". مرجعاً السبب لاستغلال الحوثيين "مجدداً التضاريس الجبلية في اليمن للاختباء تحت الأرض وبنيتهم ​​التحتية المتناثرة بالفعل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الحضرية الكثيفة".

يشير التقرير الذي شارك في إعداده الباحث اليمني فارع المسلمي، والباحث توماس جونو إنه "إذا كانت إدارة ترمب تريد حقاً إضعاف الحوثيين وهزيمتهم في نهاية المطاف سيتطلب هذا تعزيز المجلس الرئاسي المعترف به دولياً سياسياً وربما عسكرياً".

وأضاف "في غياب جبهة قوية وموحدة ضد الحوثيين، تُخاطر السياسة الحالية بتسريع تفكك اليمن وإطالة أمد عدم استقراره"، وفقاً لذلك رأى التقرير أنه "يجب على الولايات المتحدة أيضاً تكثيف جهودها لمكافحة تهريب الأسلحة والوقود إلى الحوثيين من إيران والعراق وبخاصة عبر البحر وتحديد المصالح الاقتصادية للحوثيين خارج اليمن وتجميدها".

كما يرى أنه "يجب على واشنطن تجنب التدخل في اليمن من دون التنسيق، على الأقل، مع حلفائها الإقليميين في الخليج، وتحديداً الإمارات والسعودية".

ويزعم الحوثيون أن هجماتهم تأتي "تضامناً مع الفلسطينيين"، وأعلنوا في 11 مارس (آذار) "استئناف حظر عبور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر امتداداً إلى بحر العرب حتى إعادة فتح المعابر في قطاع غزة".

المزيد من تقارير