رمى سكان غاضبون من بلدات في شمال شرقي سوريا القوات الأميركية بالخضار واتهموها بـ "الخيانة" يوم الاثنين الماضي، فيما كان الجنود ينسحبون من المناطق الواقعة تحت السيطرة الكردية وسط هجوم يشنه الأتراك عليها.
وصوّر تلك المشاهد المحرجة بعض سكان مدينة القامشلي الحدودية الذين قالوا لصحيفة "اندبندنت" إن عشرات العربات المصفحة سارت خلال ساعات الليل عبر شمال سوريا واجتازت الحدود العراقية صباح الاثنين.
واتهم أبناء تلك المناطق الولايات المتحدة بالتخلي عن "قوات سوريا الديمقراطية " التي يقودها الكرد "كي تُذبح وحدها على يد تركيا"، على الرغم من فقدانها ما يقرب من 10 آلاف مقاتل خلال مساعدتها الولايات المتحدة على هزم "داعش".
من جانبه، كان الرئيس دونالد ترمب، الذي يريد إعادة الأميركيين إلى الوطن من "حروب لا نهاية لها" في الشرق الأوسط، قد أعلن قبل نحو اسبوعين أن الوحدات العسكرية الأميركية ستنسحب، ولن تقف في وجه هجوم تركي وشيك. وبعد أيام قليلة شنت وحدات تركية مع حلفائها من المتمردين السوريين هجوما عبر الحدود ضد الكرد، بهدف إقامة منطقة عازلة بعرض 30 كيلومترا على طول الحدود التركية في سوريا. وأمر ترمب لاحقا بانسحاب حوالي 1000 عسكري أميركي منتشرين في سوريا، ستنتقل غالبيتهم العظمى إلى غرب العراق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار أكرم صلاح، وهو صحافي من القامشلي، إلى إن السكان شعروا بأن الولايات المتحدة "خانتهم وتخلت عنهم". وقال لـ "اندبندنت" التي التقته في القامشلي يوم الاثنين الماضي إن "هناك الكثير من العربات العسكرية الأميركية والشاحنات المصفحة التي تحركت من شمال سوريا صوب الحدود العراقية. وعند وصولها إلى القامشلي فجرا، كان في استقبالها ناشطون يحملون لافتات كتب عليها ‘عندما تذهبون إلى الولايات المتحدة أخبروا أطفالكم بأننا شاهدنا أطفالا كردا يُقتلون‘".
وأضاف صلاح "كانت هناك لافتات أخرى كُتب عليها ‘لماذا تتركوننا لوحدنا من دون حماية؟، وفي هذا الصباح استقبل السكان القوافل برميها بالبطاطا صارخين فيها ‘أنتم تركتمونا لوحدنا وخنتمونا‘".
وكانت أكثر من 100 عربة عبرت الحدود إلى العراق صباح يوم الاثنين الماضي قادمة من طرف شمال شرقي سوريا. ويناقش مسؤولون أميركيون حالياً خيار الإبقاء على وحدة عسكرية صغيرة في شمال شرقي سوريا لحماية آبار النفط من "داعش".
بيد أن مارك إسبر، وزير الدفاع الأميركي، ذكر أنه لم يتخذ بعد قرارا نهائيا حول ذلك الخيار، وإنه لم يقدمه للآن إلى الرئيس ترمب. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الأفغانية كابول أن "الغرض من ذلك الخيار هو قطع الطريق، على "داعش" ومنعها بشكل خاص من الحصول على عائدات النفط، هي أو أي مجموعة قد تسعى لوضع يدها على عائدات تمكنها من القيام بأعمالها الشريرة".
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أمرّ بشنّ هجوم عبر الحدود قبل حوالي أسبوعين لدفع القوات الكردية بعيدا عن المنطقة الحدودية وإقامة "منطقة آمنة" تستوعب ما يقرب من 3.6 مليون سوري، مقيمين حاليا في بلاده.
وتجدر الإشارة إلى أن ما لا يقل عن 70 مدنيا قتلوا حتى الآن وأكثر من 300 ألف شخص شُرّدوا داخليا خلال القتال.
وقد وافقت تركيا على وقف الهجوم لخمسة أيام بعد التوصل إلى اتفاق مع واشنطن، كان من المقرر أن ينتهي يوم الثلاثاء الماضي، إذ من المفترض أن يلتقي أردوغان في روسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليناقش معه الخطوات التالية في المنطقة. غير أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، حذّر من أن بلاده ستستأنف الهجوم العسكري إذا لم يُخلِ المقاتلون الكرد المنطقة قبل نهاية فترة الهدنة.
في الوقت نفسه، أكد ريدور خليل، وهو أحد كبار المسؤولين الكرد، أن القوات الكردية ممتثلة للاتفاق، لكنها لا تستطيع الانسحاب كليا من بلدات راس العين وتل أبياد لأنها ما زالت تحت نيران القصف التركي لها.
من ناحيته، أوضح سيرجي شويغو، وزير الدفاع الروسي، يوم الاثنين الماضي، إن هناك متطرفين أجانب محتجزون في 12 سجنا سوريا، و8 معسكرات للاجئين، تُركت من دون حراسة نتيجة للعملية العسكرية التركية.
وأشارت وكالة الانباء الروسية انترفاكس إلى أن شويغو حذر من مخاطر هروب الناشطين المتطرفين ومحاولتهم الخروج من المنطقة والعودة إلى بلدانهم الأصلية.
© The Independent