قالت بنوك استثمار، إن أدوات الدين المصرية لا تزال جاذبة للاستثمار خصوصا بالنسبة للمستثمرين الأجانب رغم استمرار خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي خلال العام الحالي.
ويوم الخميس الماضي، قرر البنك المركزي المصري، خفض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس، ليصل إلى 12.25%، و13.25%، و12.75%، على الترتيب. كما قررت لجنة السياسة النقدية بالمركزي، خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس أيضاً ليصل إلى 12.75%.
وجاء قرار البنك المركزي المصري مطابقاً لتوقعات المحللين بخفض أسعار الفائدة على خلفية تراجع التضخم السنوي بمصر لأدنى مستوى له منذ 9 سنوات، بالإضافة إلى التوجه العالمي لخفض أسعار الفائدة أبرزها الولايات المتحدة الأميركية وسط انكماش الاقتصاد العالمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأثير عالمي على قرارات البنك المركزي بشأن الفائدة
في مذكرة بحثية حديثة، قالت شركة "برايم" القابضة، إن أسباب قيام البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة يرجع إلى عدة أسباب، أولها بيئة التضخم الضعيفة الحالية، فالمجال مفتوح أمام البنك المركزي المصري للمضي قدماً في المحافظة على دورة التيسير التي بدأت منذ أغسطس (آب) الماضي، بإجراء خفض آخر للفائدة في اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وأشارت إلى أن البيئة العالمية لا تزال تدعم بشكل كامل المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، تحت غطاء 3 تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وخفض أكبر من المتوقع في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي التركي، التي يقدم اقتصادها أحد أكبر العوائد الحقيقية بين الدول النامية.
وأكدت أنه لا تزال العوائد الحقيقية على أدوات الدين في مصر تنافسية وقادرة على اجتذاب المزيد من الاستثمارات في ظل العوائد السلبية التي تقدمها مثيلاتها من أدوات الدخل الثابت في الدول المتقدمة، غير أنها أكدت على توقعها أن يكون خفض الفائدة هذا هو الأخير لهذا العام، حيث إنه سيؤدي إلى رفع إجمالي التخفيضات في أسعار الفائدة إلى 650 نقطة أساس، وهو ما يجعل أسعار الفائدة تقترب بذلك من معدلاتها قبل تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار وتحرير سوق الصرف بشكل كامل في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2016.
وتابعت، "من المرجح أن يتوقف البنك المركزي المصري عن خفض الفائدة مؤقتا من أجل تقييم ومراقبة تأثير التخفيضات المتتالية في أسعار الفائدة على مسار التضخم والطلب المحلي وتدفقات رأس المال في سوق الدين المحلية خلال الأشهر القليلة المقبلة، خصوصا مع تباطؤ إجراءات التيسير النقدي عالمياً، مع ارتفاع معدلات التضخم في أميركا، وإشارات الفيدرالي الأميركي بأن خفض أكتوبر (تشرين الأول) سيكون الأخير على الاغلب".
وأشارت "برايم" إلى أن استثمارات الأجانب تتجه إلى الانخفاض محلياً مع اتجاه المستثمرين الأجانب نحو تعديل محافظهم المالية مع بداية العام الجديد، وهو ما قد يعني خروجت جزئيت يميل في تقديرها إلى أن يكون محدوداً.
وتوقعت أن يبقى التضخم ضمن مستهدف التضخم لدى البنك المركزي المصري والبالغ 9.0% (± 3%) حتى نهاية عام 2020، لذلك لا تزال توقعات خفض معدل الفائدة في السنة المالية 2020 بواقع 200 إلى 300 نقطة أساس.
قفزة كبيرة بالعائد الحقيقي على الاستثمارات
في السياق ذاته، أكدت وحدة البحوث في بنك الاستثمار "فاروس"، عدم تأثر الاستثمارات الأجنبية في سوق الدين المحلية بقرار خفض الفائدة، بدعم ارتفاع العائد الحقيقي بشكل كبير حتى الآن، خصوصا بعد التيسير النقدي الذي قام به بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأسبوع الماضي وفي ضوء قوة العائد على الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي.
وأوضح "فاروس" أن هناك العديد من المكاسب التي سوف تحصدها مصر من قرارات خفض أسعار الفائدة واستمرار دورة التيسير النقدي، أهمها ارتفاع الاستثمارات الخاصة وهو أمر أساسي لمعدلات النمو المستدام خاصة في ضوء استهداف وزارة المالية في الحكومة المصرية نمواً بنحو 6.4% خلال العام المالي 2020 -2021، وكذلك تقليص خدمة الدين مما يؤدي إلى تضييق العجز المالي الذي تواجه الحكومة المصرية.
وفي بيان، قال رئيس المصرف المتحد، أشرف القاضي، إن خفض البنك المركزي للفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة 1% للمرة الثالثة على التوالي يعد مؤشرا على تحسن وتعافي وقوة الاقتصاد المصري، الذي تؤكد جميع المؤشرات أنه يسير على الطريق الصحيح نحو التعافي.
وأوضح أن خفض الفائدة جاء نتيجة للسياسة النقدية الناجحة من قبل البنك المركزي المصري، وانخفاض معدلات التضخم وتحسن سعر الصرف، بجانب ارتفاع الاحتياطي الاجنبي وارتفاع نمو الناتج القومي. مؤكداً أن خفض الفائدة سيؤدي إلى تحرك الاقتصاد بوتيرة أسرع، وزيادة معدلات النمو في الناتج القومي.
وأشار "القاضي" إلى أن الاقتصاد المصري يسترد عافيته ويعود تدريجيا إلى معدلاته المستهدفة، مشيرا إلى أن المصرف المتحد قرر الإبقاء على الشهادات الماسية الثابتة العائد عند مستوى 12% بدون خفض للعائد.
هذه مبررات خفض أسعار الفائدة
وفي إطار تبريرها لاستمرار خفض الفائدة، استعرضت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، الأسباب التي دفعتها إلى الخفض الثالث لأسعار الفائدة خلال العام الحالي. وذكرت أنه نظراً لكافة التطورات المحلية والعالمية قررت خفض أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي لمجموعة من الأسباب.
اللجنة أشارت إلى استمرار انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام ليسجل 4.8% في سبتمبر (أيلول) الماضي و3.1% في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو أدني معدل له منذ ديسمبر (كانون الأول) من عام 2005، نتيجة انخفاض معدل التضخم السنوي للسلع الغذائية، خصوصا الخضراوات الطازجة، مدعوماً بالتأثير الإيجابي لفترة الأساس الناتج عن صدمات عرض مؤقتة لأسعار الخضراوات الطازجة في العام الماضي.
كما أسهم تحديث الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين عبر إصدار السلسلة العاشرة للأرقام القياسية ومنهجية ربطها بالسلسلة السابقة في انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام.
وأوضحت أن البيانات المبدئية تشير إلى استقرار معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ليسجل 5.6% خلال الربع الثالث لعام 2019، بعدما سجل 5.6% خلال العام المالي 2018 - 2019، وهو أعلى معدل له منذ العام المالي 2007 - 2008.
وأشارت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، إلى مساهمة ناتج القطاع الخاص في الارتفاع خلال الربع الثاني لعام 2019، وذلك للمرة الأولى منذ الربع الثاني من عام 2017. كما ارتفعت مساهمة الطلب المحلي الخاص، مما أسهم في الحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي.
وارتفعت أعداد المشتغلين لتدعم استمرار انخفاض معدل البطالة إلى 7.5% خلال الربع الثاني لعام 2019، بما يمثل انخفاضا يقارب نحو 6 نقاط مئوية مقارنة بذروته خلال الربع الرابع من عام 2013.
على الصعيد العالمي، أشار "المركزي المصري"، إلى استمرار تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمي وتيسير الأوضاع المالية العالمية، وكذلك تأثير المخاطر المرتبطة بالسياسات التجارية العالمية على آفاق النمو.
وأوضح أنه لا تزال الأسعار العالمية للبترول عرضة للتقلبات بسبب عوامل محتملة من جانب العرض التي تتضمن المخاطر الإقليمية.
وذكر أن النظرة المستقبلية لمعدلات التضخم المحلي تشير إلى استمرار احتواء الضغوط التضخمية على الرغم من التأثير السلبي المتوقع لفترة الأساس على معدلات التضخم السنوية في الأجل القريب بسبب انتهاء أثر صدمات العرض المؤقتة لأسعار الخضراوات الطازجة في العام الماضي.
"المركزي المصري" أكد أن قرار خفض الفائدة يتسق مع تحقيق معدل التضخم المستهدف والبالغ 9% (± 3%) خلال الربع الرابع لعام 2020، واستقرار الأسعار على المدى المتوسط. وأكد أن خفض أسعار العائد الأساسية في اجتماع أمس والاجتماعات السابقة يؤكد الدعم المناسب للنشاط الاقتصادي في الوقت الحالي.
كيف تحركت البنوك بعد قرار "المركزي"؟
وعقب قرار خفض الفائدة، كشف رئيس البنك الأهلي المصري، هشام عكاشة، أن لجنة إدارة الأصول والخصوم قررت تخفيض سعر العائد على شهادات الثلاث سنوات البلاتينية بواقع 1%، لتصبح الشهادات ذات العائد الثابت بواقع 13% سنوي للعائد الشهري و13.25% سنويًا للعائد الربع سنوي بالنسبة للشهادات المشتراة الجديدة اعتباراً من نهاية عمل يوم الخميس الماضي.
وقال "عكاشة"، إنه سيتم انخفاض العائد على الشهادات البلاتينية ذات العائد المتغير بواقع 1%، على أن تتخذ قرارها في باقي الأوعية الادخارية خلال الأيام المقبلة.
وأضاف أنه تقرر كذلك تخفيض العائد علي الإصدارات الجديدة من شهادات استثمار (ب) لمدة عام ذات العائد الشهري لتصبح بواقع 13.75% سنوياً، وبالنسبة لشهادات الاستثمار (ب) لمدة 3 سنوات ذات العائد الربع سنوي تم تخفيضها لتصبح بواقع 12%.
وأكد رئيس "الأهلي المصري"، أن تخفيض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي والرابعة منذ بداية العام الحالي تعمل على تدفق الاستثمارات وجذب المستثمرين، وأصحاب المصانع، من حيث أن سعر الفائدة سيكون أفضل بالنسبة لهم وسيساعدهم على النمو وفتح خطوط إنتاج أكثر في ظل خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة.
فيما كشف نائب رئيس بنك مصر، عاكف المغربي، عن قيام المصرف بتخفيض أسعار الفائدة على الشهادات المتغيرة، بعد قرار المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس.
وأوضح أن البنك سيقوم بتخفيض الفائدة على الشهادات المتغيرة بنسبة 1%. وقال إن لجنة الخصوم والأصول ببنك مصر المعروفة بـ "أليكو" ستجتمع غداً الأحد، للنظر في نسب التخفيض على الشهادات الثابتة والأوعية الادخارية.