بقدر حالة الغموض التي لا تزال تلفّ إمكانية علاج وباء كورونا المستجد، الذي ظهر في الصين، وأسفر عن وفاة أكثر من 1300 شخص بحسب أحدث الإحصاءات، تعددت التكهنات والإشاعات حول أسباب الفيروس الذي بدأ ظهوره أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في ووهان، عاصمة مقاطعة هوبي الصينية (وسط).
وبَيْن إشاعات بأبعاد سياسية، وأخرى عسكرية وأمنية، وصولاً إلى الأعداد "الحقيقية" للمصابين التي تتجاوز وفق آخر إحصائية أعلنتها لجنة الصحة الوطنية الصينية الـ60 ألف إصابة، انتشرت أكثر من 15 مليون تغريدة "غير صحيحة" على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما أعلن "تويتر" رسمياً متعهداً محاربة تلك التغريدات "الخاطئة"، وذلك بعد إعلان "حالة الطوارئ الصحية العالمية".
سلاح صيني "جديد"
بعد أكثر من أربعة أسابيع من انتشار فيروس "كورونا"، خرج تقرير لصحيفة "واشنطن تايمز" الأميركية، جاء فيه أن تفشي الوباء "متعمد"، وأن معهد ووهان لعلم الفيروسات، في تلك المدينة الموبوءة، هو من طوّر ذلك السلاح الحيوي الجديد، لمهاجمة أهداف في العالم، وفق ما قالت إنها "معلومات سرية سربها ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الصينية".
وذكرت الصحيفة أن فيروس كورونا - على حد وصفها- تم تطويره في مختبر ووهان الوطني للسلامة البيولوجية، وانتشر بعد أن خرج عن السيطرة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه لا يوجد دليل يدعم هذه الادعاءات.
وفي آخر إحصائية وفيات ناتجة عن فيروس كورونا المستجد في الصين، أعلنت سلطات بكين وفاة نحو 1355 شخصاً، وأصيب أكثر من 60 ألف شخص، فيما حذرت منظمة الصحة العالمية من "تهديد خطير جدا" رغم أن عدد الإصابات اليومية الجديدة يتراجع.
وحتى الآن، لا تزال نسبة 99.9 في المئة من الوفيات المسجلة في العالم، في الصين القارية (باستثناء هونغ كونغ وماكاو)، حيث ظهر المرض في ديسمبر في مدينة ووهان الكبيرة (وسط).
حرب بيولوجية
وإلى جانب اعتبار البعض له "فيروساً صينيّ الصناعة"، ذهبت تقارير أخرى إلى ما هو أبعد، متكهنة بوقوف الولايات المتحدة الأميركية وراء الأمر، في إطار الصراعات والتنافسات التي تحكم علاقتها مع الصين، وتخوف واشنطن من أن تتجاوز بكين قوتها العسكرية والاقتصادية لتلك التي تجعل من واشنطن القوة الأكبر في العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق ما ذكر تقرير لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فإن مصادر وتقارير روسية أشارت في الأيام الأخيرة إلى مسؤولية الولايات المتحدة الأميركية في انتشار الوباء وتفشيه في الصين على هذا النحو الكبير، زاعمة أن "الأهداف الحقيقية لذلك تكمن في سعي واشنطن لاستخدام الفيروس كسلاح بيولوجي واقتصادي ضد الصين"، مضيفة أن "خبراء أميركيين يرجحون أن يقتل كورونا نحو 65 مليون شخص خلال عام ونصف"، مستندةً في ذلك إلى ما قالت إنه "اختبار" أجراه مركز أبحاث "جونز هوبكنز" بالولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بهدف "نمذجة" الاستجابة العالمية لوباء محتمل، وهو ما ربط البعض توقعاته بتلك الدراسة مع عدد القتلى المحتمل لتفشي فيروس مماثل لما نشهده حاليا مع فيروس كورونا.
في المقابل، نفي مركز "جونز هوبكنز" للأمن الصحي، في بيان، الأمر، وقال "صممنا نموذجا لوباء فيروس كورونا الخيالي، لكننا قولنا بوضوح إنه لم يكن تنبؤاً"، موضحا "لا نتوقع الآن أن يقتل فيروس كورونا 65 مليون شخص".
وفي الاتجاه ذاته، تحدث تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن عددا من الخبراء "أكدوا" أن كورونا "فيروس مصنع بالمختبر"، ونقلت عما قالت إنه بعض التقديرات التي تشير إلى أن "الفيروس تم تهريبه من أحد المختبرات الكندية"، كجزء من سعي الصين السري للحصول على سلاح بيولوجي.
إلا أن أستاذ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فيبين نارانغ، كتب على صفحته على "توتير" تغريدة قال فيها "إنه لا يوجد دليل على أنه سلاح حيوي، وإذا كان كذلك، فسيكون ذلك سيئاً، لأن السلاح الحيوي الجيد يجب أن يكون أكثر فتكا ولا ينتشر بسهولة".
رجل أعمال مسؤول عنه
من ضمن الإشاعات الأخرى التي انتشرت بشأن أسباب انتشار المرض وتفشيه، خرج البعض، بحسب ما ذكرت صحيفتا "اندبندنت" و"الغارديان" البريطانيتان، ليدعي أن رجل الأعمال الأميركي، بيل غيتس، الشريك المؤسس لشركة مايكروسوفت، هو السبب في انتشار الفيروس، ليحقق المزيد من الأرباح عبر مؤسسته وزوجته "بير برايت"، المعنية بمكافحة الأمراض والفيروسات، على خلفية تقديمه تبرعاً مالياً كبيراً للجهة البحثية للوصول للقاحات لبعض الفيروسات، مدللين على ذلك بتصريح سابق لغيتس عام 2014 توقع خلاله انتشار وباء في الصين سيحصد أرواح ثلاثة وثلاثين مليون شخص في العالم.
غير أن تيريزا موغان، المتحدثة باسم المؤسسة البحثية لغيتس، ردت قائلة "إن اللقاح الجديد الحاصل على براءة اختراع، ويعتبره البعض علاجاً للفيروس، شمل فيروساً آخر هو التهاب الشعب الهوائية المعدي فقط"، مضيفة أن مؤسستها "قامت بإجراء أربعة تغييرات في الجين المسؤول عن تكرار المادة الوراثية للفيروس". وأكدت أن "اللقاح أدى إلى إضعاف الفيروس، وبالتالي لم يعد قادراً على التسبب في المرض، ولديه إمكانية الاستخدام كلقاح، لكنه لم يتم تطويره بعد"، نافية كل المعلومات التي تشير إلى مسؤولية أو تورط رجل الأعمال الأميركي في الأمر.
ملايين التغريدات "الخاطئة"
في المقابل، ومع انتشار وكثرة التكهنات بشأن المرض، أعلن كل من موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، عزمهما محاربة التقارير والأخبار الكاذبة وغير الصحيحة بشأن الوباء.
وفي أواخر الشهر الماضي، أعلنت "تويتر، في بيان، أنها سوف "تضبط توجيهات البحث في الدول الرئيسة حول العالم من أجل عرض مصادر صحية موثوقة عند البحث عن مصطلحات ذات صلة بفيروس كورونا الجديد"، وذلك بعدما قالت إنه وخلال الأربعة أسابيع الأولى من عمر انتشار المرض، تداول المغردون أكثر من 15 مليون تغريدة حول فيروس كورونا، معتبرة أنها "محاولات منسقة لنشر معلومات مضللة حول هذه الوباء".
فيما قال موقع "فيسبوك"، إنه سيحذف أي محتوى يقدم مزاعم كاذبة أو نظريات مؤامرة أبلغت منظمات الصحة العالمية والسلطات الصحية المحلية أنها قد تضر بالأشخاص الذين يؤمنون بها"، بحسب ما نقل موقع "ريكود".