قُتل عنصر في الحرس الثوري الإيراني بقصف في محافظة حلب السورية اليوم الثلاثاء، بعد ساعات قليلة على انفجار سيارة مفخخة في العاصمة دمشق أسفر عن وقوع خسائر بشرية، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وذكرت وكالة "فارس" الإيرانية المقرّبة من المحافظين المتشددين، أن "حمد رضا بابل خاني قُتل صباحاً بضربة صاروخية"، مضيفةً أنه "كان يُعرف كذلك باسمه الحركي حاج إبراهيم"، من دون أن تحدّد رتبته. وأظهر تقرير مقتضب صورة لبابل خاني وسط غابات مرتدياً زياً عسكرياً بنياً يحمل شعار الحرس الثوري وقبعة عسكرية خضراء.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقره لندن، أعلن أن دوي انفجار سُمع في حي "باب مصلى" في دمشق، "ناجم عن عبوة ناسفة انفجرت بسيارة لا يُعلم ما إذا ما كانت مدنية أم عسكرية، الأمر الذي أدى إلى سقوط خسائر بشرية". وأشار المرصد في حصيلة أولية إلى مقتل شخص وإصابة آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، بينما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في قيادة شرطة دمشق أن 5 خمسة مدنيين أُصيبوا بالانفجار، حالة أحدهم خطرة.
تركيا تطالب بانسحاب الجيش السوري
في موازاة ذلك، استمرت المحادثات الروسية - التركية حول إدلب لليوم الثاني في موسكو، وأبلغ الجانب التركي نظيره الروسي بأن الجنود الأتراك باتوا مستعدون الآن لضمان انسحاب قوات النظام السوري من شمال غربي سوريا.
أما الخارجية الروسية فقالت في بيان إن الطرفين أكدا التزامهما بالاتفاقات الحالية المتعلقة بإدلب والرامية لخفض التوتر في المنطقة. ولم يتطرق البيان إلى الطلب التركي بانسحاب قوات النظام من المنطقة، لكنه قال إنه "لا يمكن تحقيق الأمن في إدلب على المدى البعيد إلا من خلال سيادة سوريا واستقلال أراضيها".
وفي سياق متصل، أكّد المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالن، استمرار إرسال قوات تركية إلى إدلب، مشدداً على أن هجمات الجيش السوري ستلقى رداً بالمثل. وقال إن أساس الموقف التركي في محادثات موسكو هو العودة إلى حدود اتفاقية سوتشي، مضيفاً "في الوقت الحالي لم يتم التوصل إلى نتيجة مرضية من المفاوضات"، لكنّه أكّد استمرار المحادثات بشأن التطورات في إدلب.
ورفض كالن مزاعم موسكو بأن الهجوم ضروري لمنع أي هجمات ضدّ قاعدة للجيش الروسي في المنطقة، قائلاً "هذه التصريحات لا تتفق مع الواقع الميداني".
كذلك قال المتحدث باسم "حزب العدالة والتنمية" عمر جيليك، الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للصحافيين في أنقرة إن تركيا أبلغت الوفد في موسكو بأنه من الضروري أن تنسحب القوات السورية إلى ما وراء مواقع المراقبة التركية في إدلب لوقف "الكارثة الإنسانية" في المنطقة. وأضاف جيليك أن الوفد التركي "أبلغ (الجانب الروسي) بوضوح بأن تركيا اتخذت الاستعدادات العسكرية الضرورية لضمان انسحاب الحكومة السورية إلى الحدود (الخطوط) السابقة إذا لم تنسحب من تلقاء نفسها".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعا من جهته، الأحد، روسيا إلى وقف دعمها "الفظائع" التي يرتكبها النظام السوري، معرباً عن خشية الولايات المتحدة من العنف في منطقة إدلب.
لكن القوات المسلحة السورية قالت، في بيان، إن الجيش سيواصل ما وصفته بأنه "مهامه المقدسة والنبيلة في القضاء على ما تبقى من تنظيمات إرهابية أينما وجدت على امتداد الجغرافيا السورية".
وأضاف البيان "استعيدت السيطرة التامة على عشرات القرى والبلدات في ريف حلب الغربي والشمالي الغربي".
300 قتيل
من جهة أخرى، قالت ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الثلاثاء 18 فبراير (شباط)، إن ما يقارب الـ 300 مدني قتلوا في هجمات شمال غربي سوريا هذا العام، مؤكدة أن 93 في المئة من هؤلاء راحوا ضحية ضربات شنها النظام السوري والحليفة روسيا. ووصفت تصاعد العنف في هذه المنطقة من سوريا بـ "المروّع" ودعت إلى إقامة ممرّات إنسانية.
مزيد من القتلى
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي بيان عبرت فيه عن "الفزع من حجم الأزمة الإنسانية"، دانت باشليه الضربات المباشرة والقريبة من مخيمات النازحين والمنشآت الطبية والتعليمية بما في ذلك مستشفيان أمس الاثنين 17 فبراير، وهي التي كانت اعتبرت في وقت سابق أن ضربات كتلك قد تصل إلى حد جرائم الحرب.
ونقل البيان عن باشليه قولها "لم يعد هناك ملاذ آمن. ومع تواصل هجوم قوات النظام وزجّ المواطنين باتّجاه جيوب أصغر وأصغر، أخشى من سقوط مزيد من القتلى".
وفي تصريح صحافي في جنيف، قال روبرت كولفيل المتحدث باسم باشليه رداً على سؤال عما إذا كانت سوريا وروسيا تتعمدان استهداف المدنيين ومنشآت محمية بموجب القانون الدولي، "كثافة الهجمات على المستشفيات والمنشآت الطبية والمدارس تشير إلى استحالة أن تكون جميعها عرضية".
مواصلة القتال
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد أكد الإثنين، أن قواته عازمة على مواصلة القتال حتى "تحرير" الأراضي الخارجة عن سيطرتها، عقب استعادتها محيط مدينة حلب في شمال البلاد، في وقت أعلنت الأمم المتحدة أن المواجهات في شمال غربي سوريا "بلغت مستوى مرعباً" وأدت إلى فرار 900 ألف شخص منذ بدء هجوم النظام في ديسمبر (كانون الأول).
وفي كلمة متلفزة بثّها الإعلام الرسمي، قال الأسد إن "معركة تحرير ريف حلب وإدلب مستمرة بغض النظر عن ما وصفها بـ "بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال".
وفي وقت سابق، الاثنين، أعلنت قوات النظام أنها فرضت سيطرتها الكاملة على عشرات البلدات في ريف حلب الشمالي الغربي، وستواصل حملتها للقضاء "على ما تبقى من تنظيمات إرهابية أينما وجدت".
ويأتي تقدم القوات السورية بعدما نجحت في طرد مسلحي المعارضة من طريق "إم5" السريع الرئيس، الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق، ما أعاد فتح أسرع طريق بين أكبر مدينتين سوريتين للمرة الأولى منذ سنوات في إنجاز إستراتيجي كبير.
فرار المئات
وتقاتل القوات الحكومية منذ بداية العام بدعم من الضربات الجوية الروسية المكثفة لاستعادة ريف حلب وأجزاء من محافظة إدلب المجاورة، حيث آخر معاقل المعارضة المناهضة للرئيس بشار الأسد.
ودفع تقدم القوات السورية مئات الآلاف من المدنيين إلى الفرار صوب الحدود مع تركيا، في أكبر عملية نزوح جماعي في الحرب الدائرة منذ تسع سنوات.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ديفيد سوانسون، الاثنين، أن نحو 875 ألف سوري معظمهم من النساء والأطفال فروا أمام هجوم القوات الحكومية المدعوم من روسيا على شمال غربي سوريا منذ الأول من ديسمبر، منهم 40 ألفاً خلال الأيام الأربعة الماضية فقط.
وقال سوانسون إن أحدث نزوح إلى مناطق قرب الحدود مع تركيا جاء من محافظة حلب التي شهدت قتالاً عنيفاً في الأيام الماضية. وأضاف أن نصف مليون من الفارين خلال الأسابيع العشرة الماضية كانوا أطفالاً.
في الوقت ذاته، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، في بيان الاثنين، "نعتقد الآن أن 900 ألف شخص نزحوا منذ الأول من ديسمبر، غالبيتهم الكبرى من النساء والأطفال"، مضيفاً "إنهم مصدومون ومجبرون على النوم في العراء وسط الصقيع لأن مخيمات (اللاجئين) تضيق بهم. الأمهات يشعلن البلاستيك لتدفئة أولادهن ويموت رضع وأطفال من شدّة البرد".
ودعا لوكوك إلى وقف النار في شمال غربي سوريا، قائلاً "نتلقى معلومات مفادها أن أمكنة وجود النازحين هي مستهدفة، ما يؤدي إلى قتلى وجرحى وعمليات فرار جديدة".