في الوقت الذي تحاول فيه الصين الصمود أمام فيروس أودى بحياة المئات، يجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول العشرين بالرياض، لبحث معركة أخرى لصمود الاقتصاد العالمي أمام الضغط الذي يخلّفه تفشي فيروس (كورونا) المستجد على النمو العام.
وتحمل مسودة البيان الختامي لاجتماع المجموعة المقرر في الـ22 والـ23 من فبراير (شباط)، تشاؤماً من قِبل وزراء المالية المجتمعين حول إمكانية تأثير الفيروس في النمو العالمي، مشيرين إلى أنهم "يتوقعون تحسناً متواضعاً للنمو الاقتصادي العالمي في العامين المقبلين"، إلا أن ذلك التحسن يبقى "مشروطاً بتأثيرات الوباء الذي يهدد تحسنه".
وتلعب بوادر انحسار التوتر والحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، في خلق توقعات إيجابية لعامي 2020 و2021 وفق البيان، حسب ما نشرته (رويترز) عن الاجتماع المُنتظر "بعد علامات استقرار نهاية 2019، من المتوقع أن يتحسّن النمو العالمي تحسناً متواضعاً خلال العامين المقبلين، مدعوماً باستمرار تكيف الأوضاع المالية لدى دول المجموعة"، إضافة إلى "بوادر التقارب والاتفاق المعلن بين واشنطن وبكين"، في صراعهما الذي ضغط على الاقتصاد الدولي العام الماضي.
وأضافت المسودة، التي يشوبها كثير من التشاؤم، "رغم المؤشرات الإيجابية السالف ذكرها، فإنّ هذا النمو يظل بطيئاً، والمخاطر التي تشوب التوقعات تظل قائمة، ليس فقط نتيجة تفشي الفيروس، بل والتوترات الجيوسياسية وضبابية السياسات لدى عدد من الدول الأعضاء".
ويبرر الاقتصادي خالد الدوسري، هذا التشاؤم رغم الأخبار الإيجابية من الصين، بأن ما خسره الاقتصاد نتيجة سياسات محاصرة الوباء لا يمكن معالجته بتحسّنات طفيفة "انتشار الفيروس بشكل سريع، ورغبة الحكومة في محاصرته واحتوائه، دفعا بها لأخذ سياسات أدّت إلى انهيار استهلاك النفط، لا تراجعه فحسب، إذ حدت تعطّل بحركة التجارة ما انعكس على الاقتصاد العالمي، إضافة إلى تراجع استهلاك النفط نتيجة السبب ذاته".
ويضيف، معلقاً على ردة الفعل الدولية، "أيضاً فاقمت ردة الفعل العالمية حيث جهود الدول لحماية حدودها من تسلل الوباء من الأزمة، إذ أدّى تراجع حركة السفر وإيقاف الرحلات من وإلى الصين إلى ركود بالقطاع السياحي العالمي، الذي يشكل الصينيون جزءاً كبيراً منه، إضافة إلى تراجع الطلب على وقود الطائرات، وهو أمرٌ لا يجب إغفاله".
وكانت أكبر شركتين لتكرير النفط بالصين قالتا في وقتٍ سابق، إنهما "ستقلصان عمليات التكرير بنحو 940 ألف برميل يومياً نتيجة انخفاض الاستهلاك، أو ما يعادل نحو سبعة في المئة من استهلاكهما من الخام في 2019 نتيجة تراجع الطلب".
الأمر الذي يخلق هذا التفاؤل الحذر لدى المراقبين الدوليين، بشأن استمرار التراجع في أعداد المصابين والضحايا، أو عودة الارتفاع حتى الوصول المحتمل إلى الذروة، الذي بدوره ألقى بظلاله على القمة المنتظرة في الرياض يوم السبت المقبل.
القطاع النفطي أول المتفاعلين
وكعادة القطاع النفطي في التفاعل السريع مع المؤشرات السلبية أو الإيجابية، شهدت أسعار النفط تحسناً طفيفاً بعد شهر من التراجع جراء الأخبار السلبية والسياسات الضاغطة لاستهلاك النفط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وواصلت أسعار النفط مكاسبها، بعدما أعلنت الصين أقل عدد يومي من حالات الإصابة بفيروس "كورونا" منذ أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، الأمر الذي عزز آمال المستثمرين في بدء تعافي الطلب لدى ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام بالعالم.
ويرجع المتخصص في القطاع النفطي عائض آل سويدان، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، هذا التحسّن إلى عوامل كثيرة، أحدها "أن انخفاض عدد المصابين الجدد بـ(كورونا) أدى إلى تحسن الأسعار بلا شك، لكن ليس السبب الوحيد، فتجدد الاشتباكات في ليبيا أدى إلى انهيار الإنتاج الليبي بالمصافي التي كانت بدأت العمل خلال العام الماضي".
ويضيف آل سويدان، "إضافةً إلى اقتراب موعد اجتماع (أوبك بلس) المقرر في 6 مارس (آذار)، التي ستدرس خلاله إمكانية تمديد التخفيض خلال الاجتماع، من 3 إلى 6 أشهر مقبلة، فإن هذا التفاعل يشوبه كثيرٌ من الحذر مع إمكانية حدوث اهتزازات جديدة في حال عاد (كورونا) لحصد ضحاياه بالوتيرة السابقة".
وكانت الأسواق شهدت ارتفاعاً على خام برنت إلى 1.12 دولار، وهو ما يعادل 2.1 بالمئة إلى 55.13 دولار للبرميل، وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 74 سنتاً أو 1.5 بالمئة إلى 50.68 دولار للبرميل.