انسحب كبير موظفي وزارة الداخلية البريطانية بشكل درامي، وهدد بمقاضاة الحكومة وسط شجار حول مزاعم بالترهيب (والتنمر) وُجِّهت إلى وزيرة الداخلية بريتي باتيل.
ففي بيان استثنائي قُرأ أمام الكاميرات، زعم السير فيليب روتنام أن سلوك باتيل "خلق خوفا" في وزارة الداخلية، قائلا إنه ينوي الآن مقاضاة الحكومة للحصول على فصل اعتباري من منصبه يضمن له تعويضاً مالياً.
وأشار موظف الدولة الكبير إلى أنه تعرض إلى "حملة إحاطات شرسة ومنسقة" جعلته أمام خيار واحد فقط هو الاستقالة من الحكومة بعد عمل امتد فترة 33 سنة.
وتأتي هذه الاستقالة وسط توترات متزايدة بين باتيل وموظفي وزارة الداخلية حول مزاعم قيامها بترهيبهم، بينما هي تنكر وقوع ذلك. لكن السير فيليب قال إن في حوزته تقارير عن سلوك وزيرة الداخلية الذي يشتمل "الصراخ والشتم" و"التقليل من شأن الآخرين".
ففي تعليقات غاضبة قال كبير موظفي وزارة الداخلية، السبت، إن المزاعم بقيامه إحاطة الإعلام بتصرفات وزيرة الداخلية "كاذبة تماماً".
وأشار إلى أنها "أنكرت تماماً أي تورط لها في هذه الحملة لدى مراجعتها وزارة الشؤون الحكومية (الكابينت اوفيس)، وأنا آسف أن أقول إني لا أصدقها. فهي لم تبذل الجهد الذي توقعته لتبعد نفسها عن التعليقات".
وأوضح أنه "على الرغم من هذه الحملة، كنت مستعداً لعقد صلح مع وزيرة الداخلية – نزولاً عند طلب وزير الدولة للشؤون الحكومية (الكابينت أوفيس ) نيابة عن رئيس الوزراء. لكن على الرغم من جهودي في التواصل معها، لم تقم بريتي باتيل بأي جهد للتواصل معي لمناقشة هذا الموضوع... أنا مقتنع بأن هذه الأحداث تعطيني أرضية قوية جداً لأطالب بفصل اعتباري، وأنا سأتابع المطالبة بذلك في المحاكم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بخصوص مزاعم التنمر المثارة ضد باتيل "أنا كنت بعيداً عن ذلك، لكني آخذ بنظر الاعتبار وجود أدلة تشير إلى أنه جزء من نمط سلوكي واسع. كانت إحدى واجباتي كسكرتير دائم حماية صحة وسلامة ورفاهية موظفينا البالغ عددهم 35 ألف شخص... أنا تسلمت مزاعم من أن تصرفها يتضمن الصراخ والشتم والتقليل من شأن الآخرين، وتقديم طلبات غير معقولة ومتكررة، وهذا سلوك خلق أجواء من الخوف في الوزارة، وأحتاج الأمر إلى قدر من الشجاعة لرفع الشكوى ضد تصرفات الوزيرة".
وأضاف، "أعرف أن الاستقالة بهذه الطريقة ستكون لها عواقب خطيرة لي شخصياً - فوزارة الشؤون الحكومية عرض علي تسوية مالية كانت ستجنب هذه النهاية".
وتردد خلال الأسابيع الأخيرة أن وزيرة الداخلية كانت "غاضبة" حول مزاعم "الترهيب" والتلميحات إلى أنها غير موثوق بها من قبل كبار مسؤولي أجهزة الاستخبارات، وكانت قد أصدرت قبل أسبوع واحد فقط بياناً مشتركاً مع السير فيليب هدفه نقض المزاعم من أنهما في حالة خصومة مع بعضهما البعض.
ومقابل بيان الاستقالة الذي قرأه السير فيليب أمام الكاميرات، تجنبت وزارة الداخلية و10 داونينغ ستريت (مقر رئيس الوزراء) الرد عليه حين اتصلت صحيفة الاندبندنت بهما.
وضمن هذا السياق، اتهم الديمقراطيون الأحرار الحكومة بتعاملها مع موظفي الدولة بطريقة مثيرة للغضب، حيث قالوا، "نحن بحاجة إلى طرح أسئلة جادة حول الثقافة التي راحت تتأسس في وزارة الداخلية".
وأضافوا، "الطريقة التي يتعامل المحافظون فيها مع الموظفين العامين وسعيهم لتقويض القواعد والأسس القانونية شيء مثير للغضب".
أما ديف بينمان الأمين العام لـ "أف دي أيه"، (وهي نقابة موظفي الدولة الكبار) فقال إن استقالة السير فيليب "تظهر مرة أخرى العواقب المدمرة لإحاطات مجهولة الهوية ضد موظفي الدولة الذين لا يستطيعون الدفاع علناً عن أنفسهم".
وبيّن أن "هذه الممارسة الجبانة لا تدمر حياة ووظائف الكثيرين فحسب، بل تأتي في وقت منحت وزارة الداخلية مسؤولية تنفيذ أجندة الحكومة حول الهجرة، وعليها الاستعداد للتعامل مع حالة طوارئ متعلقة بالصحة العامة، ولكنها وجدت نفسها مضطرة لتحويل طاقاتها مواردها للرد على تهم غير موجودة من مصادر تدعي أنها حليفة مع وزيرة الداخلية.
وأضاف أن نقابته تدعم السير فيليب طوال هذه الفترة وستستمر في دعم مطالبه بفصل اعتباري. فقد كان أمامه خيار الاستقالة والخروج بهدوء مع تعويض مالي، لكنه بدلاً عن ذلك، فضل عدم الصمت ومواجهة الهجمات على الموظفين الحكوميين.
© The Independent