حذر خبراء دستوريون من أن إنهاء "البرلمان الافتراضي" الذي استُعمل بسبب جائحة فيروس كورونا سيعيق مساهمة بعض النواب، ويجعل التدقيق في أنشطة الحكومة أصعب.
وجاء ذلك في تقرير جديد كتبه أكاديميون يعملون في "معهد الحكومة" الذي يحظى باحترام كبير، أكدوا فيه أن محاولة العودة إلى "وضع طبيعي مستحيل" قبل انتهاء تفشي مرض كوفيد-19 تماماً، هي أشبه بفرض عقوبة على النواب الذين من المفترض أن يلازموا بيوتهم وفق توصيات "خدمة الصحة الوطنية".
وجادل هؤلاء الأكاديميون بإن قرار عودة النواب إلى مجلس العموم سيعقد الأمور بالنسبة لعدد كبير من النواب الذين تلازم عائلاتهم البيوت بموجب التوصيات الصحية لأنها مهددة بقوة بالإصابة بفيروس كورونا، أو ممن يتحملون مسؤوليات العناية بأقرباء آخرين، أو يعيشون في مناطق بعيدة عن العاصمة.
يُشار إلى أن النواب تمكنوا من المساهمة في جلسات البرلمان بواسطة طرق الاتصالات المرئية عبر الإنترنت، منذ استئناف مجلسي النواب واللوردات نشاطاتهما بعد انتهاء عطلتيهما السنويتين. وساعد ذلك على إبقاء مجلسي التشريع يعملان خلال فترة الإغلاق التام بسبب تفشي فيروس كورونا.
لكن الوزير جاكوب ريس-موغ زعيم مجلس العموم أعلن هذا الأسبوع أن العمل بالطريقة المتبعة حالياً سينتهي في 2 يونيو (حزيران) المقبل، وأن النواب سيجبرون ثانية على القدوم بأنفسهم إلى ويستمنستر (حيث يقع مجلس العموم) إن هم أرادوا التحدث أو التصويت.
وزعم ريس موغ أن الترتيب الحالي الذي يجمع بين حضور بعض النواب إلى البرلمان بأنفسهم وتواصل آخرين عن طريق الفيديو عبر الإنترنت، أدى إلى "تقييد قدرة البرلمان بشكل جوهري على أداء وظائفه بشكل كامل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال زعيم البرلمان الذي يعتبره كثيرون سياسياً تقليدياً بما يخص الأمور البرلمانية وغيرها، إن إعادة فتح المدارس وبعض الأعمال اعتباراً من شهر يونيو (حزيران) المقبل يعني أن على النواب أيضاً العودة إلى مجلس العموم شخصياً، مضيفاً "نحن لن نعود إلى القاعة المكتظة الصاخبة كما كانت في الماضي، بل سنلتزم التباعد الاجتماعي".
تجدر الإشارة إلى أن قدرة النواب الذين يحضرون بطريقة افتراضية جلسات مجلس العموم وفرت حيزاً أوسع للنواب الذين يحضرونها شخصياً كي يطبقوا مبدأ التباعد الاجتماعي، في قاعة لم تصمم لذلك عند وجود 650 شخصاً فيها.
كذلك أصبح بإمكان النواب التصويت بشكل إلكتروني (عن بعد) بدلاً من الطريقة التقليدية التي تقتضي اكتظاظهم بمجموعات صغيرة مع زملائهم.
من جانبه، عَبَّرَ السير لندزي هويل، رئيس مجلس العموم، عن عدم ارتياحه من فكرة عودة النواب إلى قاعة المجلس قائلاً إنه سيعلق المداولات إذا شعر أنها أصبحت، مرة أخرى، غير آمنة.
وأكد التقرير الجديد الذي أعدته الدكتورة أليس ليلي والدكتورة هانا وايت، على وجوب وضع الحكومة خططاً للسماح للنواب غير القادرين على السفر إلى مبنى مجلس العموم في ويستمنستر بالاستمرار في المساهمة في جلساته.
في المقابل، أفادت الحكومة بأنها تبحث عن حل لحماية النواب المجبرين على العزل الذاتي التزاماً بتوصيات خدمة الصحة الوطنية، من دون أن تكشف عن طبيعة هذا الحل، قبل اتخاذها القرار بعودة النواب إلى البرلمان.
وأشار التقرير إلى أن الجلسات الافتراضية (عبر الإنترنت) "خلقت فرصاً للتدقيق في استجابة الحكومة لفيروس كورونا على نحو أفضل مما هو متوافر في معظم المجالس التشريعية في العالم".
وعقبت الدكتورة ليلي، التي تشغل منصب كبيرة الباحثين في المعهد قائلة، "سيجري البرلمان البريطاني خلال أسابيع قليلة بعض التغييرات التي تعتبر من بين الأقوى تأثيراً على طرق عمله في تاريخه كله... وإذا كانت مداولات البرلمان الافتراضية غير مثالية، فإن التعجل في محاولة العودة إلى الوضع الطبيعي أمر مستحيل وسيؤدي حرمان بعض النواب من حقوقهم، ويقلص قدرة زملائهم الآخرين بشكل عام على تدقيق أنشطة الحكومة، في وقت يعتبر التدقيق الفعال أكثر أهمية من أي وقت آخر. الاختيار المثالي يجب ألا يكون عدواً للاختيار الجيد".
© The Independent