وقّع السودان وإثيوبيا اتفاقاً ينصّ على نشر قوات مشتركة عند حدودهما "لضبطها ومكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة"، وفق ما أعلنت الوكالة السودانية الثلثاء 12 مارس (آذار) الجاري. ويأتي تشكيل قوات مشتركة لحماية أمن الحدود بعد سلسلة محادثات بين مسؤولين كبار في البلدين استمرت أشهراً. وأوردت وكالة الأنباء السودانية "سونا" أن وزارتَي دفاع السودان وإثيوبيا وقّعتا "اليوم (الثلثاء) برئاسة الأركان المشتركة بالخرطوم على بروتوكول نشر القوات المشتركة على الحدود". وقال رئيس الأركان المشتركة للقوات المسلحة السودانية الفريق أول كمال عبد المعروف الماحي إن الدولتين، بهذه الخطوة، ستمضيان "بقوة لضبط كل الإشكالات ومنع الاحتكاكات وحفظ حقوق شعوب المناطق الحدودية بخاصة أن علاقاتنا مع إثيوبيا علاقات تاريخية وجوار، فضلاً عن توافر الإرادة السياسية بين الرؤساء في البلدين من خلال دعوتهم إلى إقامة شراكات وتعاون".
"خطوات بعيدة"
وأوضح الماحي أن الخبراء بين البلدين سيجتمعون بعد أسبوعين في مدينة القضارف السودانية، لاستكمال الاستعدادات. وقال "سنخطو خطوات بعيدة في شراكة إستراتيجية وتعاون نموذجي لكل القارة الأفريقية وبين دول الجوار". وتشكو القيادات الأمنية في الجانبين من تهريب الأسلحة والجرائم العابرة للحدود. وتقيم الخرطوم وأديس أبابا علاقات دبلوماسية وثيقة لكن قضايا حدودية تثير توترات بين البلدين. ويتّهم مزارعون سودانيون غالباً إثيوبيين بالاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في ولاية القضارف الحدودية السودانية. كما يشكو المزارعون السودانيون من تورّط متمردين إثيوبيين في جرائم عابرة للحدود داخل الأراضي السودانية. في المقابل، تفيد تقارير إعلامية إثيوبية بضبط قوات الأمن في إثيوبيا في مناسبات عدة، أسلحة يُعتقد بأنها مهرّبة من السودان.
إلغاء حكم بالجلد
في غضون ذلك، وفي وقت لا تزال قوانين الطوارئ التي فرضها الرئيس السوداني عمر البشير سارية المفعول، ألغت محكمة الاستئناف في الخرطوم الثلثاء حكماً بجلد تسع متظاهرات لمشاركتهنّ في احتجاجات ضد حكم عمر البشير المستمر منذ ثلاثة عقود، وفق محامية الدفاع. وألغت المحكمة الحكم الذي أصدرته محكمة طوارئ السبت وتضمن 20 جلدة لكل امرأة وسجنهنّ شهراً. وصرحت المحامية إنعام عتيق إلى وكالة "فرانس برس" أن "محكمة الاستئناف بالخرطوم ألغت اليوم (الثلثاء) عقوبة الجلد بحق تسعٍ من المتظاهرات، واكتفت بالمدة التي قضينَها في السجن وأمرت بإطلاق سراحهنّ، وقد تم ذلك". وكانت النساء اعتُقلنَ الخميس الماضي 7 مارس للمشاركة في "تظاهرة محظورة" في وقت سابق في ذلك اليوم في حي بوري شرق الخرطوم الذي بات مكاناً لتجمعات منتظمة للمعارضين لحكم البشير منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأنشأت السلطات السودانيّة محاكم الطوارئ للنظر في انتهاكات تُرتكب في إطار حال الطوارئ التي أعلنها البشير في 22 فبراير (شباط) الماضي، لمدّة سنة. وتهدف هذه الإجراءات إلى وضع حدّ لموجة الاحتجاجات التي اندلعت إثر قرار الحكومة السودانيّة رفع سعر الخبز. ولم يُحدّد المسؤولون السودانيّون عدد النساء اللواتي اعتُقلنَ خلال التظاهرات، لكن وفقاً لنشطاء معارضين، هناك نحو 150 امرأة وراء القضبان، على الرغم من قرار البشير السبت الماضي 9 مارس الحالي، بالإفراج عن كل النساء المعتقلات بسبب التظاهرات المناهضة للحكومة، بعد ساعات على تنظيم محتجين مسيراتٍ في أكبر مدينتين في السودان. ويقول مسؤولون سودانيون إن 31 شخصاً قُتلوا منذ بدء الاحتجاجات في 19 ديسمبر 2018 في أعمال عنف رافقت التظاهرات، فيما تفيد منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأن عدد القتلى بلغ 51 شخصاً.