ارتكب شخص مصري يدعى "قذافي" سلسلة جرائم قتل وسرقة وانتحال شخصية، أشغلت الرأي العام المصري أخيراً، في ظل اكتشاف قوات الأمن مزيداً من الجثث المدفونة داخل منزله.
الأغرب من ذلك أن المتهم يعمل محامياً، وكان له صديق يدعى "رضا" يعمل مهندساً في السعودية، اعتاد أن يرسل مدخراته إلى "قذافي" لاستثمارها في العقارات باعتباره محامياً ومحل ثقته لصداقتهما، ولم يكن يعلم أن صديقه خدعه واستولى على تلك الأموال والممتلكات، بموجب توكيل رسمي أقنع رضا بتحريره.
وفي العام 2015 عاد "رضا" فجأة من السعودية، وطالب "قذافي" بتصفية الحسابات المالية، فأعد المتهم خطة لقتله، حيث دعاه إلى تناول العشاء في منزله بمحافظة الجيزة ودس له "السم"، وخلال دقائق لفظ أنفاسه الأخيرة، ودفنه "قذافي" في حفرة عمقها مترين داخل إحدى غرف منزله، كان قد أعدها قبل أيام من القتل ضمن خطته للتخلص من صديقه، لتكون بداية لسلسلة جرائمه منذ أبريل (نيسان) عام 2015.
ولكي يضلل الجاني أسرة القتيل، أرسل رسالة من الهاتف المحمول الخاص بـالضحية إلى زوجته، مفادها أن الشرطة ألقت القبض عليه من دون تفاصيل أخرى.
الزوجة القتيلة
ثاني ضحايا "قذافي" كانت زوجته فاطمة، التي استولت على 400 ألف جنيه (حوالي 25 ألف دولار) من أمواله لأنها كانت تخشى أن يتزوج بأخرى، وبعد محاولات لإعادة الود بين الزوجين، رفضت فاطمة إعادة الأموال، ليعد "قذافي" حفرة مشابهة لتلك التي دفن بها صديقه، وبعد أيام من واقعة القتل الأولى، قام بقتل زوجته، ثم دفنها في حفرة داخل غرفة أخرى، وبجوارها مصوغات خاصة بها، بغرض تأكيد أن المال لا قيمة له، بحسب اعترافات المتهم أمام النيابة لاحقاً.
أما ثالث الضحايا فكانت فتاة عملت في مكتبة يملكها المتهم الذي عُرف إعلامياً بـ "سفاح الجيزة"، ضمن ما استولى عليه من ممتلكات صديقه، ووقعت علاقة بين السفاح والقتيلة، ثم تقدم للزواج من شقيقتها، وحين هددته بفضح أمره استدرجها وقام بقتلها ودفنها في إحدى غرف منزله، وأوهم أسرتها أنها هربت خارج البلاد مع أحد الأشخاص للعمل في مجال التمثيل والإعلانات، ليقرروا عدم الإبلاغ عن اختفائها.
القتل في الإسكندرية
ولم يكتف "قذافي" بقتل صديقه، بل انتحل شخصيته واستخرج أوراقاً ثبوتية باسمه، وانتقل إلى محافظة الإسكندرية باسم "رضا"، وهناك ارتكب رابع وقائع القتل، حيث تعرف على فتاة تعمل في محل خاص لبيع الأدوات الكهربائية، ووعدها بالزواج وحصل منها على 45 ألف جنيه، وبعد فترة ألحت عليه بإتمام الزواج أو استرداد أموالها، فخدعها بأنه سيمنحها بضاعة بقيمة المبلغ المالي، قبل أن يستدرجها إلى مخرن ثم قام بقتلها ودفنها داخله.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من كل وقائع القتل، إلا أن قوات الأمن لم تتوصل إلى المرتكب الحقيقي لتلك الجرائم، غير أن إحدى زوجات السفاح دبرت المكيدة وأوقعت به، فبعدما دبت خلافات زوجية بينها وبين زوجها قرر "قذافي"، الذي ينتحل اسم "رضا"، أن يسرق مصوغاتها الذهبية، وبعد التقدم ببلاغ ومراجعة الكاميرات، ألقت قوات الأمن القبض على "سفاح الجيزة"، وسُجن تنفيذاً لحكم قضائي مدة عام.
صدفة تكشف السفاح
لم تتوقف أسرة رضا عن البحث عنه طوال السنوات الخمس، وبالمصادفة وجد شقيق القتيل اسم "رضا" ضمن المساجين في أحد سجون الإسكندرية، وعرف أن زوجته تزوره في الحبس، فحصل على عنوان الزوجة وسافر إليها، وسألها عن "رضا"، فقالت إنه مسافر، فطلب منها صورة لزوجها تفادياً لأن يكون مجرد تشابه في الأسماء، وكانت الصدمة بأن أظهرت صورة لصديق شقيقه "قذافي"، فتوجه شقيق القتيل إلى النيابة، وقدم بلاغاً جديداً وبدأ التحقيق مع المتهم بعد استدعائه من محبسه.
وتزامناً مع جهود شقيق القتيل، كان "سفاح الجيزة" (49 عاماً) قد ارتكب خطأً كبيراً حين صارح أحد أصدقائه داخل السجن بحقيقة جرائمه، وبعد أيام من التفكير في الإبلاغ عنه، قابل صديق السفاح مأمور السجن، وروى له الجرائم التي سمعها من "رضا" المزيف أو "قذافي" الحقيقي.
ونقلت وسائل إعلام محلية مصرية أن التحقيق مع "سفاح الجيزة" استمر نحو أربعة أيام، حاول خلالها الإنكار ونفي كل التهم مستغلاً خبراته في المحاماة، لكن بعد محاصرته بالأدلة على قتله صديقه اعترف بالواقعة، وربط وكيل النائب العام الاعتراف بوجود محضر اتهام ضده في اختفاء زوجته قبل سنوات، فانهار المتهم واعترف بقتلها، كما أرشد عن واقعتي القتل الأخيرتين، وكشف عن زواجه سبع مرات، معظمها كان بهوية صديقه القتيل.