الشعار كان الواجهة الأولى لـ"مجموعة العشرين" التي أنهت أعمالها يوم الأحد الماضي في الرياض. وتشكل المجموعة حوالى 85 في المئة من التجارة العالمية، وتغطي دولها نصف مساحة الأرض، ما يجعل قادتها يقودون ثلثي سكان العالم، وهي القمة التي أنشئت عام 1999 لتولد اجتماعاتها من رحم أزمة التجارة العالمية عام 2008.
وتتنافس الدول المستضيفة للتعريف بثقافتها منتهزة فرصة زيارة القادة لبلادها، ما يعني توجه أنظار العالم أجمع إلى الثقافة والتراث والسياحة والمستقبل، ومن هنا، أوضح مصمم شعار رئاسة السعودية للـ "العشرين" محمد الحواس، وجهة ورؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الهوية البصرية للقمة، والاهتمام الخاص الذي أولاه لها.
وأكد الحواس أن الطريق لم يكن سهلاً لاعتماد الشعار، وقد أخذ المصمم زمام المبادرة باقتراح لافت حول إنشاء مخيم خاص يجمع المصممين السعوديين للتسابق وتقديم اقتراحات ونماذج متنوعة للشعارات.
وأوضح أن الجهات الحكومية ذات العلاقة تفاعلت سريعاً مع المقترح وجمعت حوالى 30 مصمماً يعملون على مدى ثلاثة أيام متواصلة لتقديم أكثر من 30 اقتراحاً ونموذجاً للشعارات والهويات البصرية، ترشح منها 10 شعارات في الفرز الأولي، لترفع ثلاثة منها لولي العهد السعودي كمرحلة فرز قبل النهائية، حتى وقع الاختيار على شعار "العشرين" الحالي.
أهم مفاتيح خريطة المصممين
الخريطة التي سار عليها المصممون كما أكد الحواس، هي أن الشعار يجب أن ينبع من السعودية ويحمل هويتها، إضافة إلى معلومتين مساعدتين، أولاهما أن شعار اليابان تميّز في نظر الأمير محمد بن سلمان بسبب ارتباطه الوثيق بالثقافة اليابانية، وأما المعلومة الأخرى فكانت حبّ الأمير لشعار مدينة نيوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشرارة التي اتقدت في ذهن المصمم السعودي، كان منبعها كما يصف "مشاهدتي للشبان والشابات السعوديين، ساعدوني في اختيار الفكرة لأننا نلاحظ الالتزام بالعادات والتقاليد مع الطموح والحرص الكبيرين على مواكبة التقنية وتطوير أنفسهم، ما دفعني إلى محاولة تجسيد هذه التفاصيل عبر عناصر أقرب ما تكون إلى التجريدية".
ويضيف الحواس، "اخترت السدو ليمثل تراث وأصالة السعودية، لكونه عنصراً أساسياً في نسج الخيام التي لطالما استقبلت الضيوف والزوار، ما يؤهل الشعار ليقول للعالم مرحباً بكم في السعودية، أما الوجه الآخر للشعار فحمل الخطوط الرقمية المتقاطعة التي تعبر عن الألياف الضوئية وعن دواخل السعوديين وطموحهم في بناء مدن للحالمين".
تاج على القمة اليابانية
الشعار الياباني الذي حمل جبل فوجي أعلى قمة يابانية نبع من صميم ثقافتها التي اعترفت بأهميتها "اليونيسكو" عندما سجلت فوجي على قائمة التراث العالمي في يونيو (حزيران) 2013، ما شجع طوكيو لعرض ثقافتها أمام العالم أجمع خلال رئاستها لـ "العشرين" عام 2019.
والشعار الياباني حمل ثلاثة عناصر رئيسة إضافة إلى الحروف الإنجليزية، وركّز على الشمس الحمراء التي يحملها العلم الياباني "نيشوكي" لتشرق من خلف قمّتهم الأعلى باعثة الأمل لمستقبل مشرق لـ"العشرين"، كما اهتم الشعار بإضافة أزهار الكرز "ساكورا" التي تتفتح أوراقها في فصل الربيع من كل عام لتضيف جمالاً استثنائياً لليابان.
أكبر ميناء في ألمانيا
وامتزجت ألوان شعار رئاسة ألمانيا بخطوط رفيعة حملت ألوان العلم والبحر لتحتضن بعضها البعض ممثلة "عقدة البحارين" كما وصفتها رئيسة الوزراء الألمانية أنغيلا ميركل في عام رئاسة بلادها للمجموعة 2017، وحمل الشعار في طيّاته رمزيات كان أبرزها تنوع المواضيع التي تناقشها القمة، لتنعقد أخيراً في دلالة على ارتباط المواضيع والقضايا المطروحة على طاولة النقاش.
وأقيمت قمة ألمانيا آنذاك في المدينة الساحلية "هامبورغ" التي لطالما ارتبطت بوجود أكبر ميناء ألماني في البلد، الذي يمثل رمزية التجارة لميناء هو أحد أكبر تسعة موانئ للحاويات حول العالم.
جسر الصين
واتخذت الصين شعاراً بسيطاً للوهلة الأولى، عميقاً ورفيعاً في تفاصيله الدقيقة، إذ كوّنت 20 طبقة تجسد دول المجموعة عبر خطوط رفيعة تشابه الألياف البصرية التي تمثل وسيلة التواصل المعلوماتية بين العالم، وترتبط عبر جسر تتوسطه دائرة الحوار والنقاش التي تجمع الاهتمامات ووجهات النظر.
وخصصت بكين نهاية الشعار ليحمل ختماً صينياً، يمثل كلمة "الصين"، وعبّر مصمم الشعار الصيني يوان يومين قائلاً، "التصميم الجيد هو نقل للثقافة وتباهٍ بالمنفعة والجمال".
زهرة التوليب
وتقيم تركيا سنوياً مهرجاناً خاصاً بالزهرة التي اعتبرت أحد رموز العاصمة إسطنبول منذ الحكم العثماني، فالتوليب الذي تبلغ أعداده أكثر من مليوني زهرة في الموسم الواحد، اختارته تركيا ليعبر عن ثقافتها خلال فترة رئاستها لمجموعة "العشرين" عام 2015.
كما تعمدت إسطنبول إضافة رموز ونقوش تدمج بين الثقافة والتراث التركي والجماليات العالمية، في رسالة مفادها تضامن الدول "العشرين" لطرح المواضيع العالمية على الرغم من اختلاف الثقافات.
أي الرمزيات ستختار؟
تتجه أنظار الفن والمثقفين إلى رئيسة قمة "العشرين" للعام المقبل، فإيطاليا التي تزخر بالثقافات المختلفة التي نتجت من وجود أكثر من 20 منطقة إدارية، و110 مقاطعات أصغر، تقسمت في كل الاتجاهات.
وبلغ تعداد السكان الإيطاليين حوالى 60 مليون نسمة، يمثل الأصليون منهم ما نسبته 96 في المئة، بينما بلغ عدد الرومان أكثر من مليون مواطن، وسجلت نسبة كبيرة من المواطنين ذوي الأصول المغربية والألبانية بما يمثل نصف مليون نسمة، فأي الثقافات ستؤثر أكثر في صناعة الشعار المقبل؟