أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تأجيل جولة التصويت للاتفاق على آليات اختيار المرشحين لتولّي المناصب التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية الأخيرة إلى ما بعد الجلسة الموحدة لمجلس النواب، غداً الاثنين.
واضطرت البعثة إلى اتخاذ هذا الإجراء بعد فشل الجولة الأولى، أمس السبت، التي جرت افتراضياً، في وقت لم ينجح أي من المقترحات العشرة المطروحة في الحصول على الأصوات المطلوبة لاعتمادها رسمياً.
وفي الشق العسكري، تواصل التصعيد في الحرب الباردة بين الجيش الوطني الليبي شرق البلاد وتركيا، بعدما كشف الأول عن رصد تحرّك سفن حربية تابعة لأنقرة، بالقرب من الشواطئ الليبية الواقعة تحت سيطرته، ليعطي الأوامر إلى قواته برفع حالة التأهب للردّ على أي تصعيد عسكري محتمل من جانب تركيا.
تعثر جديد في الحوار السياسي
وأفادت مصادر ليبية مطلعة بأن البعثة الأممية للدعم أبلغت المشاركين في الحوار السياسي، بأنهم سيخوضون جولة جديدة من التصويت على آلية الاختيار لشاغلي المناصب القيادية في الحكومة الجديدة.
وشارك في جولة التصويت هذه 71 عضواً، صوت 39 منهم للخيار الثاني، بينما أيّد 24 الخيار الثالث، و8 الخيار العاشر فيما امتنع 4 عن التصويت.
ومع عدم حسم نتيجة حصول أحد المقترحات على أصوات 75 في المئة من المقترعين، ستفتح الجولة الثانية باب النقاش على إجراءات الترشح لتولّي مناصب في السلطة التنفيذية المقبلة.
دعوة دولية إلى تسريع وتيرة الحوار
في سياق متصل، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عقد مجموعة العمل السياسية التابعة، اجتماعاً في الثالث من الشهر الحالي لمراجعة التقدم الذي أحرز حتى الآن على صعيد المسار السياسي الليبي والنظر في كيفية دعم هذه الجهود للحلّ السلمي.
وأوضحت، في بيان، أن "المشاركين في مجموعة العمل من الجزائر وألمانيا وجامعة الدول العربية والبعثة الأممية في ليبيا، رحّبوا بالاختتام الناجح لملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس العاصمة في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أسفر عن ثلاث وثائق ختامية، وهي خريطة طريق للمرحلة التحضيرية لحل شامل وفصل حول الأهلية للترشح للسلطة التنفيذية وآخر بشأن سلطة تنفيذية موحدة".
واعتبروا أن "الوثائق الثلاث تفتح الطريق أمام عملية يقودها الليبيون، نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وبلادهم موحدة وذات سيادة كاملة، خالية من جميع أشكال التدخل العسكري الأجنبي والتدخل الخارجي".
وشددوا على "ضمان نزاهة العملية السياسية والبعد عن خطاب الكراهية والخطاب التصعيدي، ودور البلدان المجاورة والمنظمات الإقليمية، وأهمية تنسيق الجهود الدولية المتسقة والمعززة، لتسهيل تنفيذ خريطة الطريق، لا سيما في ما يتعلق بإحراز تقدم على المسار الدستوري والعملية الانتخابية".
كما أشاروا إلى أن "التقدم في المسار السياسي، يمكن أن يعزز فرص تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وتخفيف التوترات الأخيرة، بالنسبة إلى الحوكمة الاقتصادية والاستخدام العادل لعائدات تصدير النفط".
تصعيد عسكري
عسكرياً، صرّح مدير التوجيه المعنوي في الجيش اللواء خالد المحجوب، السبت، أن "الجيش رصد تحرّك سفن حربية تركية في خليج سرت"، قائلاً إنها "قيد المتابعة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أن "السفن الحربية التركية موجودة خارج نطاق المياه الإقليمية الليبية، ولم يرصد ما يدلّ على اقترابها من الهلال النفطي حتى الآن"، مؤكداً "جاهزية الجيش والقوات البحرية الليبية للتعامل مع أي طارئ".
لكن غرفة عمليات الكرامة الرئيسة التابعة للجيش الوطني أعلنت بعد ذلك توجيه تعليمات إلى قائد غرفة العمليات الرئيسة وسط ليبيا اللواء أحمد سالم برفع الاستعداد وقطع الإجازات ومنع مغادرة الآليات عقب رصد تحشيدات وتجهيزات تركية عدائية في قواعد عدة ومواقع مختلفة، بحسب بيان لها.
وعززت هذه المعلومات المخاوف من تصعيد عسكري محتمل في وسط ليبيا على خلفية تحركات تركية متواترة في الأيام الماضية، كشفت عنها تقارير استخباراتية للجيش، وجاء فيها، أن "تركيا أرسلت في الأيام القليلة الماضية، ست شحنات عسكرية إلى قاعدة الوطية" الجوية غرب البلاد، داعيةً المجتمع الدولي إلى وضع حدّ للاستفزازات التركية، التي تخالف القرارات الدولية بشأن ليبيا واتفاقات لجان الحوار العسكري المحلية" .
دفعات جديدة من المقاتلين الأجانب
في السياق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس السبت، إن "عمليات إعادة المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا توقفت منذ أكثر من 20 يوماً"، موضحاً أن "آخر دفعة من الذين أرسلتهم أنقرة للقتال إلى جانب حكومة الوفاق عادت منتصف الشهر الماضي، لتتوقف بعد ذلك".
وأعلن أنه "حصل على معلومات تفيد بأن تركيا لم توقف عملية إعادة المرتزقة من ليبيا فقط، بل تنوي إرسال دفعة جديدة من مقاتلي الفصائل السورية المسلحة إلى طرابلس خلال الأيام المقبلة"، لكن أنقرة نفت مراراً إرسالها مقاتلين إلى النزاع الليبي.
جسور جوية ومسار مناهض
واعتبر عضو مجلس النواب سعيد امغيب أن "استمرار تدفق الأسلحة عبر جسر جوي، تخرج فيه الطائرات العسكرية من مطارات تركيا، لتهبط في القواعد والمطارات الجوية الليبية المحتلة من قِبَلها، يبرهن على أن ما تقوم به البعثة الأممية من اجتماعات ومسارات وحوارات، يأتي في مسار، وما تخطط تركيا وحلفاؤها له يعمل في مسار مناهض".
وقال إن "التحشيد العسكري التركي الذي لم يتوقف، يؤكد أن (الرئيس رجب طيب) أردوغان يرفض أي حلول للتسوية السياسية"، موضحاً أن "أنقرة ماضية في خيار الحرب والسيطرة على الحقول النفطية في الجنوب الليبي كمرحلة أولى، ثم التقدم نحو الهلال النفطي وسط البلاد في استهزاء واضح بقرارات مجلس الأمن، وكل ما صدر عن مخرجات مؤتمر برلين".
واستبعد امغيب "توصل أي اتفاق ليبي إلى نتائج حقيقية، بسبب تغذية أطراف دولية للخلاف بين المتحاورين، عبر استخدام المال الفاسد والوعود الكاذبة".
واتفقت الصحافية الليبية إهداء مكراز مع هذا الرأي، قائلةً إن "الإمدادات العسكرية التركية، لا يمكن أن تكون عبثية، ومن دون هدف خفي في المرحلة المقبلة".
وأشارت إلى أن "أنقرة تحاول تعزيز وجودها في البلاد، قبل تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهماته، بسبب موقفه الواضح من سياسات أردوغان هنا وفي مناطق أخرى، ما يهدد بإخراجها من المشهد الليبي خالية الوفاض، إذا لم تتحرك سريعاً لفعل أي شيء، يسبق المواجهة المحتملة مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن الملف الليبي".