تصاعدت مشكلات قطاع صناعة السيارات حول العالم بسبب نقص الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات لتعطل إنتاجها، بخاصة في الصين، وتباطؤ سلاسل التوريد عموماً نتيجة أزمة وباء فيروس كورونا. وبدأت مشكلة نقص الرقائق الإلكترونية في الأسواق العالمية العام الماضي مع زيادة الطلب عليها لاستخدامها في أغلب المنتجات الإلكترونية التي راجت كثيراً مع بقاء الناس في بيوتهم نتيجة إغلاق الاقتصادات بشكل متكرر.
وكان من المتوقع أن تنفرج أزمة الرقائق وأشباه الموصلات مع بداية خروج الاقتصاد العالمي من أزمة وباء كورونا، لكن النقص أيضاً في ما تسمى "معادن الأرض النادرة" التي تستخدم في إنتاجها جعل الأزمة تطول. والآن، يتوقع تقرير لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني، صدر هذا الأسبوع، أن يطول أمد الأزمة ربما حتى قرب نهاية هذا العام.
في البداية كانت شركات إنتاج السيارات الأكثر تضرراً، لكن في ظل أزمة الوباء كان الطلب على السيارات متراجعاً بشدة، بالتالي كان القطاع يعاني من مشكلة أكبر ولم تظهر أضرار نقص الرقائق الإلكترونية بشدة. ومع استمرار النقص وعدم تعافي سلاسل التوريد تماماً، تعاني شركات صناعة أجهزة الـ"موبايل" والكمبيوتر بشكل يعرقل انتعاشها تماماً ما بعد كورونا. وبدا ذلك واضحاً في إفصاحات الشركات عن أدائها في الربع الأول من هذا العام. وتتوقع "ستاندرد أند بورز" أن يبقى التأثير حتى النصف الثاني من العام.
قطاع السيارات
ويظل قطاع صناعة السيارات الأكثر تضرراً، مع دخول الرقائق الإلكترونية في كثير من مكونات السيارات الحديثة كلها تقريباً. على سبيل المثال، في ما يلي طائفة من أخبار شركات السيارات في يوم واحد.
أغلقت شركة "جاغوار ولاند روفر" إغلاق مصنعين رئيسيين بشكل مؤقت بسبب نقص الرقائق الإلكترونية. وقالت الشركة في بيان لها إنه ستكون هناك "فترة محدودة من الإغلاق" في مصنعها في هيلوود ومصنعها في كاسل بروميتش في بريطانيا بدءاً من يوم الاثنين المقبل. وقالت الشركة، التي أصبحت مملوكة لشركات "تاتا" الهندية، في بيانها: "قمنا بتعديل جداول مواعيد إنتاج بعض موديلات السيارات مما يعني أن مصنعينا في كاسل بروميتش وهيلوود ستعملان لفترة من دون إنتاج بدءاً من الاثنين 26 أبريل (نيسان)، ونعمل مع الموردين المعنيين لحل المشكلة وتقليل التأثير السلبي على طلبات الزبائن قدر ما يمكننا". وسيواصل مصنع الشركة سوليهل العمل.
وحذرت شركة رينو الفرنسية لصناعة السيارات الخميس من أن أزمة نقص الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات ستؤثر سلباً في إنتاجها لمدة أشهر، وأنها تتوقع ما هو أسوأ بالنسبة لمشكلات الإنتاج. وقررت الشركة عدم إعلان أي توقعات لمبيعاتها وعائداتها هذا العام لهذا السبب. وكانت مبيعات رينو شهدت تراجعاً بنسبة 1.1 في المئة في الربع الأول من هذا العام. وقالت الشركة في بيان لها الخميس إن ظروف الشتاء في تكساس بالولايات المتحدة وحريق لديها في اليابان الشهر الماضي بدأت تظهر آثاره على إنتاجها من السيارات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلنت شركة ديملر هذا الأسبوع تخفيض ساعات العمل لأكثر من 18 ألف عامل في مصانعها في ألمانيا تحسباً لتراجع الإنتاج مع نقص الرقائق الإلكترونية في السوق. وقالت الشركة في بيان لها الأربعاء إن مصانعها في بريمن وفي راشتات ستتأثر أكثر بنقص الرقائق الإلكترونية عالمياً. وسيبدأ تخفيض ساعات العمل لآلاف العمال يوم الجمعة 23 أبريل.
أما شركة ستالانتيس فأعلنت الأربعاء أنها ستستبدل مؤشر السرعة الرقمي في سيارات بيجو بآخر عادي نتيجة نقص رقائق أشباه الموصلات في السوق العالمية. وقالت الشركة إن ذلك سيحدث فقط مع سيارات بيجو 308 وليس كل الموديلات التي تنتجها الشركة، وتشمل كرايزلر وسيتروين وجيب.
صناعات تكنولوجية أخرى
ومع ما يبدو من تأثير كبير لنقص رقائق أشباه الموصلات على قطاع إنتاج السيارات، إلا أن استمرار النقص في إنتاج تلك الرقائق وتوريدها للشركات التي تستخدمها في منتجاتها يضر بصناعات تكنولوجية أخرى.
فمع التوسع في طرح شبكة الهواتف الـ"موبايل" الجيل الخامس (5G) يزيد الطلب على أجهزة الهواتف الجديدة. وتواجه الشركات المصنعة للهواتف أزمة في نقص الرقائق الإلكترونية، وهي مكون رئيسي في أجهزة الهواتف الذكية.
في الوقت ذاته طاولت المشكلة شركات إنتاج أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية التي تعتمد بشكل أساسي على الرقائق الإلكترونية تتضرر من اضطراب سلسلة توريد الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات.
كذلك تعاني شركات إنتاج أجهزة التلفزيون وغيره من المنتجات المماثلة التي تدخل الرقائق في صنعها مشكلة مع النقص الحاد في الرقائق الإلكترونية. ومع التوقعات بأن الأزمة قد تمتد لأشهر، تتحسب تلك الشركات لتراجع الإنتاج وبالتالي أدائها المالي على الأقل في الربعين المقبلين من هذا العام.
هذا فضلاً عن الضرر المباشر على شركات إنتاج الرقائق التي لا تستطيع تلبية الطلب العالمي المتزايد، إما بسبب تبعات وباء كورونا أو لنقص المعادن النادرة التي تدخل في إنتاجها. لذا، يتوقع أن تواصل شركات التكنولوجيا عموماً الأداء غير القوي في مرحلة الانتعاش مع خروج العالم من أزمة وباء كورونا.