درجت إيران على اعتقال غربيين على أراضيها لمقايضتهم في صفقات لاحقة مع دولهم أو مع واشنطن. وشطر راجح من هؤلاء مزدوجي الجنسية، أي حملة الجنسية الإيرانية إلى تلك الغربية، سواء كانت أميركية أو فرنسية أو بريطانية أو أسترالية أو غيرها. ومن هؤلاء نازانين زاغاري-راتكليف البريطانية – الإيرانية. وفي أبريل (نيسان) الماضي، شجبت ليلى موران النائبة البريطانية تمديد اعتقالها وسجنها لعام آخر. وكتبت موران على صفحات "اندبندنت" تقول إن النظام الإيراني "يواصل استخدامها ورقة مساومة سياسية، حجراً في لعبة شطرنج جيوسياسية تتضمن تسديد الديون التاريخية وأداة في مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة حول الاتفاق النووي".
واليوم السؤال هل تفرج طهران عن "رهائن" غربيين بعد استئناف المفاوضات حول برنامجها النووي لتهدئة الأمور؟
وكان موقع "بزنس إنسايدر" الإخباري المالي والاقتصادي نقل عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين أن موافقة إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 على مبادلة أكاديمية أسترالية بريطانية كانت موقوفة في طهران قبل سنتين بثلاثة إيرانيين مسجونين لتخطيطهم لمهاجمة السفارة الإسرائيلية في بانكوك يُعَد جزءاً من حملة إيرانية مستمرة لاعتقال رهائن ومبادلتهم مع بلدان غربية. وجاء إطلاق كايلي مور-جيلبرت التي تحمل الجنسيتين البريطانية والأسترالية بعد اعتقالها عام 2018 بتهم تجسس – تنفيها بقوة هي وأستراليا وبريطانيا – قبل يوم من اغتيال أبرز عالم نووي إيراني. واتهمت إيران إسرائيل بالوقوف وراء الاغتيال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤول استخباراتي أوروبي فاوض سابقاً إيران على إطلاق رهائن، إن الاتفاق على إطلاق مور-جيلبرت كان وسيلة يخفف بها الإيرانيون التوترات مع الولايات المتحدة وأوروبا. ففي ذلك الوقت، وفق الموقع الإلكتروني، كانت إدارة ترمب المنتهية ولايتها وحلفاؤها السياسيون في إسرائيل لا يزالون ملتزمين كما بدا بالقيام بأعمال هددت باندلاع نزاع مسلح بما في ذلك اغتيال محسن فخري زاده، أبرز عالم نووي في إيران.
ورمى إطلاق سراح مور-جيلبرت إلى تهدئة الأجواء قليلاً مع حلفاء الولايات المتحدة الذين قد يحتاجون إليهم إذا ما اندلعت مواجهة عسكرية مع إسرائيل.
ونقل الموقع الإخباري عن مسؤول استخباري أميركي بارز سابق رفض ذكر اسمه قوله، إن النظام الإيراني، منذ قيامه عام 1979، استهدف تكراراً مواطنين غربيين في عمليات توقيف وخطف كطريقة لتعزيز موقعه التفاوضي مع الخصوم أو إبقائهم كأوراق قوة إذا دعت الحاجة إليهم يوماً ما. وقال المصدر: "بدأ الأمر مع أخذ موظفي السفارة الأميركية في طهران رهائن عام 1979 لكن الإيرانيين – الذين استخدموا في الأغلب وكلاء لبنانيين مثل "حزب الله" – عمدوا خلال الثمانينيات إلى الاحتفاظ بعدد من الرهائن الأميركيين أو البريطانيين للتفاوض عليهم".
وأضاف: "تراجع الأمر خلال التسعينيات، لكن منذ عام 2001، رأينا تجديداً لهذه التكتيكات لكن مع تركيز أكبر على الأشخاص الذين يستطيعون اعتقالهم وهم يزورون طهران بتهم ملفقة ولا تُحَل مسائل المعتقلين إلا حين يحتاج الإيرانيون إلى شيء". ومنذ عام 2015، اعتقلت إيران أكثر من 40 شخصاً من حملة الجنسيات المزدوجة، مع تركيز على الإيرانيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة أو أوروبا. ونقل الموقع عن وكالة "رويترز" أن 30 شخصاً اعتُقِلوا بين عامي 2015 و2018 وأن 19 منهم كانوا مواطنين إيرانيين يحملون جنسيات أوروبية مختلفة.
وقال المسؤول الأميركي: "راقبنا حبر الاتفاق [النووي] يجف، إذا جاز التعبير، ثم بدأوا [الإيرانيون] يعتقلون في شكل منهجي أجانب خلال مرورهم بطهران – واستهدفوا عادة المواطنين ذوي الجنسيات المزدوجة المقيمين في الولايات المتحدة أو أوروبا. كان من الواضح أنهم توقفوا عن تجميع سجناء خلال الفترة المفضية إلى الاتفاقية، فلم يريدوا إزعاج أحد حتى توقيعها، لكن فور توقيعها، عاودوا التوقيفات". وشرح المسؤول الأميركي – ووافقه المسؤول الأوروبي – أن النهج الإيراني في شأن المعتقلين يتضمن استجوابهم في شأن أنشطة غربية في إيران، ومفاوضتهم للتجسس لصالح إيران على منشقين إيرانيين يعيشون في الخارج أو على حكومات أجنبية، ولو فشلوا في الأمرين، يحاكمون المعتقلين وينزلون بهم أحكام سجن طويلة ثم يبادلونهم في نهاية المطاف في مقابل تنازلات غربية.
وإلى حين إطلاق سراح مور-جيلبرت، كان 30 أجنبياً لا يزالون يقبعون في السجون الإيرانية.
وقال محللون استخباريون، إنهم يتوقعون أن يواصل النظام تطبيق استراتيجية الاعتقالات للحفاظ على موقع قوة في مقابل البلدان التي سيعاود التفاوض معها على اتفاقية نووية. وقال المسؤول الأميركي السابق: "ينجح الأمر. فإيران تعتقد أن الغرب سيعاملها دائماً كدولة مارقة. وسيكون أخذ الرهائن واعتقالهم مفيداً طالما أن الخاطف لا يهمه الأمر".