في الوقت الذي قفزت فيه أسعار الغاز الطبيعي، أشارت التوقعات إلى شتاء صعب على الأوروبيين والأميركيين. إذ ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في نهاية تعاملات جلسة الاثنين 13 سبتمبر (أيلول) الحالي، بنسبة تقارب الستة في المئة، مسجلةً أعلى مستوى في سبع سنوات ونصف السنة. وصعد سعر عقود الغاز الطبيعي تسليم أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في الأسواق العالمية إلى مستوى 5.23 دولار لكل مليون وحدة بريطانية، مقابل 2.54 دولار لكل وحدة بريطانية في بداية 2021، لتحقق مكاسب بنسبة 103 في المئة.
وشهدت أسعار عقود الغاز الطبيعي ارتفاعاً كبيراً في ظل نقص الإمدادات والمخزونات في الولايات المتحدة وأوروبا، ووسط العاصفة الاستوائية "نيكولاس" والإغلاقات التي نتجت عن إعصار "أيدا". وأفاد مكتب السلامة والأمن البيئي بتعطل 43.6 في المئة من إنتاج النفط و51.6 في المئة من إنتاج الغاز الطبيعي في خليج المكسيك في أعقاب إعصار "أيدا".
وتقل إمدادات الغاز الطبيعي في المخازن بنسبة 16.8 في المئة عن مستويات العام الماضي، و7.2 في المئة أقل من متوسط السنوات الخمس. وفي حال عدم ارتداد الإنتاج في خليج المكسيك، سينمو هذا العجز في العرض ليؤدي إلى وضع قد يجعلنا عرضة لارتفاع الأسعار، مع توقعات المحللين بأن تصل إلى ما بين ستة وثمانية دولارات لكل مليون وحدة بريطانية.
أعلى تكلفة تدفئة في أوروبا وأميركا
وفي ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، قد تشهد الولايات المتحدة وأوروبا أعلى تكلفة تدفئة خلال الخريف والشتاء، مع الانتعاش البطيء في الإنتاج نتيجة الإعصار وشح الإمدادات العالمية.
وتتأثر مخزونات النفط في أوروبا بتراجع صادرات الغاز الطبيعي من روسيا خلال الفترة الماضية. ويعتبر الغاز الطبيعي أحد مصادر الطاقة المفضلة في الولايات المتحدة ليس للكهرباء والمصانع فحسب، ولكن بشكل أساسي كمصدر تدفئة للمنازل.
وتتم تدفئة أكثر من 50 في المئة من منازل الولايات المتحدة بالغاز الطبيعي، وحتى تلك التي تستخدم التدفئة الكهربائية تزداد أسعار الغاز الطبيعي من خلال الباب الخلفي، إذ يذهب 38 في المئة من إجمالي استهلاك الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى توفير الكهرباء.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يبلغ متوسط الإنتاج اليومي من الغاز للنصف الثاني من العام الحالي 92.9 مليار قدم مكعب، ارتفاعاً من 91.4 مليار قدم مكعب خلال النصف الأول. وأفادت إدارة معلومات الطاقة، في توقعاتها قصيرة الأجل، بأن الغاز الطبيعي يجب أن يوفر نحو 35 في المئة من توليد الطاقة في عام 2021 و34 في المئة في 2022.
مخاوف مستمرة من نقص الإمدادات
في أوروبا، ووفق وكالة "بلومبيرغ"، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي، وسط مخاوف من نقص الإمدادات قبيل حلول فصل الشتاء. وفيما تستمر أعمال الصيانة في البنية التحتية للغاز الطبيعي في النرويج، أعلنت الشركة المسؤولة عن إدارة حقول الغاز الطبيعي في البلاد عن خفض جديد في حجم الإنتاج في حقلي جولفاكس وأوسبرج للغاز.
وتراجعت شحنات الغاز من ثاني أكبر دولة موردة للغاز إلى أوروبا بنسبة 6.3 في المئة خلال الأسبوع الحالي، فيما تراجعت الشحنات الآتية من روسيا بنسبة 16 في المئة. وحسب تقرير حديث لمؤسسة "إنيرجي سكان إينجي" للأبحاث في مجال الطاقة، فإن نقص الاحتياجات الأساسية قد يدعم ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا. وارتفعت الأسعار القياسية للتعاقدات الآجلة للغاز بنسبة 9.1 في المئة هذا الأسبوع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واكتسبت أسواق الغاز الأوروبية زخماً هذا العام، إذ أدى تعافي الطلب على الغاز في مرحلة ما بعد جائحة كورونا إلى استنفاد المخزون في أوروبا. وأدت زيادة الطلب في آسيا إلى حدوث تنافس على شحنات الغاز الطبيعي المسال.
وكان مسؤولون تنفيذيون أوروبيون في مجال الطاقة قد حذروا من شتاء صعب، قبل أن ترتفع أسعار الغاز الطبيعي إلى أرقام قياسية. وهو احتمال يثير الإحباط للأسر والشركات التي تتعافى من الجائحة العالمية. وترتفع أسعار الغاز في أوروبا إلى أرقام قياسية، يوماً بعد يوم، بعد إعادة فتح الاقتصادات وعودة الأشخاص إلى مكاتبهم. ما عزز الطلبات مع تراجع الإمدادات.
وقال جان توري سانر، وزير المالية النرويجي، إنه "في ظل تحسن اقتصاد البلاد، وانخفاض معدلات البطالة، وعودة مزيد من الأشخاص إلى العمل، من المهم خفض حجم إنفاق الثروة النفطية... هدفنا هو أن تضع الميزانية أساساً جيداً للخروج من الأزمة بصورة أقوى، وأن يتمكن المواطنون من العودة إلى وظائفهم".
كيف ستغير "دلتا" من الطلب على النفط؟
في الوقت نفسه، كشفت منظمة "أوبك" في تقرير حديث عن توقعات بأن تقلص متحورة "دلتا"، من حجم الطلب على النفط خلال الربع الأخير من 2021. وتوقعت أن يبلغ الطلب على النفط 99.7 مليون برميل يومياً في الربع الأخير من العام الحالي، بتراجع 110 آلاف برميل يومياً عن توقعات الشهر الماضي.
وعلى الرغم من التعديل بالتخفيض للربع الأخير من 2021، أفادت "أوبك" بأن الطلب العالمي على النفط في عام 2021 بأكمله سيرتفع 5.96 مليون برميل يومياً أو 6.6 في المئة، من دون تغيير يذكر عن تقديرات الشهر الماضي. وأشار التقرير إلى تقديرات بنمو الطلب على النفط بقوة بنحو 4.2 مليون برميل في اليوم خلال عام 2022، أي نحو 0.9 مليون برميل يومياً.
وتوقعت "أوبك" وصول الطلب على النفط في عام 2022 إلى 100.83 مليون برميل يومياً، متجاوزاً مستويات ما قبل الجائحة. وألمح التقرير إلى توقعات بنمو المعروض من النفط خارج منظمة "أوبك" في عام 2021 بمقدار 0.17 مليون برميل يومياً، مقارنة بتقييم الشهر السابق، بتخفيض 0.5 مليون برميل يومياً في الربع الثالث من 2021.
وذكرت "أوبك" أن توقعات نمو الإمدادات من خارج "أوبك" لعام 2022 لم تتغير عند 2.9 مليون برميل يومياً، بمتوسط 66.8 مليون برميل يومياً.
وفي وقت متأخر من تعاملات جلسة الاثنين، زاد سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج "برنت" بنسبة 0.6 في المئة عند مستوى 73.38 دولار للبرميل. وارتفع سعر عقود خام "نايمكس" تسليم أكتوبر المقبل بنسبة 0.9 في المئة عند مستوى 70.34 دولار للبرميل.