بينما تواجه الكويت أزمة سيولة في ظل ارتفاع عجز الموازنة ضمن تأثيرات جائحة كورونا وتراجع إنتاج النفط التزاماً بقرار "أوبك+"، يبدو أنها بدأت خطوات حثيثة في خطة تقشف عامة، وإعادة هيكلة سلم رواتب الموظفين ببعض الهيئات في محاولة لإنفاذ قرارات مجلس الوزراء التي تنص على تقليص الإنفاق العام في بعض البنود الكبيرة ومنها الأجور.
وبحسب المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، فإن التقليص سيشمل النفقات الحكومية وخفض الدورات التدريبية والابتعاث، وكذلك بدل السفر لدى موظفي الدولة، إضافة إلى هيكلة سلم الرواتب لدى الجهات الحكومية في ما يخص التعيينات الجديدة.
خفض النفقات
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "القبس" المحلية أن عدداً من الوزارات والجهات الحكومية باشر بالفعل خطة التقشف وخفض النفقات بالنسبة المطلوبة التي حددها قرار مجلس الوزراء، ومنها وزارات المالية والتجارة والصناعة والصحة والأشغال وجهاتها التابعة.
ولفتت إلى أن وزارة المالية الكويتية توصلت إلى اتفاق مع جهاز حماية المنافسة لخفض رواتب العاملين في الجهاز بنسبة ما بين 30 و50 في المئة تقريباً، بحسب الدرجة الوظيفية والمنصب الإشرافي أو القيادي، إلا أن محمد رمضان استبعد أن يكون هناك خفض في رواتب الموظفين السابقين لدى الجهاز، وقال إن "التقليص سيكون في التعيينات الجديدة لدى الجهاز وفقاً لهيكل الرواتب الجديد للجهاز الذي أقر في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وفق مقتضيات القانون 72 لسنة 2020".
وأكد في الوقت ذاته أن الإجراء سيتم مع بعض الجهات الحكومية التي لديها مبالغة في بعض المصروفات، وقال إن "الخطة تقضي بأن تعاد هيكلة تلك المصروفات بحيث تكون ضمن النطاق المتعارف عليه في باقي الأجهزة الحكومية".
ولفت رمضان إلى أن الحكومة لا تنوي إعادة هيكلة الرواتب على مستوى الدولة، بل على مستوى مؤسسات بعينيها لم تلتزم سابقاً بسلم الرواتب الذي تم إقراره، مثل جهاز حماية المنافسة الكويتية "الجهاز لديه مشكلة في جدول سلم الرواتب ولديهم مميزات معينة، إلا أن التوجه الجديد هو إخضاع الجهاز لسلم الرواتب العام المعمول به في بقية الدوائر في التعيينات الجديدة وليس من تم تعيينهم مسبقاً، وربما تضاف جهتان حكوميتان أخريان"، إلا أنه استبعد أن يتم خفض الرواتب بنسبة 50 في المئة كما ورد في الأخبار.
نهج لن يتوقف
وتشير المعلومات إلى أن النهج الحكومي الجديد لتقليص الإنفاق لن يتوقف عند حد معين، بل سيكون هناك توسع في خفض بنود إضافية تستنزف موازنة الدولة سنوياً بمئات الملايين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتحرك وزارة المالية الكويتية في وضع أطر واضحة تقضي بتنفيذ التوجهات الحكومية لخفض الإنفاق بنسبة 10 في المئة، وزيادة إيرادات خزانة الدولة بأموال غير نفطية، إذ تستهدف الحكومة توفير 2.3 مليار دينار (7.7 مليارات دولار) من إجمالي المصروفات، إضافة إلى زيادة رسوم بعض الخدمات التي تقدمها الجهات المختلفة.
وبحسب التوصيات الحكومية فإن خفض المصروفات أو تأجيلها لن يخل بتنفيذ المناقصات الحكومية التي تم توقيعها حديثاً، أو التي تحتاجها البنى التحتية للدولة، على اعتبار أن مثل تلك العقود تعتبر ضرورة لا تشملها أجندة التقشف الحكومية.
عجز مرتفع
وأدت الأزمة الاقتصادية المصاحبة لتفشي جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط إلى تفاقم عجز موازنة الكويت ليرتفع لأعلى مستوى تاريخي، بعد أن سجل زيادة سنوية تجاوزت 174 في المئة بالسنة المالية المنتهية في 31 مارس (آذار) 2021.
وسجل العجز المالي لموازنة 2020-2021 نحو 10.8 مليار دينار (35.5 مليار دولار)، وكان العجز الأكبر المسجل في تاريخ الكويت في عام 2015 – 2016، والبالغ 5.98 مليار دينار (19.89 مليار دولار) وسببه كان التراجع القياسي لأسعار النفط حينها.
تنويع الاقتصاد
وبحسب تقرير وكالة "فيتش سوليوشنز"، فإن عائدات تصدير النفط ستكون ضرورية لمساعدة البلاد في تنفيذ رؤية "كويت 2035"، التي تسعى من خلالها إلى تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على النفط وتحولها إلى مركز مالي وتجاري على الصعيد الدولي والإقليمي.
وأضافت فيتش أن على الكويت أن تكافح لتقليل اعتمادها على النفط والغاز بسبب دفع زيادة الإنتاج حتى عام 2040.
وتوقعت الوكالة في تقرير عن قطاع النفط الكويتي أن يستمر هذا القطاع في لعب دور مهم في الاقتصاد للمضي قدماً نحو تحقيق أهداف الحكومة طويلة الأمد، مشيرة إلى أن الإيرادات المالية من القطاع النفطي والتي تشكل 90 في المئة من الإيرادات السنوية للكويت تجعل الخطط البديلة للتنويع الاقتصادي أمراً صعباً.