استغل تنظيم "داعش" الإرهابي انشغال القوى السياسية بنتائج الانتخابات العراقية، لشن هجوم على محافظة ديالى في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجبر مئات العائلات على ترك منازلها، وأثار مخاوف من تأجيج الصراع الطائفي من جديد.
ففي 26 أكتوبر الماضي، شن عناصر من "داعش" هجوماً على قرية الرشاد، ذات الغالبية الشيعية في قضاء المقدادية بديالى، وقتلوا 11 شخصاً. بعدها، شن مسلحون شيعة هجوماً استهدف سكان أهالي قرية نهر الإمام، التي يقطنها سُنة، "انتقاماً" لمقتل أبنائهم على يد "داعش"، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى وإحراق منازل وبساتين.
موجة نزوح
وأثارت الأحداث التي شهدتها ديالى موجة نزوح من سكان قرى المقدادية، الذين تقدموا بثلاثة مطالب لضمان عودتهم إلى منازلهم وإنهاء الأزمة المستمرة منذ نحو أسبوعين.
وقال أبو طالب، من أهالي قرية نهر الإمام، إن "العودة في الوقت الراهن صعبة بل مستحيلة، لأننا لا نريد فقدان مزيد من الدماء في صراع ليس لنا فيه ناقة ولا جمل"، لافتاً إلى أن "الإرهاب موجود في البساتين وليس في القرية".
وأضاف أن "مطالب أهالي القرية محددة بثلاث نقاط أساسية، هي تعويض حقيقي عن كل الأضرار وضمان حقوق ذوي الشهداء والجرحى وتشكيل قوة محلية من الأهالي مع بقاء قوة عسكرية ثابتة مدعومة بكاميرات مراقبة، إضافة إلى تعهد كل العشائر بضمان ملف العودة، لأن أهالي نهر الإمام ضحايا مثل القرى الأخرى".
فتح تحقيق شامل
وكانت نحو 300 أسرة نزحت من قرى نهر الإمام والميثاق وشوك الريم، في حين أعلن وزير الداخلية عثمان الغانمي فتح تحقيق شامل في حوادث المقدادية.
وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إن الغانمي أكد خلال التعزية في الضحايا أن "دماء الشهداء لن تذهب سدى، وسيتم إنزال أشد العقوبات بالمجرمين من عصابات داعش الإرهابية".
وأكدت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو "اتخاذ جميع التدابير والإجراءات الكفيلة بحلحلة مسألة المهجرين في هذه المناطق".
استراتيجية جديدة
بدوره، أكد رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول ركن عبد الوهاب الساعدي، أن الجهاز وضع استراتيجية جديدة لمطاردة بقايا "داعش"، مشيراً إلى أنها تستمر لمدة خمس سنوات، ولا تعتمد على الخيار العسكري فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر الساعدي، في تصريح صحافي، أنه "بعد انتهاء المعارك، بدأنا استراتيجية جديدة للقضاء على بقايا الإرهاب"، مبيناً أن "هنالك نوعين من الإرهابيين، البعض دخل المدن من خلال مداخلها، والبعض الآخر انتقل إلى محافظة أخرى"، مشيراً إلى أنه "تم القبض على 750 إرهابياً خلال هذه الفترة، وجار البحث عن الزمر المتبقية".
وأوضح أن "الجهاز غيّر الاستراتيجية التي كان يقاتل بها في معارك التحرير التي كانت تتم من خلال قتال ومطاردة الإرهابيين من منطقة إلى أخرى"، لافتاً إلى أنه "بعد انتهاء المعارك طبقت الاستراتيجية الجديدة للقضاء على هذه الزمر التي هرب بعضها إلى مناطق وعرة بين كركوك وصلاح الدين، أو في الموصل والمناطق النائية والمناطق الصحراوية في الأنبار".
وقال إن "الخطة الجديدة تختلف عن القتال داخل المدن، وتم القبض من خلالها على عدد كبير من الإرهابيين وقتل أكثر من 300 إرهابي خلال عام ونصف".
حادثة المقدادية
وعن حادثة المقدادية، أكد الساعدي أن "داعش الآن لا يستطيع السيطرة على أي منطقة في العراق، لكنه يسعى إلى بعض العمليات لإثارة النعرات والفتن الطائفية، خصوصاً ديالى، حيث يوجد فيها خليط من العشائر".
وبين أن "من ضمن الاستراتيجيات عدم الاعتماد على الخيار العسكري فقط، بل هناك مجموعة من الإجراءات من مسؤولية الوزارات أو المنظمات أو رجال الدين وشيوخ العشائر".
ووصف الرئيس العراقي برهم صالح الهجوم بأنه "محاولة خسيسة لزعزعة استقرار البلد"، مضيفاً أنه "تذكير بضرورة توحيد الصف ودعم أجهزتنا الأمنية وغلق الثغرات وعدم الاستخفاف بخطر داعش وأهمية مواصلة الجهد الوطني لإنهاء فلوله في كل المنطقة".
من جهته، عبر رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم، عن بالغ قلقه من "الهجمات الإرهابية التي تقوم بها عصابات داعش في مختلف قواطع العمليات الساخنة".
وحذر الحكيم "من تنامي هذه الهجمات وتوسيع رقعتها ومحاولات الإرهاب في إعادة تصدير نفسه عسكرياً وإعلامياً مستغلاً ظروف البلد وحالة الاحتقان السياسي التي خلفتها نتائج الانتخابات".
في المقابل، أكد زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي أن الوضع في العراق لا يحتمل مزيداً من التصعيد أو التعقيد، ولغة المنتصر لن تكون مفهومة في هذه الأجواء.
ورأى علاوي بأن "الحوار الوطني ضرورة لا بد منها، فمصلحة البلد فوق كل شيء".