على الرغم من عدم تسجيل أي إصابات حتى الآن في دول الخليج العربي، فإنه مع تسجيل دول أوروبية وأخرى في المنطقة إصابات بالمرض، بدأت العواصم الخليجية في اتخاذ إجراءات تهدف لاحتوائه ومنع انتشاره في بلادها.
ففي الإمارات، دعا مركز أبوظبي للصحة العامة، المنشآت الصحية العاملة في الإمارة إلى ضرورة التقصي عن مرض جدري القردة، والإبلاغ عن أي حالة مشتبه فيها أو محتملة أو مؤكدة عبر نظام التبليغ الإلكتروني الخاص بالأمراض السارية.
من جانبها أصدرت هيئة الصحة في دبي تعميماً إلى جميع المهنيين الصحيين والمنشآت الصحية العاملة تؤكد فيه على استنفار القطاع لمكافحة الأمراض السارية والحد من انتشارها، لحماية الفرد "حفاظاً على الصحة العامة وتماشياً مع الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تتخذها الإمارات بشكل عام وإمارة دبي بشكل خاص لتعزيز التقصي الوبائي لمرض جدري القردة المستجد الذي انتشر في عدد من الدول".
عدم تسجيل حالات بالسعودية
وفي السياق ذاته، أكدت وزارة الصحة السعودية، أنه لا توجد أي حالات إصابة أو مشتبه بإصابتها بفيروس "جدري القرود".
وأبدى وكيل الوزارة للصحة الوقائية السعودية عبد الله عسيري، ثقته في توفر الرياض على قدرات رصد واكتشاف حالات الاشتباه بـ"جدري القردة" ومكافحة العدوى، كبيرة.
وأضاف خلال مداخلة على إحدى القنوات المحلية، أن "هناك تعريفاً قياسياً للحالات المشتبهة وطريقة تأكيدها، طرق الرصد والتشخيص موجودة في مختبرات البلاد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن انتشار جدري القرود قال، "إلى الآن حالات الانتقال بين البشر محدودة جداً بالتالي إمكانية أن يحصل أي تفشيات منه حتى بالدول التي رصدت حالات، هي احتمالات منخفضة جداً، ومثل ما تستعد الدول لأي الأمراض الوبائية، هناك آليات للرصد والتعميم وإجراءات مكافحة العدوى".
وتداول السعوديون على نطاق واسع مداخلات أطباء ومتخصصين في الأوبئة ذكروا أن المرض الجديد من المرجح أن يكون معظم السعوديين يملكون نوعاً من الحصانة ضده، بوصف الرياض بين دول عالمية عدة لا تزال تعتمد "لقاح الجدري" بين اللقاحات الأساسية التي تفرض على كل الأطفال تلقيها في السنة الأولى من أعمارهم، على الرغم من انقراض "وباء الجدري" بشكل شبه نهائي منذ عقود.
هل تعود قوائم "الدول الحمراء"؟
أما في البحرين، فقد طالب عدد من نواب البرلمان بضرورة تشديد الرقابة والأخذ بالإجراءات الوقائية الصارمة والتعامل بحزم وحذر وسرعة لمنع دخول الفيروس للبلاد، من خلال إجراء فحص القادمين عبر المنافذ المختلفة إلى جانب تحذير المغادرين وتفعيل قائمة "الدول الحمراء"، وذلك للحيلولة دون تأثر الدولة بتداعيات هذا المرض.
كما أشاروا في مطالباتهم إلى أن وضع الإجراءات الوقائية خلال المرحلة المقبلة وتوعية المواطنين هو أمر في غاية الضرورة بهدف المحافظة على الصحة والسلامة لجميع سكان الجزيرة الخليجية.
إصابات في أوروبا
تأتي الإجراءات الوقائية التي بدأت عدد من دول الخليج العربي وضعها، بهدف منع وصول المرض أو انتشاره، في الوقت الذي ترتفع فيه عدد الإصابات المسجلة بالمرض في بعض دول العالم، وبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية الأخيرة، تم اكتشاف أكثر من 100 حالة في جميع أنحاء أوروبا. وقالت المنظمة، إن "ثماني دول على الأقل متأثرة به، وهي بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة".
وقلت وكالة "رويترز" عن مصادرها، إن "المنظمة التابعة للأمم المتحدة ستعقد اجتماعاً طارئاً حول تفشي مرض جدري القرود".
ومن المقرر أن تجتمع المجموعة الاستشارية الفنية المعنية بمخاطر العدوى التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة. وتقدم المجموعة المشورة لمنظمة الصحة العالمية حول مخاطر العدوى التي يمكن أن تشكل تهديداً للصحة العالمية.
الفرق عن الجدري القديم
وعرفت المنظمة مرض جدري القرود، على أنه مرض نادر يحدث أساساً في المناطق النائية من وسط أفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة، وهو مرض فيروسي حيواني المنشأ ينقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدة.
ومع أن الجدري كان قد استؤصل في عام 1980 فإن جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء أفريقيا. كما ينتمي فيروس جدري القردة إلى جنس الفيروسات الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري. على الرغم من تعافي معظم المصابين بعد أسابيع قليلة فإنها تشكل خطراً جسيماً إذا نتج عن سلالة الكونغو الأخطر بنسبة وفيات تصل إلى 10 في المئة، بحسب منظمة الصحة العالمية، والتي أكدت في الوقت ذاته أن اللقاحات المتوفرة لمرض الجدري فعالة بنسبة 85 في المئة للقضاء على أعراضه المتمثلة بالطفح الجلدي والحمى والصداع.
وأظهرت دول الخليج إبان جائحة كورنا حزماً قوياً في مواجهة انتشار الفيروس، جعل إجراءات مثل السعودية محل تنويه إقليمي وعالمي، فإن الركود الذي ساد في بعض أيام تلك الأزمة، لا يزال يثير ذكره الهلع بين السكان الذين عادوا إلى حياتهم الطبيعية بشكل كامل، واقتربت بلادهم من التعافي الكلي من آثار الجائحة التي أدت إلى انهيار أسعار النفط، التي تشكل حتى الآن معظم صادرات البلاد.