يخشى الباحثون عن أملاك بغرض الاستئجار من أن يصبحوا مشردين لأن المنافسة الشديدة بين المستأجرين تجعل العديد عرضة للاستبعاد.
ذلك أن المستأجرين المحتملين كثيراً ما يُبلَّغون بإشعارات قصيرة بإلغاء المواعيد المخصصة للمعاينة العقارية لأن العقارات أُجِّرت بالفعل إلى شخص آخر، ما يعيدهم على بدء لأشهر كل مرة.
ويضطر آخرون إلى التخلي عن منازلهم عندما ترتفع الإيجارات إلى مستويات غير معقولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واتسعت الفجوة بين المساكن المتاحة للإيجار والطلب هذا العام، ويرجع هذا جزئياً إلى أن ارتفاع معدلات الفائدة دفع المشترين إلى تأجيل شراء المساكن، واستئجارها بدلاً من ذلك في انتظار فرص أفضل للشراء.
وفي الوقت نفسه، رفع المالكون الإيجارات في استجابة إلى معدل التضخم المتزايد.
وقال أحد وكلاء التأجير في جنوب لندن لـ"اندبندنت" إن المنافسة المتزايدة أدت إلى اندلاع حروب على صعيد العروض بين المستأجرين المحتملين – بل وحتى بين وكلاء مختلفين يعملون في المكتب نفسه ويمثلون مستأجرين محتملين مختلفين.
وقال: "يتولى العديد من المستأجرين المحتملين وظائف بدوام كامل، فهم مستأجرون جيدون، ولا يوجد ما يعيب هؤلاء الناس، لذلك من المحزن أن نضطر أن نقول لشخص ما إن ليس بوسعه أن يحصل على الشقة.
"ليس هذا الوضع وضعاً سليماً من أوضاع السوق".
وقال الوكيل الذي طلب عدم الكشف عن هويته: " المالكون الخاصون يعرضون منتجاً – هم ليسوا مجرد جشعين".
لكن التغييرات الضريبية ردعت بعض المالكين عن التأجير، على حد قوله، مضيفاً أن لندن على الأقل لا تشهد أي علامة على انحسار أزمة الإيجارات.
وكشف موقع "رايتموف" العقاري الإلكتروني الجمعة أن عدد الأشخاص الذين يبحثون عن منازل للإيجار ارتفع بنسبة 23 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
ويزيد الطلب من المستأجرين المحتملين على مستوى البلاد زيادة شهرية منذ مايو (أيار) 2020، وفق المؤسسة الملكية للمساحين العقاريين القانونيين.
لكن عدد المنازل المتاحة للإيجار بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) تراجع بنسبة 26 في المئة مقارنة بالمتوسط السابق للجائحة، وفق "رايتموف". وفي لندن، كان العجز أكبر، إذ بلغ 30 في المئة.
وكانت الباحثة العاملة لحسابها الخاص سيوبان ميتشل تخشى من أن تصبح هي وابناها التوأم بلا مأوى.
فقد خسروا مراراً وتكراراً لمصلحة مستأجرين محتملين آخرين عندما كانوا يبحثون عن منزل في بورنموث على الساحل الجنوبي.
وقالت: "لكي يحظى المرء بمجرد فرصة لمعاينة عقارية لا بد من أن يملأ استمارة تشرح دخله وتعرض بياناته المصرفية، لكنه في كثير من الأحيان لا يتلقى حتى اتصالاً يحدد موعد المعاينة.
يستأجر الناس منازل من دون حتى أن يروها.
"وبعد شهرين من هذا، دب فيّ الذعر حقاً إذ كان مؤجرونا يستعدون للهجرة".
وفي نهاية المطاف تمكنت من استئجار منزل مخصص لقضاء العطلات وذلك لستة أشهر – لكنها يجب أن تغادره في مارس (آذار) وتخشى مرة أخرى من أن تصبح بلا مأوى.
"إنه أمر ضاغط حقاً. لا يملك المرء القدرة على التحكم في المكان الذي سيقيم فيه – يشعر المرء بأنه خاضع إلى هوى المؤجرين إلى حد كبير. الضغط شديد.
"عندما كان ابني يبحث عن منزل، حصل على موعد لمعاينة أحد المنازل، لكن المؤجرين اتصلوا به في اليوم نفسه ليقولوا له: 'قدم لنا شخص آخر المال لذلك ما من داع لأن تأتي وتعاين العقار'".
لا تعرف السيدة ميتشل، 52 سنة، كيف ينال المرء موافقة المؤجر، لكنها تقول إنها تشتبه بأن المستأجرين المفضلين هم أزواج من العاملين المحترفين الذين تفوق أعمارهم 25 سنة ولا يكون لهم أطفال.
وتقول جمعيات خيرية تُعنَى بالذين لا مأوى لهم إنها تخشى زيادة في أعداد الناس الذين لا يجدون مكاناً يعيشون فيه، إذ يُرغَمون على مغادرة العقارات التي يستأجرونها بسبب أزمة تكاليف المعيشة وارتفاع الإيجارات.
في وقت سابق من هذا الشهر حذرت جمعية "مأوى" من أن هذا الشتاء قد يكون الشتاء الأقسى على الإطلاق.
ويتلقى خط المساعدة الطارئة الخاص بها أكثر من ألف مكالمة يومياً، ويقول 70 في المئة من المتصلين إن التكاليف المرتفعة تجعل وضعهم السكني أسوأ.
فقد بلغت الإيجارات الخاصة ارتفاعات غير مسبوقة. ووفق وكالة "سافيلز" العقارية، سجل متوسط إيجارات المملكة المتحدة بحلول أغسطس (آب) من هذا العام مستوى أعلى بنسبة 14 في المئة مقارنة به قبل انتشار الجائحة.
وفي ذلك الشهر، حذرت 29 منظمة تعنى بشؤون من لا مأوى لهم المتنافسين على زعامة حزب المحافظين من أن ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الإسكان من شأنهما تشريد مزيد من الناس.
ويتوقع محللون عقاريون لدى "سافيلز" أن يظل الطلب على الإيجارات قوياً طالما ظلت معدلات الفائدة مرتفعة بالقدر الكافي لإحباط الطامحين إلى شراء المنازل للمرة الأولى، بما يجعلهم يستأجرون منازل لفترة أطول. لكنهم يقولون إن عدد المنازل المعروضة للإيجار من المحتمل أن يرتفع مرة أخرى بما يساعد في تخفيف الطلب المرتفع.