قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن بلاده ستسحب سفيرها لدى إيران موقتاً في أعقاب إعدام المواطن البريطاني الإيراني علي رضا أكبري، مضيفاً أن لندن تبحث الإجراءات الأخرى التي يمكن أن تتخذها ضد طهران. ولفت إلى أن "من المهم إدراك أن ردنا لا يقتصر بالضرورة على الإجراءات التي أعلنت عنها اليوم". وتابع، "سأقرر بشكل واضح بالتشاور مع زملائي في الحكومة ما الإجراءات الأخرى التي قد نختار اتخاذها، ولكنني لن أتكهن بها اليوم".
وفي وقت سابق، أعلنت المملكة المتحدة فرض عقوبات على المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، تعبيراً عن "اشمئزاز" لندن بعد إعدام أكبري بتهمة التجسس لصالح بريطانيا.
وكتب كليفرلي على "تويتر"، "عبر فرض عقوبات عليه، اليوم، فإننا نسلط الضوء على اشمئزازنا من إعدام علي رضا أكبري. المدعي العام هو أهم محرك في استخدام إيران عقوبة الإعدام. نحمل النظام المسؤولية عن انتهاكاته المروعة لحقوق الإنسان"، من دون أن يحدد طبيعة هذه العقوبات.
طهران تستدعي سفير لندن
وزارة الخارجية الإيرانية أعلنت من جهتها، استدعاء السفير البريطاني لدى طهران قائلة، "رداً على التدخلات غير المتعارف عليها للمملكة المتحدة، بما يشمل مجال الأمن القومي لإيران، تم استدعاء سفير هذا البلد في طهران سايمون شركليف اليوم". وأضافت أن على حكومة المملكة المتحدة "تحمل مسؤولية إجراء اتصالات غير تقليدية تستهدف الأمن القومي الإيراني"، معتبرة أن "الدعم غير المبرر والمخادع لعميل التجسس لا يتوافق مع مزاعم في شأن العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل".
وأعلن القضاء الإيراني، السبت، تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق أكبري (61 عاماً) الذي سبق له شغل مناصب بارزة منها في وزارة الدفاع وأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي، بعد إدانته بالتجسس لصالح جهاز الاستخبارات البريطاني "أم أي 6". وأفادت وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية، بأن حكم الإعدام بحق أكبري نفذ شنقاً بعد إدانته بـ"الإفساد في الأرض والمس بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد عبر نقل معلومات استخباراتية".
ودانت لندن الإعدام، معتبرة على لسان وزير خارجيتها جيمس كليفرلي أنه "عمل همجي"، ومؤكدة أنه "لن يمر من دون رد"، كما وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الإعدام بأنه "فعل وحشي وجبان نفذته سلطة همجية لا تحترم حقوق الإنسان لدى شعبها".
وكانت بريطانيا انتقدت سابقاً الحكم الذي صدر بحق أكبري، معتبرة أن "دوافعه سياسية"، وطالبت بوقف تنفيذه.
باريس تستدعي القائم بالأعمال الإيراني
السفيرة الأميركية لدى لندن جين هارتلي قالت إن الولايات المتحدة تدين إعدام أكبري، واصفة ذلك بالأمر "المروع". وكتبت على "تويتر"، "إعدام المواطن البريطاني الإيراني علي رضا أكبري في إيران مروع ومثير للاشمئزاز. الولايات المتحدة تنضم إلى المملكة المتحدة في التنديد بهذا العمل الوحشي. قلبي مع عائلة علي رضا".
فرنسا بدورها دانت "بأكبر قدر من الحزم" إعدام أكبري واستدعت القائم بالأعمال الإيراني، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية نشر السبت. وقالت الوزارة، "تم استدعاء القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية في باريس مرة أخرى صباح اليوم للتعبير عن استنكارنا"، وتحذيره من أن "انتهاكات إيران المتكررة للقانون الدولي لا يمكن أن تمر من دون رد، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمعاملة مواطنين أجانب تحتجزهم هذه الدولة بشكل تعسفي".
ودانت منظمة العفو الدولية على "تويتر"، "الهجوم الشنيع" لإيران على "الحق في الحياة" بعد تنفيذ حكم الإعدام بأكبري. وقالت منظمة العفو، "إعدام السلطات الإيرانية هذا الصباح المواطن الإيراني البريطاني علي رضا أكبري هو دليل جديد على هجومها الشنيع على الحق في الحياة"، داعية الحكومة البريطانية إلى "التحقيق بشكل كامل" في اتهامات بتعرضه للتعذيب على ما يبدو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
توتر علاقات إيران والغرب
ويبدو أن الإعدام سيضيف مزيداً من الضغوط على علاقات إيران المتوترة منذ فترة طويلة مع الغرب، وهي علاقات تدهورت بشكل أكبر منذ تعثر المحادثات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 وبعد أن شنت إيران حملة قمع مميتة على المحتجين العام الماضي.
وفي تسجيل صوتي يفترض أنه لأكبري، بثته خدمة هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي فارسي"، الأربعاء، قال أكبري إنه اعترف بجرائم لم يرتكبها بعد تعرضه لتعذيب شديد.
وقالت وكالة "ميزان"، "علي رضا أكبري الذي حكم عليه بالإعدام بتهم الفساد في الأرض وارتكاب جرائم واسعة النطاق تضر بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد من خلال التجسس لصالح جهاز الاستخبارات الحكومي البريطانية... تم إعدامه".
واتهم تقرير "ميزان" أكبري الذي ألقي القبض عليه عام 2019، بتلقي مليون و805 آلاف يورو و265 ألف جنيه استرليني و50 ألف دولار مقابل التجسس.
ولم تتطرق بيانات بريطانيا الرسمية حول القضية إلى التهمة الإيرانية إلى أكبري، الذي اعتقل عام 2019 بتهمة التجسس لصالح بريطانيا.
وبثت وسائل إعلام رسمية إيرانية مقطع فيديو، الخميس، قالت إنه أظهر ضلوع أكبري في اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده عام 2020 في هجوم وقع خارج طهران واتهمت السلطات الإيرانية إسرائيل بالمسؤولية عنه.
وفي الفيديو، لم يعترف أكبري بالتورط في الاغتيال لكنه قال إن عميلاً بريطانياً طلب معلومات عن فخري زاده.
وغالباً ما تبث وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية ما تقول، إنها اعترافات للمشتبه فيهم بقضايا مشحونة سياسياً.
ولم تتمكن وكالة "رويترز" من التحقق من صحة الفيديو ولا التسجيل الصوتي أو التحقق من توقيت أو مكان تسجيلهما.
وكان أكبري من الشخصيات المقربة من علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في الوقت الحالي، الذي كان وزيراً للدفاع بين عامي 1997 و2005 وكان أكبري نائبه إبان حقبة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.
ويمثل حكم الإعدام حالة نادرة تعدم فيها طهران مسؤولاً في الخدمة أو مسؤولاً سابقاً. وحدثت آخر حالة مماثلة في عام 1984، حين أعدم قائد البحرية الإيراني بهرام أفضلي بعد اتهامه بالتجسس لصالح الاتحاد السوفياتي.
"3500 ساعة تعذيب"
وفي انعكاس لعلاقات إيران المتعثرة مع الغرب، تدهورت العلاقات بين لندن وطهران في الأشهر الماضية.
وانتقدت بريطانيا حملة القمع العنيفة التي شنتها إيران على الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي اندلعت بعد وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في أثناء احتجاز الشرطة لها في سبتمبر (أيلول).
وأصدرت إيران عشرات من أحكام الإعدام في إطار القمع، ونفذت حكم الإعدام بحق أربعة على الأقل.
وقال مسؤول بريطاني إن لندن تبحث في إدراج الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب، ولكن لم تتوصل إلى قرار نهائي بعد.
وفي التسجيل الصوتي الذي بثته "بي بي سي فارسي" لأكبري، قال هذا الأخير، "بأكثر من 3500 ساعة من التعذيب والعقاقير المخدرة وأساليب الضغط الجسدية والنفسية، انتزعوا إرادتي. قادوني إلى حافة الجنون… وأجبروني على الإدلاء باعترافات ملفقة بقوة السلاح والتهديدات بالموت".
وقال تقرير للتلفزيون الرسمي الإيراني بث، اليوم السبت، لم يتسن لـ"رويترز" التحقق من صحة تفاصيله، إنه اعتقل بسبب تهم التجسس في 2008 قبل إطلاق سراحه بكفالة ومغادرة البلاد.
وأضاف التقرير أنه في 2009 ذهب إلى النمسا بذريعة العلاج الطبي، ثم إلى إسبانيا ثم في نهاية المطاف إلى إنجلترا.
وفي مقابلة "بي بي سي فارسي"، الجمعة، قال مهدي أكبري، شقيق علي رضا أكبري، إنه عاد إلى إيران في 2019 ملبياً دعوة من شمخاني.