ملخص
العيون تتطلع إلى #الصين فهل ستسعى لترتيب تسوية سياسية كما أوحت أخيراً أم تندفع نحو تقديم الأسلحة والذخائر إلى #روسيا
سنة على حرب أوكرانيا من حيث كان تقدير الكرملين أنها ستكون "عملية عسكرية خاصة" خاطفة لإسقاط النظام ونزع سلاح "النازيين"، سنة من دمار أوكرانيا وخسائرها البشرية والمادية خسرت فيها موسكو ما لم تتوقعه، عشرات آلاف الجنود و50 في المئة من دباباتها الحديثة، أي نحو2500 دبابة، بحسب المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، وكان عليها الاستمرار في تغيير جنرالاتها والاتكال على مرتزقة "فاغنر" ومسيّرات انتحارية من إيران.
والسنة المقبلة مرشحة لأن تكون أكثر ضراوة في ما سماه الأمين العام لحلف الـ "ناتو" ينس ستولتنبرغ "مواجهة طويلة جداً جداً مع روسيا تتجاوز الأزمة الحالية الناجمة عن الغزو، لأن الرئيس فلاديمير بوتين يريد أوروبا مختلفة حيث يمكنه التحكم بجيرانه".
وحتى اليوم فإن كبير الجنرالات رئيس الأركان فاسيلي غيراسيموف المؤمن بنظرية ستالين عن كون "الكمية نوعية"، استخدم الرجال وكل أنواع القوة بكثافة من دون أن يحرز سوى تقدم بالأمتار في معركة "باخموت" وحدها، وهي معركة يقف على خطوطها الأمامية مرتزقة "فاغنر" الذين يشكو صاحبهم يفغيني بريغوجين الملقب بـ "طباخ بوتين" من البيروقراطية الروسية الرهيبة وعدم التمكن من تجنيد مزيد من السجناء لإرسالهم إلى الجبهات لقاء عفو عنهم، مما يؤدي إلى "استنزاف مجموعتنا التي تتعرض للخيانة بتأخير الذخيرة".
الطرفان يستعدان كل من جهته لعملية واسعة عنوانها "هجوم الربيع"، فموسكو تريد كسر الصمود الأوكراني وتوسيع المناطق التي سيطرت عليها، وكييف تريد استعادة ما خسرته من قبل في الدونباس وتنتظر الإسراع في مدها بالأسلحة الثقيلة من الغرب، والـ "بنتاغون" يقول بلسان وزير الدفاع لويد أوستن إن لديه خطة كفيلة بتأمين النصر لأوكرانيا، ومدير الاستخبارات المركزية الأميركية وليم بيرنز يرى أن "الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد النتيجة النهائية للحرب".
موسكو تشكو من أن الغرب لا يسمح بالتفاوض على تسوية، وأستاذ كرسي هنري كيسنجر في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة "جونز هوبكنز" الأميركية البروفسور هال براندز يقول إن إستراتيجية جو بايدن هي "التصعيد من أجل التهدئة"، والوقائع تهزأ بالتقديرات والحسابات، وخطابات بايدن الذي زار كييف وبوتين الذي قال إن هزيمته مستحيلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن اللعبة خرجت من اليد عملياً، فروسيا مضطرة إلى مزيد من استخدام كل ما يمكن من أسلحة، والغرب مجبر على زيادة التورط بما يتجاوز تقديم الأسلحة، ولم يبق معنى لحديث التوقف أمام "الخطوط الحمر"، فحتى المستشار الألماني أولاف شولتز الذي حرص منذ البدء على أن يتجنب استفزاز بوتين، قرر أخيراً إرسال دبابات "ليوبارد-2" إلى كييف، ودعا إلى محاسبة روسيا عبر تشكيل محكمة خاصة لمحاكمة المتورطين بجرائم حرب، لأنه "لا سلام من دون عدالة".
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي استمر في الحوار وجهاً لوجه مع بوتين وعبر الهاتف، وتحمل إهانة الكرملين لرئيس فرنسا حين أجلسه الرئيس الروسي على طرف طاولة كبيرة مقابله، فإنه قال أخيراً إن "الوقت ليس للحوار لأن روسيا اختارت الحرب، ولا يمكن ويجب ألا تكسب الحرب بل يجب أن يفشل العدوان الروسي، وأنا جاهز لنزاع طويل الأمد ولو أنني لا أتمناه، لأن الاستهانة باللجوء غير المشروع إلى القوة تجعل الأمن الأوروبي بأكمله والاستقرار العالمي بشكل عام موضع تساؤل".
والعيون تتطلع إلى الصين، هل تمارس وزنها الكبير لترتيب تسوية سياسية كما أوحت أخيراً، أم تندفع نحو تقديم الأسلحة والذخائر إلى روسيا، بحسب ما يتهمها به وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن؟ وإذا كان الاتحاد الأوروبي بدأ بتجميد 21.5 مليار دولار من الأصول الروسية المملوكة من أفراد ومنظمات لتعويض أوكرانيا، فإن روسيا تعيد التذكير بوجود كثير من الأصول الأوروبية فيها وبالقدرة على تجميدها، والمعادلة لا تزال كما كانت منذ بدء الغزو، روسيا تخسر إذا لم تربح وأوكرانيا تربح إذا لم تخسر، والكل يريد الربح ولا أحد يريد الخسارة، لكن التطورات على الأرض ستجبر الجميع على التسليم بالربح أو الخسارة، ولا أحد يعرف كيف تنتهي الحرب، ولا أي روسيا وأوكرانيا تخرجان منها، ولا أي أوروبا وعالم بعد الحرب.