ملخص
تحدي "#حركة_الشعب" للرئيس التونسي #قيس_سعيد جاء بعد إعلانه أن "تكوين الكتل في البرلمان بات أمراً من التاريخ"
تحدت "حركة الشعب" القومية في تونس أمس الإثنين الرئيس قيس سعيد بإعلان عزمها تكوين كتلة نيابية داخل البرلمان الجديد على رغم رفضه لذلك، في تطور بدا لافتاً في توقيته، حيث تزامن مع الجلسة الافتتاحية للمجلس.
وانتخب البرلمان التونسي الجديد أمس الإثنين رئيساً له هو عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة، الذي له هو الآخر موقف رافض للكتل النيابية، إذ قال في أول ظهور له بعد انتخابه لوسائل إعلام محلية إن "تكوين الكتل ليس الخيار الأمثل"، مشدداً على أن "الكتل المتصارعة والمتصادمة لا تخدم الحياة البرلمانية".
و"حركة الشعب" من الأحزاب النادرة التي ظلت تؤيد الرئيس التونسي والمسار الذي يقوده منذ 25 يوليو (تموز) 2021، لكنها توجه باستمرار انتقادات له ولحكومته التي تقودها رئيسة الوزراء نجلاء بودن، وتطالب بتشكيل حكومة سياسية بدلاً عن التكنوقراط، لكن مطالباتها تجد تجاهلاً كبيراً من قبل الرئيس سعيد.
لا عمل من دون كتل
تحدي "حركة الشعب" للرئيس سعيد جاء بعد إعلانه أن "تكوين الكتل في البرلمان بات أمراً من التاريخ"، محذرا من أن النواب اليوم تحت مراقبة الشعب، وبالإمكان سحب الثقة منهم.
وقال النائب في البرلمان التونسي عن "حركة الشعب" بدر الدين القمودي، إن "الدستور الجديد ينص بوضوح على الكتل داخل البرلمان ولا يمكن منعها، والبرلمان لا يمكن أن يشتغل من دون كتل".
وتابع القمودي في تصريحات بثتها إذاعة "ديوان أف أم" المحلية "ربما السياق الذي تحدث عنه الرئيس مخالف لهذا السياق"، لافتاً إلى أن "حركة الشعب" لديها كتلة، وقد طرحت كتلة وطنية، وهي منفتحة على جميع النواب الذين تتقاسم معهم الرؤية نفسها للمرحلة المقبلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع تصاعد الجدل اتسعت جبهة الرافضين لمنع تكوين كتل نيابية في البرلمان الجديد الذي سيكون أمام تحدي القطع مع الصورة القديمة التي ألفها التونسيون عن البرلمان على غرار السياحة الحزبية والاشتباك المستمر بين النواب.
وقال النائب هشام حسني إن "الكتل البرلمانية منصوص عليها في الدستور الجديد، بالتالي فهنالك اعتراف بها، ولا يمكن للبرلمان أن يعمل من دون كتل".
وشدد حسني في تصريح بثته وكالة الأنباء الرسمية في تونس أمس الإثنين، على أنه "ربما كان رئيس الجمهورية يعني الكتل التي تتكون عن طريق المال الفاسد، التي يجري فيها بيع وشراء ذمم النواب".
ولم ينص الدستور التونسي الذي تم تمريره في استفتاء شعبي يوم 25 يوليو (تموز) على تشكيل الكتل النيابية بشكل مباشر، لكنه أشار في الفصل 62 إلى أنه "إذا انسحب نائب من الكتلة النيابية التي كان ينتمي إليها عند بداية المدة النيابية لا يجوز له الالتحاق بكتلة أخرى".
وعانت تونس في السنوات الأخيرة مما يعرف بالسياحة الحزبية والبرلمانية، حيث يقوم نواب بالانسحاب من كتل وتشكيل أو الانضمام إلى كتل أخرى.
للرئيس حق التأويل
أدخلت هذه السجالات تونس في دائرة من الجدل الدستوري وسط غياب للمحكمة الدستورية التي من شأنها حسم هذا الأمر.
يقول الباحث السياسي الجمعي القاسمي، إنه "لا يمكن الحديث عن عمل برلماني سليم من دون وجود كتل تتنافس حول الخيارات أو التشريع، بالتالي الكتل ضرورية في البرلمان، وهناك اختلاف وتباين في قراءة النص القانوني المتعلق بها".
وأوضح القاسمي، لـ"اندبندنت عربية"، أن "الرئيس عندما ذهب لهذه القراءة يبدو أنه يقصد الطريقة التي كانت تشكل بها الكتل في البرلمانات السابقة، التي تشمل المال والمحسوبية والسياحة الحزبية، لذلك فإنه في غياب المحكمة الدستورية يبقى للرئيس الحق في تأويل النص الدستوري كما يشاء".
وشدد على أن "حركة الشعب بتمسكها بتشكيل كتلة يحمل أكثر من دلالة، خصوصاً بعد سقوط مرشحها لرئاسة البرلمان، حيث ستكون الحركة في تنافس حقيقي مع ائتلاف (لينتصر الشعب)، الذي تمكن من إيصال بودربالة إلى رئاسة البرلمان، وسنرى بعض الكتل التي لن يتجاوز عملها السقف الذي يريده الرئيس سعيد".
وطالما أثارت الانتقادات التي توجهها "حركة الشعب" إلى الرئيس سعيد وخياراته جدلاً واسعاً، خصوصاً أنها كانت من أشد الداعمين للمسار الذي دشنه في 25 يوليو 2021، عندما جمد البرلمان السابق، وبدأ العمل بالمراسيم في خطوة وصفها خصومه، وفي مقدمتهم "حركة النهضة"، بالانقلاب.
مكاسب واحترازات
على رغم أن دائرة الرافضين مساعي سعيد لمنع تشكيل كتل نيابية اتسعت في الساعات الأخيرة، فإن الأنظار توجهت إلى "حركة الشعب" وما تريده من خلال تحديها للرئيس التونسي الذي تدعمه.
ولم يتضح بعد عدد نواب تكتل الحركة، لكن قياداتها يقولون إنهم نجحوا في تكوين كتلة متألفة من 31 نائباً، ويعملون على تشكيل كتلة وطنية أوسع.
وقال القاسمي إن "حركة الشعب" تريد تحقيق مكاسب، وهو حق لكل تنظيم سياسي أو حزبي، إذ يتم التحرك في هامش محدد من أجل الحصول على المنافع التي تريدها تلك الأحزاب.
وأردف أن "الحركة ساندت منذ البداية حراك 25 يوليو، ونجحت في تجميع عديد من القوى معها، لكن ما سمي بالانحرافات التي شابت هذا المسار، انطلاقاً من القرارات أو المراسيم التي قام بها الرئيس قيس سعيد، جعلت الحركة تقوم بثلاث أو أربع خطوات إلى الوراء في دعمها لهذا المسار، ولديها احترازات واضحة اليوم".
وشدد القاسمي على أن "هذه الاحترازات تأتي في سياق التباين لأن لهذه الحركة لها أيديولوجية وخصماً سياسياً محدداً، وهناك مراسيم وقرارات لا تنسجم مع الخط العام لها، لذلك أبقت على مسافة بينها وبين الرئيس سعيد، مع دعم المسار في سياق الثابت المتعلق بضرورة عدم العودة إلى قبل 25 يوليو".
وفي ظل غياب المحكمة الدستورية التي من شأنها حسم هذا الجدل، من المرتقب أن تتصاعد وتيرته خلال صياغة النظام الداخلي للبرلمان، الذي سيحدد ملامح المجلس وعمله.