ملخص
مثل #حاكم_مصرف_لبنان #رياض_سلامة للمرة الأولى أمام محققين لبنانيين وأوروبيين في إطار تحقيقات تتمحور حول ثروته وشبهات #غسل_أموال.
فوجئ الصحافيون والمواطنون المتجمهرون حول المدخل الرئيس لقصر العدل، بانتظار وصول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بورود معلومات أنه بات داخل "العدلية"، ولم يتمكنوا من معرفة المدخل الذي دخل منه، إذ لم يستطع أحد رصده أثناء دخوله المبنى، وبالتالي من الممكن أن يكون سلامة وصل إلى العدلية ضمن سيارة مموهة أو آلية أمنية، وذلك على عكس دخول القضاة اللبنانيين والأوروبيين الذي كان من البوابة الرئيسة.
وللمرة الأولى يمثل سلامة البالغ (72 سنة) أمام القضاء، خلال 30 عاماً من توليه منصب حاكم مصرف لبنان منذ 1993 كأحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم، بعد أن حاصرته عشرات الدعاوى أمام القضاء اللبناني و5 دول أوروبية بتهم ارتكاب جرائم فساد مالي، منها الرشوة وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، كذلك شبهات حول تورطه في مساعدة ساسة وزعماء طوائف لبنانيين على تهريب أموالهم إلى الخارج مع بداية الانهيار الاقتصادي.
96 سؤالاً
وفي تفاصيل مثول سلامة أمام محققين أوروبيين يجرون تحقيقات بتبييض أموال عبر عدد من المصارف الأوروبية، يروي مصدر قضائي في محكمة التمييز تفاصيل اليوم القضائي الطويل، الذي بدأ بدخول سلامة، صباح الخميس، إلى القاعة المخصصة لمجلس شورى الدولة في الطابق الخامس بمبنى قصر العدل، ويشير إلى أن سلامة جلس على طاولته على بعد مترين من الطاولة التي توسطها كل من قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا والقاضية الفرنسية أود بوروسي وإلى جانبها محقق ألماني وآخر من بلجيكا، إضافة إلى رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر ممثلة الدولة اللبنانية المدعية في ملف سلامة، وحضر معها ثلاثة قضاة من الهيئة كمعاونين، في حين لم يحضر وكيله القانوني الفرنسي الجنسية المحامي بيار أوليفييه سور الذي استحصل على إذن دخول من نقابة المحامين في بيروت.
وكشف أن جلسة الاستماع استمرت ست ساعات تخللتها عدة استراحات، وتضمنت 96 سؤالاً وجهها القاضي أبو سمرا لسلامة كمستمع إليه وليس كمتهم، نيابة عن القضاة الأوروبيين وكانت في معظمها محصورة بشركة "فوري أسوشييتس" وتاريخ نشأتها وتأسيسها وعلاقتها بمصرف لبنان، مؤكداً أن سلامة كان متماسكاً وأجاب بهدوء على جميع الأسئلة وقدم شرحاً مستفيضاً ودحض كل الشبهات التي تتهمه بغسل الأموال، لافتاً إلى أنه طُلب من سلامة الإجابة بـ"نعم" أو "كلا"، على حوالى 30 سؤالاً من بين الأسئلة التي طرحت عليه، لكنه رغم ذلك طلب التوسع والشرح على بعضها.
وأكد أنه خلال الجلسة لم يحدث أي احتكاك أو تواصل مباشر بين القضاة الأوروبيين وسلامة، إذ كانت كل الأسئلة والإجابات باللغة العربية عبر القاضي أبو سمرا فقط، وجرت ترجمتها إلى اللغات الفرنسية والألمانية والبلجيكية، موضحاً أن القاضية الفرنسية عقدت، الثلاثاء، اجتماعاً تنسيقياً مع القاضي أبو سمرا لتنظيم جلسة الاستجواب وآلية طرح الأسئلة.
وفي إشارة إلى الهدوء والتعاون الذي ساد خلال ساعات التحقيق الطويلة، كشف أن سلامة طلب عدة استراحات وفق القانون الذي يتيح استراحة لمدة 10 دقائق بعد كل ساعة من التحقيق، تخللها إدخال حلوى و"سيجار" إلى داخل القاعة.
يشار إلى أن سلامة تغيب عن جلسة كانت مقررة، الأربعاء، بذريعة عدم حصوله على جواب حول مذكرة تقدم بها واعتبر فيها أن "حضور قضاة دوليين إلى لبنان والتحقيق معه في ملفات مالية يتعارض مع السيادة الوطنية"، لكن القضاء اللبناني رفض مضمون المذكرة، باعتبار أن القضاء ينفذ استنابة قضائية أوروبية بموجب المعاهدة الدولية لمكافحة الفساد التي وقع عليها لبنان.
جولة في أبريل
ووفق المعلومات، فإن القاضية الفرنسية أود بوروسي تغادر لبنان، السبت، بعد استكمال جولة استماع ثانية، الجمعة، لسلامة تتضمن حوالى 90 سؤالاً تتركز حول مصادر ثروته الشخصية وتحويلات مالية عبر حسابات شخصية أو عائلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير المعلومات إلى أن قرار الادعاء على سلامة في فرنسا أو إحدى الدول الأوروبية، سيكون بناء على قناعة القاضية الفرنسية التي باتت تملك معطيات واسعة من خلال تحقيقات أجريت في أوروبا والاستماع إلى حوالى 11 شاهداً خلال الزيارة السابقة للوفد التي جرت في فبراير (شباط) الماضي، إضافة إلى جولة ثالثة متوقعة نهاية أبريل (نيسان) المقبل حيث يتوقع الاستماع إلى رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان ومساعدته ماريان حويك.
وتركز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة "فوري أسوشييتس" المسجلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها رجا سلامة.
ويشكك المحققون في دور لعبته الشركة لشراء سندات خزينة و"يوروبوند" من مصرف لبنان عبر تلقي عمولة اكتتاب تم تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.
وكانت صحيفة "زونتاغس تسايتونغ" السويسرية أشارت الشهر الماضي إلى أن سلامة متهم باختلاس مبلغ يتراوح بين 300 و500 مليون دولار أودعهم بحسابات في 12 مصرفاً سويسرياً.
استقالة سلامة
وترافق التحقيق مع انتشار عدد من الشائعات تحدثت عن استقالة سلامة من منصبه، إضافة إلى أخبار تفيد بإمكانية أصدر مذكرة توقيف بحقه خلال خضوعه للتحقيق، الأمر الذي نفاه مصدر مسؤول في المصرف المركزي، مؤكداً أن ما يتم تداوله عن أن سلامة قدم كتاب استقالته إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي غير صحيح وهو في إطار التشويش والاستغلال الإعلامي للتحقيقات.
وأكد أن سلامة باقٍ في منصبه حتى انتهاء ولايته في يونيو (تموز) المقبل، مشدداً أنه سيرفض أي عرض لتمديد ولايته، وأن قضية تعيين بديل عنه مرتبط بالحكومة اللبنانية.
وكانت إحدى الصحف أعلنت أن "الحاكم سلامة أودع ميقاتي كتاب الاستقالة ممهوراً بتوقيعه، لكن من دون تحديد التاريخ، بانتظار أن تحين اللحظة المناسبة للإعلان عنها في ضوء المستجدات القضائية".
ادعاء الدولة
وبموازاة الدعاوى الأوروبية، تقدمت الدولة اللبنانية ممثلة في رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، بادعاء شخصي بحق حاكم مصرف وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك وكل من يظهره التحقيق، وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بموجب ورقة الطلب المقدمة إلى القاضي شربل أبو سمرا، بجرائم الرشوة والتزوير وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي. وطلبت توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرف بها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية.
وأوضحت القاضية إسكندر في حديث صحافي أن الادعاء على سلامة لا علاقة له بالاستنابة القضائية الأوروبية، لافتة إلى أنه عندما تنتهي جلسات الاستماع إليه من قبل المحققين الأوروبيين، يُحدد قاضي التحقيق موعداً لجلسة الاستماع إليه في قضية الادعاء عليه من قبل النيابة العامة التمييزية.
ولفتت إلى أن النيابة العامة التمييزية أجرت تحقيقات بواسطة المحامي العام التمييزي القاضي جان طنوس في شأن حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته، وفي ختامها رفعت تقريراً طلبت فيه الادعاء عليهم، وبما أن الدولة اللبنانية متضررة من جرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزور وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي التي وردت في الادعاء طلبت الحجز على أموالهم وممتلكاتهم إلى حين صدور القرار الظني.
كما أشارت القاضية إسكندر إلى "أنها ستطلع على ملف التحقيقات الأوروبية في شأن سلامة كي تستفيد منه في قضية الادعاء عليه باسم الدولة اللبنانية ضده". وأكدت "أنها تقوم بواجباتها كقاضية، أما كف يد حاكم مصرف لبنان عن العمل إلى حين انتهاء التحقيقات فيعود إلى الحكومة".