ملخص
يبدو أن الرئيس #أردوغان، الذي يناضل للبقاء في الحياة السياسية بعد 20 عاماً من تصدره المشهد السياسي في #تركيا، يعتمد على القواعد نفسها التي واظب على استخدامها لسنوات – وهي أنه الرجل القوي الذي تحتاج إليه بلاده
يبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يناضل للبقاء في الحياة السياسية بعد 20 عاماً من تصدره المشهد السياسي في تركيا، قبل انتخابات مايو (أيار) المقبلة، يعتمد على قواعد اللعبة السياسية نفسها التي واظب على استخدامها لسنوات – وهي أنه الرجل القوي الذي تحتاج إليه بلاده.
ففي مواجهة معارضة استعادت حيويتها وسط محنة اقتصادية نادرة الحدوث - وفي أعقاب كارثة طبيعية لا تقع إلا مرة في العمر- يلجأ الزعيم التركي إلى توظيف الخطاب القومي نفسه الذي قام بخدمته جيداً في السابق.
خلال مؤتمر انتخابي أقيم في أنقرة لمناسبة إطلاق حملته الانتخابية قبل عملية الاقتراع الرئاسية والبرلمانية المزمع عقدها في 14 مايو (أيار) المقبل، تعهد الرجل البالغ من العمر 69 سنة بمواجهة "الإمبرياليين" الخارجيين الذين يسعون إلى إعاقة تقدم تركيا بحسب زعمه، وبتحويل البلاد إلى قوة عالمية مع احتفالها بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الحديثة هذا العام. كيف سيفعل ذلك؟ عن طريق تخفيض التضخم وزيادة النمو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال لآلاف من مؤيدي حزبه، العدالة والتنمية، المشاركين في المؤتمر "نحن مجتمعون هنا لكي نفتح معاً أبواب القرن التركي، فيما تتصدى أمتنا لمخططي الانقلابات والإمبرياليين العالميين".
لطالما لمع نجم الرئيس التركي خلال فترات الانتخابات. ونادراً ما خسر عملية اقتراع. وهو يتمتع بقاعدة دعم قوية تكاد تضمن له موقعاً في الجولة الانتخابية الثانية يوم 28 مايو، في حال لم يفز أي مرشح بالأغلبية في الانتخابات الأولية.
لكنه لطالما احتاج دائماً إلى دعم يتخطى قاعدته لكي يضمن الهامش الذي يؤمن له الفوز في النهاية. بالتالي، فإن التحدي الأساسي الذي يواجه أردوغان خلال الأسابيع القليلة المقبلة هو إقناع عدد كافٍ من الناخبين الحائرين، والجدد، بأنه قادر على التعامل مع مشكلات تركيا الكثيرة.
لكن وبحسب استطلاعات الرأي، لا يبدو أن الأمور تسير على ما يرام للرئيس التركي. فمنافسه الأساسي هو كمال كليتشدار أوغلو الذي يترأس حزب الشعب الجمهوري من يسار الوسط- وقد علق الثنائي في سباق متقارب جداً بحسب الإحصاءات. ففي استطلاع رأي حديث أجرته "ميتروبول" Metropoll، أجاب 42.6 في المئة من المشاركين بأنهم سيصوتون لكليتشدار أوغلو مقابل 41.1 في المئة للرئيس أردوغان فيما أعرب الباقون عن عزمهم انتخاب مرشحين آخرين، أو عن عدم حسم خيارهم.
لا يزال أردوغان بارعاً في الضرب على الوتر القومي والشعبوي نفسه لحشد مناصري حزب العدالة والتنمية. فخلال مؤتمره الانتخابي الثلاثاء، ثارت ثورته على النظام. وتعهد بتغيير قوانين الخدمة المدنية من أجل التصدي للمحسوبيات في عمليات تعيين الموظفين في الوظائف الحكومية، في محاولة لتصوير نفسه خارج البنيان السياسي الذي يشرف عليه منذ عقدين من الزمن.
لكن هذا الكلام يثير حماسة الأتراك المتدينين المحافظين الذين يشعر بعضهم بالنقمة على الامتيازات التي يتمتع بها الأتراك العلمانيون برأيهم، لكن تحقيق الفوز يفرض على أردوغان أن يستميل دوائر ناخبين آخرين أساسيين مثل: الناخبين المولودين بعد عام 2000 الذين سيصوتون للمرة الأولى ويقدر عددهم بـ6.7 مليون شخص، والأكراد الذين ينقسمون وفقاً لعدة عقائد سياسية، وأعضاء الطبقة الوسطى في المدن الذين تأثروا بشدة بالتضخم والمصاعب الاقتصادية. وقد جاهد من أجل مد الجسور مع المجموعات الثلاث ولا سيما فئة الشباب والأكراد الذين يبدو بأنهم يميلون بقوة نحو المعارضة.
ومن ناحية أخرى، يواجه أردوغان التداعيات السياسية للزلزال التي ضرب البلاد في 6 فبراير (شباط) ووقع ضحيته 50 ألف مواطن تركي فيما شرد الملايين. ويحمل كثيرون مسؤولية هذه الحصيلة الكبيرة على فشل جهود الإنقاذ والتهاون في تطبيق قوانين البناء، ما فعلته هذه الكارثة هو أنها سددت ضربة إلى استطلاعات الرأي وبثت مزاجاً كئيباً في أنحاء البلاد.
المحلل في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في تركيا سليم كورو ذكر بأن "هناك إشارات متزايدة على أن وضع أردوغان يتردى من سيئ إلى أسوأ. جعله الزلزال يتراجع كثيراً. كانت ضربة معنوية. وسلطت الضوء على أن لا شيء في تركيا يعمل كما يجب".
اعترف أردوغان بالتقصير في استجابة حكومته للزلازل لكنه طرح أحد الحلول من استراتيجيته القديمة نفسها: تسريع وتيرة التطور وبناء 650 ألف وحدة سكنية بسرعة. وهذا يتضمن 319 ألف وحدة سكنية في غضون سنة واحدة، كما قال يوم الثلاثاء، لكن المهندسين المعماريين والمخططين المدنيين وعلماء الجيولوجيا حذروا من جهتهم من أن البناء بهذه السرعة في منطقة لا تزال تلتقط أنفاسها جراء الهزات الارتدادية أمر يشي بالمشكلات.
لكن الناخبين لا يزالون يركزون على الاقتصاد أكثر من الاستجابة للزلزال. فمعدلات التضخم التي تخطت نسبة العشرات ووصلت إلى المئات قضت على المدخرات والقدرة الشرائية للمواطنين في كل أنحاء البلاد. فنسبة التضخم في فبراير 55 في المئة. وما يفاقم تدهور قيمة الليرة التركية هو إصرار أردوغان على الحفاظ على انخفاض معدلات الاقتراض لتحفيز النمو.
وبحسب ترجيحات الخبراء، فإن العامل الذي سيحسم نتيجة الانتخابات في مايو هو إن كان المواطنون من الطبقات الوسطى الدنيا في المدن والموظفون المأجورون سيشعرون بغضب كافٍ لكي يعطوا أصواتهم للمعارضة بدل أردوغان، أم لا.
ويقول كورو "إن المناطق الريفية من البلاد تميل إلى أردوغان إجمالاً، لكن أغلبية التغيير السياسي يحدث في المدن الكبرى، وعلى الأرجح في الضواحي، كما يرجح بأن يكون الناخبون الذين لم يحسموا خيارهم أشخاصاً قوميين. وهم لا يزالون يعتقدون أن المعارضة شبه خائنة لكنهم منكوبون من التضخم والاقتصاد لدرجة تجعلهم مستعدين لإعطاء كليتشدار أوغلو فرصة".
عبر أردوغان مرات عدة عن اعتقاده أن ارتفاع معدلات الفائدة هو سبب التضخم، في تحد لمفاهيم الاقتصاد التقليدي. وقد تعهد بتقليص التضخم إلى أرقام فردية لكنه يوجه رسائل متضاربة في شأن ما إذا كان سيرفع معدلات الفائدة وتطبيق سياسات مالية أكثر تشدداً أو الاستمرار بتوفير القروض بفوائد ضئيلة.
كما زعم أردوغان بأن المتخصص في الشأن الاقتصادي السابق في شركة ميريل أند لينش ووزير المالية الأسبق محمد سيمسيك والذي أشرف على الازدهار الاقتصادي التركي في العقد الأول من الألفية الثانية، سيشرف على السياسة، لكن سيمسيك، الذي ترك حزب العدالة والتنمية في 2018، أعلن عن رفضه العلني الانضمام إلى فريق أردوغان حتى الآن.
ومن ناحية أخرى، لا يظهر بأن كليتشدار أوغلو، رجل السياسة المحنك البالغ من العمر 74 سنة، لديه أي رؤية اقتصادية عظيمة، لكن تحالف أحزاب المعارضة الستة الذي يقوده يضم علي باباجان، المستشار المالي السابق الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وخدم لفترة في حكومة أردوغان. وقد نصب الحزب الجيد المشارك في التحالف أستاذ العلوم المالية السابق في كلية وورتون، بيلجي يلماز، مستشاراً اقتصادياً له.
وبرأي كورو "هناك حول المعارضة ثقة هائلة في عقول الخبراء الاقتصاديين الأتراك الذين ينظرون إلى الاقتصاد بشكل تقليدي، ومن شأنهم بث الثقة في الإدارة الاقتصادية. سيرغبون بالحصول على تمويل دولي. وسيهمهم أن يوحوا بالثقة كما فعلت تركيا في العقد الأول من الألفية الحالية".
© The Independent