Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جاذبية الاستثمار تعزز التحول الاقتصادي في السعودية

محللون: الرياض تستهدف موقعاً متقدماً في "التنمية المستدامة" والحصول على حصة رئيسة في خريطة رؤوس الأموال الوافدة للشرق الأوسط

الاستراتيجية المتبعة حالياً تنطلق من التركيز على المزايا التنافسية القائمة في هذه المناطق الاقتصادية، ( اندبندنت عربية)

ملخص

يقول محللون إن #السعودية تستهدف موقعاً متقدماً في #التنمية المستدامة والحصول على حصة رئيسة في خريطة رؤوس الأموال الوافدة للشرق الأوسط

تسعى السعودية إلى تعزيز وضع اقتصادها المحلي الذي يعد الأكبر في المنطقة العربية لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل عبر انتهاج سياسات تيسيرية أمام المستثمرين الأجانب ضمن خططها للتنويع الاقتصادي، كان آخرها إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة، كما أنها تهدف إلى الحفاظ على حصة جيدة من الاستثمارات الأجنبية الوافدة للمنطقة. 

وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة بمواقع استراتيجية في كل من الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية شمال مدينة جدة.

وأكد ولي العهد السعودي أن المناطق الاقتصادية الخاصة ستفتح آفاقاً جديدة للتنمية، معتمدة على المزايا التنافسية لكل منطقة لدعم القطاعات الحيوية والواعدة ومنها اللوجيستية والصناعية والتقنية، وغيرها من القطاعات ذات الأولوية للبلاد، إذ تتميز المناطق الاقتصادية الخاصة الجديدة بمواقع استراتيجية.

وعلى رغم التحديات التي تواجه السعودية في ظل المنافسة العالمية إلا أنها وجدت في إطلاق التسهيلات وفرض قوانين تحمي المستثمرين عناصر داعمة للتوجه الاقتصادي الجديد، الذي من شأنه أن يرسخ تنمية مستدامة بعيدة من النفط.

وفي الإطار ذاته أشار محللون ومختصون في حديثهم لـ"اندبندنت عربية" إلى أن السعودية تركز على تحقيق القيمة المضافة من المناطق الاقتصادية للحصول على حصة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى منطقة الشرق الأوسط، ضمن خطط لتحقيق التكامل بعيداً من الاعتماد عن النفط كمصدر أساسي للدخل. 

وفي تعليقه قال المستشار الاقتصادي الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية ومقره الرياض علي بوخمسين إن إعلان السعودية إنشاء أربع مناطق اقتصادية خاصة يأتي في توقيت مناسب من حيث استثمار الظرف الاقتصادي ببعديه المحلي والعالمي وتوظيفه بالشكل الأنسب لتحقيق أقصى عائد اقتصادي ممكن، حيث إن الاقتصاد السعودي حقق أعلى نسبة نمو في العام الماضي من بين الاقتصاديات الـ20 الأكبر في العالم بنسبة 8.7 في المئة متجاوزاً الاقتصادات الأخرى كافة بما حقق له زخماً كبيراً وقدرة استثنائية على التنافس منطلقاً من بناء قاعدة اقتصادية متنوعة، ومستفيداً من زيادة الطلب على النفط بجانب تحسن قطاعات الاقتصاد غير النفطية.

وأضاف بوخمسين أن تلك الخطوة تلبي تطلعات المستثمرين العالميين الذين يبحثون عن ملاذات آمنة وذات جاذبية استثمارية عالية من حيث توافر الفرص الاستثمارية المناسبة وتوافر الظروف الداعمة سواء من حيث المزايا الضريبية أو الرسوم الجمركية ومن حيث الموقع المميز لهذه السوق، وبتشريعات تنظيمية محفزة تلبي متطلبات المستثمر الأجنبي بشكل مناسب في ظل ظروف اقتصادية وجيوسياسية حساسة للغاية.

قيمة مضافة

وأشار على بوخمسين إلى أن هذه المناطق الاقتصادية ستساهم في تحقيق قيمة اقتصادية مضافة كبيرة لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، لا سيما أنها منتقاة بعناية ليتم توجيهها إلى القطاعات الأكثر حيوية بعيداً من القطاعات التقليدية المتشبعة، ومن هنا تأتي أهمية تركيز هذه المناطق على قطاعات واعدة وجاذبة ذات فرص نمو حقيقية.

وبحسب بوخمسين يساهم إطلاق هذه المناطق أيضاً في دعم مبادرات تحويل الرياض إلى وجهة عالمية للاستثمار ومركز حيوي يدعم سلاسل الإمداد العالمية لا سيما بعد إطلاق المنطقة الخاصة اللوجستية المتكاملة التي تقع ضمن مطار الملك سلمان الدولي في (الرياض)، ومن المنتظر أن تضيف عشرات الآلاف من فرص العمل بجانب أنها ستسهم بفعالية في عديد من الصناعات التقنية الحساسة ونقل المعرفة والإسهام بتعظيم الاقتصاد الرقمي وسوق اللوجستيات بما سيعزز من قطاع الإمداد والنقل، ومن جانب آخر حتماً سيكون هناك دعم لعديد من القطاعات الاقتصادية بشكل غير مباشر وأيضاً في النهاية زيادة في الواردات الضريبية التي ستعزز من دخل الحكومة.

وأضاف بوخمسين أن المناطق الخاصة تستهدف ضمان استقطاب المستثمر الدولي الجاد الذي يبحث عن فرص استثمارية ولديه مزايا تنافسية يستطيع الاستثمار فيها والاستفادة منها بدخوله ضمن هذه المبادرة غير المسبوقة، متوقعاً قفزة كبيرة في حجم الاستثمارات التي تتجه للسوق السعودية ولاسيما من الشركات العالمية التي تتطلع للدخول لأسواق جديدة مثل السعودية في قلب الأسواق العالمية بين الشرق والغرب.

وأوضح أن الاستراتيجية المتبعة حالياً تنطلق من التركيز على المزايا التنافسية القائمة في هذه المناطق الاقتصادية، وهذا يعزز من العائد الاستثماري الذي ستحققه الاستثمارات المستهدفة في هذه المناطق، وبمراعاة أن هذه المناطق ستكون بمثابة منصات لوجيستية وصناعية وتقنية فهذا يتضمن تقريباً توجهاتها المستقبلية، ولكن مستقبلاً قد يتم تخصيص مناطق أخرى لأي استخدامات يعتقد أنها ستكون ذات قيمة مضافة للاقتصاد.

تنويع اقتصادي شامل

وقال المحلل الاقتصادي أحمد الشهري إن إعلان السعودية إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق تنويع اقتصادي شامل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن هذه المناطق ستعمل على تطوير قطاعات اقتصادية محددة في السعودية وتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتعزيز التبادل التجاري مع دول العالم، كما تسعى إلى دعم خطط التنويع الاقتصادي من خلال تحفيز الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المحددة وتطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات والتسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين وتشجيع الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في السعودية.

ويرى الشهري أن المناطق الاقتصادية الخاصة يمكن أن تساعد في زيادة حركة الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية من خلال توفير بيئة استثمارية جاذبة ومنافسة وتوفير عديد من المزايا والتسهيلات للمستثمرين الأجانب، مثل الإعفاءات الضريبية والإجراءات الإدارية السهلة.

وتابع الشهري "يمكن أن يتم إطلاق مناطق خاصة صناعية أو مهتمة بالسياحة والثقافة، وأخرى للقطاع التقني والرقمي في المستقبل، حيث إن السعودية تعمل على تنويع اقتصادها وتحفيز نمو القطاعات الحديثة والمبتكرة. وتهدف إلى جذب مزيد من الاستثمارات النوعية وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التطور الاقتصادي المستدام".

خطط التحول من الاقتصاد الريعي 

من جهته قال المتخصص في الشؤون الاقتصادية عبدالله باعشن أن إطلاق المناطق الاقتصادية الخاصة أحد أهم خطط السعودية للتحول من الاقتصاد الريعي الذي يركز على النفط كمورد أساسي للعملة الصعبة إلى مصادر أخرى تركز على قطاعات حديثة على واقع الاقتصاد السعودي. 

وأكد باعشن أن نظرة الحكومة السعودية للاستثمار في المناطق الجديدة تتلاءم مع التحول الاقتصادي ورؤية 2030، وتنويع مصادر الدخل المطلوبة لتحقيق الاستقرار المطلوب، مشيراً إلى أن السعودية شأنها شأن دول العالم، تسعى إلى اجتذاب أكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية لتحقيق أكبر قيمة مضافة للاقتصاد، وانعكاس ذلك على تحقيق التكامل والتنمية المستدامة وإتاحة فرص العمل. 

ولفت باعشن إلى أن هناك تنافساً كبيراً عبر تقديم التسهيلات اللازمة لتملك الأجانب المشاريع وتطوير البنية التحتية وسرعة التقاضي، وهي أمور قطعت الرياض فيها شوطاً كبيراً. 

لا يمكن الحديث عن المناطق الاقتصادية الخاصة من دون التطرق إلى مشروع "نيوم"، وهو مشروع سعودي لمدينة مخطط لبنائها عابرة للحدود، أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، ويهدف ضمن إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 إلى تحويل السعودية إلى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل المشروع.

وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى لـ"نيوم" بحلول عام 2025، ودعم المشروع من صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقيمة 500 مليار دولار، بخلاف دعم كبير من المستثمرين المحليين والعالميين.

تجاوز المستهدفات

وفي تصريحات سابقة لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، منتصف مارس (آذار) الماضي، قال إن اقتصاد السعودية يتجاوز حالياً المستهدفات التي وضعتها رؤية 2030، التي تستهدف مضاعفة حجم الاقتصاد الوطني بثلاثة أضعاف إلى 1.7 تريليون دولار، وذلك مقارنة بأرقام عام 2016 عند 650 مليار دولار.

وأفاد بأن القطاعات التي ينقصها الاستثمارات ولم تكن تناسب اقتصادات مجموعة الـ20 ستنمو بشكل كبير جداً ضمن رؤية 2030، وعندما يترجم ذلك إلى الاستثمارات ومشاركة القطاع المالي يتوقع أن ينعكس ذلك إلى 3.4 تريليون دولار استثمارات مباشرة في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد السعودي.

وذكر الفالح أن "السعودية حالياً في منتصف الطريق لتنفيذ رؤية 2030، وتستهدف تقدم الاقتصاد من المركز الـ20 إلى الـ15 عالمياً، وبرنامج تحقيق الرؤية سيجعل شكل الاقتصاد في 2030 لا يشبه نهائياً شكله في 2016، وسيكون متنوعاً، وسيقل اعتماده بشكل كبير عن النفط".

تملك كامل للأجانب 

وبحسب المعلن فإن المناطق الأربع الجديدة ستسمح بالملكية الأجنبية بنسبة 100 في المئة والقدرة على استقطاب أفضل الموارد البشرية العالمية.

وأوضح ولي العهد السعودي أن المناطق الاقتصادية المعلنة تتمتع بنظم تشريعية ولوائح خاصة للنشاطات الاقتصادية من شأنها أن تجعل هذه المناطق من الأكثر تنافسية في العالم لاستقطاب أهم الاستثمارات النوعية، وتتيح فرصاً هائلة لتنمية الاقتصاد المحلي واستحداث الوظائف ونقل التقنية وتوطين الصناعات، كما ستفتح مجالات واسعة لتنمية مجتمع الأعمال السعودي، إذ تتكامل المناطق الاقتصادية الخاصة مع الاقتصاد الأساس، وتوفر أرضية خصبة لتحقيق مستهدفات الاستراتيجيات القطاعية التي تخدم رؤية 2030، مما سيتيح للشركات السعودية الاستفادة من القيمة التي تضيفها المناطق الاقتصادية الخاصة على جميع مستويات سلاسل الإمداد وفي مختلف القطاعات.

وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن المناطق الاقتصادية الخاصة تشكل منصات لوجيستية وصناعية متكاملة تتمحور حول المستثمر لتوفير تجربة استثمارية استثنائية، وترسخ مكانة البلاد كبوابة عبور لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وحلقة وصل بين أسواق الشرق والغرب.

ولفت إلى أن إطلاق هذه المناطق يواصل مبادرات تحويل السعودية إلى وجهة عالمية للاستثمار، ومركز حيوي يدعم سلاسل الإمداد العالمية، لا سيما بعد إطلاق المنطقة الخاصة اللوجيستية المتكاملة، التي تقع ضمن مطار الملك سلمان الدولي في العاصمة الرياض، فضلاً عن عدد من المبادرات الاستراتيجية التي ستعلن لاحقاً.

مرحلة أولى 

يذكر أن هذه المناطق الاقتصادية الخاصة الأربع، التي تنظم أعمالها هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة، تمثل مرحلة أولى من برنامج طويل المدى يستهدف جذب الشركات الدولية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز نمو القطاعات النوعية المستقبلية، من خلال إيجاد بنية تحتية عالمية المستوى لدعم المستثمرين المحليين والدوليين، وتوفير فرص استثمارية مميزة تدعمها منظومة متكاملة ومتطورة من اللوائح والأنظمة. وتشمل الحوافز المقدمة للشركات معدلات ضرائب تنافسية، وإعفاءات للواردات ومدخلات الإنتاج والآلات والمواد الخام من الرسوم الجمركية.

تشجيع الاستثمارات الأجنبية والقطاع الخاص

وقبل عامين أطلق ولي العهد السعودي برنامج "شريك" ضمن "رؤية 2030" لتنويع موارد الدولة الاقتصادية، وتقليص اعتمادها على النفط، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 65 في المئة، ورفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 إلى 50 في المئة. كما يستهدف زيادة تنمية استثمارات القطاع الخاص لتصل إلى خمسة تريليونات ريال (1.36 مليار دولار) بحلول عام 2030.

ويذكر أن هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة أسست بمسمى "هيئة المدن الاقتصادية السعودية" بموجب أمر ملكي في عام 2010، لتكون أحد المحفزات الرئيسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وتساعد في تأسيس وإيجاد بيئة حيوية، وهي مناطة بتطوير وتطبيق أنظمة منافسة ولوائح ومعايير جودة عالمية مناسبة للبيئة المحلية، والإشراف على المدن الاقتصادية وعلى أداء المطورين لضمان تحقيق أهدافها، ورفع مستوى تنافسية الخدمات الحكومية وتقديمها بالكفاءة المطلوبة، إضافة إلى تطوير وتفعيل نماذج مبتكرة للشراكات الاستراتيجية ودعم الاستثمار في المدن الاقتصادية.

وفي الـ16 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، تم تعديل تنظيم الهيئة وتغيير مسماها من "هيئة المدن الاقتصادية السعودية" إلى "هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة" بموجب أمر ملكي، وأعيد تشكيل مجلس إدارة الهيئة برئاسة وزير الاستثمار خالد الفالح، وعضوية عدد من ذوي الخبرة والاختصاص من القطاعين الحكومي والخاص.

 

اقرأ المزيد