Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إثيوبيا والسودان... حدود مشتركة وحروب متشابهة

أديس أبابا تستقبل المئات عبر المعبر البري وتعرض الوساطة لإحلال السلام

دخل ما يقدر بـ1330 من جنسيات مختلفة إلى إثيوبيا عبر المعبر الحدودي البري مع السودان (أ ف ب)

ملخص

ترفض أديس أبابا اتهامات وجهت إليها بالتدخل في الشأن السوداني واستغلال الظروف الراهنة

"وتلك الأيام نداولها بين الناس"، عبارة قرآنية تبدو أكثر تجسيداً لما يدور في السودان وانعكاسه على جارته إثيوبيا، فبالأمس كان جيش الأخيرة يحارب جبهة تحرير تيغراي، فاستقبل الأول مئات آلاف الإثيوبيين الفارين من جحيم المعارك، واليوم تتبدل الحال وتصبح إثيوبيا أحد ملاذات الهاربين من نيران الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

أبعاد المأساة

الواقع الإنساني الآن في كارثة السودان يشهد على مأساة حقيقية راح ضحيتها المئات إلى جانب آلاف الجرحى، والوضع ينذر بالمزيد في ظل احتماء أرتال من قوات الدعم السريع داخل أحياء سكنية في حي المطار ومنطقة جبرة والعمارات ومنطقة الصبابي وحلة حمد بمدينة بحري شمال الخرطوم إلى جانب مناطق أخرى، متخذين المدنيين كدروع بشرية ضد نيران قوات الجيش السوداني أو قصف طيرانه.

وعن انعكاسات الحرب على إثيوبيا، أفادت مصادر دبلوماسية بدخول ما يقدر بـ1330 من جنسيات مختلفة إلى إثيوبيا عبر المعبر الحدودي البري مع السودان (المتمة- القلابات) وتوقعت دخول أعداد أخرى من الطلاب الأفارقة المسجلين في الجامعات السودانية، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك مئات السودانيين في منطقة القلابات ينتظرون إكمال إجراءاتهم للدخول إلى إثيوبيا.

وأشارت المصادر كذلك إلى عدد من العالقين الآتين من بلدان مختلفة إلى الخرطوم عبر مطار أديس أبابا وداهمتهم ظروف الحرب في الـ 15 من أبريل (نيسان) الجاري ويبلغ عددهم 126 فرداً، ولا تزال مشكلتهم عالقة بعد انقضاء فترة الضيافة على الخطوط الناقلة.

خفض التصعيد

إثيوبيا الرسمية في ظروف الواقع الذي يعيشه السودان بادلته بموقف أخوي عندما صدر بيان للحكومة في بداية الأزمة يدعو إلى السلام، تبعه لقاء في الـ17 من أبريل بين وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية السفير مسغانو أرغا وسفير السودان لدى إثيوبيا جمال الشيخ أحمد.

وصرح مسغانو أرغا الإثنين الماضي بأن أديس أبابا تتابع بقلق بالغ الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات ميليشيات الدعم السريع، مؤكداً على موقف بلاده المتمثل في ضرورة خفض التصعيد والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة بين الطرفين. وشدد الموقف الإثيوبي على ضرورة تحقيق السلام من قبل السودانيين أنفسهم من خلال الحوار، معرباً عن ثقته بأن الإثيوبيين وموظفي البعثة الدبلوماسية الإثيوبية في السودان سيحصلون على الحماية اللازمة.

وعلى المنوال ذاته اتصل وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن هاتفياً بنظيره السوداني المكلف علي الصادق للاطمئنان على الأوضاع. وفي خطوة سابقة كانت القيادة الإثيوبية قدمت نفسها كمبادر للتوسط بين الأطراف بغية تحقيق السلام إيغالاً في الاهتمام، وفعلتها أديس أبابا من قبل وإن كانت في سياق آخر، عندما توسط رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في يونيو (حزيران) 2019 بين المجلس العسكري وقيادة قوى الحرية والتغيير إبان الثورة السودانية التي أطاحت الرئيس المعزول عمر البشير في 11 أبريل 2019.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترفض أديس أبابا اتهامات وجهت إليها بالتدخل في الشأن السوداني واستغلال الظروف الراهنة، وقال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإثيوبية (فانا) السبت الماضي إن "إثيوبيا والسودان دولتان شقيقتان جارتان والعلاقات بينهما تاريخية وتحكمها أواصر القربى والمصير المشترك"، وأكد موقف بلاده الثابت والمتمثل في ضرورة خفض التصعيد والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة".

وأردف أن "الاتهامات الواردة من بعض وسائل الإعلام بأن هناك تدخلاً إثيوبياً في الصراع بالسودان هي اتهامات باطلة ولا أساس لها ولا تتناسب مع الصداقة التاريخية بين البلدين"، معرباً عن "إيمان إثيوبيا الراسخ بأن الشعب السوداني الشقيق عبر تاريخه العريق لديه كل الحكمة في تجاوز هذه المحنة التي يمر بها في الوقت الراهن، وأن أي تدخل يجب أن يكون هدفه فقط تحقيق المصالحة بين الأشقاء وإحلال السلام".

ظروف الواقع السياسي

وعلى مستوى تشابه الظروف بين البلدين، كانت إثيوبيا هي الأخرى حريصة على توحيد كيانها العسكري كأداة سيادة لا بديل عنها، فأنجزت خلال الأيام الأخيرة مهمة جمع السلاح من جبهة تحرير تيغراي ضمن مرحلة من أهم مراحل اتفاق السلام مع الجبهة التي استمرت الحرب معها لمدة عامين، في خطوة وطنية متقدمة أشار إلى أهميتها آبي أحمد حينما قال في بيان حول القضايا الراهنة والأوضاع الأمنية في بلاده، إن "ليست هناك فائدة دائمة من خلال حل موقت"، (في إشارة إلى الميليشيات القبلية التي تشكلت إبان حرب تيغراي)، لافتاً إلى أن "أعظم الخبراء العسكريين في العالم يحددون قوة جيش الدولة بشكل أساسي من خلال مركزيته وتسلسله القيادي القوي".

وكان ضمن الحرص الإثيوبي على خصوصية العلاقة أن حذر آبي أحمد مما سماها الجهات التي تعمل على التحريض والوقيعة بين أديس أبابا والخرطوم خلال بيان صدر الخميس الماضي، نفى فيه ما تناقلته بعض وسائل إعلام عن دخول قوات إثيوبية المناطق الحدودية السودانية، واصفاً ذلك بـ"الادعاءات الكاذبة التي تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وضيعة".

وقال في البيان الذي نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن "قضية الحدود بين البلدين ينبغي حلها عن طريق الحوار والدبلوماسية"، مؤكداً أن إثيوبيا "ليست لديها الرغبة في انتهاز الظروف الحالية التي تمر بها دولة السودان الشقيقة".

ودعا آبي وفق ما نقلته (فانا)، "الشعب السوداني الشقيق إلى عدم الإصغاء لمثل هذه الادعاءات التي تسعى إلى الوقيعة بين الشعبين الشقيقين"، مشيراً إلى أن إثيوبيا تتمنى عودة السلام والاستقرار للسودان.

المزيد من تقارير