Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاكتظاظ في سجون بريطانيا أشبه بـ"برميل بارود على وشك الانفجار"

حصري: تضاعف العدد القياسي للسجناء في زنزانات فردية، مع اضطرار الحكومة إلى بناء ألف حجرة متنقلة لمواجهة الفائض

أكثر من 85 ألف محتجز موجودون الآن في سجون إنجلترا وويلز ("غيتي/"اندبندنت")

ملخص

إلقاء اللوم في تفاقم أزمة الاكتظاظ في السجون على فشل وزير العدل السابق دومينيك راب في معالجة إضراب المحامين.

كشفت أرقام جديدة في المملكة المتحدة عن أن السجون البريطانية تواجه أزمة جدية مع تسجيل مستويات قياسية من الاكتظاظ فيها.

وتظهر إحصاءات صادمة، صادرة عن وزارة العدل البريطانية، أن أكثر من 85 ألف سجين هم قيد الاحتجاز الآن في كل من إنجلترا وويلز، في وقت لم يتبق فيه سوى مئات الأماكن فقط في السجون في مختلف أنحاء البلدين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما وصفت نقابات السجون الوضع بأنه أشبه بـ"برميل بارود على وشك الانفجار"، أكدت هيئة رقابية بريطانية لصحيفة "اندبندنت" أنها حذرت الحكومة من الأخطار الجسيمة التي يمثلها الاكتظاظ.

وتعمل الحكومة البريطانية على بناء نحو ألف حجرة متنقلة - تطلق عليها رسمياً تسمية "خلايا الانتشار السريع" Rapid Deployment Cells - في محاولة للتخفيف من اكتظاظ السجناء، مع تضاعف عددهم في الزنزانات الفردية، وتسارع وتيرة الانتقال إلى "السجون المفتوحة" Open Prisons (تعرف أيضاً بالسجون ذات الحد الأدنى من الحراسة، والهدف منها هو إعداد السجناء لإعادة الاندماج في المجتمع من خلال برامج التعليم والتأهيل والتدريب المهني والاجتماعي).

لكن توقعات داخلية ترجح أن يزيد عدد المساجين في السجون على 94 ألف شخص في غضون سنتين، وذلك بسبب سياساتها الخاصة وتراكم القضايا أمام المحاكم التي تعوق النظام من خلال تحويل مزيد من السجناء إلى الحبس الاحتياطي في انتظار محاكمتهم.

وكان قد أعلن في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن خطة طوارئ، تقضي باستخدام 400 زنزانة تابعة للشرطة لتكون فائضاً محتملاً لكن هذه الإضافة لم تصمد أمام ارتفاع أعداد السجناء، كما أن سجناً جديداً وعد بوضعه قيد العمل في "مطلع السنة 2023"، لم يفتح بعد.

تشارلي تايلور كبير مفتشي السجون في المملكة المتحدة قال إن "الرجال يمضون وقتاً أطول داخل زنزاناتهم، وسط نقص في الهواء النقي، وغياب التمارين الرياضية، أو إمكان الوصول إلى أنشطة من شأنها أن تساعد على تقليل أخطار عودتهم إلى الإجرام، وتدعم صحتهم العقلية والبدنية".

وأضاف "لطالما أعربنا عن قلقنا من وضع النشاط الهادف داخل السجون، كما أننا قلقون للغاية من مستويات إيذاء المساجين أنفسهم".

وأشار تايلور إلى أن "معظم السجناء سيطلق سراحهم في وقت ما، وإذا ما فشلنا في تقديم الدعم الكافي لإعادة تأهيلهم - لا بل إلحاق مزيد من الأذى بهم من خلال تعريضهم للحبس المستمر - فما النتيجة التي نتوقعها عندما يتم الإفراج عنهم؟".

الأمين العام المساعد لـ"رابطة ضباط السجون" Prison Officers' Association (POA) ميك بيمبليت، نبه من جانبه إلى أن فصل الصيف يشهد على نحو روتيني، زيادة في الفوضى والاعتداءات داخل السجون، مؤكداً أن زيادة الاكتظاظ في مقابل النقص في عدد العاملين، يجعلان الوضع شديد التأزم وأشبه بـ"برميل بارود على وشك الانفجار".

وقال بيمبليت لـ"اندبندنت" إنه "وفقاً لما أظهرته السوابق التاريخية، فإن الاكتظاظ في السجون لن يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة - ألا وهي الاضطرابات. فاليوم يجرى حبس السجناء لمدة 23 ساعة في اليوم، من دون أن يحصلوا على فرصة للتعلم أو التواصل أو العمل.

ورأى أنه "مع تزايد عدد المساجين في السجون، ستتضاءل فرص حصولهم على نظام جوهري وبناء... ولا يمكن لذلك إلا أن يؤدي إلى إحباطهم وتحفيز سلوكهم العنيف ضد أعضائنا".

وأضاف "إن ما نقوم به هو فقط تكديس السجناء، من دون أن نحقق ما تقتضيه مهامنا لجهة إعادة تأهيلهم، كي يعيشوا حياة تحترم القانون".

وتظهر أرقام بريطانية رسمية أنه اعتباراً من التاسع عشر من مايو (أيار) الماضي، كان هناك85193  سجيناً و86150 زنزانة، في إجمالي "القدرة التشغيلية التي يمكن استخدامها"، للسجون في إنجلترا وويلز، ولم يتبق هناك سوى 957 زنزانة فارغة.

وعندما بلغ عدد المساجين العتبة القياسية - وهي 85 ألفاً - آخر مرة في عام 2017، كانت السعة الإجمالية أكبر، وكان هناك هامش أكثر ملاءمة بلغ 1300 مكان فارغ.

ويتوقع أن يتجاوز عدد المساجين في السجون قريباً الرقم القياسي التاريخي المسجل في عام 2012، والبالغ 87 ألف سجين. وعزا تقرير وزارة العدل البريطانية الذي نشر في شهر فبراير (شباط) الماضي ذلك، إلى الجهود المبذولة لتقليص عدد القضايا المتراكمة أمام المحاكم والانتهاء منها، إضافة إلى سياسة الحكومة.

وجاء في التقرير أنه "من المتوقع أن يزداد الرقم باضطراد، ليصل إلى 94400 سجين بحلول شهر مارس (آذار) في عام 2025، وما بين 93100 و106300 بحلول مارس عام 2027".

ومن المرجح أن تزيد الحملة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون لتجنيد 20 ألف شرطي إضافي، العبء على السجون، من خلال زيادة الاعتقالات والمحاكمات، في وقت أدخلت فيه حكومات حزب "المحافظين" المتعاقبة سيلاً من القوانين الجديدة التي تطيل الحد الأقصى للعقوبات، وتزيد من مدة الاحتجاز قبل إطلاق سراح المسجونين بشروط (الإفراج المشروط عن سجين يتم قبل إتمام مدة عقوبته. ويخضع لمراقبة في المجتمع طيلة الفترة المتبقية من عقوبته).

وقد زاد متوسط عقوبة السجن من 14 شهراً في عام 2012، إلى نحو سنتين في عام 2022، كما نقلت حزمة من القوانين التي تم التقدم بها العام الماضي نقطة الإفراج المحتملة لمرتكبي الجرائم العنيفة والجنسية الخطرة، من منتصف العقوبة إلى ثلثي مدتها.

وعمل دومينيك راب عندما كان وزيراً للعدل على إبطاء هذه العملية أكثر، من خلال الحد من عمليات نقل محكومين إلى "السجون المفتوحة" العام الماضي. وكان يسعى إلى منح نفسه سلطة وقف إطلاق سراح بعض المجرمين، حتى عندما يبرر ذلك "مجلس الإفراج" Parole Board (هيئة مستقلة مسؤولة عن اتخاذ قرارات تتعلق بإفراج مبكر مشروط عن سجناء مؤهلين، والإشراف عليهم).

وفي الوقت نفسه ارتفع عدد الأشخاص المحتجزين في السجن قبل المحاكمة نتيجة تراكم القضايا في المحاكم بسبب تخفيضات الموازنة الحكومية و"كورونا"، وتفاقمت بشكل موقت من جراء إضراب المحامين العام الماضي.

وبحلول نهاية العام الماضي، كان عدد الأشخاص المحتجزين رهن الحبس الاحتياطي هو الأعلى، أقله منذ نحو 50 عاماً، بحيث أمضى البعض أشهراً عدة في الاحتجاز قبل أن تثبت براءتهم.

وزير العدل في حكومة الظل "العمالية" المعارضة ستيف ريد قال إنه "بعد 13 عاماً خلف سوء الإدارة المتمادي لسجوننا من جانب حزب ’المحافظين ‘، مجرمين خطرين يتجولون في الشوارع".

وأضاف أن " ’محافظي ‘ (رئيس الوزراء) ريشي سوناك، قد تهاونوا مع الجريمة، الأمر الذي وضع الناس في خطر".

مدير الحملات في "رابطة هوارد للإصلاح الجنائي" Howard League for Penal Reform أندرو نيلسون، حمل الحكومات المتعاقبة مسؤولية "تكرار خطأ محاولة معالجة الجريمة من خلال زيادة عدد المساجين في السجون، لتجد أن هذا المنحى يزيد الأمور سوءاً".

وأضاف أن "اتخاذ إجراءات معقولة لتقليص عدد المساجين في السجون، من شأنه أن يخفف الضغط عن النظام المكتظ ونقص الموارد، الذي أخفق في الحفاظ على سلامتنا، ويعوق البلاد".

في المقابل طالبت "مؤسسة إصلاح السجون" Prison Reform Trust (جمعية خيرية بريطانية تعنى بإرساء نظام عقوبات عادل وإنساني وفعال) بإجراء تغيير عاجل لتخفيف هذا "الاكتظاظ الخطر".

ورأت رئيستها التنفيذية بيا سينها أن "هذه الإحصاءات المقلقة تكشف عن تدني خدمة السجون التي تعاني ضغوطاً شديدة. فالعدد المفرط من الأفراد في السجون يقوض كل جانب من جوانب رؤية الحكومة لإرساء نظام تأهيل لائق وآمن".

ولفتت سينها إلى أن الحكومة ليست قادرة على شق طريقها للخروج من هذه الأزمة. وهي بحاجة ماسة إلى وضع خطة تسهم في تقليل الاستخدام غير الضروري للاحتجاز، كي يتم توفير مساحات إضافية للسجون، هي في أمس الحاجة إليها".

وفي تعليق على ما تقدم أكدت وزارة العدل البريطانية أنها في طريقها للوفاء بوعد إنشاء 20 ألف مكان إضافي في السجون، من خلال بناء ستة سجون جديدة، وتنفيذ توسعات وتجديدات في أماكن أخرى. وقالت إن سجن HMP Fosse Way الجديد بالقرب من مدينة ليستر سيفتتح قريباً.

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات