ملخص
سياسات صندوق النقد التقشفية تسهم في اتساع رقعة الفقر والحروب والتغيرات المناخية فاقمت الأزمة ومشهد طوابير الطعام المجاني بات معتاداً في الدول الكبرى.
من الغرب إلى الشرق يطل شبح الجوع برأسه مهدداً الجميع على رغم برامج الحماية الاجتماعية التي تطلقها دول العالم لمحاصرة رقعة الفقر التي طاولت 1.3 مليار شخص عالمياً من بينهم 92 في المئة يعيشون في الدول النامية، بعد أن هبطت جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا ومعدلات التضخم بنحو 90 مليون شخص آخرين إلى مستوى الفقر المدقع بنهاية 2022 وفقاً لتقديرات البنك الدولي.
جهود الحماية الاجتماعية لمكافحة الفقر وصلت حد تقديم الملايين من وجبات الطعام المجانية في بريطانيا وإيطاليا وأميركا وغيرها من البلدان شرقاً وغرباً، ليس فقط للفئات الأشد احتياجاً بل أيضاً لشرائح من الطبقات الوسطى دفعتها الظروف الاقتصادية العالمية وجائحة كورونا والتغيرات المناخية إلى مستوى الطبقات الفقيرة، وصار ضرورياً اعتبار تقديم الدعم على اختلاف أنماطه بعداً اقتصادياً يجب وضعه في حسبان الدول والمؤسسات الغربية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي صاحب الاتجاه الأبرز في الإجراءات التقشفية وتقليص الدعم في الدول النامية.
متخصصون في علم الاجتماع والاقتصاد أكدوا لـ"اندبندنت عربية" أن دعم الفقراء لم يعد رفاهية بخاصة في ظل التغييرات الاقتصادية التي يشهدها العالم، وأن برامج الضمان الاجتماعي يجب أن تتسع لتواجه موجات التراجع في المستويات المعيشية للمواطنين، وأن يراجع صندوق النقد الدولي شروطه التقشفية الملزمة للدول المقترضة.
إجراءات قاسية
أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالحميد زيد أكد أن صندوق النقد لا يطلب إلغاء الدعم بقدر ما يسعى إلى توحيد أسعار السلع، فهو لن يتخلى عن فكرة التحرير الكامل لأسعار الصرف والعمل بآليات السوق بمنتهى القسوة، لكن مع السماح للحكومات بحرية تقدير ووضع برامج للحماية الاجتماعية من جهة شكل البرامج لكل دولة، وبما يتناسب مع ظروفها الاجتماعية والثقافية.
وأشار إلى التجربة المصرية الأولى في مجال برامج الحماية الاجتماعية التي بدأت في عهد الرئيس محمد أنور السادات والمعروفة بـ"معاش السادات" بهدف تقديم دعم مالي للطبقات الفقيرة التي قد تتضرر من قرارات الانفتاح الاقتصادي وسياسات السوق الحرة أو تحريك سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأخرى.
وفي السنوات الأخيرة دخلت مصر مفاوضات للاقتراض من صندوق النقد الدولي وتم تحريك سعر صرف الجنيه المصري، وترتب على ذلك زيادة في الأسعار أدت إلى تراجع المستويات المادية لشرائح كثيرة من المواطنين، ليصلوا إلى مستوى الطبقات الفقيرة والأولى بالرعاية الاجتماعية، فيما زاد العدد النسبي لمن هم عند حدود الفقر المدقع، إذ أطلقت الحكومة برامج حماية منها "تكافل وكرامة" بهدف إحداث التوازن في المجتمع من جهة القدرة على تلبية الحاجات واستقرار الوضع الاجتماعي.
وأكد زيد أن الدول التي تنجح في عبور الأزمة هي تلك القادرة على "ربط الحزام" لفترة طويلة، لافتاً إلى أن الحرب الروسية – الأوكرانية أسهمت في زيادة معدلات الفقر بتأثيرها في سلاسل الإمداد وبنسب مختلفة من دولة إلى أخرى، حيث التأثير السلبي الأكبر على الدول التي تستورد أغلب حاجاتها من السلع، منوهاً بأن بعض الدول تعتبر الأزمات الدولية "شماعة" مناسبة لتعليق فشل حكوماتها عليها، في حين استفادت الدول المصدرة للبترول أو الغاز أو القمح من هذه الأزمات.
تراجع معدلات النمو
في أبريل (نيسان) الماضي حذرت مدير عام صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، من انخفاض نمو الاقتصاد العالمي في 2023 بأقل من ثلاثة في المئة، مقارنة مع 3.4 في المئة من العام الماضي، وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، وهي أدنى توقعاتنا للنمو المتوسط الأجل منذ عام 1990، ما من شأنه أن يزيد مخاطر الجوع والفقر الذي بدأته أزمة "كوفيد-19" في العالم.
وأضافت في تصريحات صحافية قبيل اجتماعات الربيع المرتقبة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن أن تباطؤ النمو سيكون بمثابة "ضربة قاسية" تجعل من الصعب على الدول المنخفضة الدخل مجرد اللحاق بالركب.
وكشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة في يوليو (تموز) 2021 عن تراجع حالة الأمن الغذائي والتغذية وانتكاس جهود القضاء على الجوع وسوء التغذية، إذ ارتفع عدد الجياع في العالم إلى نحو 828 مليون شخص.
وقدم التقرير أدلة جديدة على أن العالم يبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق هدف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله بحلول عام 2030.
حدد البنك الدولي خط الفقر الدولي عند 2.15 دولار للفرد في اليوم باستخدام أسعار عام 2017، مؤكداً أن أي شخص يعتمد على أقل من 2.15 دولار في اليوم يعيش في فقر مدقع، وقد تسببت جائحة "COVID-19" في أكبر انتكاسة للجهود العالمية للحد من الفقر منذ عام 1990، إذ زاد عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع بنحو 70 مليون شخص، بجانب ملايين الفقراء ضحايا أزمتي الطاقة والغذاء الناجمتين عن الحرب في أوكرانيا والتغير المناخي.
برامج دعم موسعة
المحلل الاقتصادي خالد الشافعي أكد أن ما يحدث في العالم حالياً يدفع الدول إلى التوسع في سياسات الدعم في ظل إمكاناتها المادية، ويجعلها تتبنى برامج حماية اجتماعية جديدة تجاه مواطنيها، فعديد من الدول تهتم بالحد من فقر وجوع مواطنيها، ودول أخرى لا تهتم لهذا الأمر.
وأشار في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى أن أغنياء العالم عليهم سداد فاتورة ما أصاب الفقراء، إذ إن المعادلة واضحة فالأغنياء زادت ثرواتهم والفقراء سحقهم الفقر، وجميع دول العالم تعاني فيما تحاول منظمات المجتمع المدني وبنوك الطعام سد حاجات المواطنين قدر استطاعتها.
وحول سياسات صندوق النقد أوضح الشافعي أن الصندوق لا ينظر إلا لمصلحة أعضائه فقط، فهو لا يهتم بأحوال الفقراء، ويلبي ما تفرضه السياسات الدولية، بل ويسهم هو ذاته في اتساع رقعة الفقر بسياساته التقشفية التي يجبر الدول المقترضة على تنفيذها من دون النظر إلى الأثر المجتمعي لتلك السياسات وتأثيرها في الفقراء بتلك الدول، مشيراً إلى أن تخفيف الدعم هو الشرط الأول للدول الراغبة في الاقتراض.
وقال الشافعي إن تغيير الصندوق لاستراتيجيته في تخفيض الدعم واهتمامه بأحوال الفقراء في الدول المقترضة إذا ما حدث فسيكون منحى جديداً سيغير شكل الأوضاع الاقتصادية في البلدان النامية.
معايير مزدوجة
من جهتها، طالبت منظمة أوكسفام (منظمة معنية بمحاربة الفقر في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) في أبريل 2022 صندوق النقد الدولي بالتخلي عن مطالبة المقترضين بالتقشف بعد تفاقم أزمة الجوع والفقر في العالم.
وقالت المنظمة إن "87 في المئة من قروض صندوق النقد الدولي المتعلقة بـ"كوفيد-19" تتطلب من البلدان النامية اعتماد تدابير تقشف جديدة، من بينها فرض ضرائب على المواد الغذائية والوقود وتخفيض الإنفاق على الخدمات العامة الأساسية، وأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الفقر.
وأضافت "أوكسفام" أن معايير صندوق النقد مزدوجة، إذ يسعى إلى التخفيف عن الدول الغربية بعدم تعريض انتعاش اقتصادها للخطر من خلال التقشف، في حين يفرض الصندوق إجراءات تقشفية صارمة على البلدان المنخفضة الدخل، فهو يحذر الدول الغنية من التقشف بينما يجبر البلدان الأكثر فقراً عليه.
ملامح التقشف
وتتنوع الإجراءات التقشفية التي تفرضها الدول الدائنة بحسب الدولة المقترضة، لكن تتمثل الإجراءات الأكثر شيوعاً في العالم العربي في تحرير سعر صرف العملة، وتقليص الدعم المقدم للسلع الأساسية، وتخفيض أو تجميد كتلة الأجور في القطاع العام، وخصخصة الشركات، وزيادة الضرائب المفروضة على المستهلكين، وتخفيض الإنفاق الحكومي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعا مقرر الأمم المتحدة في شأن الفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون في ديسمبر (كانون الأول) 2022 السلطات الأميركية إلى توفير حماية اجتماعية قوية ومعالجة المشكلات الكامنة وراء انتشار الفقر بدلاً من معاقبة الفقراء ومحاصرتهم. وقال إنه على رغم تقليص الرعاية الاجتماعية وإمكانية الحصول على تأمين صحي فقد منح الإصلاح الضريبي الذي قام به ترمب كبار الأغنياء والشركات الكبرى مكافآت مالية غير متوقعة، مما زاد من التفاوت بين طبقات المجتمع، وإن السياسات الأميركية المتبعة منذ الحرب التي أعلنها الرئيس ليندون جونسون على الفقر في الستينيات اتسمت بالتقصير، وإن السياسات التي تم انتهاجها خلال عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب استهدفت عن عمد إلغاء وسائل الحماية الأساسية للأكثر فقراً ومعاقبة العاطلين وجعل حتى الرعاية الصحية الأساسية امتيازاً يتم اكتسابه بدلاً من أن تكون أحد حقوق المواطنة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لديها أعلى معدل لفقر الشباب بين الدول الصناعية.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 قال رئيس إدارة السياسة المالية في صندوق النقد فيتور جاسبار، إن الاقتصادات المتقدمة التي يمكنها الاقتراض بحرية قد لا تحتاج إلى فرض تدابير تقشف لاستعادة قوتها المالية، موضحاً أن الدول التي لديها خيار الاستمرار في الاقتراض من المرجح أن تكون قادرة على دعم استقرار ديونها العامة بحلول منتصف هذا العقد من دون الحاجة إلى زيادة الضرائب أو تخفيض الإنفاق العام.
طوابير الطعام في بريطانيا
طوفان الجوع ضرب غالبية دول العالم وهو ما ألقى بمسؤوليات كبرى على عاتق منظمات العمل الأهلي وبنوك الطعام في أغلب الدول التي باتت مسؤولة عن توفير الطعام المجاني للفقراء ولغيرهم من الطبقات الأخرى التي انضمت إلى صفوف الفقراء خلال السنوات الأخيرة.
قالت أكبر شبكة لبنوك الطعام في بريطانيا إن عدد الطرود الغذائية التي وزعتها على المواطنين ارتفع بنسبة 38 في المئة ليسجل مستوى قياسياً بلغ ثلاثة ملايين طرد في عام واحد بسبب أزمة ارتفاع كلفة المعيشة.
وقالت "ذا تراسل تراست" التي تدعم 1300 مركز لبنوك الطعام في أنحاء المملكة المتحدة إن أكثر من مليون طرد غذائي جرى تقديمها لأطفال، وإنه على مدى عام لجأ 760 ألف شخص لأول مرة إلى بنوك الطعام التابعة لها بزيادة 38 في المئة، وإن الزيادة غير المسبوقة كانت للأشخاص ممن لديهم عمل لكن لم يعد بإمكانهم تحقيق التوازن بين دخلهم المنخفض وكلفة المعيشة المرتفعة.
ويعاني البريطانيون الغلاء منذ أكثر من عام بسبب ارتفاع نسب التضخم الذي تجاوز زيادات الأجور بالنسبة إلى جميع العاملين تقريباً.
إيطاليا
تقول عديد من الجمعيات الخيرية في إيطاليا إن عدداً متزايداً من المواطنين في سن العمل أو التقاعد باتوا يطلبون الطعام المجاني، إذ يطلق عليهم البعض "الفقراء الجدد".
وقالت مارينا نافا من مركز أوبرا سان فرانسيسكو الخيري في ميلانو والذي يقدم وجبات مجانية للمحتاجين في تصريحات صحافية "هذا شيء لا يمكن تجاهله وقد يزداد. هؤلاء أشخاص كانوا يعيشون حتى وقت قريب فوق خط الفقر، لكن مع تغير الأمور بسرعة سقطوا دونه".
وتؤكد جماعة كاريتاس الخيرية الكاثوليكية أن 13 في المئة من سكان إيطاليا البالغ عددهم 58 مليون نسمة يعتبرون فقراء.
ودشن عدد من المطاعم الإيطالية مبادرة تحمل اسم "Ristorante Solidale"، بهدف توصيل الطعام إلى المحتاجين مجاناً.
وتعد إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو لكنه كان واحداً من بين الأكثر بطئاً في الأداء على مدى سنوات.
الولايات المتحدة
وفي الولايات المتحدة الأميركية يعيش قرابة 38 مليون مواطن تحت خط الفقر، حيث يتم تصنيف الفقر بالمعايير الأميركية لأسرة مكونة من أربعة أشخاص إذا قل دخلهم السنوي عن 25.7 ألف دولار، في حين يقل الرقم إلى نحو 20 ألفاً لأسرة مكونة من ثلاثة أشخاص، ولأسرة من شخصين 16 ألفاً و247 دولاراً، ويصبح الشخص فقيراً إذا قل دخله السنوي عن 12 ألفاً و784 دولاراً.
ويقع في هذه الفئة 12.9 في المئة من الأميركيات و10.6 في المئة من الأميركيين، أي ما يقرب من 38 مليون مواطن.
ويعيش تحت مستوى خط الفقر ما لا يقل عن 12 مليون طفل، أي ما يقرب من سدس الأطفال الأميركيين، ويحصل 14.3 مليون أميركي على كوبونات حكومية لشراء الطعام المدعم بعد أن ارتفع معدل الفقر في الولايات المتحدة للعام الثاني على التوالي بسبب تداعيات جائحة "كوفيد-19".
فرنسا
وفي فرنسا، بات مشهد طوابير طلبة الجامعات الطويلة المؤدية إلى أماكن توزيع الوجبات المجانية مألوفاً بعد تدهور القدرة المالية لطلبة فرنسا وعجزهم عن سداد فواتير المطاعم الجامعية، في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الاستهلاكية.
وتؤكد أرقام هيئة الإحصاء الفرنسية تجاوز أسعار المواد الغذائية قدرات المواطنين، وسط توقعات باستمرار تصاعد كلفة المعيشة.
لبنان
وتشتد أزمة الجوع في لبنان بشكل ملحوظ، وفي ظل التحذيرات التي توجه إلى لبنان وحكومته على هذا الصعيد، إذ يرتبط لبنان بظروف الحرب الروسية – الأوكرانية، فوفقاً لمنظمة "يونيسف"، يحصل لبنان على 80 في المئة من القمح من روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه ترتفع أسعار المواد الغذائية في السوق العالمية بشكل جنوني، وبسبب صوامع الحبوب المدمرة في مرفأ بيروت تفتقر البلاد كذلك إلى القدرة على تخزين السلع.
وتسعى بعض المؤسسات الخيرية ومنها بنك الطعام اللبناني إلى مضاعفة نشاطها لتأمين وجبات طعام بهدف المساهمة في التخفيف من أعباء الحياة عن المواطنين.
اليمن
يعد اليمن في المرتبة الثانية ضمن قائمة البلدان الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي، والتي تواجه مستويات كارثية من الجوع، وفق تقرير لمنظمة "إنقاذ الطفولة".
فهناك ستة ملايين مواطن يواجهون خطر الجوع، إذ يعانون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك سوء التغذية الحاد.
القرن الأفريقي
وحذر برنامج الأغذية العالمي من ارتفاع عدد المهددين بالمجاعة في القرن الأفريقي إلى 22 مليون شخص بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار، وأن نصف سكان إقليم تيغراي الإثيوبي في حاجة ماسة إلى الغذاء بسبب الصراع الدائر هناك منذ ما يقرب من عامين.
وأشار البرنامج إلى أن احتجاب هطول الأمطار منذ نهاية عام 2020 فاقم الجفاف، وهو الأسوأ منذ 40 عاماً، وأدى إلى نفوق الملايين من رؤوس الماشية وقضى على المحاصيل وأغرق مناطق في كينيا والصومال وإثيوبيا، وترك أكثر من مليون شخص منازلهم بحثاً عن المياه والغذاء.
وتخصص الجابون 48.8 في المئة من ميزانية الدعم للطعام و47.7 في المئة لدعم الطاقة والإسكان والتعليم والصحة وغيرها. وفى بوركينا فاسو تمنح 57 في المئة من الدعم للغذاء.
وتصدرت أفغانستان قائمة البلدان الثمانية الأكثر تضرراً، حيث يوجد بها أكبر عدد من الأشخاص الذين يواجهون مستويات حادة من الجوع في عام 2022، تليها اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية ثم السودان وجنوب السودان والصومال وأفريقيا الوسطى.
الجوع في أرقام
وكشف التقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، حول أوضاع حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم بنهاية عام 2022، ارتفاع نسبة الأشخاص الذين يعانون الجوع في عام 2020 بعد أن بقيت ثابتة نسبياً منذ عام 2015، وواصلت النسبة ارتفاعها في عام 2021 لتبلغ 9.8 في المئة من سكان العالم، وذلك مقارنة بنسبة ثمانية في المئة في عام 2019 و9.3 في المئة في عام 2020.
كما عانى 2.3 مليار شخص في العالم انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في عام 2021، فيما عانى 924 مليون شخص بنسبة 11.7 في المئة من سكان العالم انعدام الأمن الغذائي الشديد، مما يمثل زيادة قدرها 207 ملايين شخص في غضون سنتين.
وعجز نحو 3.1 مليار شخص عن تحمل كلفة نمط غذائي صحي في عام 2020، أي بزيادة قدرها 112 مليون شخص مقارنة بعام 2019، مما يعكس آثار تضخم أسعار استهلاك الأغذية نتيجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" والتدابير المتخذة لاحتوائها.
وعانى ما يقدر بنحو 45 مليون طفل دون الخامسة الهزال، وهو أحد أشكال سوء التغذية الأكثر فتكاً والذي يزيد خطر وفاة الأطفال بما يصل إلى 12 ضعفاً، إضافة إلى ذلك عانى 149 مليون طفل دون الخامسة توقف النمو والتطور، بسبب النقص المزمن للمغذيات الأساسية في أنماطهم الغذائية، بينما عانى 39 مليون طفل الوزن الزائد.
وتشير الأرقام إلى أن نحو 670 مليون شخص بنسبة ثمانية في المئة من سكان العالم سيظلون يعانون الجوع في عام 2030.
دعم لن يستمر
من جهتها تقول أستاذ علم الاجتماع هالة منصور إن الدول الغنية التي تقدم دعماً لمواطنيها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية يكون بخطط دعم موقتة لن تستمر طويلاً، لحين استقرار الأوضاع وحصول العاطلين على فرص عمل.
وأضافت أن دعم المواطنين طوال الوقت كما يحدث من تقديم إعانات مادية أو عينية هو ضد فكرة التنمية والحماية الاجتماعية، ويجب أن يكون بشكل موقت.
ونفت منصور أن تكون سياسات التقشف سبباً في زيادة معدلات الفقر، وأنه على العكس من ذلك هي وسيلة ادخار تدعم اقتصاد الدولة على المدى الطويل.
من جهته يقول أستاذ علم الاجتماع أحمد زايد إن العالم على شفا أزمة اقتصاد عالمية على غرار أزمة الكساد العظيم التي شهدها العالم في الثلاثينيات، مشيراً إلى أن الطبقات الفقيرة والمهمشة هي الأكثر تضرراً في هذه الأزمات.
وأشار إلى أن الأزمات والحروب تؤثر وتتسبب في قطع سلاسل إمداد السلع، وهو ما يتسبب في ارتفاع الأسعار وندرة المعروض منها، وتتجه الحكومات إلى توفير شبكات حماية اجتماعية للحد من التأثيرات السلبية على الفقراء.
وأشار إلى أن قيام الدول الغنية بتوزيع وجبات الطعام مجاناً على المواطنين هو مؤشر مهم على خطورة الأزمة وتفاقمها، محذراً من استمرار تلك الأزمة ومطالباً بمراجعة الدول جميع خطط الحماية الاجتماعية لعبور هذه الأزمة.
اليوم الدولي للقضاء على الفقر
هو احتفال دولي يقام سنوياً وأقرته الأمم المتحدة في 17 أكتوبر في جميع أنحاء العالم.
وتم إحياء الذكرى الأولى للحدث في العاصمة الفرنسية باريس عام 1987 عندما تجمع 100 ألف شخص في ساحة حقوق الإنسان والحريات في تروكاديرو لتكريم ضحايا الفقر والجوع والعنف والخوف، وإزاحة الستار عن حجر تذكاري لجوزيف وريسينسكي، مؤسس "الحركة الدولية لإغاثة الملهوف".