Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكويتيون في تركيا يفقدون بهجة السياحة بصدمة العنصرية

يسافرون للسياحة والاستشفاء ويصطدمون بنمو ظواهر الإساءة واستغلال الخليجيين

أشار معهد الإحصاء التركي (TUIK) في عام 2022 إلى ارتفاع عدد السياح الذين زاروا إسطنبول بنسبة 77.5 في المئة من تسعة ملايين إلى 16.1 مليون سائح تصدر الكويتيون قائمة السائحين القادمين من دول الخليج العربي (رويترز)

ملخص

احتل الكويتيون المرتبة الأعلى بين سائحي دول الخليج الذين يزورون تركيا حيث فاق عددهم 350 ألف سائح خلال عام 2022

قال وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرصوي، الشهر الماضي، إن السياحة هي "نفط" تركيا، وأفاد في تصريحات للصحافيين أثناء وجوده بولاية أنطاليا نقلتها وكالة "الأناضول" التركية، بأن بلاده تهدف إلى تحقيق عائدات سياحية بنحو 56 مليار دولار خلال العام الحالي، وصولاً إلى 100 مليار دولار بحلول 2028.

حيرة جدلية

يبدو أن تصريحات الوزير التركي عن المستهدفات تواجهها تحديات جوهرية، إذ إن حوادث النشل وعمليات الاحتيال ومقاطع الإساءة والعنصرية التي تواجه العرب والخليجيين بشكل عام، والمنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، جعلت خيار السياحة في المدن التركية من المواضيع الجدلية التي تترك حيرة فيما إذا كانت زيارته تركيا آمنة أم لا.

وتجذب تركيا المسافرين لمواقعها الثقافية والتاريخية، فضلاً عن مناخ البحر الأبيض المتوسط، نظراً إلى موقعها بين جنوب شرقي أوروبا وغرب آسيا، كما تعد الطبيعة الخلابة من عوامل الجذب ومحركاتها الرئيسة في البلد العابر للقارات.

انتعاش سياحي

على رغم أن جائحة كورونا ضربت السياحة بشدة في الدولة المتوسطية كغيرها من البلدان السياحية، فإنها شهدت انتعاشاً مع رفع القيود السفر عام 2021، إذ أشار الموقع الرسمي في إسطنبول للثقافة والسياحة إلى أن عدد السائحين الوافدين إلى تركيا بلغ نحو 44.6 مليون في عام 2022، مقترباً من الذروة السياحية قبل الجائحة والبالغة 45 مليوناً.

ووفقاً لبيانات معهد الإحصاء التركي (TUIK) في عام 2022، ارتفع عدد السياح الذين زاروا إسطنبول بنسبة 77.5 في المئة من تسعة ملايين إلى 16.1 مليون سائح، كان معظمهم من روسيا وألمانيا وإيران، فيما تصدر الكويتيون قائمة السائحين القادمين من دول الخليج العربي، حيث بلغ عددهم أكثر من 246 ألف زائر خلال 2021، بيانات المكاتب القنصلية التركية في المنطقة.

ميزة نسبية

ويعزى مراقبون سرعة عودة السياحة إلى تركيا قبل رفع القيود عالمياً أو حتى زوال الجائحة بشكل كامل، إلى أسباب أبرزها مرونة قوانين السفر إليها، فلم تفرض أنقرة أي حجر صحي على المسافرين، ولم تشترط إجراء تحليل لمن لديه شهادة تطعيم.

وتمثل تركيا بلداً جذاباً للكويتين، إذ إنها وجهة سياحية تتمتع بمرونة في رحلات الطيران والمباشرة والاقتصادية، وكذلك سهولة الحصول على تأشيرة إلكترونية لدخول المدن التركية بغرض السياحة، إضافة إلى التقارب الثقافي والاجتماعي الذي يجمع بين الأتراك وشعوب الخليج.

عنصرية متنامية

وعلى رغم حماس الوزير التركي لتعزيز السياحة في بلاده، فإن هذا الأمر لا يتوافق مع بعض الأتراك، حيث تنامت حوادث عنصرية ضد العرب، ففي مايو (أيار) الماضي تداول ناشطون في مواقع التواصل مقطع فيديو لشاب يهاجم العرب خلال مقابلة له مع إحدى القنوات التركية.

وقال الشاب خلال المقابلة "هناك 10 ملايين مخلوق في بلادنا ليسوا بشراً، من عرب وأفغان وباكستانيين"، ومع محاولة المحيطين به مقاطعته معترضين على كلامه، إلا أنه أصر في استكمال الحديث قائلاً "أنا أعمل في مجال الوراثة وأعي ما أقول، لديهم دماغاً بدائياً وفكراً منحطاً".

 

وفي يوليو (تموز) 2022 اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بعد انتشار مقطع يظهر شاباً تركياً يقوم بشتم وإهانة السياح العرب وسط شوارع مدينة طرابزون، مما دفع السلطات إلى القبض عليه.

سلوكيات الكراهية

وبعدما كان تنتشر مقاطع الفيديو للسياح الخليجيين واللاجئين السوريين لحوادث عنصرية، إلا أن أخيراً ازدادت مواقف الكراهية على غير مسبوق، وذلك تزامناً مع الأزمة الاقتصادية الصعبة وظهور تيارات سياسية تطالب بإعادة اللاجئين (السوريين والأفغان) إلى بلدانهم، وتنامت معها دائرة التعصب لتطاول شرائح مختلفة من الأجانب، سواء كان للسائحين أو المقيمين.

وفي العام الماضي، تعرض الصحافي الإسباني لويس ميغيل هورتادو لاعتداء عنصري من أتراك في مدينة إسطنبول، لاعتقادهم أنه سوري، وفي سلسلة تغريدات وصف الحادثة عبر "تويتر" قائلاً إن "ثلاثة شبان حاولوا استفزازه لنحو 10 دقائق من خلال طلبهم قداحة"، لافتاً إلى أنهم تبعوه بسيارتهم قبل أن يتوقفوا بجانبه ويقذفون على زوجته "عقب سيجارة مشتعلة"، وينهالوا عليه وعليها بالضرب.

 

 

وفي حينها، تضامن عديد من الناشطين الأتراك مع الصحافي الإسباني، مبدين استنكارهم للاعتداء، وطالبوا بمحاسبة الفاعلين، فيما أعرب آخرون عن استيائهم من حالة العنصرية التي وصلت إليها البلاد، متهمين بعض الأطراف السياسية بتأجيجها ضد السوريين والمقيمين.

تعصب تصاعدي

وفي السياق نشر الناشط التشادي على وسائل التواصل الاجتماعي أمير زكريا، تسجيلاً له العام الماضي عبر حسابه وهو متأثر، قال فيه إنه تعرض "للعنصرية" لأول مرة منذ إقامته في تركيا قبل تسعة أعوام، مضيفاً أن "الأمور تغيرت في الأشهر الأخيرة"، في إشارة منه إلى تصاعد حوادث التعصب والعنصرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم الحوادث المنتشرة، فإن المدن التركية تشهد إقبالاً من الخليجيين بشكل عام، حيث علق تركي السعيد بالقول "الكويتيون تجذبهم الأجواء التركية، على رغم أن الأتراك لديهم عنجهية ونرجسية وشوفة نفس ونظرات غريبة للكويتيين"، مضيفاً "هذا لا يمنع أن تركيا دولة سياحية بالدرجة الأولى، إذ فيها أمن وأمان، وكذلك أماكن راقية وشعبية، فضلاً عن الأجواء الهادئة والبسيطة".

ظواهر سلبية

ولفت سعيد إلى بعض السلوكيات المزعجة له كسائح، متابعاً "إذا جلست في مطعم أو مقهى فإن النادل يلمح إلى أنه يريد بقشيش (أموال إضافية)، وإذا لم يحصل عليه من الوارد أن يسبب مشكلة لك ولأسرتك".

وعلقت السائحة فاطمة الشمري من الكويت قائلة "نحب السفر إلى تركيا لجوها الجميل، كما أن بها كثيراً من المناطق السياحية الخاصة بالاستشفاء، ولهذا نصطحب أمي معنا لتكون رحلة رحلة صحة وترفيه في الطبيعة المتنوعة".

وأفادت "لم نتعرض إلى أي إساءة ولله الحمد، لأننا نقضي فصل الصيف في أماكن داخلية، لكن نسمع أن هناك سوء معاملة لسياح كويتيين، ولا نصدق كل ما يقال".

حرص وحذر

بدوره، يضيف محمد خالد أنه يتغاضى عن الإساءة التي قد يتعرض لها، لافتاً إلى أن تركيزه يكون على اختيار وجهات سياحية جيدة والتي يجدها غالباً في مدينتي إسطنبول وطرابزون اللتين تتمتعان بأسعار رخيصة جداً مقارنة بأوروبا، منوهاً في الوقت ذاته بحرص السائح الخليجي على نفسه وعائلته خلال رحلته لمعرفته المسبقة بعنصرية بعض الأتراك.

وأشارت وكالة أنباء تركيا (TR) في تقرير نشرته العام الماضي، إلى أن المضايقات التي تعرض لها عدد من السياح العرب "معدودة وليست نتيجة توجه شعبي"، موضحة "أن هناك بعض المحاولات لتضخيمها بهدف الإساءة إلى سمعة تركيا، وذلك من خلال التعاون مع جهات مشبوهة تعمل على ضرب اقتصاد أنقرة بمختلف الوسائل والأساليب".

"اندبندنت عربية" تواصلت مع السفارة التركية في الكويت للوقوف على حقيقة تنامي العنصرية، إلا أنها رفضت الرد أو الإجابة عن الاستفسارات الخاصة بهذا الشأن، لكن سفارتها في السعودية طالبت في وقت سابق سكان المملكة الذين وصفتهم بـ "الإخوة" ألا يعيروا اهتماماً للانطباعات التي تشكك في توفر الأمن في تركيا أو استهداف السائح الخليجي. 

رقم سعودي قياسي

ويعلق الجانب التركي على أن تعطي جولة أردوغان هذا الشهر في الخليج دفعة أكبر لثقة مواطني دول مجلس التعاون في تركيا كوجهة سياحية مفضلة، وأشار غزوان مصري، نائب رئيس المنتدى الدولي للأعمال في تركيا إلى أن "هذه السنة حقق السعوديون رقماً قياسياً في زيارة تركيا، وأيضاً هذا ما حدث مع الشعب التركي في قضية الحج والعمرة والسياحة وزيارة دبي، ويمكن لهذه الاتفاقيات أن تعزز وتقوي السياحة"، معتبراً في تصريحات لوكالة الأناضول التركية أن كلا الطرفين "لديه القدرات لجذب السياح إليهما"، لافتا إلى إمكانية "العمل على السياحة المشتركة مع أوروبا لجذب السياح الأوروبيين عن طريق الشراكة الخليجية التركية".

من جهته قال جمال الدين كريم رئيس جمعية رجال الأعمال العرب والأتراك إن المستثمرين الأتراك وجدوا رغبة كبيرة للتعاون مع نظرائهم الخليجيين في مجالات عدة خصوصاً في القطاع السياحي، مضيفاً أنه "جرى لاتفاق على رفع نسبة التجارة نحو 40 بالمئة في الوقت القصير القادم، وهذا يعدّ شيئاً كبيراً، يؤكد أنه عندما تكون العلاقات ودية وقوية بين تركيا والعالم العربي وخاصة الخليج نجد التأثير الكبير على التجارة والاستثمار بين الطرفين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير