ملخص
الحصار البحري حرم غزة من التبادل التجاري والملاحة والسفر عبر ممر بحري آمن
لم يجد ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية سفين بورغسدورف طريقة للفت انتباه العالم إلى القيود البحرية التي تفرضها إسرائيل على سكان غزة إلا من خلال التحليق بمظلته الشخصية على الشاطئ، لينجح بالفعل في إعادة أزمة "حصار القطاع" إلى الصدارة من جديد.
وعلى رغم أن خطوة المسؤول الأوروبي أغضبت إسرائيل، إلا أنها وجدت اهتماماً دولياً كبيراً، بخاصة أنها جاءت في الوقت الذي يتضامن فيه برلمانيون أوروبيون مع القطاع، ويطالبون تل أبيب بكسر "الحصار البحري" وإعادة فتح ميناء غزة.
ويأتي هذا الضغط على إسرائيل، ضمن جهود دولية وإقليمية لتسليط الضوء على حصار غزة المستمر منذ 16 عاماً، والمطالبة بإنهاء هذا الإغلاق استجابة لنداء الأمم المتحدة التي ترى أن هذه القيود غير قانونية.
تدشين ميناء غزة
منذ فرض الحصار على غزة عام 2006، خاضت السلطات الفلسطينية بما فيها الحكومات في رام الله حملات دولية للضغط على إسرائيل لوقف الإغلاق، ورفعت ملفات عدة إلى الأمم المتحدة تطالب بوقف هذه القيود، إلا أن تل أبيب لم تستجب وتبرر ذلك بدواع أمنية.
وشمل الحصار على غزة كثيراً من القيود، فمن الناحية البحرية ما زالت إسرائيل تتحكم في مساحة إبحار الصيادين وتحددها لهم مسبقاً، كما ترفض السماح بإدخال القوارب أو معدات إصلاحها، وتمنع بشكل نهائي حركة التجارة والملاحة والسفر، إذ لم تمنح الفلسطينيين الموافقة حتى اللحظة على إعادة فتح ميناء غزة.
في الواقع، كان في غزة قبل عام 1967 ميناء تصدر وتستورد منه ما تحتاج إليه، إلا أن إسرائيل دمرته عند اجتياحها الأراضي الفلسطينية، وفي عملية التسوية طرح ملف الميناء مرتين، الأولى في اتفاق أوسلو سنة 1993، والثانية في اتفاق شرم الشيخ سنة 1999.
وبناء على اتفاقيات التسوية أعيد تشييد الميناء عام 2000 بتمويل أوروبي، لكن إسرائيل دمرته بعد ثلاثة أشهر، وفي عام 2005 أعيد تأهيله بعدما حصلت السلطة الفلسطينية على ضمانات بعدم نسفه.
مع ذلك، توقف ملف الميناء بعدما فرضت إسرائيل الحصار على غزة، وعلى أثر ذلك تجمدت عملية التنمية الفلسطينية، لكن مع تردي الأوضاع الاقتصادية عاد الحديث من جديد حول الميناء، سواء على صعيد كسر الحصار أو محاولة تحسين الأوضاع الحياتية.
حملة دولية
فعلياً يحتاج القطاع إلى الميناء بشدة، ولهذا جرى تنظيم حملة دولية للضغط على إسرائيل لإعادة فتح ميناء غزة، أطلق عليها "افتحوا ميناء غزة" وتتضمن الضغط على تل أبيب للاستجابة لنداء الأمم المتحدة بضرورة كسر الحصار.
يقول رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة زاهر بيراوي "ننظم فعاليات بحرية في موانئ عديد من دول العالم تحت شعار (افتحوا ميناء غزة)، ويشارك فيها برلمانيون أوروبيون ومؤسسات حقوق الإنسان ووجهات قانونية هدفها حشد الضغط العالمي لكسر الحصار البحري عن القطاع".
ويضيف "من ضمن الفعاليات التي ننفذها الحملات الإعلامية للتعريف بالحصار البحري وآثاره في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، على حد سواء، وأيضاً التظاهرة البحرية التي تنطلق من عواصم عربية وأوروبية في وقت متزامن بحيث تشكل حراكاً شعبياً وحدثاً إعلامياً كبيراً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبين أبرز الجهود الدولية لكسر الحصار البحري عن غزة، كان سفينة حنظلة التي لا تزال تبحر في شواطئ أوروبا، وتوقفت في موانئ 15 دولة، لحشد جهود وقف الحصار البحري، وهنا يوضح "بيراوي" أنه من غير المنطقي القبول بالحصار واعتباره أمراً طبيعياً، و"لأجل ذلك نعمل على تحشيد الضغط في الدول الأوروبية لوقف القيود المفروضة على ميناء غزة".
ويشير إلى أن سفينة حنظلة ليس هدفها حشد الضغط على إسرائيل فحسب، بل "نحاول من خلالها إيجاد حلول ومن ضمنها منفذ بحري للقطاع، وإجبار تل أبيب على التراجع عن سياسة الحصار المخالف للقوانين الدولية"، لافتاً إلى أن مركب كسر الحصار البحري سيبحر باتجاه غزة خلال الفترة المقبلة.
منذ فرض الحصار على غزة، تحركت قوافل من دول عربية وأوروبية وآسيوية باتجاه القطاع، في محاولة لفك القيود، لكنها فشلت في الوصول إلى ميناء غزة، فيما نجحت بعض هذه القوافل في إدخال مساعدات عبر معبر رفح على الحدود المصرية.
ممر بحري آمن
في كل الأحوال، يطالب الفلسطينيون بإيجاد حلول لهم تربطهم بالعالم، وكان من بين المقترحات التي طرحت إنشاء ميناء في غزة، أو خطوط بحرية، أو استئجار رصيف في ميناء موجود بالفعل، أو بناء جزيرة بحرية قبالة ساحل غزة، وجميعها أرسلت إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية لكن لم يرد الطرفان على أي منها.
وكان مقترح إنشاء ممر بحر آمن أقرب المقترحات القابلة للتنفيذ وسعت إسرائيل للعمل عليه، إذ طرحت فكرة خط قبرص- غزة البحري، حيث يبنى الميناء في قبرص وتنقل البضائع بالسفن إلى غزة، ما يعني موافقتها المبدئية، لكن الفكرة لم تتحول إلى طرح سياسي بعد، ولم تعترض حركة "حماس" أو السلطة الفلسطينية على ذلك، وهذا الحل في حاجة إلى إقرار سياسي بين الأطراف الرئيسة وينتهي باتفاق دولي.
ويبدو أن الجهات الحكومية وحركة "حماس" في غزة موافقة عليه، وأخيراً أزيح الستار عن حجر الأساس لتدشين الممر المائي في ميناء غزة المخصص للصيادين، ويقول رئيس المجلس التشريعي بالإنابة أحمد بحر "من الضروري تدشين الممر المائي البحري الآمن، فضلاً عن تفعيل الجهود لكسر حصار غزة هذا سيعمل على تحسين جودة الحياة في القطاع".
ومن جانب آخر يقول الناطق باسم حركة "حماس" حازم قاسم "حقنا في أن يكون لنا ممر مائي يمكننا من حرية الحركة إلى العالم الخارجي، وموضوع كسر الحصار عن غزة هو قضية حاضرة، ونرفض ابتزاز إسرائيل لنا ومساومتنا على حقوقنا".