Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك عنيفة بالخرطوم واشتباكات في بورتسودان

قصف مدفعي وصاروخي مكثف على مواقع "الدعم السريع" في العاصمة السودانية

الجيش صد هجوماً على القيادة العامة من قبل "الدعم السريع" من الجهة المقابلة لحي المطار متزامناً مع هجوم آخر على الفرقة السابعة - مشاة شمال القيادة (أ ف ب)

ملخص

استمرار الاشتباكات حول محيط القيادة العامة والمدرعات والمهندسين

دخلت المعارك الأعنف بين الجيش و"الدعم السريع" منذ اندلاع القتال، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، يومها الثالث على التوالي، حيث شهدت معظم المعالم الرئيسة للعاصمة السودانية حرقاً وتدميراً كبيراً وسط تصاعد أعمدة وسحب الدخان الأسود الذي لا يزال يغطي سماء الخرطوم. وقال الجيش إنه صد، أمس الإثنين، هجوماً، للمرة الثالثة، على مقر القيادة العامة وسط الخرطوم، كما وقعت اشتباكات عنيفة ومطاردات في محيط شارعي البلدية والجمهورية بقلب العاصمة.

رصاص في بورتسودان

وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، سمعت أصوات اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في شارع ديم مدينة في العاصمة الإدارية البديلة بورتسودان شرق البلاد، وأوضح مصدر رسمي من بورتسودان أن قوة تتبع لقائد حزب مؤتمر البجا القومي المسلح الفريق شيبة ضرار قامت بنصب نقاط ارتكاز لتفتيش العربات التي تغادر المدينة، مضيفاً أنه لدى تصدي الأجهزة الأمنية لهذه المجموعة لفتح الطريق والسماح بمرور العربات، وقع اشتباك محدود بالأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة بين الطرفين سرعان ما تم احتواؤه.

وقال شيبة ضرار، في تصريحات صحافية، إن قواته تمكنت من مواجهة 50 عربة مقاتلة للجيش هاجمتهم أثناء احتجازهم مركبات مغادرة للمدينة لا تملك أي مستندات قانونية "وبدلاً من شكرنا هاجمنا برتل من المركبات المقاتلة".

ووسط تبادل الاتهامات بين الطرفين المتقاتلين بحرق وتدمير المؤسسات والمعالم الرئيسة للخرطوم، يواصل الجيش قصفه الصاروخي والمدفعي المكثف من وادي سيدنا على أهداف شرق النيل وشمال أم درمان، وشن هجوماً بالمسيرات على تجمعات "الدعم السريع" بمختلف محاور القتال بالعاصمة، وتجددت الاشتباكات العنيفة أيضاً في جبل أولياء جنوب الخرطوم.

هجوم جديد على القيادة

وأوضح مصدر عسكري أن الجيش صد هجوماً على القيادة العامة، من قبل "الدعم السريع" من الجهة المقابلة لحي المطار متزامناً مع هجوم آخر على الفرقة السابعة - مشاة شمال القيادة، مشيراً إلى أن الجيش شن غارات جوية أدت إلى تشتيت القوة المهاجمة. وكشف المصدر أن الجيش وجه أيضاً ضربات مدفعية قوية من قاعدة وادي سيدنا العسكرية مستهدفاً مواقع وتجمعات "الدعم السريع" شمال مدينة الخرطوم بحري وشرق ووسط مدينة أم درمان، وقصف كذلك تجمعات "الدعم السريع" شرق النيل وكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد بمنطقة المهندسين بأم درمان. وأكد بيان القوات المسلحة اليومي تمكنها من صد هجوم جديد على القيادة العامة وأجبرت قوات "الدعم السريع" على التراجع، وأوضح العميد نبيل عبدالله الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أن "الميليشيات، واستمراراً في اعتداءاتها بحق المدنيين، تقوم بتعمد قطع المياه والكهرباء في أحياء المهندسين وأم بدة والريف الجنوبي بأم درمان، لإجبار سكانها على النزوح تمهيداً لنهب منازلهم أو الاستيلاء عليها أو استخدامها للأغراض الحربية". ولفت البيان أيضاً إلى أن "القوات المسلحة تواصل أداء واجباتها الدستورية في الدفاع عن البلاد ودحر التمرد وهي بكامل جاهزيتها للتعامل مع كل المتغيرات التي يحاول المتمردون فرضها".

الضحايا المدنيون

وقتل في جنوب الخرطوم، أمس الإثنين، أربعة أطفال من أسرة واحدة، جراء سقوط قذيفة على منزلهم، كما قتل ثلاثة أشقاء في منطقة شرق النيل بقصف عشوائي أصاب منزلهم.

وقال الناشط مروان الشيخ، من شرق النيل، إن "القصف العشوائي الجوي والأرضي يحصد أرواح المدنيين بشكل يومي، وهو صادر من أحد طرفي القتال، وعلى رغم تبادل الاتهامات بينهما لكن الأحياء السكنية ما زالت تتعرض للقصف العشوائي، وما يهمنا ضرورة توقف هذا الموت اليومي للناس وهم داخل بيوتهم بغض النظر عن مصدره، وكذلك وقف انتهاكات الدعم السريع من نهب وترويع واختطاف".

غرباً، وفي الوقت الذي ما زالت فيه مدينة نيالا في دارفور تحت رحمة الرعب اليومي جراء الاشتباكات والقصف المتبادل بين الجيش و"الدعم السريع"، تعيش مدينة زالنجي، وسط دارفور، أوضاعاً إنسانية مقلقة في ظل عزلة وانقطاع تأمين للاتصالات.

على جبهة الوسط، طمأن إسماعيل عوض الله، والي ولاية الجزيرة المكلف، المواطنين بأن شمال الولاية مؤمن تماماً وأن القوات المسلحة في كامل الجاهزية لصد أي عدوان يستهدفها.

وتفقدت لجنة أمن الولاية برئاسة الوالي المكلف، أمس الإثنين، ارتكازات الجيش على امتداد الطريق من مدينة ود مدني عاصمة الولاية حتى شمال منطقة ود الترابي بمحلية الكاملين، للاطمئنان على الترتيبات والاستعدادات لتأمين شمال الجزيرة.

مناشدة المجتمع الدولي

وعطفاً على معارك اليومين الماضيين وما صاحبها من حرق وتدمير معالم وأبراج مؤسسات حيوية بالخرطوم، ناشدت وزارة الخارجية السودانية المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والدولية والإقليمية والحقوقية والإعلامية، تصنيف "الدعم السريع" كجماعة إرهابية. أضاف بيان للوزارة، "أن ميليشيات الدعم السريع المتمردة في السودان وبعد هزيمتها في ميدان القتال لجأت إلى التخريب والحرائق التي استهدفت من خلالها المؤسسات الاقتصادية والمباني التجارية الرئيسة والمهمة في السودان خلال اليومين الماضيين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في أعقاب احتراق مبنى الوزارة بالخرطوم أصدرت وكيلة وزارة العدل هويدا علي عوض الكريم قراراً بتشكيل لجنة لاسترجاع نظم وقواعد البيانات والمعلومات الخاصة بالوزارة، وتأسيس بنية تحتية بديلة لتكنولوجيا المعلومات، في مكان مناسب لاستضافة تلك الأنظمة وقواعد بيانات، مع وضع خطة عاجلة لتسيير العمل إلكترونياً لا مركزياً وفقاً للظروف الراهنة، ولتسيير العمل في الولايات المتأثرة بالحرب.

حكومة قادمة

وأعلن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار أن إعلان التشكيل الوزاري سيتم عقب عودة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي من مشاركته في اجتماعات الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. ووصف عقار، في تصريحات صحافية، الحديث عن تشكيل حكومة موازية في الخرطوم حال تشكيل البرهان حكومة طوارئ في بورتسودان، بأنه مجرد فزاعة لتعطيل ترفيع حكومة التكليف الحالية إلى حكومة مسؤولة، متهماً منتسبي المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير بالوقوف خلف الترويج لهذا الموضوع، بعد فشل مساعيهم في العودة إلى السلطة عبر انقلاب "الدعم السريع"، ومعتبراً أن هذه الحرب التي تم الحشد لها على أسس جهوية وعرقية مثلت أكبر تهديد لوحدة السودان، وشدد نائب رئيس مجلس السيادة على أنه "لا يوجد شيء اسمه حكومة بورتسودان، وحكومة الخرطوم هي حكومة واحدة لكل السودان"، كوضع موقت إلى أن تضع الحرب أوزارها، لافتاً إلى أن الحكومة الحالية ليست كلها في بورتسودان.

أزمات تتفاقم

وتفاقمت في معظم ولايات البلاد الأزمة الحادة في توافر المواد البترولية، بعد إغلاق قوات "الدعم السريع" خط أنابيب المحروقات في مصفاة الجيلي شمال الخرطوم منذ أسابيع عدة مضت، مما تسبب في شح وارتفاع أسعار البنزين والجازولين وغاز الطهي بشكل جنوني في السوق السوداء بالعاصمة والولايات.

ومع تواصل عمليات فرار السكان من الخرطوم هرباً من المعارك، قررت اللجنة الفنية لمراكز الإيواء بولاية الجزيرة إسكان 113 أسرة آتية من ولاية الخرطوم في أحد المجمعات شرق مدينة ود مدني. وأشار رئيس اللجنة طارق عبدالرحمن إلى أن مراكز الإيواء بالولاية بلغت 600 مركز بمختلف محليات الولاية.  

في الأثناء، يلتئم، اليوم الثلاثاء، مؤتمر "أركويت" لتوحيد الصف الوطني، الذي تنظمه الجبهة الوطنية السودانية بقيادة رئيس المبادرة الناظر محمد الأمين ترك. وأكد راشد دياب المتحدث باسم المؤتمر الشعبي المشارك في المؤتمر أن المؤتمر "يمثل فرصة جيدة للقوى السياسية الوطنية والقوى المجتمعية والأهلية لتقديم خريطة طريق لإعادة المسار السياسي المدني وإنهاء الحرب والقضاء على التمرد، كما يتيح فرصة لتفعيل وحدة الصف الوطني بما يعزز دوره في المرحلة المقبلة بتقديم رؤية الحزب لحل الأزمة السودانية".

الجبهة الأوسع

وأنهت قوى مناهضة للحرب، على رأسها ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير، اجتماعاتها، الإثنين، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بمشاركة لجان مقاومة وتنظيمات مهنية وفئوية لتفعيل عمل الجبهة المدنية الأوسع لإيقاف الحرب واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي، وأوضح شهاب الطيب القيادي بتحالف الحرية والتغيير أن القوى المدنية المشاركة تأمل في تعزيز جهود الفاعلين الآخرين وتوحيدها من أجل إيقاف الحرب التي دمرت بنية الدولة، ووقف تمدد القتال وتحوله إلى حرب أهلية.

من جانبه، حذر الباحث الأمني ضوالبيت الدسوقي من أن معارك الأيام الثلاثة الماضية تؤكد أن فاتورة وتكلفة الحرب تزداد ثقلاً، والخاسر الأكبر والحقيقي فيها هو الشعب السوداني. وأشار الدسوقي إلى أن بلوغ الحرب شهرها السادس يؤكد خطأ تقديرات الطرفين في مقدرته على حسم المعارك لصالحه خلال أيام أو أسابيع أو حتى أشهر.

ولاحظ الباحث الأمني أن التصعيد جاء مباشرة بعد رسالة قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو الصوتية التي هدد فيها بتشكيل حكومة بالخرطوم حال تشكيل البرهان حكومة طوارئ ببورتسودان، ما يؤكد أن التصعيد السياسي كان وراء التصعيد العسكري خلال الأيام الماضية.

المزيد من متابعات