Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يدرس مقاضاة الولايات المتحدة دوليا بسبب السرطان

نواب في البرلمان يكشفون عن اتجاه البلاد إلى رفع دعاوى ضد أميركا إثر استخدامها أسلحة ذات إشعاعات إبان احتلالها عام 2003 ومحاربة "داعش"

تركت الأسلحة المحرمة بيئة ملوثة في محافظات عدة من العراق (أ ف ب)

ملخص

هل يرفع العراق دعاوى قضائية ضد أميركا؟

على رغم مرور ثلاثة عقود من الضربات الأميركية على بعض مناطق العراق فإن مخلفاتها باقية حتى الآن، إذ أسهمت تلك الضربات في انتشار الأمراض السرطانية بسبب استخدام الجيش الأميركي الأسلحة المحرمة.

وكشفت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي، أول من أمس الثلاثاء، عن إمكانية رفع دعاوى ضد الولايات المتحدة بسبب انتشار مرض السرطان في العراق.

أمراض سرطانية

وقال عضو اللجنة النائب عامر الفايز في تصريح صحافي إنه "لا يختلف اثنان على أن معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية في العراق، وبخاصة محافظة البصرة، مرتفعة، وتثير القلق منذ سنوات، بخاصة مع إحصاءات تتضمن أرقاماً تعكس مأساة تشمل فئات عدة منها الأطفال".

وذكر الفايز أن "نسبة كبيرة من الأمراض السرطانية سببها استخدام الجيش الأميركي الأسلحة المحرمة في العراق، لكننا لا نرى أن الأجواء مناسبة لرفع دعاوى بهذا الشأن، وقد لا يكون هناك توجه لرفعها على رغم أنها ممكنة من الناحية القانونية".

ووفق النائب العراقي "تركت الأسلحة المحرمة بيئة ملوثة في محافظات عدة من العراق، وكانت وراء سقوط آلاف الضحايا في السنوات الماضية، لكن مع الإشارة إلى وجود عوامل أخرى للأمراض السرطانية ومنها الغازات المنبعثة من الحقول النفطية التي يجب الانتباه لخطورتها، بخاصة مع تنامي معدلات الإصابة".

يشار إلى أن وزارة الصحة العراقية كشفت في نهاية العام الماضي عن وجود أكثر من 30 ألف مصاب بالسرطان يتلقون العلاج في البلاد، معربة عن قلقها إزاء التأخر في الكشف عن الإصابة بالمرض الخطر.

وبحسب المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، فإن" السرطان أحد مسببات الوفيات الـ10 الأولى في العراق، إذ إن نسب الإصابة دون 80 حالة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد"، مشيراً إلى أن "الحالات المسجلة في البلاد هي ضمن المعدل العالمي".

ونوه المتحدث إلى أن أكثر الحالات ما زلنا نكتشفها في مرحلة متأخرة كالثالثة والرابعة من المرض بعد أن يكون انتشر إلى أعضاء الجسم ويكون علاجه أكثر صعوبة وأكثر كلفة وتعقيداً.

سقوط الجرائم

وحول احتلال أميركا للعراق والتعويضات وفق القانون الدولي وعدم سقوط الجرائم نتيجة الحروب التي شهدها البلاد، والتي أدت إلى وفاة الآلاف وتفشي الأمراض نتيجة استخدام الأسلحة والقنابل ذات الإشعاعات، يقول المتخصص والباحث القانوني علي التميمي، إن الضرر لم يقتصر على الإنسان ووجود الولادات المشوهة، بل امتد إلى النبات والحيوان والمياه، وكذلك المساحات الشاسعة من المزارع التي كانت تضع العراق في المرتبة الأولى بين الدول من حيث الإنتاج والتصدير، فتحول إلى بلد مستهلك ومستورد ويعتمد على الآخرين.

وتابع التميمي "استخدمت أميركا عند احتلال العراق أسلحة مليئة بالإشعاعات التي تؤثر سلباً في كل شيء، مما أدى إلى وجود ولادات بتشوهات خلقية والأمراض السرطانية الكبيرة وسوء التغذية، وهذا كله يخالف اتفاقات جنيف الأربع وميثاق الأمم المتحدة التي توجب على الدول المحتلة أن تراعي الظروف الصحية والمعاشية للدول التي تحتلها، وهذا الأمر لا ينطبق على العراق".

وأضاف الباحث القانوني "كانت الولايات المتحدة تريد نقل ساحة الحرب مع الإرهاب مثلما كانت تقول إلى بلد آخر فنقلته إلى العراق بحجج وذرائع واهية ولا تستند إلى مبررات أو قرارات دولية، فهي لم تحصل على قرار دولي يخولها الاحتلال، بل كان القرار فردياً على أساس أن بغداد تهدد الأمن القومي الأميركي"، لافتاً إلى أنه اتضح فيما بعد أنه غير قانوني وليس فيه أدلة سواء قرار دولي من مجلس الأمن أو وجود أسلحة كيماوية تهدد العالم.

مسؤولية قانونية

وحول المسؤولية القانونية للجرائم التي ترتكبها القوات الأميركية في العراق يرى التميمي أنه في المادة 12 من الاتفاق الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن عن إنفاذ القانون الجنائي والمدني تكون الولاية القضائية للعراق خارج المنشأة والمعسكرات المتفق عليها وفي الجرائم الجسيمة والمتعمدة، وما ذلك، تكون الولاية لقوانين الولايات المتحدة، كما صدر سابقاً أمر رقم 17 لعام 2004 الذي أعطى للقوات عدة الجنسيات الحصانة وأن تساءل في بلدانها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطرد التميمي أنه عندما ترتكب جريمة على الأرض العراقية نتيجة إطلاق نار من هذه المعسكرات التي بها القوات الأميركية وتصيب مواطناً فإن الذي يقوم بالتحقيق هي السلطات العراقية وفق الاختصاص المكاني للحادثة، ووفق ما ذكرناه ومعرفة تفاصيل ومحل الحادثة والتقرير الطبي التشريحي وإفادة الشهود وذوي المجنى عليه، ثم التنسيق مع القيادة في داخل هذا المعسكر للاطلاع على سير التحقيق، وهل كانت الإطلاقة نتيجة عمدية أو إهمال أو خطأ وعلى ضوئها يكون التكييف القانوني للفعل، وكذلك التعويض المدني لذوي الضحية، وإذا ثبت أن الحادثة متعمدة أو نتيجة إهمال جسيم يساءل الفاعل وفق القانون العراقي. وبحسب التميمي، فإن هذا الاتفاق مودع في الأمم المتحدة بموجب المادة 102 من الميثاق الأممي وواجبة التطبيق من الطرفين.

تعويض المتضررين

وفي هذا الشأن أشار النائب السابق في مجلس النواب فوزي أكرم ترزي إلى أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين الذين تضرروا وأصيبوا بأمراض خبيثة، ومنها مرض السرطان، قدموا شكاوى ودعاوى قانونية للمحاكم الدولية مطالبين بحقوقهم المشروعة والقانونية والأصولية لتعويضهم نتيجة استخدام القوات الأميركية أسلحة محرمة دولياً ضد المدنيين، مما أدى إلى تلوث البيئة بشكل كبير وواسع، وبخاصة في المناطق الوسطى والجنوبية من العراق، كذلك ينبغي تعويض المتضررين نتيجة ما يسمى الأخطاء العسكرية، والتي تتسبب في موت أعداد كبيرة من أبناء الشعب العراقي.

وأضاف ترزي "من حق العراق أن يدافع عن حقوق أبنائه ويستطيع القانونيون والحقوقيون والمفاوضون الجيدون نيل حقوق كل عراقي تعرض للظلم والانتهاكات والتجاوزات من قبل القوات الأميركية".

قوانين إنسانية

إلى ذلك، اعتبر المتخصص السياسي والأمني عقيل الطائي أن الحروب لها قوانين إنسانية ففي حرب أميركا على العراق أو حتى التحالف الدولي محاربة "داعش" كانت هناك خروقات لمواثيق حقوق الإنسان ومعاهدة جنيف التي عقدت سنة 1943 حول جرائم الحرب أو استخدام الأسلحة المحرمة والمحظورة أو تداعيات هذه الأسلحة من أمراض سرطانية، مشيراً إلى أن هناك عقوبات دولية على من يستخدمها أو التسبب في جرائم الإبادة في حق المدنيين.

وشدد الطائي على أن ما حدث للعراق من تداعيات الحرب والمقذوفات والصواريخ التي تسبب أمراضاً سرطانية بسبب الإشعاعات الملوثة ظهرت آثارها في العراق، وبخاصة البصرة.

وعن إمكانية رفع دعاوى يكشف الطائي عن أنها تكون من طريق محكمة لاهاي الدولية، ومقرها هولندا، ضمن نظام روما الأساس يقتصر اختصاصها على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، وللمحكمة بموجب هذا النظام الأساس اختصاص النظر في الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وكذلك جرائم الحرب والإشعاعات السامة.

وحتى اللحظة لم ولن يفكر العراق في تقديم شكوى بسبب ضغوط سياسية خارجية، وفق وصف الطائي، الذي أشار إلى أن الشكاوى تقدم من الحكومة، أي من جهة رسمية فقط، ولا تقبل من جهات أو منظمات أو نقابات غير رسمية، وكذلك التعويضات والأضرار التي حصلت في العراق.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي