Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واحة عمانية محاطة بالعجائب والجيل الجديد يراها "خرافات"

تقع "مدينة الجن" وسط الصحراء وتدور حولها القصص والأساطير منذ الأزل

تقع واحة بهلا في محافظة الداخلية من سلطنة عمان (ا ف ب)

ملخص

على رغم تسجيلها ضمن قوائم اليونسكو، إلا أن العمانيين يتجنبون الذهاب إلى "واجة بهلا"، ويطلقون عليها تسمية "مدينة الجن"

تعد الحكايات والأساطير والقصص الشعبية التي تروى بين الحين والآخر مجرد تسالي اخترعها الإنسان قبل اختراع وسائل الترفيه بدءاً بالراديو ومروراً بالتلفزيون وانتهاءً بالإنترنت.

ولعل أبرز ما يستهوي الناس هو سماع القصص ذات الطابع الذي يكتنفه الغموض، لا سيما ما ارتبط منها بالجن والأشباح، والتي يتناقلها البشر جيلاً بعد جيل، ارتبط الكثير منها بموقع جغرافي معين، إذ نسمع عن "واد للجن" تروي عنه الأساطير، ويخاف الناس النزول به، أو مدينة يتجنب الناس زيارتها لما روي عنها من قصص وحكايات ذات علاقة بالشياطين والجن.

من تلك المدن التي ارتبطت حكايات العفاريت بها هي "واحة بهلا" الواقعة في قلب الصحراء العمانية، وعلى بعد مئتي كيلومتر من العاصمة مسقط، ضمن المحافظة الداخلية، والتي تعد من أقدم التجمعات البشرية في السلطنة الخليجية.

كائنات خارقة

وعلى رغم تميزها بطبيعة جذابة، لا سيما أنها واحة من النخيل الذي يحيط منازلها المهجورة المشيّدة بالطوب اللبن، إلا أن الأساطير المنتشرة بشأنها بوجود الجنّ والتي توصف بأنها كائنات "خارقة للطبيعة" تختلف عن البشر والملائكة التي تعيش مع الناس، والروايات الشعبية المتداولة على نطاق واسع عن "كائنات خارقة" تتمتع بقدرات فائقة للطبيعة، من بينها ضباع آكلة للجمال ورجال يتحوّلون إلى حمير، كل ذلك جعل الكثيرين من العمانيين يطلقون عليها مسمى "مدينة الجن"، ويتجنبون ارتيادها مما أدى إلى أن تصبح منطقة معزولة.

مسجلة في اليونسكو

وتُعد قلعة بهلا أول موقع في السلطنة عمان يُضم إلى قائمة التراث العالمي في عام 1987، وشمل ذلك "واحة بهلا" بأكملها، أي كل ما أحاط به "سور بهلا" وما احتواه من معالم معمارية أو أثرية أو ثقافية مادية أو غير مادية. وقال المرشد السياحي حمد الربعاني، "في قلعة بهلا التي تعود إلى القرون الوسطى والمُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، نعتقد أن الجن من مخلوقات الله لذا ليست غريبة".

وتفيد إحدى الأساطير الشعبية المتداولة في بهلا بأن قوى خارقة للطبيعة بنت سوراً يبلغ طوله 13 كيلومتراً حول المدينة في ليلة واحدة، لحمايتها من الغزاة. وأضاف الربعاني (55 سنة) "تشير الأسطورة إلى أن شقيقتين من الجن شيّدت إحداهما جدار الحماية، فيما أنشأت الثانية نظاماً قديماً لري المزروعات".

 

والجن حاضر بقوة في الثقافة العربية، لكن قلة من المدن ترتبط بها مثل بهلا، حيث يروي المرشد السياحي أن إحدى النساء المسنّات كانت تسمع باستمرار شخصاً يحلب بقرته بعد منتصف الليل. لكن عندما كانت تحاول التأكد من ذلك، لم تكن تجد أحداً. وأضاف "تسمع الجن لكنك لا تراه مطلقاً، لأن عقلك غير قادر على استيعاب ذلك".

الجن وتشويه الصورة

مع حلول السكون بعد صلاة الظهر في سوق بهلا القديمة، يناقش بعض السكان بقلق موضوع الجنّ الذي تشتهر به البلدة، خوفاً من أن يتسبب ذلك في تشويه صورتها. لكن محمد الهاشمي، وهو رجل سبعيني يتحدر من بهلا، يقول إنه تأثر في معظم حياته بالمعتقدات المتعلقة بالجن، وعندما كان طفلاً، كانت تُروى له قصص عن ضباع قاذفة للهب تجوب الصحراء بحثاً عن جمال تأكلها.

واستطرد بالقول "كانوا يحذروننا من الخروج بعد غروب الشمس بسبب السحر"، بحسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

أقصى جزيرة العرب

أما أستاذ التاريخ الإسلامي لدى جامعة "لويولا ماريماونت" في لوس أنجليس، علي علمي، فأشار إلى أن "الروايات المتناقلة شفوياً وبعض النصوص القديمة أشارت إلى أن روايات الجن شائعة في المناطق الواقعة أقصى شبه الجزيرة العربية". وأضاف "أن سلطنة عمان وجارتها اليمن الواقعتين في أقصى جنوب شبه الجزيرة تشتهران ليس فقط كأماكن قديمة ذات أهمية تاريخية كبيرة، بل كأراض للجن".

واستطرد بالقول "في بهلا، ثمة قصص عن حرائق وهمية، وعواصف صحراوية متحركة، ومبان شيّدتها قوى خارقة للطبيعة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأسهمت العزلة الجغرافية الطويلة لهذه المنطقة المحاطة بالصحراء وسلسلة جبال الحجر، في انتشار هذه الأساطير.
ويلفت علمي إلى أن "وجود الجن في أماكن كبها يوفّر معلومات كثيرة عن تاريخ شبه الجزيرة العربية وثقافتها". ويضيف "أنه تاريخ شعب عاش في مناطق سكنية بعيدة مع ارتباط ضعيف بتجمعات بشرية أخرى، ولديه شعور قوي بوجود الطبيعة من حوله".

عدم اقتناع

وعلى رغم كثرة الأساطير عن الجن في تلك الواحة، إلا أن الجيل الجديد من الشباب العماني غير مقتنع بوجودها، ومنهم مازن الخاطري والبالغ من العمر 24 سنة، إذ يعتبر أنها "مجرد قصص رواها أجدادنا في الماضي". وأضاف "نحن لا نعرف ما إذا كانوا على حق أم لا".

ولكن حسن البالغ من العمر 30 سنة، يرى أن تلك الإشاعات لا تزال متداولة بما يخص الواحة، وقال "عائلتي لا تسمح لي بارتياد بهلا". ويتابع إن "الإشاعات تقول إنها مدينة الجن، تعيش فيها هذه الكائنات بحرية أكبر".

تاريخها

وبعيداً من أساطير الجن وحكاياتهم، تقع واحة بهلا في محافظة الداخلية من سلطنة عمان، وهي التسمية القديمة التي تطلق على المنطقة من جنوب الجبال غرب بهلا حتى أزكي. يساير الواحة من جهة الغرب وادي بهلا، فيما ترتفع الجبال محيطة بها من معظم الجهات تقريباً. وتتخلل الواحة بعض الشعاب التي تصب في الوادي، وقد ساعدها هذا الموقع لتكون حلقة وصل بين المناطق المجاورة لها، وبخاصة إذا علمنا أنها قريبة من مواقع حضارية قديمة في ولاية عبري العمانية.

مواقع أثرية

ولعل أكثر ما يميز هذه الواحة، موقعها بالقرب من العديد من المواقع الأثرية القديمة كالتي توجد في "بسيا" على ضفاف وادي بهلا، حيث كشفت المسوحات والحفريات الأثرية عن وجود إنشاءات دفاعية دائرية مشيدة بالحجارة كما يوجد بالقرب منها موقع "سلوت" الذي يعتبر من أشهر المواقع في تاريخ عمان القديم.

ويذكر أن الحفريات التي أجرتها وزارة التراث والثقافة في السلطنة بقلعة بهلا في عامي 1993 و1997 كشفت عن نتائج مهمة، منها اكتشاف طبقات استيطانية مختلفة. وعُثر على تمثال مهشم من الفخار لفارس يمتطي جواداً، وهي تماثيل ذات تأثيرات ساسانية، وعُثر على قطعة مزخرفة من الحجر الصابوني. كما عُثر على جرة كبيرة من الفخار لخزن التمور أو جمع العسل وقطع من الفخار المحلي والبورسلين الصيني.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات