Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جنود إسرائيليون "مزدوجو الجنسية" يقاتلون في غزة

أكثر من مليون يهودي لديهم جوازات سفر أجنبية والفرنسية الأكثر تمثيلاً في صفوف الجيش بعد الأميركية

الجيش الإسرائيلي استدعى مئات الآلاف من جنود الاحتياط تبين أن من بينهم كثيراً من الفرنسيين (الموقع الرسمي للجيش)

ملخص

طلبت إسرائيل من نحو 360 ألف جندي احتياط من داخل إسرائيل وخارجها الرجوع لوحداتهم العسكرية في إطار الحرب على قطاع غزة واجتياحها برياً.

على مدى أعوام حشدت السلطات الإسرائيلية ملايين الدولارات من أجل حملات إعلامية مكثفة تستهدف مواطنيها من حملة الجنسية المزدوجة لإعادتهم إلى كنف إسرائيل، عبر تقديم محفزات ضريبية وتسهيلات مصرفية وإعفاء موقت من الخدمة العسكرية ومغريات أخرى كثيرة.

لكن تصاعد التوتر الأمني خلال الآونة الأخيرة دفع كثيراً من الإسرائيليين ممن يحملون جنسيات أخرى للمغادرة خوفاً من تحول الأمور إلى الأسوأ، فوفقاً لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية فإن أكثر من مليون يهودي إسرائيلي لديهم جنسية مزدوجة وجواز سفر أجنبي إلى جانب نصف مليون يحملون الجنسية الأوروبية، وهناك ما يقارب نصف مليون آخرين يحملون جنسيات أجنبية إضافية، نصفهم تقريباً من الجنسية الأميركية، مما يعني أن أكثر من 15 في المئة من اليهود الإسرائيليين يحملون جنسية مزدوجة.

وبعد هجمات "حماس" المباغتة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على مستوطنات غلاف غزة وما خلفته من مخاوف عميقة لدى الإسرائيليين لم تكن يوماً في الحسبان، اضطرت السلطات الإسرائيلية إلى التراجع عن الإعفاء الموقت من الخدمة العسكرية الذي منحته لحملة الجنسيات المزدوجة المقيمين خارج إسرائيل، واستدعتهم بصورة عاجلة للعودة والمشاركة في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ومنذ الساعات الأولى للهجوم طلبت إسرائيل من نحو 360 ألف جندي احتياط من داخل إسرائيل وخارجها الرجوع لوحداتهم العسكرية في إطار الحرب على قطاع غزة واجتياحها برياً، وسط مخاوف من توسع ساحات القتال ودخول أطراف أخرى للحرب مثل "حزب الله" جنوب لبنان، وكان من بين الذين تم استدعاؤهم مئات ولربما آلاف الإسرائيليين من مزدوجي الجنسية، وتبدأ الخدمة العسكرية الإلزامية لدى الإسرائيليين عند بلوغهم 18 سنة، يقضي الرجال فيها 36 شهراً، بينما تخدم النساء 24 شهراً فقط.

الأكثر حساسية

ووفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فإن عدد الجنود النظاميين الإسرائيليين في الجيش والبحرية والقوات شبه العسكرية يبلغ 169500، يضاف إليهم 465 ألفاً من الاحتياط، كما يوجد داخل إسرائيل أكثر من 1.7 مليون شخص مؤهل للخدمة العسكرية، وبحسب مؤشر "غلوبال فاير باور" لعام 2023 تتبوأ إسرائيل الرقم (18) بين الدول الأقوى عسكرياً في العالم، لكن المسألة الأكثر جدلية وحساسية تتمثل في هؤلاء الإسرائيليين المنضمين للجيش ويحملون جنسيات مزدوجة، ويشاركون في العمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.

وبعد استدعاء الجيش مئات آلاف الإسرائيليين من جنود الاحتياط تبين أن من بينهم كثيراً من الفرنسيين، وبحسب مسح أجرته شبكة "أوروبا-1" الفرنسية فإن 4185 جندياً في الخدمة النظامية لدى الجيش الإسرائيلي يحملون الجنسية الفرنسية، فيما أشارت التقديرات إلى أن نسبة المواطنين الفرنسيين أو الفرنسيين - الإسرائيليين المنضمين إلى الجيش الإسرائيلي تمثل ما بين 1.7 و3.5 في المئة من إجمال عدد الجيش، مما يعني أن الجنسية الفرنسية هي الجنسية الأجنبية الثانية الأكثر تمثيلاً في صفوف الجيش الإسرائيلي بعد الجنسية الأميركية.

قضية انضمام هذا العدد من الفرنسيين مزدوجي الجنسية في صفوف الجيش الإسرائيلي وضعت على جدول أعمال الساسة الفرنسيين، وطالب النائب الفرنسي توماس بورتس حكومة بلاده بإدانة مشاركة مزدوجي الجنسية من الفرنسيين بأكبر قدر من الحزم، كما ناشد وزير العدل الفرنسي تقديم الأشخاص الذين يحملون الجنسية الفرنسية، بما في ذلك مزدوجي الجنسية، المدانين بارتكاب جرائم حرب إلى العدالة الفرنسية.

وتساءل النجم السابق لمانشستر يونايتد والمنتخب الفرنسي لكرة القدم إريك كانتونا عن كيفية تعامل الدولة مع الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين سافروا للتجنيد أو التطوع في الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على غزة، وكتب عبر حسابه على "إنستغرام"، "هل سيتمكن هؤلاء من العودة لفرنسا وكأن شيئاً لم يكن؟ وهل سيحاكمون على أفعالهم؟".

إقبال كبير

وتحتل الجنسية الأجنبية مكانة مرغوبة جداً بين المواطنين الإسرائيليين، إذ أشارت مكاتب قانونية وشركات إسرائيلية متخصصة في طلبات الجنسية الأجنبية إلى زيادة بنسبة 100 في المئة بعدد الطلبات الفعلية للجوازات الأجنبية، وكشف موقع أخبار تأشيرة "شنغن" الأوروبي عن زيادة إقبال الإسرائيليين على طلبات الحصول على الجنسية البرتغالية بنسبة 68 في المئة، والفرنسية بنسبة 13 في المئة، والألمانية والبولندية بنسبة 10 في المئة.

وترجح صحيفة "دي ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية أن الواقع الأمني المضطرب الذي يسود إسرائيل سيدفع مواطنيها بعد انتهاء الحرب على غزة إلى الإقبال أكثر لحمل الجنسيات الأجنبية "كنوع من الضمان في حال اندلاع حرب طويلة أو تدهور الوضع الأمني العام والطوارئ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوردت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أخيراً أن أكثر من 20 ألف إسرائيلي سعوا إلى الحصول على الجنسية البرتغالية العام الماضي من خلال قانون برتغالي صدر عام 2015 يسمح لنسل اليهود السيفارديم (مجموعة يهودية تنحدر من إسبانيا والبرتغال تعرضت للطرد منتصف القرن الـ15 بعد سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس عام 1492) فقط بالحصول على الجنسية البرتغالية، والحق أيضاً بالإقامة والعمل في 27 دولة أوروبية.

ووفقاً لإحصاءات دائرة الهجرة والحدود البرتغالية فإن عدد الإسرائيليين الذين يسعون إلى الحصول على جواز سفر برتغالي تجاوز عدد المتقدمين من البرازيل التي يزيد عدد سكانها 20 مرة على سكان إسرائيل ولديها روابط ثقافية طويلة الأمد مع البرتغال، بما في ذلك اللغة المشتركة.

ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته القناة "الثانية" الإسرائيلية في وقت سابق فإن 17 في المئة من الإسرائيليين لديهم جواز سفر أجنبي، و56 في المئة يطمحون إلى الحصول عليه ويريدونه.

 وأظهرت النتائج أن 42 في المئة من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم يريدون جواز سفر أجنبياً بسبب حرية التنقل إلى دول أخرى، و34 في المئة بهدف فرص العمل الأكبر، في حين قال 15 في المئة إن الإمكانات الأكاديمية هي سبب رغبتهم في جواز سفر أجنبي.

وأشار 27 في المئة من المشاركين إلى أنهم يريدون الجنسية المزدوجة كونهم قلقين على مستقبل دولة إسرائيل.

مرتزقة

ولا يقتصر القتال في صفوف الجيش الإسرائيلي على اليهود أو الإسرائيليين من ذوي الجنسيات المزدوجة في الشتات وحسب، إذ أفادت شهادات وتقارير بوجود مرتزقة داخل الجيش من ديانات مختلفة جندوا للقتال في مقابل المال.

وأكد تحقيق لصحيفة "إلموندو" الإسبانية تضمن مقابلة مع مرتزق إسباني في الجيش الإسرائيلي استعانة تل أبيب بجيش صغير من المرتزقة في مقابل 3900 يورو (4300 دولار) في الأسبوع الواحد، قابلة للزيادة بحسب المهمات الموكلة لكل مرتزق، وهو ما أكدته شبكة "أوروبا-1" الفرنسية وكذلك صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، وتحدثت الأخيرة عن تقرير جديد من الجانب الروسي يفيد بأن المرتزقة الذين قاتلوا في أوكرانيا ضد الجيش الروسي "حزموا أمتعتهم وتحركوا للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة".

وزارة خارجية جنوب أفريقيا وبعد أن حصلت على تقارير تفيد بأن بعض مواطنيها انضموا إلى الجيش الإسرائيلي أو أنهم يفكرون في القيام بذلك، هددت بصورة رسمية بملاحقتهم وسحب الجنسية من المجنسين، إذ تعد جنوب أفريقيا واحدة من بين خمس دول تقدمت بدعوى قضائية لدى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة.

أهداف استراتيجية

وعلى رغم التزام تل أبيب الصمت إزاء حقيقة انضمام المرتزقة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أكدت وحدة البحث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي خلال وقت سابق أن الجيش الإسرائيلي جند في صفوفه قرابة 6 آلاف جندي من 70 دولة حول العالم، 20 في المئة فقط منهم يهود، فيما البقية وصلوا إلى إسرائيل بمفردهم ومن دون عائلاتهم، ويعرف جندي المرتزقة الملقب في إسرائيل "الجندي الوحيد" بالشراسة والخطورة في القتال.

وأشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن الجيش يدفع أجوراً مرتفعة ويقدم مزايا لفئة الجنود الوحيدين ويسمح لهم بالعمل الخاص، وتتربع أميركا وفرنسا وجنوب أفريقيا وروسيا وأوكرانيا على قائمة الدول التي يشارك مواطنوها في صفوف الجيش الإسرائيلي، سواء بسبب امتلاكهم جنسية مزدوجة أو بتجنيدهم عبر منظمات وشركات وجمعيات إسرائيلية خاصة، أبرزها جمعية "سراييل" ومنظمة "محال" التي تفخر عبر مواقعها الإلكترونية ومن دون أية سرية بتجنيد آلاف المقاتلين المدنيين من 37 دولة في العالم، منذ الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية عام 1948.

ويرى مراقبون أن استعانة الجيش الإسرائيلي بالمرتزقة على نحو متصاعد ومنحهم مغريات وامتيازات وأجوراً مرتفعة ليس عبثياً، بل يعود لأهداف سياسية وإستراتيجية تركز على تقلص عدد القتلى الإسرائيليين في صفوف الجيش المعلن عنهم، وتسريح أكبر عدد ممكن من جنود الاحتياط وإتاحة المجال لعودتهم لأعمالهم والتعويض قدر المستطاع عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تكبدتها إسرائيل جراء استمرار الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، والتي يتوقع أن تستمر حتى عام 2024 مسببة تداعيات اقتصادية خطرة.

المزيد من متابعات