بات بحكم المؤكد أن يعلن الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة السودانية عبدالله حمدوك اليوم الثلاثاء أو غداً الأربعاء، تشكيلةً جزئية من 15 وزيراً، أعضاء في حكومته الجديدة للفترة الانتقالية المقبلة المحددة بثلاث سنوات وثلاثة أشهر، على أن يُرجئ تسمية المسؤولين عن ثلاث وزارات هي "البنية التحتية" و"الحكم المحلي" و"الثروة الحيوانية" إلى وقت لاحق، لإفساح المجال أمام مزيد من التشاور والتوافق حول الأسماء المطروحة من قبل "قوى الحرية والتغيير" التي لم تكن بغالبيتها متوافقة مع المعايير، بخاصة لجهة الكفاءة والخبرات المطلوبة.
أربعة معايير
وبحسب مصدر مأذون تحدث لـ "اندبندنت عربية"، فإن "قوى الحرية والتغيير" توافقت ورئيس الوزراء على أسماء 15 وزيراً من مجمل 18 وزارة، على أن تُعلن الحكومة جزئياً ويُرجأ بتّ مسألة الوزارات الثلاثة إلى حين التوافق حول الأسماء المرشحة لها. وأوضح المصدر نفسه أن اجتماعاً موسّعاً لـ"قوى الحرية والتغيير" ضم المجلس المركزي ولجنة الترشيحات واللجنة التنسيقية عُقد مساء الاثنين واستمر حتى فجر الثلاثاء، نوقشت خلاله مجمل القضايا المتعلقة بالتشكيل الوزاري وأوصى بضرورة أن يتضمن أربعة معايير هي التمثيل المتوازن لأقاليم السودان المختلفة، والتمثيل النوعي للكفاءات والخبرات، والمرأة والشباب، فضلاً عن بحث الاقتراحات التي تقدم بها رئيس الوزراء لخمسة مرشحين ليكونوا وزراء في حكومته. وأضاف أنّ الاجتماع أكد أن لا مكان للمحاصصة في هذه الحكومة، ما التزم به حمدوك في اختياره للوزراء ورفضه لأي عنصر لا تنطبق عليه المعايير المتفق عليها، مقللاً في الوقت ذاته من أهمية عدم الالتزام بالمهلة الزمنية المرفقة بوثائق الفترة الانتقالية، ممثلةً بالمرسوم الدستوري والإعلان السياسي، التي تضمنت أن يؤدي الوزراء اليمين الدستورية في 30 أغسطس (آب) الماضي، على أن يعقد مجلسا السيادة والوزراء اجتماعاً مشتركاً مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي. ولفت إلى أنه من المهم التوصل إلى حكومة ذات كفاءات حقيقية ومتجانسة تستطيع إنقاذ البلاد من المشاكل الجمة التي تعاني منها.
المرشحون للحكومة
وأشار المصدر المأذون ذاته إلى أنه من بين الأشخاص الذين حصل التوافق بالنسبة إلى شغلهم مناصب وزارية، الخبير السابق في البنك الدولي، الدكتور ابراهيم البدوي لمنصب وزير المالية، والصحافي فيصل محمد صالح لوزارة الثقافة والإعلام، والدكتور أكرم علي التوم لوزارة الصحة، والسفيرة السابقة أسماء محمد عبدالله لوزارة الخارجية وهي أول امرأة سودانية تشغل هذا المنصب في تاريخ البلاد، ولينا الشيخ محجوب لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ومحمد عبد السلام لوزارة العدل، وولاء عصام البوشي لوزارة الشباب والرياضة، وانتصار صغيرون لوزارة التعليم العالي. في المقابل، رشّح المكوّن العسكري في "مجلس السيادة" كلاً من الفريق أول جمال عمر محمد ابراهيم لشغل منصب وزير الدفاع، والفريق في الشرطة الطريفي ادريس دفع الله لوزارة الداخلية.
وكانت "قوى الحرية والتغيير" سلمت رئيس الوزراء الأسبوع الماضي أكثر من 60 اسماً بمتوسط ثلاثة مرشحين لكل وزارة، على أن يختار مَن يراه مناسباً للحكومة الجديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقاسم السلطة
ويأتي تشكيل هذه الحكومة بموجب اتفاق لتقاسم السلطة وقّعه تحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير" مع "المجلس العسكري الانتقالي" في 17 أغسطس، رسم الهياكل الانتقالية لتكوين "مجلس سيادة" ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي. وتقاسم الطرفان الموقعان على الاتفاق مناصفةً، مقاعد مجلس السيادة، في حين تتسلّم "قوى الحرية والتغيير" اختيار الوزراء، مع حصة 67 في المئة من عضوية المجلس التشريعي المزمع تشكيله قبل مرور 90 يوماً على توقيع وثائق الفترة الانتقالية.
وأدى الخبير الاقتصادي الدولي عبد الله حمدوك اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في 21 أغسطس الماضي، أمام رئيس "مجلس السيادة" الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس القضاء السوداني، إيذاناً ببدء العمل على تشكيل الحكومة الانتقالية التي ستحكم البلاد لمدة 39 شهراً، بدءًا من تاريخ توقيع وثائق الفترة الانتقالية "الإعلان الدستوري" و"الإعلان السياسي".
وأطاح الجيش السوداني بالرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي، على وقع احتجاجات شعبية ضد نظامه. وشكّل الجيش مجلساً عسكرياً لإدارة فترة انتقالية، لكن المعارضين، وعلى رأسهم قوى التغيير، رفضوا تولي العسكر الحكم، وأصروا على تسليم السلطة إلى المدنيين.
وبعد أشهر من المشاحنات والاحتجاجات، اتفق الطرفان على تشكيل "هيئة انتقالية" تضم مدنيين وعسكريين تمهيداً لإجراء انتخابات بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.