Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد 13 عاما... ما الذي تبقى من روح "الثورة التونسية"؟

المعارضة تحشد شارعا يرفضها ومطالب مستمرة للإفراج عن معارضين مسجونين

تونسيون يتظاهرون في العاصمة للإفراج عن معارضين سياسيين بذكرى الثورة (أ ف ب)

ملخص

سار المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيس بالعاصمة تونس ملوحين بالعلم الوطني إحياء لذكرى اليوم الذي تمت فيه إطاحة زين العابدين بن علي

تظاهر مئات التونسيين اليوم الأحد لإحياء ذكرى ثورة 2011 التي أشعلت انتفاضات ما سمي "الربيع العربي" وللمطالبة بالإفراج عن معارضين مسجونين.

وسار المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيس بالعاصمة تونس ملوحين بالعلم الوطني، إحياء لذكرى اليوم الذي تمت فيه إطاحة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، مما دشن سلسلة انتفاضات في عدد من الدول العربية.

وقال المتظاهر منصف عرايسية لوكالة الصحافة الفرنسية إن "روح 14 يناير (كانون الثاني) لا تزال موجودة".

وأضاف "نظرتنا إلى الثورة ما زالت كما هي، وعلى رغم الهنات والانقلاب نحن متمسكون بالثورة"، في إشارة إلى تفرد الرئيس قيس سعيد بالسلطة.

وجرى انتخاب سعيد ديمقراطياً عام 2019، لكنه أقال الحكومة بعد عامين وعلق عمل البرلمان قبل حله، وعدل لاحقاً الدستور وغيّر نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي.

ويقبع حالياً عدد من معارضيه في السجن بينما تستعد تونس لإجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وقال زعيم جبهة الخلاص الوطني المعارضة، أحمد نجيب الشابي إنه لا ينبغي إجراء الانتخابات في ظل الشروط التي حددها سعيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وصرح إلى وكالة الصحافة الفرنسية على هامش التظاهرة اليوم بأن "كل المنافسين في السجن، كل المنافسين تحت طائلة أحكام أو تهديد بأحكام تمنعهم من الترشح، هيئة الانتخابات في قبضته والقضاء موظف... والإعلاميون محل تتبع واضطهاد".

وأضاف "لذا هذه ليست شروط منافسة حرة".

ومطلع العام الماضي، اعتقلت السلطات عدداً من المعارضين للرئيس سعيد، وتم سجنهم لاحقاً بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، ومن بينهم زعيم "حزب النهضة" المعارض راشد الغنوشي البالغ 82 سنة والمؤسس المشارك لجبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك.

وحكم على الغنوشي بالسجن لمدة عام بتهم تتعلق بالإرهاب في مايو (أيار) الماضي.

كما يواجه ما لا يقل عن 16 صحافياً تونسياً محاكمات حالياً، بحسب وسائل إعلام محلية. ويحاكم كثير منهم بموجب مرسوم أصدره سعيد ويعاقب على "نشر الأخبار الكاذبة" بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.

المعارضة في مأزق

ومع خفوت صوتها في الشارع بعد أشهر من الإيقافات التي طاولت أبرز رموزها على غرار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبه علي العريض، ورئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، والأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، وغيرهم، فإن قوى المعارضة في تونس الآن أمام رهان استعادة الزخم لتحركاتها.

 

 

وحاولت تلك القوى منذ فترة تحريك الشارع عبر إثارة ملفات الحريات العامة والسياسية والأزمة الاقتصادية التي تئن تحت وطأتها البلاد، لكن هذه المساعي باءت بالفشل ما ينذر بوجود قطيعة بين المعارضة والشارع رغم أن حال العلاقة مع السلطة لا يختلف كثيراً بعد تسجيل نسب عزوف قياسية تجاه الانتخابات التي دعت لها.

واعتبر المستشار الرئاسي السابق، عدنان منصر، أنه "لا يمكن لمعارضة، مهما كانت قوتها وقدراتها، أن تنجح في تعبئة الشارع دون توفر جملة من الظروف (..) ونظرياً هناك قناعة موضوعية منتشرة بأن منظومة الرئيس قيس سعيد فشلت تماماً في إدارة المشكلة الاقتصادية، ولكن ذلك يحصل أيضاً في بيئة يائسة من السياسة".

وأوضح منصر وهو أيضاً رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن "بعد كل هذه السنوات، لم يراكم الجميع سوى الفشل رغم كل ما وقعت تجربته، وهذا يؤدي في لحظة معينة إلى وضعية من اليأس (..) مظاهر هذا اليأس اليوم عديدة وواضحة، البحث عن الحل لفردي عبر الهجرة غير النظامية مثلاً، وعدم اعتبار الحريات مسألة أساسية، والعزوف عن المشاركة في الانتخابات وفي كل أوجه الحياة العامة، ويمكن القول إن هناك نوع من القناعة بأن شيئاً لن ينجح في تونس، وهذا أخطر ما في الوضع الحالي".

فشل في تقديم بديل

ويكتسي تاريخ الرابع عشر من يناير من كل عام رمزية في الشارع الذي يذكره بمطالب الحرية والتشغيل التي رفعها في العام 2011 وهو ما يجعل المعارضة تراهن على إثارة التونسيين في هذه الذكرى بالذات.

وقاطعت المعارضة التونسية الانتخابات البرلمانية والمحلية التي دعت إليها السلطة، لكن بعض مكوناتها مثل حركة النهضة أعلنت عن توجهها لتقديم مرشح في الانتخابات الرئاسية، لكن هل ستنجح في إقناع التونسيين به؟

 


يقول منصر إنه "الشارع السياسي في تونس لا يزال شعبوياً، وسيستمر كذلك لبعض الوقت لأن هناك فشلاً سياسياً واضحاً، والأهم أن قوى المعارضة فاشلة حتى الآن في تقديم بديل عن قيس سعيد لا يكون في الوقت نفسه عودة للبيئة التي سادت قبله".

عجز محتمل

وعلى رغم أنها ما زالت تتبنى خطاباً متشدداً تجاه الرئيس سعيد إلا أن الشكوك تحيط بقدرة المعارضة التونسية على العودة من موقع قوة إلى الشارع الذي لا يزال يميل إلى الرجل رغم الإخفاقات في إدارة بعض الملفات مثل الصلح الجزائي مع رجال الأعمال الذي طرحه والأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج وغيرهما.

وقال المحلل السياسي، محمد صالح العبيدي، إن "المشهد الراهن سيهيمن في الأقل الأشهر المقبلة، لأن لا شيء يوحي بقدرة المعارضة على تحريك الشارع وإحراج الرئيس سعيد وحتى القوى التي كانت قادرة على فعل ذلك انسحبت شيئاً فشيئاً مثل الاتحاد العام التونسي للشغل".

وقال، "مع الاستحقاق الرئاسي ستبقى السجالات الكلامية موجودة لكن بقدرة محدودة للغاية للمعارضة على التأثير في المشهد، لذلك أعتقد أن عليها التفكير في تقديم بديل والأهم القيام بنقد ذاتي بناء يؤهلها إلى هذا الاستحقاق".

وأبرز أن "بعض الأحزاب تنادي بالحرية، عليها أن تبدأ بذلك في داخلها، هناك أحزاب تنتقد غياب برامج اقتصادية لدى السلطة عليها أيضاً أن تقدم برامج تقنع بها التونسيين (..) باختصار شديد على المعارضة التحرك بشكل جدي بعيداً من البهرجة الإعلامية والسياسية".

وفي ظل الفشل في إقناع الرئيس قيس سعيد بضرورة الجنوح إلى الحوار الشامل وفشلها في استعادة شعبيتها فإن التحدي الذي ستواجهه المعارضة التونسية خلال الأشهر المقبلة هو استمالة الشارع من جديد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي