ملخص
رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون والذي يرأس جلسة اليوم المنعقدة في قصر بعبدا، يصر ويتمسك بأن يتم تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان اليوم، وهو يدفع باتجاه اختيار كريم سعيد ضمن ثلاثة أسماء قدمها وزير المال ياسين جابر قبل نحو أسبوع. في المقابل يرفض رئيس الحكومة نواف سلام اسم سعيد لمنصب حاكمية مصرف لبنان، ما يعني أن هذا البند قد يذهب نحو خيار التصويت بين الوزراء.
بعد جلسة دامت نحو ساعتين في قصر بعبدا، عينت الحكومة اللبنانية كريم سعيد حاكماً جديداً لمصرف لبنان المركزي وبذلك بالتصويت بعدما تعذر الاتفاق على اسمه بشكل مطلق، وقد نال سعيد موافقة 17 وزيراً من أصل 24، والوزراء الذين صوتواً ضد تعيينه هم نواف سلام، حنين السيد، عامر البساط، ريما كرامي، طارق متري، غسان سلامة وفادي مكي.
وبعد الجلسة، صرح رئيس الحكومة نواف سلام قائلا ً إن "سعيد لم يكن مرشحي لعدد من الأسباب في ظل حرصي على حقوق المودعين وقد تحفظت على تعيينه والأهم هو أن الحاكم أيا كان ومهما كانت التحفظات عليه أن يلتزم السياسة المالية لحكومتنا لجهة التفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد وإعادة هيكلة المصارف حفاظاً على الحقوق".
كلمتي بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء:
— Nawaf Salam نواف سلام (@nawafasalam) March 27, 2025
قرر مجلس الوزراء اليوم تعيين السيد كريم سعيد حاكما لمصرف لبنان.
ومن المعروف ان السيد سعيد لم يكن مرشحي لعدد من الأسباب في ظل حرصي على حماية حقوق المودعين والحفاظ على أصول الدولة.
وقد تحفظت مع عدد من الوزراء على تعيينه.
ويبقى الأهم، هو ان الحاكم… pic.twitter.com/Ff23pOuPyf
قبل انطلاق جلسة مجلس الوزراء في لبنان بدقائق قليلة، كان لا يزال السؤال هو نفسه الذي يطرح من الأمس "هل ستخرج الجلسة باسم حاكم مصرف لبنان الجديد؟ أم تنتهي بخلاف سياسي؟".
واقع الحال والمصادر السياسية كان يؤكد أن رئيس الجمهورية جوزاف عون، والذي ترأس الجلسة أصر وتمسك بأن يتم تعيين الحاكم اليوم، وهو كان دفع باتجاه اختيار كريم سعيد ضمن ثلاثة أسماء قدمها وزير المال ياسين جابر قبل نحو أسبوع. في المقابل رفض رئيس الحكومة اسم سعيد لمنصب حاكمية مصرف لبنان، ولهذا السبب ذهب التعيين نحو خيار التصويت، والذي حصل خلاله سعيد على موافقة ثلثي أعضاء الحكومة المؤلفة من 24 وزيراً باعتبار أن هذا المنصب يعد من الفئة الأولى بإدارات الدولة، وأصبح هو الحاكم التالي للمصرف المركزي.
وقبل إعلان تعيينه، حضر كريم سعيد الى القصر الجمهوري للإجابة على عدد من أسئلة الوزراء المشاركين في جلسة الحكومة ثم غادر من دون الإدلاء بأي تصريح.
وكانت وسائل إعلام عربية ولبنانية ذهبت نحو سيناريو أصعب، متحدثة عن نية رئيس الحكومة اللبنانية الاستقالة إن لم يؤخذ برأيه وصلاحياته، معتبراً أن الأمر تحد لموقعه في سدة الرئاسة الثالثة.
ونظر كثيرون إلى هذا الملف باعتباره الاختبار الأول للعلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وأكد البعض أن الأمور ذاهبة نحو الحلحلة بخاصة مع الضغوط الدولية لإنجاح العهد الجديد، فيما اعتبر آخرون أن العلاقة أمام مفترق "انفجار سياسي" سيبدأ من ملف تعيين حاكم المصرف المركزي ولن ينتهي عند ملفات أخرى في معركة فرض السيطرة والصلاحيات.
وتشير معلومات صحافية إلى أن الرئيس عون يرفض بقاء منصب بهذه الأهمية شاغراً مع دعم كامل لتعيين حاكم لمصرف لبنان قبل أبريل (نيسان) المقبل للمشاركة في اجتماعات البنك الدولي المقررة في العشرين منه.
من هو كريم سعيد؟
وكان وزير المال ياسين جابر قدم انطلاقاً من صلاحياته أسماء ثلاثة مرشحين لتولي حاكمية مصرف لبنان، خلفاً لوسيم منصوري الذي تولى المنصب بالإنابة لسنة ونصف السنة بعد الحاكم السابق رياض سلامة الذي بقي في المنصب لنحو ثلاثة عقود.
والأسماء الثلاثة هي كريم سعيد وإدي الجميل وجميل باز.
كريم سعيد (61 سنة) شغل منصب المدير العام للخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية في بنك HSBC بالشرق الأوسط، بين 2000 و2006، قبل تأسيس شركة إدارة أصول بديلة تستثمر في الشركات الخاصة عبر مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يرتبط اسمه مباشرة بما يُعرف بـ "خطة هارفارد" لحل الأزمة الاقتصادية في لبنان، وهي دراسة قدمت عام 2023 وفيها تتحمل الدولة كامل مسؤولية الودائع على أن تذهب إلى ميزان الدين العام، من دون تحميل المصارف اللبنانية مسؤولية واضحة وصريحة في الأزمة التي حصلت قبل نحو خمس سنوات.
ويشغل أيضاً منصب عضو في نقابة المحامين في ولاية نيويورك منذ عام 1989، كما يحمل ماجيستير في القانون من جامعة هارفارد الأميركية، حيث درس قانون البنوك.
تحدّيات كبرى أمام الحاكم الجديد
الأمين العام لجمعية مصارف لبنان فادي خلف اعتبر بدوره في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية أنه، مع اقتراب تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان تعود الأنظار إلى هذا المنصب المحوري في لحظةٍ مفصلية من تاريخ البلاد. مشدداً على أن الجديد لا يواجه أزمة تقليدية، بل نظامية، حيث تنتظره تحديات كبرى، لكنها تحمل في طياتها فرصةً لإعادة تصويب المسار.
ويؤكد الاقتصاديون والمتابعون للشأن الاقتصادي أن جملة ملفات أساسية وكبرى تنتظر الحاكم الجديد، ولعل أبرزها حل أزمة الودائع وتحديد مصيرها مع تبيان ما تبقى منها وكيفية ردها لآلاف المودعين وضمن أية مهلة زمنية.
كذلك سيواجه تحدي إعادة هيكلة القطاع المصرفي بشكلٍ عادل بما يضمن ودائع المصارف والمودعين ويُعيد الثقة بالنظام المالي، إضافة إلى الإبقاء على سياسة عدم تمويل الدولة اللبنانية عبر سلف الخزينة، وهو ما اعتمده الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، بهدف حمايةٍ لما تبقى من الاحتياطات.
ويضاف إلى ما ذكر سابقاً التعاون مع صندوق النقد الدولي والعمل على إخراج لبنان من اللائحة الرمادية ومواجهة اقتصاد الكاش وتعزيز الرقابة والشفافية على حركة الأموال داخل البلاد.